أول معرض للمخطوطات الشرقية في الوطن العربي
بالشراكة مع مكتبة غوتا الألمانية جامعة نزوى تنظم معرضًا لمخطوطات نادرة عمرها أكثر من 1200 عام
دائرة الإعلام والتسويق
افتُتِح في جامعة نزوى صباح يوم الأربعاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٥ معرض “ثقافة المخطوطات من نزوى إلى غوتا: مقاربات بين الماضي والحاضر”، الذي تنظمه الجامعة بالتعاون مع مكتبة غوتا البحثية التابعة لجامعة إرفورت الألمانية، ويستمر مدة ٥ أيام بمشاركة مجموعة من الباحثين والمهتمين والمؤرخين والأكاديميين من داخل سلطنة عمان وخارجها.
رعى حفل الافتتاح معالي الدكتور محمد بن سعيد المعمري، وزير الأوقاف والشؤون الدينية، بقاعة الحزم، بحضور الأستاذ الدكتور أحمد بن خلفان الرواحي، رئيس الجامعة، وسعادة السفير ديرك لولكه، سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى سلطنة عمان، وعدد من أصحاب السعادة أعضاء مجلس الدولة، والكادر الإداري والأكاديمي بالجامعة.
كانت فعاليات المعرض، والذي يُعد الأول للمخطوطات الشرقية يتم تنظيمه من قبل مكتبة غوتا في العالم العربي، قد بدأت في ٢٧ من شهر أبريل، بمجموعة من الندوات والحلقات النقاشية المتخصصة التي تناولت أحدث الممارسات في مجال الرقمنة وصيانة المخطوطات، والابتكارات الحديثة في الوصول إلى المحتوى المعرفي والتاريخي.
وأكد الدكتور سعود بن سعيد الحديدي، رئيس قسم اللغة العربية بجامعة نزوى، بقوله: استضافة جامعة نزوى لهذا الحدث المتميز تمثل تجسيدًا حقيقيًا للعمق التاريخي والمعرفي للمخطوطات العربية، التي تُعد وعاءً للمعرفة وحافظة لذاكرة الأمة، وفي الآن نفسه يبرز التعاون الأكاديمي البنّاء بين الشرق والغرب. إن جامعة نزوى تؤكد من خلال هذه الفعالية التزامها العميق في تعزيز البحث العلمي، ودعم الحوار الثقافي، والانفتاح على تجارب المؤسسات العلمية العالمية الرائدة.
وأضاف الحديدي في كلمته: نحتفل اليوم معكم بهذا الحدث الذي يعكس رؤية الجامعة في نشر المعرفة وتعزيز حضارة المخطوطات العربية في فضاءات العلم الحديثة، بما يتماشى مع رؤية عمان 2040، التي يُبذل فيها كل ما هو متاح لتحقيق أهدافها المرسومة من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه.
من جانبه، أشار الدكتور خير الدين محمد عبدالحميد، رئيس شعبة اللغة الألمانية بجامعة نزوى، المشرف على تنظيم المعرض، إلى أن اللجنة العلمية حرصت منذ البداية على انتقاءٍ دقيق لهذه الكنوز الخطّية، انطلاقًا من تعاون الجامعة الوثيق مع الزملاء في إرفورت، ليكون المعرضُ نافذةً تُطلّ على ثراءِ تراثنا العربي الإسلامي المحفوظ في جامعات الغرب، وتُبرزُ القيمةَ المعرفيةَ والفنيةَ للمخطوطات التي نعتزُّ بها.
وقال: نؤمن بأن التراث لا يكتفي بالعرضِ فحسب، فقد أرفقنا بالمعرضِ سلسلةً من ورش العمل، والمحاضرات، وحلقات النقاش التي تناولت موضوعاتٍ ذات صلةٍ وثيقةٍ بالمخطوطات، من أساليب الحفظ والعناية إلى مناهج البحث العلمي الحديث.
ونظمت اللجنة العلمية في هذا السياق محاضرةً تناولت نشأةَ مجموعة المخطوطات الشرقية في مكتبة غوتا. كما نُظمت ندوةٌ تحت عنوان «المخطوطات في العصر الرقمي: من الرقمنة إلى الربط العالمي»، وقدّم مشروع «قلموص» عرضًا تفصيليًّا لبناء قاعدة بيانات متكاملة للمخطوطات، فيما عرض مشروع «بيبليوتيكا أرابيكا» رؤيته للفهارس الموحدة والفهرسة الرقمية المتقدمة. كما نظمت اللجنة العلمية حلقة نقاشٍ معمّقة حول آليات دمج المخطوطات العُمانية في هذا المشروع الرائد، سعيًا إلى توسيع نطاق الاستفادة من تراثنا المحلي في المنظومة العالمية.
كما ألقت الدكتورة هندريكه كاريوس، نائبة مديرة مكتبة غوتا البحثية، ورئيسة قسم الاستخدام والمكتبة الرقمية، كلمةً أكدت فيها على أهمية معرض نزوى للمخطوطات العربية .. مقاربات بين الماضي والحاضر، وما يتضمنه المعرض من مخطوطات نادرة، اعتبرته أول معرض تقوم به مكتبة غوتا في العالم العربي، مثمنةً الجهود التي قامت بها اللجنة التحضيرية والفنية لتنظيم هذا الحدث النوعي والمميز في جامعة نزوى.
تخلل الحفل مجموعة من الكلمات، والعروض التي أبرزت مكانة المخطوطات العربية، وما تمتاز به المخطوطات العُمانية من إرثٍ ومكانة تاريخية.
بعدها، قام راعي الحفل بافتتاح المعرض، حيث اطّلع على أهم المخطوطات المعروضة، والتي يعود بعضها إلى أكثر من 1200 عام، وما يحظى به المعرض من مشاركة نخبة من المختصين والمهتمين الذين ساهموا في إثراء هذا الحدث بعلمهم وجهدهم.
يأتي تنظيم الجامعة لهذا الحدث بهدف إبراز القيمة التاريخية والمعرفية للمخطوطات العمانية، ودورها المحوري في تشكيل الهوية الثقافية وصون الإرث الحضاري للأجيال القادمة. كما يمثل المعرض فرصة نوعية للتفاعل الثقافي وتبادل التجارب الأكاديمية بين الباحثين المحليين والدوليين، لا سيما في ظل التوجه نحو التحول الرقمي للمخطوطات وتطوير أدوات البحث والمعالجة الرقمية، وترسيخ مكانة المخطوطات كجسر معرفي بين الحضارات.
وكانت انطلاق فعاليات معرض نزوى للمخطوطات العربية تحت عنوان: "ثقافة المخطوطات من نزوى إلى غوتا: مقاربات بين الماضي والحاضر"، حيث بدأت في 27 من شهر أبريل بمحاضرة قدمها الدكتور فراس كريمستي، خبير مجموعة المخطوطات الشرقية في مكتبة غوتا البحثية، تحت عنوان "نشأة مجموعة المخطوطات الشرقية في غوتا بين علوم الدين والعلوم الطبيعية والفيلولوجيا"، تناول خلالها تاريخ اهتمام مكتبة غوتا بالمخطوطات الشرقية، مستعرضاً مضامينها الغنية ودورها الحيوي في إثراء المعرفة بتاريخ وتراث الشرق. وركزت المحاضرة على نشأة واحدة من أبرز مجموعات المخطوطات الشرقية في أوروبا، مستعرضة الأطر الفكرية والمؤسساتية التي ساهمت في تكوينها بين نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، موضحاً كيف تداخلت معارف علوم الدين والعلوم الطبيعية مع علم الفيلولوجيا في بناء منهجيات الجمع والتحليل.
وألقت الدكتورة هندريكه كاريوس، نائب مدير مكتبة غوتا ومديرة المكتبة الرقمية بجامعة إرفورت، محاضرة بعنوان "المخطوطات في العصر الرقمي: من الرقمنة إلى الربط العالمي"، استعرضت خلالها أهمية رقمنة المخطوطات، والتقنيات الحديثة المستخدمة في هذا المجال، والتحديات التي تواجه مشروعات الرقمنة، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لإتاحة المخطوطات رقمياً أمام الباحثين في جميع أنحاء العالم.
وقد أدار فعاليات المحاضرتين الدكتور خير الدين عبد الهادي، رئيس شعبة اللغة الألمانية بجامعة نزوى، مؤكداً أن نشأة مجموعة المخطوطات الشرقية في غوتا لم تكن مجرد مشروع استشراقي كلاسيكي، بل كانت نتاج تفاعل معقد بين متطلبات البحث الفيلولوجي والتوجهات العلمية الجديدة في علوم الطبيعة. كما أكد أن علوم الدين —وخاصة الدراسات الإنجيلية— لعبت دورًا أساسيًا في تحفيز الاهتمام بالمخطوطات الإسلامية والعربية، باعتبارها جزءًا من مشروع مقارن لفهم النصوص الدينية. وأشار إلى أن عمليات جمع المخطوطات وفهرستها لم تكن مجرد نشاط توثيقي بل شكلت عملية معرفية أعادت صياغة تصورات الأوروبيين عن الشرق وأنتجت أنماطًا جديدة من التعامل مع التراث المكتوب.