جلالة السلطان يؤكد على دور المؤسسات التعليمية والمراكز البحثية في البناءين العلمي والمعرفي ...
التعليم التقني ومشاريع الابتكار والبحث العلمي في جامعة نزوى مسيرة حافلة بالإنجازات والعطاءات
الجامعة سخرت الإمكانات التي تؤسس لبيئة تعليمية حاضنة للكفاءات والخبرات الوطنية
مواكبة التقنيات الحديثة في مجال التعليم التقني أحد المشاريع الاستراتيجية التي تبنتها الجامعة في خططها وبرامجها
تقرير: إشراقة
الخطاب السامي لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ في افتتاح دور الانعقاد السّنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان أكد على الدور الكبير الذي تضطلع به مؤسسات التعليم العالي والمراكز البحثية في مرحلة العمل الوطني القادمة، التي أولت قطاع التعليم في جميع مستوياته أولوية وعناية كبيرتين في خططها وبرامجها المستقبلية؛ خاصة فيما يتعلق النهوض بقدرات الشباب وطاقاتهم وإبداعاتهم العلمية والفكرية والثقافية، عبر برامج وخطط تستهدف توفير البيئة الحاضنة لتلك المواهب والقدرات الطلابية والشبابية بما يحقق أهداف رؤية عمان 2040م، ويؤسس لجيل متعلم وواعٍ يمتلك مهارات التميز والإبداع.
من هنا يأتي اهتمام جلالة السلطان المعظم ـ رعاه الله ـ بهذه الفئة إدراكا بأن الشباب مستقبل عمان وركيزته الأساسية في المرحلة القادمة من مسيرة البناء والتنمية، مؤكدا على أهمية أن تلعب المؤسسات التعليمية، خاصة التعليم العالي، الدور الأبرز في تمكين الشباب والأخذ بهم، إذ قال جلالته: "إننا إذ ننظر إلى المؤسسات التعليمية، والمراكز البحثية والمعرفية بجميع مستوياتها، على أنها أساس بنائنا العلمي والمعرفي، ومستند تقدمنا التقني والصناعي؛ لنؤكد على استمرار نهجنا الداعي إلى تمكين هذا القطاع، وربط مناهج التعليم بمتطلبات النمو الاقتصادي، وتعزيز الفرص لأبنائنا وبناتنا، متسلحين بمناهج التفكير العلمي، والانفتاح على الآفاق الرحبة للعلوم والمعارف، وموجهين طاقاتهم المعرفية والذهنية إلى الإبداع والابتكار والتطوير؛ ليصبحوا أسسًا للاستثمار الحقيقي وقادةً للتطوير الاقتصادي".
ومن هذا المنطلق أولت جامعة نزوى رعاية كبيرة بتعزيز برامج الابتكار والتعليم التقني والبحوث والدراسات، فعمدت إلى استثمار ملايين الريالات للنهوض بقطاع التعليم بمختلف مجالاته وفروعه، كما حرصت على وضع اللبنات الرئيسة التي تنهض بالمجال البحثي عبر تأسيس مراكز متخصصة، ووحدات ولجانا تعنى بدراسة وتطوير وتحديث البرامج الأكاديمية والبحثية والقدرات البشرية التي تمثل أولوية رئيسة في خطط الجامعة منذ العام 2004م، لتتطور هذه التجربة وتنمو بحسب حاجة الجامعة من جهة، وما يواكب التطور التقني والمعرفي والبحثي الذي يشهده العالم من جهة أخرى.
وبحسب الإحصائيات الصادرة من الجامعة وضعت الجامعة موضوع التعليم التقني والبحث العلمي في طليعة توجهاتها، إذ ضخت ما يزيد على 80 مليون ريال عماني في مجال البحث العلمي، وخصصت من دخلها السنوي لتعزيز البرامج البحثية والتعاون مع المؤسسات الإقليمية والدولية المختصة في هذا الجانب.
وتأكيدا على رسالة الجامعة ورؤيتها، قامت بإنشاء مركز أبحاث العلوم الطبيعية والطبية، واستثمرت في تأسيس مختبرات متكاملة بأحداث المواصفات والإمكانات بما يدعم مشاريع البحث والابتكار، وأنشأت مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية والإنسانية، وكرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج، ومركز ريادة الأعمال، ومركز الاستشارات وتوطين الابتكار، ومقصورة الابتكار الحاسوبي الإلكتروني، ومختبر علوم المواد والمعادن. هذا بجانب تبني الجامعة العديد من المشاريع والدراسات والمراكز، وهو ما مكّن الجامعة من حصد ما يقرب من 11 براءة اختراع، ونشر ما يزيد على 2500 بحث في مجلات عالمية مرموقة.
الأستاذ الدكتور أحمد بن خلفان الرواحي، رئيس جامعة نزوى، أكد في التقرير السنوي للجامعة الذي نشر مؤخرا على أن إجمالي إنفاق الجامعة على البحث العلمي بلغ ما يزيد على 76 مليون ريال عماني في الفترة من 2009 ـ 2022م، منها 5.4 مليون ريال إجمالي ما تم إنفاقه على مشاريع البحث العلمي في العام الأكاديمي المنصرم 2021 ـ 2022م.
وذكر رئيس الجامعة أن العام الأكاديمي 2021 ـ 2022 حمل معه العديد من الإنجازات والنجاحات التي عززت مكانة الجامعة ورسالتها العلمية على مختلف المستويات الأكاديمية والبحثية والمجتمعية، وهي في نفس الوقت ماضية بثبات في تحقيق التطلعات والتوجهات التي ينشدها الجميع من أبناء الوطن، وبما يحقق أهداف وتطلعات رؤية الحكومة وتوجهاتها المستقبلية في إيجاد جيل متسلح بالعلوم والمهارات والمعارف.
وأكد في كلمته قائلا: "تجاوزت عدد الأبحاث المنشورة للأساتذة 2400 بحث، كما بلغ عدد الكتب وفصول الكتب التي تم نشرها 212 كتابا؛ لتتمكن بذلك الجامعة من أن تنال الموقع 20 عربياً من حيث الاستشهادات البحثية، كما تمكن 63 طالباً من نشر أبحاث في مجلات عالمية مرموقة، وهو ما يشهد على جودة مستوى التعليم والتعلم في جامعة نزوى. كما أصبح بمقدور الجامعة تقديم كل برامجها إلكترونياً نتيجةً لرفع قدرات الأساتذة والطلبة تكنولوجياً، والتحسين الكبير في الموارد الإلكترونية إبّانَ جائحة كورونا".
وقال الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة: "برزت جامعة نزوى كمركز إقليمي للبحث العلمي والابتكار، إذ ترتبط شراكات بحثية مع 65 مؤسسة تعليم عالٍ وبحثية دولية، بما في ذلك جامعة أكسفورد وجامعة كامبردج في بريطانيا، وجامعة هارفارد بالولايات الأمريكية المتحدة، كما حصل أساتذة الجامعة على 11 براءة اختراع، أما بالنسبة لعدد الأوراق البحثية إلى عدد الأساتذة فقد ارتفع بنسبة 43% ليبلغ 2,0 ورقة لكل أستاذ؛ ليبلغ إجمالي قيمة المنح البحثية الخارجية 267 ألف ريال عماني".
كل هذه النجاحات التي أشار إليها رئيس الجامعة لم تأتِ من فراغ؛ بل سبقها الكثير من العمل والتخطيط والتنفيذ والدراسات، وهو ما بوء الجامعة الحصول على مراكز متقدمة في المؤشرات الدولية في مجال البحوث والدراسات، كما استطاعت الجامعة أن توجد لنفسها مكانا وحضورا مشرفا من بين العديد من المؤسسات البحثية المحلية والإقليمية فيما يتعلق بالاستثمار بالعنصر البشري، إذ كان 15 باحثا من جامعة نزوى ضمن أفضل الباحثين الذين تم تسميتهم لعام 2023م في قائمة ستانفورد ضمن 2% من الباحثين الذين تم الاستشهاد بأبحاثهم.
وفيما يتعلق بالتعليم التقني، فقد أدركت الجامعة أهمية الولوج بالتعليم في الجامعة لبرامج تعليمة مرنة ومستدامة تلبي احتياجات الطلبة وكادرها الأكاديمي، وتعزز المسارات التعليمية عبر وجود منظومة تعليمية قادرة على التكييف مع ما يشهده قطاع التعليم التقني، وتشير التوقعات إلى أن حجم السوق العالمي للتعليم عبر الإنترنت سيبلغ 325 مليار دولار بحلول عام 2025م، كما يتوقع أن يزيد عدد الطلبة الذين يأخذون دورات عبر الإنترنت إلى أكثر من 100 مليون بحلول عام 2025؛ وعليه فقد أصدر الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة قرارا رقم 19/2023 بشأن اعتماد وثيقة التعليم الإلكتروني، سبقه قرار بإنشاء عمادة التعليم الإلكتروني التي تأتي ضمن جهود ومبادرات الجامعة فيما يتعلق بالتحول لنظام التعليم الإلكتروني، والنهوض ببرامج التعليم التقني، وما يمثله من مرتكز أساس لجهود الجامعة فيما يتعلق بالتطوير والتحديث في البرامج التعليمية التي تواكب احتياجات ومتطلبات المرحلة القادمة. وعرضت وثيقة التعليم الإلكتروني رؤية العمادة ورسالتها وأهدافها، كما اشتملت على قيم العمادة المستمدة من قيم الجامعة مثل النزاهة الأكاديمية والتفاعل والإبداع والتعلم مدى الحياة وغيرها.
وهنا يشير الدكتور حمد بن عيسى السالمي، مساعد العميد للتطوير الفني بعمادة التعليم الإلكتروني، إلى أن خطة جامعة نزوى تسهم في تطوير الأنظمة الحالية؛ من طريقي التقنيات الحديثة وتقنيات الذكاء الاصطناعي؛ وذلك بالتنسيق مع مركز نظم المعلومات؛ موضحا أن جامعة نزوى تعد من الجامعات الرائدة في المجال التقني؛ لما تملكه من خبرات إدارية وفنية، إذ إنها نجحت في توظيف التقنيات الحديثة، سوءا أكانت مغلقة المصدر أم مفتوحة المصدر، فأسهمت في إفادة الطلبة منها، كما قامت ببناء وتطوير أنظمة خاصة بها حسب احتياجها، مسلطا الضوء على أهم المشاريع وأبرزها التي عملت عليها الجامعة في الفترة الأخيرة، التي تتمثل في أتمت عملية ربط برامج الجامعة مع مخرجات التعلم للمساقات مع سمات الخريجين، الذي حصل على إشادة من الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم.
كما شاركه الرأي الدكتور محمود بن زهران الوائلي، مساعد العميد لتطوير البرامج الأكاديمية بعمادة التعليم الإلكتروني، إذ أشار إلى أن رؤية العمادة انبثقت في أن تصبح وحدة رائدة في مجال التعليم الإلكتروني من طريق الرؤية العامة لجامعة نزوى منارة علم ورشاد، إذ تعد أحد الأسس المهمة في مجال التعليم الإلكتروني، وهو تعزيز البرامج الأكاديمية المبتكرة وفقًا للمعايير الوطنية والدولية والاتجاهات الجديدة في التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد. كما تحتضن عمادة التعلم الإلكتروني قيما جوهرية مهمة، هي: النزاهة الأكاديمية والتفاعل والابتكار والتعاون والعمل الجماعي والتعلم مدى الحياة والتطوير المستمر. موضحا أن الجامعة استأنست بتجارب جامعات رائدة في مجال استحداث عمادة للتعلم الإلكتروني في أثناء إعداد الوثيقة، منها جامعات إقليمية ودولية، كما استعانت بخبراء من جامعة ويسكونسون الأمريكية لمراجعة الوثيقة؛ للتأكد من أن الوثيقة تتبنى أحدث التطورات، وأيضا معدة بما يتناسب مع ما هو موجود في الجامعات الدولية.
علما أن مسيرة التطوير والتحديث في برامج الجامعة وخططها تسير وفق رؤى ثابتة ومدروسة تتماشى مع توجهات الدولة ورؤيتها، وتواكب التطورات التقنية والمعرفية التي من شأنها أن ترتقي بطلبة الجامعة ومهاراتهم ومعارفهم على كافة المستويات والمجالات العملية، وهو ركن أساس قامت عليه الجامعة، وهي ماضية بثبات وعزيمة في تسخير كافة الإمكانات التي تجعل من جامعة نزوى خيار أساسا لجميع الطلبة والباحثين والمفكرين؛ ولتبقى كما أراد مؤسسوها منارة علم ورشاد.