السنة 20 العدد 188
2025/04/01

 

إبراهيم البيضاني رئيس الاتحاد الدولي للمؤرخين لـ " إشراقة":

 

سلطنة عمان بما تمتلكه من مقومات سياحية وفرص استثمارية مهيئة لتكون واحدة من مناطق الجذب السياحي العالمية

الاتحاد مستمر في عقد المؤتمرات والندوات العلمية لدعم الإنتاج العلمي وتعزيز الدول الثقافي والتاريخي رغم كل الظروف التي يتعرض لها تراثنا العربي

المشاركون بالمؤتمر يعربون عن تفاؤلهم بمستقبل سلطنة عمان في المجالات السياحية والتراثية ودور الاتحاد الدولي للمؤرخين في دعم هذه الجهود



أجرى الحوار: طالب الخياري

 

 

قال الأستاذ الدكتور إبراهيم سعيد البيضاني، رئيس الاتحاد الدولي للمؤرخين، إن سلطنة عمان تتمتع بمكانة متميزة كوجهة سياحية وتراثية بفضل موقعها الجغرافي الفريد، ,تاريخها العريق، ,طبيعتها الخلابة، وتراثها المتنوع.

 

 

وأضاف أن سلطنة عمان، بما تمتلكه من مقومات سياحية وبرامج استثمارية متنوعة، ستسهم في أن تصبح واحدة من أبرز مناطق الجذب السياحي على مستوى العالم.

 

وأكد البيضاني في حوار مع "إشراقة" على هامش فعاليات المؤتمر الدولي بعنوان "التراث والسياحة والثقافة، رؤى متجددة للتنمية الحضارية"، الذي احتضنته جامعة نزوى بالشراكة مع وزارة التراث والسياحة والاتحاد الدولي للمؤرخين، بمشاركة أكثر من 200 خبير وباحث ومهتم بالشأن السياحي من داخل سلطنة عمان وخارجها، أن المؤتمر خرج بتوصيات ومقترحات ستسهم في تعزيز القطاع السياحي والتراثي في السلطنة، وعبر عن تفاؤله بمستقبل السياحة في عمان في المرحلة القادمة.

 

وتطرق رئيس الاتحاد الدولي للمؤرخين إلى دور الاتحاد في حماية الآثار والتراث، خاصة في ظل التحديات التي تواجه المنطقة العربية بسبب الصراعات السياسية، وأكد أن الاتحاد سيستمر في عقد المؤتمرات والندوات العلمية لدعم الإنتاج العلمي وتعزيز الدور الثقافي والتاريخي في المنطقة.

 

نص الحوار:

*مما طرح من أوراق عمل ومواضيع على مدى ثلاثة أيام في المؤتمر الدولي "التراث والسياحة والثقافة، رؤى متجددة للتنمية الحضارية"، إلى أي مدى استطاع المشاركون أن يقفوا على أبرز الجوانب المتعلقة بمواضيع وقضايا السياحة على المستوى المحلي والعربي؟

 

** ما قُدِّم في الجلسة الافتتاحية من أوراق عمل كانت مميزة، إذ تناولت مواضيع وقضايا آنية، وأوضحت لنا خطط السلطنة والإمكانات المتاحة لديها، بالإضافة إلى القراءات المستقبلية. أما الورش المصاحبة للمؤتمر، فهي مرتبطة بأهداف المؤتمر ومضامينه. وفي هذه الورش والأفكار المطروحة والحوارات، كانت مخرجات المؤتمر فاعلة، خاصة مع وجود أصحاب الاختصاص الذين أثروا أيام المؤتمر بخبراتهم وتجاربهم.

 

ومع الزخم الكبير الذي حظي به المؤتمر، فإن الدراسات التاريخية والعلمية المختلفة خرجت بتوصيات ومقترحات، وفوائد عديدة. والمؤتمر لن ينتهِ بانتهاء فعالياته، بل ستستمر مخرجاته بالتفاعل الذي سيتبعه، مما سيقدم نتائج قيمة لصانعي القرار والمؤسسات المهنية والمتخصصة.

 

* خرج المؤتمر بعدد من التوصيات والمخرجات، ما أبرز تلك التوصيات ومدى قابلية تنفيذها في سلطنة عمان؟

** سلطنة عمان تتميز بعناصر مهمة مثل الموقع الجغرافي المتميز، والطبيعة المتنوعة، والتاريخ العريق، وهذه العناصر تسهم في انتعاش الجانب السياحي. كما أنها مهمة في إبراز الهوية الوطنية وصياغة الثقافة وتوظيف التاريخ.

 

أتوقع أن مستقبل السياحة وحماية الآثار والتراث سيكون مشرقًا، خاصة مع وجود خطط واضحة من قبل وزارة التراث والسياحة والمؤسسات السياحية المختلفة. هذه التوجهات مرتبطة باحتياجات المجتمع وخدمته؛ ولذلك أنا متفائل بمستقبل سلطنة عمان، خاصة مع طبيعتها الخلابة، وموقعها الاستراتيجي، وما تحتويه من تراث ثقافي وتاريخي وسياحي.

 

السلطنة تعيش حاليًا تجربة سياحية فريدة في المنطقة، وتتميز بانتعاش السياحة مقارنة بالعديد من الدول العربية والأجنبية. كما أن عناصر التعايش والأمن والاستقرار توفر بيئة مناسبة للنمو والتنمية المستدامة في مجال السياحة، مما سيعزز القوة الاقتصادية للسلطنة.

 

* ما أبرز التحديات التي ناقشتها جلسات وورش المؤتمر؟

** بعض الورش طرحت تحديات تواجه القطاع السياحي والتراثي، والباحث العماني هو الأكثر دراية بطبيعة هذه التحديات، سواء كانت تحديات قانونية أم اجتماعية. إلا أن المواطن العماني مهيأ تاريخيًا وثقافيًا لتقبل هذه التطورات في مجال السياحة، ولا تشكل له عقبة كبيرة، فالثقافة التاريخية، والانتماء، والحس الوطني عناصر إيجابية تساعد في التغلب على هذه التحديات وتقلل من تأثيرها المباشر.

 

* ما طبيعة مشاركة الاتحاد الدولي للمؤرخين في المؤتمر، وفي تقديم الدراسات والحلول للقضايا العربية؟

** الاتحاد الدولي للمؤرخين منظمة مرتبطة بهيئة الأمم المتحدة، ويعمل كمركز استشاري. لدينا خبرة كبيرة في تنظيم المؤتمرات، إذ عقدنا في السنوات السبع أو الثماني الماضية أكثر من 18 مؤتمرًا سنويًا في دول مختلفة مثل: العراق، تركيا، تونس، الإمارات، لبنان، والأردن.

 

اليوم، محطتنا في سلطنة عمان، وتحديدًا في نزوى، المدينة الغنية بالثقافة والتاريخ. النجاح الذي شهده المؤتمر يفتح لنا آفاقًا واسعة في العلاقة مع الباحثين والمؤرخين العمانيين، نحن نسعى من هذه المؤتمرات إلى تعزيز الإنتاج العلمي، إذ إن قوة الدول تقاس بما تمتلكه من إنتاج علمي وثقافي.

 

الاتحاد يسهم في صناعة الحياة الثقافية من طريق المؤتمرات الدولية والندوات العلمية، وأصبح منصة معروفة تستقطب الباحثين وتوفر التفاعل بينهم.

 

* بعضهم يعد التكامل السياحي العربي مفقودًا رغم المقومات التي تتمتع بها دولنا العربية. ما أسباب غياب هذا التكامل؟

**من وجهة نظري، يحتاج الأمر إلى عمل متكامل ومشترك على الصعيد العربي والعالمي. التحديات السياسية التي تعيشها المنطقة العربية تشكل عقبة أمام أي تطور في المجالات المختلفة، بما في ذلك السياحة. ومع ذلك، فإن مسار العلماء والباحثين يبقى مستمرًا، إذ يواصلون عملهم في كل الظروف والتحديات.

 

* الحروب والصراعات في منطقة الشرق الأوسط تسببت في دمار العديد من المواقع السياحية والآثار القديمة. ما دور الاتحاد الدولي للمؤرخين في حماية وإعادة بناء وترميم تلك الآثار؟

** دورنا يتمثل في الجانب المعنوي من طريق الأبحاث والتوصيات التي نقدمها. على سبيل المثال، عقدنا مؤتمرًا دوليًا في بغداد عن حماية الآثار، وقدمنا توصيات لصانعي القرار. نحن نسعى إلى التذكير والتشجيع في مجال رسم الاتجاهات، ولكن حماية الآثار تحتاج إلى دعم حكومي ودولي، عندما تعرضت العراق للحرب، تضررت الآثار بشكل كبير، ولكننا نواصل الدفاع عن حضارتنا وثقافتنا، فمهمة الباحث والعالم هي مواجهة التحديات وخدمة المجتمع.

 

* ما الخطط المستقبلية للاتحاد الدولي للمؤرخين؟

** سنويًا، ينفذ الاتحاد مؤتمرين أو ثلاثة مؤتمرات تتناول موضوعات مختلفة، مثل: الصراعات السياسية، والأزمات التاريخية، وقضايا البيئة والاستثمار. أيضا ننظم عشرات الندوات العلمية التي تخرج بمخرجات وأبحاث تنشر في المجلة الدولية للدراسات التاريخية والاجتماعية.

نحن نعمل على تعزيز الإنتاج العلمي ونشر الكتب التي تحتوي على وقائع المؤتمرات، مما يسهم في تعزيز الثقافة والتاريخ.

 

  • هل لكم أن تطلعونا على أهم التوصيات التي جاءت في ختام أعمال المؤتمر؟

وقد أكد المؤتمر أهمية تعزيز الدراسات التاريخية وحماية التراث، معربًا عن تفاؤله بمستقبل سلطنة عمان في المجالات السياحية والتراثية، ودور الاتحاد الدولي للمؤرخين في دعم هذه الجهود.

 

وأوصت الجلسة الختامية لأعمال المؤتمر الدولي: "التراث والسياحة والثقافة ... رؤى متجددة للتنمية الحضارية"، أهمية العمل على إجراء مقارنة بين استخدامات منصات التواصل الاجتماعي في السلطنة: (القطاع الحكومي والقطاع الخاص) والممارسات الدولية لاستخداماتها في الترويج السياحي. وضرورة بناء قاعدة بيانات علمية: لنشر المعلومات السياحية والأثرية الصحيحة؛ تفاديًا لأي معلومات مغلوطة أو مضللة، وتشجيع التعاون بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص: في تطوير استراتيجيات ترويجية متكاملة تستهدف السياح من داخل سلطنة عمان وخارجها عبر منصات التواصل الاجتماعي.

 

وجاء في توصيات المؤتمر وورش العمل المصاحبة أهمية مسح احتياجات سوق العمل واحتياجاته من التعليم والتدريب المتخصص واحتياجاته قياسا لتوجه سوق العمل في سلطنة عمان، وحاجته المُلِحَّة إلى مُخرجات جديدة، وبناء عليه فإن المؤتمر يوصي بأهمية مسح احتياجات سوق العمل في قطاعي التراث والسياحة والمتاحف من الوظائف، واحتياجات الصناعة من برامج التعليم والتدريب الفني والحرفي والتخصصي، بالإضافة إلى أهمية قيام الجامعات الرسمية والأهلية وخاصة جامعة نزوى؛ كونها تمثل واسطة العقد لمحافظة الداخلية بفتح باب التخصصات في الجوانب التي تحتاجها صناعة التراث والسياحة، مثل: تخصصات الآثار والسياحة والمتاحف، وتطوير برامج متخصصة ومتنوعة في الإرشاد السياحي المتخصص مثل: مرشد سياحة المغامرات، والمرشد السياحي للمواقع الأثرية. مؤكدين أهمية تعزيز استدامة الحرف ومنتجات الصناعات الحرفية من طريق برامج التدريب والتهيئة الحرفية؛ ولتكون محافظة الداخلية -بحكم ثرائها الحرفي- حاضنة لمثل هذه المراكز مع إمكانية الاستفادة من الموارد المتوفرة لدى الجامعات ومؤسسات التعليم الخاصة والحكومية.

إرسال تعليق عن هذه المقالة