في إنجاز علمي جديد …
جامعة نزوى توثق لأول مرة "الصلّ الأسود" في سلطنة عُمان
إعداد: مركز أبحاث العلوم الطبيعية والطبية
في إنجاز علمي نوعي يعزز من مكانة سلطنة عمان في مجال التنوع الحيوي، نجح فريق علمي من جامعة نزوى بالتعاون مع معهد الأحياء التطوري في برشلونة - إسبانيا، في توثيق أول تسجيل علمي لثعبان الصلّ الأسود (Walterinnesia aegyptia) المعروف أيضًا بـ “كوبرا الصحراء"، وذلك في مناطق مختلفة من محافظة ظفار.
ويمثّل هذا الاكتشاف إضافة جديدة إلى قائمة الزواحف في سلطنة عُمان، إذ ارتفع عدد أنواع الأفاعي المسجلة رسميًا إلى 22 نوعًا، وهو ما يعكس ثراء البيئات العمانية وتنوعها البيولوجي الفريد. وقد نُشر هذا الإنجاز ضمن ورقة بحثية محكّمة نشرت مؤخرا في مجلة Zootaxa العالمية، وشملت مراجعة تصنيفية دقيقة لجنس Walterinnesia بالاعتماد على تحليل التسلسل الوراثي والمقارنات المورفولوجية.
وتشير الدراسة إلى أن عينات "الصلّ الأسود" التي جُمعت من ظفار تحمل صفات وراثية متطابقة مع عينات من السعودية ومصر، مما يدعم إعادة تصنيف النوع ويضع حدًا للجدل العلمي القائم في وجود نوعين مستقلين ضمن هذا الجنس. وقد أُجري التحليل الجيني باستخدام تسلسل الحمض النووي الميتوكوندري والنووي، وأظهرت النتائج تطابقًا شبه كامل بين العينات، مما دفع الباحثين إلى اعتبار النوع المعروف سابقًا باسم W. morgani مجرد مرادف حديث لـ W. aegyptia.
ويُعد "الصلّ الأسود" من الأفاعي الليلية السامة التي تنتمي إلى فصيلة أماميات الأخاديد (Elapidae)، وهي نفس الفصيلة التي تنتمي إليها الكوبرا، يتميّز بجسم أسود لامع بالكامل دون وجود علامات أو خطوط، ويصل طوله في البالغات إلى نحو 150 سنتيمترًا، بينما تفتقر صغاره إلى الزخارف الواضحة، ويُظهر سلوكًا دفاعيًا هادئًا نسبيًا مقارنة بأنواع الكوبرا الأخرى، ورغم أنه لا ينفث السم، إلا أن سمه قوي التأثير على الجهاز العصبي ويستدعي الحذر والتعامل المتخصص عند رصده في البيئة الطبيعية.
هذا الاكتشاف يعكس جهود مركز أبحاث العلوم الطبيعية والطبية بجامعة نزوى في استكشاف وتوثيق الكائنات الحية المحلية، ويؤكد أهمية الدراسات الميدانية المتواصلة للكشف عن كنوز التنوع الحيوي في السلطنة، ويفتح آفاقًا مستقبلية للبحث في مجالات السموم وإنتاج مضادات السموم، خصوصًا أن هذه الأفعى تُعد من الأنواع السامة ذات التأثير العصبي على جسم الإنسان، مما يستدعي دراسات إضافية لتطوير مضادات سموم فعالة.
الجدير بالذكر أن مركز أبحاث العلوم الطبيعية والطبية يضم ضمن مرافقه مختبر السموم ومضاداتها، الذي يُعد من المرافق البحثية المتقدمة على مستوى السلطنة. ويحتوي المختبر على معظم أنواع الأفاعي المسجلة في عُمان، مما يجعله مرجعًا وطنيًا في مجالات دراسة السموم الحيوانية وتطوير مضاداتها، إلى جانب دوره في التوعية المجتمعية والتدريب الأكاديمي في هذا المجال الحيوي.
يُذكر أن الاكتشاف أنجز بمشاركة باحثين محليين ودوليين، ووُثقت البيانات والصور في قاعدة MorphoBank العلمية العالمية، مما يتيح المجال للباحثين في العالم للاطلاع والاستفادة من هذا التوثيق المهم.