السنة 20 العدد 188
2025/04/01

وطن في جامعة، وجامعة في وطن

 

 

الأستاذ الدكتور جمال عبد الناصر أبو نحل

 

 

ليس كل مُدير قائد، وليس كُل قائد مُدير؛ ولكن حينما يوجد مدير، أو رئيس يحمل صفة مُدير، وقائد، عندهُ حُسن إدارة ناجحة فمنها يرتقى الوطن، والمواطن بِتلك الثُلة من العلماء الأماجد الصناديد الأجلاء؛ ومنهم تسير الوزارة، أو الجامعة أو الدولة نحو الريادة، والتمكين، والسؤدد، والنجاح، والرشاد، وتتواصل التنمية المستدامة، ومواكبة التطور، والانفجار المعرفي العالمي الهائل، والذكاء الاصطناعي.

 

وحينما يكون رئيس الجامعة، ومعهُ نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية يتمتع كُلٌ منهما بكاريزما شخصية قيادية، إدارية ناجحة، وواعدة، وكيف لا يكون ذلك، وهم من نسل العلماء، ووالده من العلماء، وبهم، ومعهم، ومنهم تعلو الهمم فوق القمم؛ إنهم علمٌ في رأسهم ثقافة، ونور، وفي مقابلتهم وحضورهم سرور، وفي بوحهم أجمل العطور؛ ومع بزوغ فجر كل صباح، من بعد صلاة فجر كل يوم ينطلق الأساتذة، وإدارة الجامعة، والطلبة، والعاملين بالجامعة كخلية نحل واحدة يأتون أفواجًا، وفُرادًا، وجماعات، بكل همة، ونشاط ينطلق كل منهم إلى غايتهِ؛ فالطالب يذهب لمحاضرتهِ، والدكتور لقاعة المحاضرة، والعامل لعمله، والإداري لإدارته، وهكذا دون كلل أو ملل.

 

إنها جامعة في وطن، ووطن في جامعة، وهي رائدة فيها كافة التخصصات، وفيها مجموعة مائزة من العلماء والأكاديميين الخبراء؛ إن جامعة نزوى صرحُ شامخ، ومنارة شاهقة تعلو رايتها، وقبتها فوق رايات، وقباب أغلب الجامعات العربية والإسلامية، وتتفوق على كثير من الجامعات الدولية، وتعلو بِعُلمَائها على كُل عُلماء الأُمم؛ سيرًا على الخطى السَّديدة، والتَّوجيهات الرشيدة الحكيمة لجلالة السلطان قابوس رحمه الله تعالى – وكذلك بناءً على رؤية وتوجيهات جلالة السلطان هيثم بن طارق، حفظه الله، الحريص على أهميَّة التَّعليم ورعاية المتعلِّمين، وبناء الإنسان الواعي، ومركّزةً على آفاقٍ مستقبلية تواكب الإبداع، والحداثة من طريق رؤية "عُمان 2040"، وللدّور الريادي الَّذي تقوم به مؤسَّسات التَّعليم العالي في تخريج كوادر بشريَّة عُمانية مؤهَّلةٍ علميًّا ترقى بمجتمعها.

 

فتحت جامعة نَزوى أبوابها في 3 يناير 2004م؛ وبموجب القرار الوزاري رقم (1/2004) لتكون أوَّل مؤسّسةٍ تعليميَّةٍ أهليَّةٍ ذات نفعٍ عام في السَّلطنة، فقد استقبلت الجامعة الدُّفعة الأولى من طلبتها في 16 أكتوبر 2004م، وعلى مدى الحقبة الماضية من تاريخ الجامعة ازداد أعداد الطُّلبة المقبولين فيها؛ وذلك لما تقدِّمه من برامج تعليميّةٍ عالية الجودة تتناسب، وحاجة سوق العمل، وتواكب التطور العلمي، والمعرفي، والتنمية المستدامة.

 

إن جامعة نزوى في سلطنة عُمان، وطن في جامعة، وجامعة في وطن، تجمع خيرة أبناء الوطن من الطلبة المميزين؛ وهي بذلك تهدف إلى بناء أجيالٍ واعية وواعدة من العمانيِّين المؤهلين ثقافيًا، وعليمًا، وأكاديميًا، الواعين بتراث الأمتين الإسلامية والثقافيِّة، والمحافظين على الهوية العمانية الأصيلة، والقيم الأخلاقية، والاجتماعية، مسلَّحين بالمعرفة والقدرة التقنيِّة المتطورة، وبالذكاء الاصطناعي، والاختراع، والابتكار التي يتطلبها المجتمع العماني؛ ولذلك فإنّ جامعة نزوى صرح شامخ، ومؤسسة علميّة أهلية ذات نفعٍ عام، تقوم على أمرها، وتدبير شؤونها.

 

إن هدفها الأساس نشر الفضيلة، والأخلاق الحميدة، والثقافة الرشيدة، من طريق الفكر الإيجابيّ البناء، وترسيخ هوية الأمة وقيمها وإرثها الحضاريّ والإسلاميّ؛ على أساس من الإيمان الراسخ بالله -عزّ وجلّ- وغايتها نشر الثقافة والعلم، والمعرفة بما يكفل لطلبتها التعلّم، والتزوّد بالفضائل، واكتساب مهارات الحياة اللازمة لإثراء حياتهم وتأهيلهم للإسهام بفاعليّةٍ لنموِّ المجتمع وتطوّره؛ من طريق البرامج التعلمية التعليمية المرنةٍ، التي توفر درجة عالية من التأهيل الأكاديميّ والتنمية الفكرية؛ بما يترجم هذه الغايات النبيلة إلى واقعٍ ملموس؛ وحياة أكاديمية أفضل.

 

ولقد خرجت الجامعة بحرًا زَاخرًا مُتدفقًا من طلبة العلم العمانيين والعرب، وسفينتها ماضية بكل شموخ وثقة تجري مِدّرارَهْ بين الأمواج الهادرة؛ ولقد خرجت جيشاً عَرمَرماً من الطلبة، فصاروا عُلماء أجلاء فُضلاء ارتقوا في العلياء والعرب، فَنشروا الثقافة، والعلم في كل بقاع المعمورة وانتشروا في كل أصقاع الأرض ليعُلموا ويحاضروا في كل الجامعات العربية والعالمية، فكانوا من خيرة عُلماء العرب، والمسلمين، والغرَب، فأشرقت أنَوَار شمسهم على البشرية جمعاء.

 

إن جامعة نزوى وطن، وموُطِن العلم والعلماء، وهي من أقدم الجامعات العمانية، وفيها ثلة مميزة من طلبة الدراسات العليا الماجستير والدكتوراة، الذين حملوا رايتها، لتبقي عالية خفاقة مرفرفة في ربوع العالم؛ تلك هي نقطة في بحر السيرة الوضاءة المضيئة كالشمس في رابعة النهار لجامعة نزوى، إنها وطنٌ في جامعة، وجامعة في وطن، تركت بصمتها، وسيبقى لها طيبُ الأثر، تُنتج أجمل الثمر، وجامعة نزوى كالقمر في السماء جمالها وجلاها وحلاها.



إرسال تعليق عن هذه المقالة