مكتبات زرتها (3)
زيارة: محمد الإسماعيلي
محطّة جميلة في تاريخ أي مسجد أن تكون له مكتبة خاصة تتبعه وتلتحق به في حلق الذكر والعلم، فهما بلا ريب يجسّدان سعي الإنسان لنيل شرف الدنيا والآخرة: "من أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرةَ فعليه بالعلم، ومن أرادهما معاً فعليه بالعلم"، وما أعظم أن يطلب العلم النافع في بيت من بيوت الله!
نعم سرّني أن زرت مكتبَة مسجد مازن بن غضوبة الكائنة في منطقة حيل فرق بولاية نزوى، التي تَأَسَسَتْ عام 1444هـ\2022م، وسُميت أيضًا باسم هذا الصحابي العماني الجليل، فقد رأيتها تخدم الباحثين وطلبة العلم والمشتغلين على أفانينه ساعات طوال، إذ أعدّها قلبا نابضا بالحياة في تلك المنطقة، يجلسون في أحضانها يقتبسون نفائس ما ضمّت بين رفوفها من جواهر ودرر في مجموعة تخصصات القرآن وعلومه، التي تشمل: علوم القرآن والتفسير والتجويد والقراءات والحديث النبوي الشريف وعلومه، وعلم الحديث وعلم مصطلح الحديث، والفقه الإسلامي وأصوله، وشروح السنة والعقيدة الإسلاميتين، والسيرة النبوية الطاهرة.
كما أنها ازدانت رونقا وجمالًا بتراث منجز علماء اللغة والأدب والحضارة والتاريخ، وقسم كبير من المعارف والعلوم العامة، وتواليف كتب المحاسبة والتربية والرياضيات والإنجليزي واللغات، وغيرها من الدوريات والمجلات وإلى مالا ذلك.
لقد سرّني أن أضاءت المكتبة جذوة نورها لطلبة الدراسات العليا في مرحلتي الماجستير والدكتوراة خصوصا؛ أولئك الذين استفادوا من خزائن القراءة والاطلاع بين رفوفها؛ فالمكتبة في مقامها الأساس تفتح في الصباح للنساء والمساء للرجال؛ إذ تسعى إلى تحبيب الناس في القراءة، وفتح باب العلم لطلبته ذكورا وإناثا؛ لاسيما طلبة الجامعات والثانويات؛ فذخائرها تمتاز بآفاق رحبة من حيث مكانها الهادئ والمريح في جلساته، وحاسب آلي وشبكة معلومات للقراءة والمطالعة والبحث؛ فالغرض منها أن تكون خدمية أكثر ما يكون.
ومن بوادر تفعيلها؛ تقيم المكتبة باسمها مسابقة سنوية في شهر رمضان، موضوعها: (قراءة كتاب)؛ تتعلق بالتاريخ أو الفقه أو السيرة. وكذلك باسم المكتبة تنطلق دروس في شهر رمضان، وأيضا في كل يوم إثنين يقام درس قراءة كتاب، يحضره مجموعة من طلبة العلم، ولله الحمد قطعوا شوطًا في مجموعة كبيرة من الكتب على غرار المعتمدات ونداء الحق والغاية والدلائل.
ومما يميز هذه المكتبة أن وجدتها تتقلّد وشاح آداب التعلّم، فضوابط زيارتها تدعو إلى: الالتزام بالهدوء التام، ومنع الأكل والشرب واستخدام الهاتف داخلها، وقصر استخدام شبكة الإنترنت لأغراض البحث العلمي، ووجوب الترفق عند التعامل مع مقتنياتها وأثاثها مع التقيد بالآداب العامة واللباس المحتشم، كما أنّ نظام المكتبة مرجعي لا يسمح بالاستعارة.
وتتجه المكتبة إلى تصنيف كتبها على وفق نظام تقني تخصصي، يعمل على إحصاء المؤلفات ويصنّفها ويرتبها؛ لتكون متاحة بشكل أيسر للبحث والمطالعة.