السنة 19 العدد 185
2025/01/01


الدكتور أحمد الحراصي، نائب رئيس جامعة نزوى للدراسات العليا والبحث العلمي والعلاقات الخارجية، في كلمته بمناسبة يوم البحث العلمي:

 

أكثر من 3500 عدد البحوث العلمية المنشورة في جامعة نزوى بواقع يزيد على 70 ألف استشهاد

عدد الكتبِ وفصولِ الكتبِ المنشورةِ لباحثيِ الجامعة ٣٢٦ كتابًا وفصلًا في كتاب وعدد براءاتِ الاختراعِ المسجلةِ ٢٦ براءة

هناك حاجة لدعمِ وتشجيعِ البحوثِ الاستراتيجية والمبادراتِ الوطنية لتعزيزِ أمنِنَا الغذائي والدوائي والسيبراني والفكري والمجتمعي والثقافي
بعد ١٥ عاما من البحوثِ الأساسيةِ، الجامعة في إطارِ التحولِ إلى البحوثِ التطبيقية ذات الأهميةِ الوطنية

الجامعةُ وضعت ممكناتِ عديدة لتحقيق أهدافِ استراتيجيتها البحثية، شملت إنفاقها أكثرَ من سبعين مليون ريال عماني على البحث العلمي منذ إنشائها

استثمرنا في ٣٠ مختبرًا بحثيًا منفصلًا عن المختبراتِ التدريسية ومختبراتٍ مخصصةٍ لطلبة الدراساتِ العليا، جميعُها مجهزةً بأحدثِ التقنياتِ والأجهزةِ العلمية
الجامعةُ حازتْ قصبَ السبق في عددٍ من التصانيف الأكاديمية، وأسهمت في زخم البحوث العلمية العالمية بمجموعة فاخرة من البحوث النوعية اللاوصفية

نجحنا في بناءِ جسورِ تعاونٍ نشطةٍ يصل عددُها إلى أكثرَ من مئةٍ وسبعين جامعة ومؤسسة بحثية.

 


 




قال الأستاذ الدكتور أحمد بن سليمان الحراصي، نائب رئيس جامعة نزوى للدراسات العليا والبحث العلمي والعلاقات الخارجية بجامعة نزوى: "إن عدد البحوث المنشورة في جامعة نزوى تجاوز 3500 بحثٍ علميٍّ محكمٍ بواقع أكثرَ من سبعينَ ألف استشهاد، كما بلغ عددُ الكتبِ وفصولِ الكتبِ المنشورةِ لباحثيِها ثلاثمئةٍ وستةٍ وعشرين كتابًا وفصلًا في كتاب، وعددُ براءاتِ الاختراعِ المسجلةِ ستة وعشرين براءة اختراع".
وأضاف في كلمته بمناسبة يوم البحث العلمي، الذي أقيم تحت رعاية معالي الأستاذة الدكتورة وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار: "لم تألُ الجامعةُ جهدًا في دعم المؤتمرات العلمية، فقد بلغ عددُ المؤتمرات العالمية التي مُثِّلت فيها الجامعة أكثرَ من ألفٍ وثمانمئةٍ وستين مؤتمرًا علميًا. وعلى مدى خمس سنوات متتابعة، تألق عددٌ من باحثيِها بوضعِ أسمائهِم في قائمةِ ستانفورد المرموقة لأعلى 2% من العلماءِ الأكثرِ استشهادًا بِأبحاثهم، مؤكدين تفوقهم العلمي عالميًا.


وهذه نصُّ الكلمة
الحمدُ لله الذي خصَّ عبادَه المتفكرين، وجعل البحثَ والتفكر في مخلوقاته وسيلةً لِرسوخ اليقين في قلوبِ عبادِه المستبصرين، استدلوا عليه سبحانَه من خلقِهِ فعلِموه، وتحققوا أنَّه لا إله إلا هو فوحَّدوه، وشاهدوا عظمتَه وجلالَه في عجائب خلقِه فنزهوه، فهو القيم بالقسطِ في جميعِ الأحوال، وهم الشهداءُ على ذلك بالبحث والاستدلال، وهذا هو منهجُ البحثِ العلمي على كل حال، الذي جاء في الذكرِ الحكيم: "شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ". والصلاةُ والسلامُ على مُعَلِّمِ البشريةِ الأمين سيدِنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحابته أجمعين.


معالي الأستاذةَ الدكتورةَ رحمة بنت إبراهيمَ المحروقيةِ  
وزيرَةَ التعليمِ العالي والبحثِ العلميِّ والابتكار
المكرمين والمكرمات، أصحابَ السعادة
ضيوفَ الجامعة
نجتمعُ اليومَ لنحتفيَ بما قدمتُمُوه من أبحاثٍ علمية أسهمتم من طريقها مع زملائِكم من الأكاديميين والفنيين والإداريين في وضع هذه الجامعة في الموضعِ الذي تستحقُه. لقد قضيتم الساعاتَ الطوالَ في أروقةِ المختبراتِ وبين الموادِ الخطراتِ وفي جنباتِ المكتباتِ مواصلين الليلَ الجهيدَ بالنهار الجديد، ومضحين بالطارفِ والتليدِ، مستقرئين لمستقبلِ البحث العلمي وتوجهاتِه العالمية، ومستلهمين من رؤيةِ عمانَ رؤاكم العلمية، ومترجمين أهدافَ البحث العلمي التي نصت عليها سياسةُ الوزارةِ البحثية، ومنفذين أولوياتِ الجامعةِ الأكاديمية، فجاءت النتائجُ واضحةً جلية، وتبوأت الجامعةُ -بفضل الله ثم بفضل ما قدمتم- مكانةً بين الجامعات العربية، وحازتْ قصبَ السبق في عددٍ من التصانيف الأكاديمية، وأسهمت في زخم البحوث العلمية العالمية بمجموعة فاخرة من البحوث النوعية اللا وصفية.


الحاجة لدعم وتشجيع البحوث الاستراتيجية

في الوقت الذي نحن فيه بحاجةٍ إلى دعمِ وتشجيعِ البحوثِ الاستراتيجيةِ والمبادراتِ الوطنية لتعزيزِ أمنِنَا الغذائي وأمنِنِا الدوائي وأمنِنَا السيبراني، نحن أيضًا بحاجة إلى تعزيز أمنِنَا الفكري والمجتمعي والثقافي من أجلِ ترسيخِ قيمِنا الإسلامية، وتأصيلِ هويتِنا الوطنية والحفاظِ على إرثِ سبلتِنا العمانية. كما أننا بحاجة إلى انتشال لغتِنا العربية من وطأةِ العاميّة وعضَّةِ الأعجميّة ومطرقةِ الانسلاخِ وسندانِ الانهزامية، وما أحوجنا اليوم إلى البحث العلمي العميق والأدب الراقي الرقيق في وقت خوى فيه نجمُ الفصحاء، وكسدت سوقُ الأَبيَناء، وبارت بضائعُ الشعراء، وضَحَلَت فيه الكتابة، وزاغَ الإعلامُ، وتأرجحَ العلمُ بين الوهمِ والغرور.
 
ليسَ من السهلِ إنشاء معملٍ للبحث العلمي المتقدم في وسط الصحراء وبإمكانيات متواضعة، لكن عندما وجدت الإرادةُ الصادقةُ تحقق هذا الهدفُ بتخطيطٍ سليمٍ وتنفيذٍ أمينٍ. وبعد خمسة عَشَرَ عامًا من البحوثِ الأساسيةِ، نحن الآن في إطارِ التحولِ إلى البحوثِ التطبيقية ذات الأهميةِ الوطنية؛ وذلك إيمانًا منا بأنَّ الابتكارَ لا يمكنُ إنزاله مظليًا، وأنَّ البحوثَ الأساسيةَ متطلبٌ أساسٌ للشروعِ في البحوثِ التطبيقية. وفي هذا الصدد أنجزنا عددًا من المقترحات ذاتِ الطابعِ الصناعي، التي انبثقت من مختبراتِ البحوثِ بِمركز أبحاثِ العلومِ الطبيعيةِ والطبية.
 
لغة الأرقام تتحدث عن مسيرة مباركة
وبلغة الأرقام وفي مسيرة مباركة تجاوزت البحوثُ المنشورة في هذه الجامعة 3500 بحثٍ علميٍّ محكمٍ بواقع أكثرَ من سبعينَ ألف ِاستشهاد؛ أي بمعدل خمسةٍ وثمانينَ استشهادًا لكل بحثٍ منشور. وبلغ عددُ الكتبِ وفصولِ الكتبِ المنشورةِ لباحثيِها ثلاثمئةٍ وستةٍ وعشرين كتابًا وفصلًا في كتاب. كما بلغ عددُ براءاتِ الاختراعِ المسجلةِ ستةٍ وعشرين براءةِ اختراع. ولم تألُ الجامعةُ جهدًا في دعم المؤتمرات العلمية، فقد بلغ عددُ المؤتمرات العالمية التي مُثِّلت فيها الجامعة أكثرَ من ألفٍ وثمانمئةٍ وستين مؤتمرًا علميًا. وعلى مدى خمس سنوات متتابعة، تألق عددٌ من باحثيِها بوضعِ أسمائهِم في قائمةِ ستانفورد المرموقة لأعلى 2% من العلماءِ الأكثرِ استشهاد بأبحاثهم، مؤكدين تفوقهم العلمي عالميًا.
 
ممكنات عديدة لتحقيق أهداف استراتيجية
لقد وضعت هذه الجامعةُ ممكناتِ عديدة لتحقيق أهدافِ استراتيجيتها البحثية، شملت إنفاقها أكثرَ من سبعين مليون ريال عماني على البحث العلمي منذ إنشائها، أي ما يعادل 30% من موازنتها السنوية. كما شملت هذه الاستراتيجية دعم وتشجيع المجموعات البحثية في كلياتها الأربع، وإنشاء الكراسي والمراكز البحثية في المجالات ذات الأهمية الوطنية والتوجه العالمي، كما دعَمَت ماليًا أبحاثَ مشاريعَ الطلبةِ في الدراسات العليا والشهادات الجامعية الأولى. 

لقد تفردت هذه الجامعة باستقطابِ الباحثِ المتفرغِ للعمل ِفي بيئةٍ بحثيةٍ جاذبةٍ، واستحدثت نموذجًا فريدًا في استقطابِ طلبة الدكتوراةِ من طريقِ التبادلِ الأكاديمي من جامعاتٍ عالمية عدةِ، يعملون جنبًا إلى جنب مع أقرانهم من الباحثين العمانيين.
وإدراكًا من الجامعةِ لأهميةِ بناءِ البنيةِ التحتيةِ للبحثِ العلمي، أنشأت الجامعةُ ثلاثينَ مختبرًا بحثيًا منفصلا عن المختبراتِ التدريسيةِ، ومختبرات مخصصةٍ لطلبة الدراساتِ العليا، جميعُها مجهزةً بأحدثِ التقنياتِ والأجهزةِ العلميةِ. كما أنشأت عددًا من المراكزَ البحثيةِ المتخصصة. وأنشأت شركة مختبرات دارس ذراعا استثماريا لقطاع البحث العلمي بالجامعة، تقدمُ خدمات ٍمتنوعةً للمجتمعِ الخارجي والمؤسساتِ الحكوميةِ والخاصة.
وفيما يتعلقُ بالتعاونِ والارتباطِ الخارجي، أدركتِ الجامعةُ أهميةَ الشراكةِ لِتحقيقِ التعاونِ والتكاملِ مع المجموعاتِ البحثيةِ المحليةِ والإقليميةِ والدوليةِ، ونجحتْ في بناءِ جسورِ تعاونٍ نشطةٍ يصل عددُها إلى أكثرَ من مئةٍ وسبعين جامعة ومؤسسة بحثية.
 
لا ريب أنَّ الخلقَ يتابينون فيما بينهم تبايناً عظيماً في ملكاتِهم العقلية من قوة فائضة، وخصوصية ناهضة، وقريحةٍ صافية، وتأملٍ عميق؛ لذا نجدُ في كلِّ عصرٍ من العصورِ النوابغَ المبتكرين، لكنَّ الابتكارَ يجبُ أن يسبقَه البحثُ، والبحث يجب أن يسبقَه التعليم، وإذا ما هيأنا له الأسباب، فإنه سيأتي تلقائيًا. وأنَّ البذورَ الأولى للابتكار يجب أن تغرسَ في السنوات الأولى من حياة الطالب، لتنمو وتُزهِر وتُثمِر وتؤتي أُكُلَهَا.
وعندما كان العربُ والمسلمون يقرأون ويفكرون، كانوا يبدعون ويبتكرون، وعندما أصبح حُلْمُ الطالبِ العربي الحصولَ على الشهادةِ العلمية، وهمُّ الأستاذِ الجامعي الترقيةَ الأكاديمية، انعدم الابتكارُ والابداعُ، وغاب معه الجمالُ والامتاع. فمن أروقة بيتِ الحكمةِ تخرجَ الكيميائيون والفلكيون والرياضيون والمهندسون والأطباءُ والعلماءُ والفلاسفةُ واللغويون، وفي دهاليزها أُلِّفت الكتبُ، ورُسِمت خرائطُ العالم، ووضعت الوصفاتُ الطبية وخلطاتُ العطور الزكية.      
إنَّ جينات الذكاء لدى الطالب العربي لا تختلفُ عن نظيرهِ الغربي، ولكن ما يختلف هو البيئة فحسب، وإنَّ جامعاتنا تضم طاقات بشرية هائلة ممثلة بالعقل البشري، الذي إذا هُيئت له الظروف، فإنه سيُبدع ويبتكر وينطلق؛ لذا أولى لنا وأولى أن نوليَ بحوثَ طلبِتنا الاهتمام الذي تستحقه. فمن أنشأ وادي السيليكون أحد أكبر إمبراطوريات التكنولوجيا في العالم هم الطلبة، ومن أشرف على مشاريعهم الناجحة هم الأساتذة الباحثون في بيئات تعليم ناجحة كستانفورد وبيركلي، وبوجود عوامل مساعدة محددة عُنيت باحتضان أفكار الطلبة وتبنيها وتمويلها ثم تحويلها إلى مشاريع منتجة على وفق رؤية نظرت للبحث العلمي والعقل البشري على حد سواء على أنهما استثمار ناجحٌ ورافد للاقتصاد ومحرك للتنمية.


 تحديات جسام ... لكن الطموح كبير
رغم ما أنجز في مجال البحث العلمي في سلطنة عمان، إلا أنَّ الطموحَ أعلى من المُنجز، وإننا أمام تحديات جسام أهمها التمويل، وإنَّ باحثينا يثمنون الدعم الذي تلقوه من عدد من جهات التمويل بسلطنة عُمان وخارجها. وأخص بالشكر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه ممثلة بصندوق التنمية الزراعية والسمكية، ومركز سلامة وجودة الغذاء، ووزارة الصحة، ووزارة التربية والتعليم، وشركة تنمية نفط عمان، كما أشكر جامعة هلسنكي بفنلندا ومعهد كارولينسكا بمملكة السويد على تبرعهما السخي بعدد من الأجهزة العلمية المتخصصة.
وبعد ذكر  هذه الإنجازات، فإننا نؤمن حتمًا أنها ليست الأولى من نوعها، ولا الأحسن في مجالها، فقد سبقنا علماءُ نقلوا تجاربهم في هذا الجانب، وعلينا لزامًا أن نعترفَ بسابقتهم في العلم، وأفضليتهم في الفهم، ولا نقولُ كما قال الفيلسوف المعريّ:
وإني وإن كنتُ الأخيرَ زمانُهُ
لآتٍ بما لم تَسْتَطِعْهُ الأوائلُ
لذا وفي هذا السياق وباسم كل باحثٍ في هذه الجامعة، أتقدمُ بفائق التقدير  لمعالي الأستاذةِ الدكتورةِ الوزيرةِ على دعمِها وتشجيعِها ورعايتِها للبحث العلمي في السلطنة، وعلى كل القائمين على قطاع البحث العلمي.
كما أثني على كل باحثٍ وطالبٍ في هذه الجامعة، وعلى كل متعاونٍ معها أسهم ماديًا أو معنويًا في دعم البحث العلمي. ولا أنسَ أن أتقدمَ بوافرِ الشكر للجنةِ المنظمةِ لهذا الحدثِ العلمي، ولكم جميعًا على تشريفكم لنا في هذا اليوم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إرسال تعليق عن هذه المقالة