السنة 19 العدد 185
2025/01/01

مهارات المستقبل لطلبة الجامعات والكليات والتوجه الناجح نحو الوظيفة


 

 

د. سعيد بن محمد بن علي الراشدي 

 

 

تطور العقل البشري عملية طويلة استمرت على مدى سنين طويلة، بدأت منذ تطور الإنسان الأول واستمرت حتى الوقت الحاضر وما بعده، ففي العصر الحديث الذي يعد من العصور التي تميزت بتطور التكنولوجيا والمعلوماتية والاتصالات وتطور المجتمعات الحديثة.

 

ويعد التطور الثقافي والتعليمي والتكنولوجي من أهم العوامل التي أدت إلى تطور الإنسان وسهلت له العديد من المهام وساعدته في محاكاة سلوكياته ومهاراته، إضافة إلى العوامل الوراثية والتطور الجيني والاختيار الطبيعي والتطور المناخي والبيئي الذي يؤثر على نمو الدماغ وتطوره ليكون ضمن أحد أهم العوامل التي ساعدت الإنسان على التكيف مع البيئة المتغيرة والتحكم في العالم من حوله.

 

ومع تسارع التحولات الرقمية والتكنولوجية، تتطلب وظائف المستقبل مهارات جديدة ينبغي للطالب الجامعي أن يستعد لها ويتقن استخدامها وتوظيفها الصحيح؛ مما يعزز مهارات التواصل والذكاء العاطفي للتكيف مع بيئات عمل متنوعة ومتغيرة توفر نمط متواصل ومستدام؛ لذلك تأتي مهارات المستقبل أحد المهارات الضرورية للتكيف مع متطلبات العصر الرقمي والتغيرات المستمرة في سوق العمل، إذ تُركز هذه المهارات على تطوير القدرات التي تعزز الابتكار والتفكير النقدي والإبداع، بالإضافة إلى تعزيز المهارات التقنية والتواصل الفعّال.

 

يأتي منطلق تعزيز قدرات طلبة الجامعات والكليات على اكتساب مهارات العصر واستشراف المستقبل بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل، كما أنه يساعد على معرفة أحدث التطبيقات الرقمية وأدوات التعلم المبتكرة،  التي تسهم في تمكين الطلبة من توظيف التكنولوجيا الرقمية واستخدام أدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي؛ لتحسين التعلم والإبداع وتوفير حلول مرتبطة بالتعلم الذاتي والتطوير الشخصي. 

 

هنالك مجموعة من المهارات التي يحتاجها الطلبة في المستقبل، نذكر أهمها: مهارة حل المشكلات، ومهارة التفكير التحليلي، ومهارة التفكير الناقد، ومهارة التفكير الإبداعي، ومهارة التربية الأخلاقية والقيمية، ومهارة التواصل الفعال والذكاء العاطفي، ومهارة التربية الإعلامية والرقمية، ومهارة القدرة على ممارسة العمل الجماعي التعاوني بروح الفريق الواحد. 

 

كما أن التوجه نحو مستقبل وظيفي ناجح والإعداد الصحيح لسوق العمل وتطوير المهارات المهنية والرقمية بالتدريب المهني والتكنولوجيا، ثم الشراكات مع القطاعات الخاصة والمجتمعية، وبعدها الإبداع والبحث العلمي والابتكار وتحويل المعرفة إلى منتجات ومسار مستدام لريادة الأعمال. 

 

ويجعل ذلك الطالب الجامعي يستقرئ المستقبل ويعرف الرؤى والتوجهات الجديدة من حيث التطورات التكنولوجية والتجديد المستقبلي والمتسارع للأدوات المساعدة والذكاء الاصطناعي في مختلف نواحي وقطاعات الحياة العلمية والعملية. والاستفادة من التعلم الشخصي باستخدام الذكاء الاصطناعي بتخصيص التعليم بناءً على احتياجات كل طالب، والعمل على تحويل المعارف إلى منتجات وشركات ناشئة، وكي تكون فرص التوظيف المستقبلية ضمن مسار التحولات في سوق العمل التي ستكون أكثر تقبلًا للتكنولوجيا وتقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لِيستشرف الخريج الجامعي مستقبله وتوجهه نحو مستقبل وظيفي ناجح ومضمون.

 

أثبتت الكثير من الدراسات والأبحاث أن الإعداد والتجهيز لمهارات المستقبل ينبغي أن يكون حاضراً لطلبة الجامعات والكليات، وهو ما يساعد في بناء شباب مفكر مبتكر قادر على بناء نفسه ومستقبله وفقاً لمسار تخصصه ومهاراته التي تعلمها واكتسبها من محيط وبيئة الدراسة؛ لتكون مستمرة في مشواره العملي والاجتماعي.

 

ويمكن الحصول على النتائج بتجديد المناهج والخطط الدراسية، وأيضاً عبر تمكين الطلبة من استخدام أدوات وتطبيقات حديثة في التعلم ورفع وعيهم بمتطلبات سوق العمل المستقبلية؛ مما يعزز قدراتهم على التعامل مع التكنولوجيا بطرق مبتكرة وفعالة. فهنالك الشركات الناشئة والحاضنات التجارية والجهات المتابعة والممولة والداعمة لكل ذلك، وهو ما يوفر بيئة خصبة لتشجيع طلبة الجامعات والكليات على الاستفادة من ذلك.

 

إن التنبؤ بمآلات الحياة واستشراف المستقبل يحتاج خطوات ومهارات تسهم في جاهزية تقبل التغييرات والتحديثات المرتبطة وكل ذلك لا يتأتى؛ إلا بوجود بنية تحتية معرفية وتقنية تلبي متطلبات التغيير وتنمي مهارات المستقبل لدى الطالب الجامعي. 

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة