السنة 19 العدد 185
2025/01/01

جهود ملموسة في التعامل مع الطلبة ذوي الإعاقة السمعية بفاعلية واحترافية تجلّت في توفير مترجمي لغة الإشارة داخل قاعات الدراسة، وتطوير البنية التحتية لتكون أكثر شمولية وملاءمة، وتنظيم ورش متخصصة للمدرسين لتعزيز قدرتهم


 

 

دمج التعليم التفاعلي والتصميم التعليمي المخصص وسيلة فعّالة لتحقيق نتائج تعليمية متميزة لذوي الإعاقة السمعية

توظيف التقنيات الحديثة والكتابة الفورية في أثناء الشرح يعززان عملية التعليم، ويجعلانها أكثر شمولًا وفاعلية

الجامعة تتيح لذوي الإعاقة السمعية منظومة النجاح الطلابي، ومكتبة رقمية تحوي مواد تعليمية، وبرامج إرشاد نفسي، وخدمات الإرشاد الأكاديمي

أبرز تحديات تدريس هذه الفئة: المعوقات التواصلية، والتحديات الثقافية والمجتمعية، وإعداد البيئة التعليمية الملائمة، وطبيعة المحتوى التعليمي.

التكنولوجيا المساعدة وبرمجيات التواصل، وأدوات السمع، والتطبيقات الذكية ... أدوات ستُسهم في ثراء تجربة التعليم للطلبة ذوي الإعاقة وتقديم بيئة تعليمية أكثر تفاعلية وشمولية

 

شاركت في الإعداد: ثويبة السليمية 

 

ظهرت جهود جامعة نزوى في تدريس الطلبة ذوي الإعاقة السمعية واضحة جليّة في توفير مجموعة من الخدمات التي تُعينهم على الانخراط في سلك التعليم والتعلّم دون معوقات؛ وذلك لضمان حقهم في الدراسة جنباً إلى جنب مع أقرانهم، إذ أتاحت مترجمين للغة الإشارة داخل القاعات التدريسية وخارجها، بالإضافة إلى مختلف وسائل الدعم النفسي والعلمي، ومتابعة احتياجاتهم الخاصة أولا بأول، على غرار جملة من الخدمات الإرشادية الأكاديمية للعناية بتحصيلهم الأكاديمي طوال فترة دراستهم في الجامعة.

 

بين يدي "إشراقة" الأستاذ ماجد الكليب، محاضر في كلية التربية والدراسات الإنسانية بكلية العلوم والآداب، تقع اهتماماته البحثية في مجال برامج التربية الخاصة المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة، وكيفية تحسين مستوى الخدمات المقدمة لهم و تطويرها؛ سواء الخدمات الكشفية أم التشخصية أم العلاجية. وبحكم عمله مرشدا أكاديميا للطلبة الصم في جامعة نزوى منذ عام 2019م، ارتأت إشراقة أن تناقشه عصارة أعوام الخبرة التي يتمتع بها في العمل مع طلبة العلم من ذوي الإعاقة السمعية ... دونكم التفاصيل.

 

ما الأساليب التعليمية التي تعتقد أنها الأكثر فاعلية مع الطلبة ذوي الإعاقة السمعية؟

 

 

تتضمن الأساليب التعليمية الفعّالة للطلبة ذوي الإعاقة السمعية اعتماد وسائل متعددة تُلبي احتياجاتهم المختلفة. ويُعَدّ استخدام الوسائل البصرية جزءًا رئيسًا من العملية التعليمية، إذ تساعد العروض التقديمية والفيديوهات ولغة الإشارة على توضيح الأفكار بشكل أفضل وتعزيز استيعاب الطلبة. إلى جانب ذلك، يُعَدّ دمج التعليم التفاعلي، من طريق الأنشطة الجماعية والعمل التعاوني، وسيلة فعّالة لتحفيز الطلبة للمشاركة والتفاعل مع أقرانهم؛ مما يُثري تجربتهم التعليمية. علاوة على ذلك، فإن التصميم التعليمي المخصص، الذي يركز على احتياجات كل طالب بشكل فردي، يسهم بشكل كبير في تحقيق نتائج تعليمية متميزة، إذ يتم تكييف المحتوى والأساليب بما يتماشى مع قدراتهم وتحدياتهم الفردية. هذه الأساليب الشاملة تضمن بيئة تعليمية محفزة وداعمة لجميع الطلبة.

 

اذكر بعض استراتيجيات التواصل التي تنصح باستخدامها للتواصل والتفاعل مع هذه الفئة؟

 

تعد لغة الإشارة الوسيلة الأساسية للتواصل مع الطلبة ذوي الإعاقة السمعية، إذ تلعب دورًا محوريًا في تعزيز التفاعل والفهم. إلى جانب ذلك، يتم توظيف التقنيات الحديثة، مثل التطبيقات التي تساعد الطلبة في تحسين تجربتهم التعليمية وتلبية احتياجاتهم. كما يُعتمد التواصل البصري المستمر لضمان انتباه الطلبة ووضوح الشرح، مما يسهم في تعزيز مشاركتهم وفهمهم للمحتوى. بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم الكتابة الفورية في أثناء النقاش لشرح النقاط المهمة وتوضيح الأفكار بشكل مباشر؛ مما يعزز من عملية التعليم ويجعلها أكثر شمولًا وفاعلية.

 

ما الآليات المتبعة في الجامعة لتوفير بيئة أكثر دعمًا لهذه الفئة من الطلبة؟

 

كانت ولا تزال جامعة نزوى رائدة في تقديم الخدمات للطلبة ذوي الإعاقة، ومن ضمنهم الطلبة ذوي الإعاقة السمعية، إذ اتخذت الجامعة من المرسوم السلطاني رقم 63/2008 الخاص برعاية وتأهيل المعاقين، والمرسوم السلطاني رقم 121/2008 بشأن تصديق السلطنة على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وكذلك المرسوم السلطاني رقم 8/2021، اتخذت من هذه المراسيم السلطانية أساساً في تقديم الخدمات لأبنائنا الطلبة ذوي الإعاقة بشكل عام وذوي الإعاقة السمعية بشكل خاص.

 

تُقدِّم الجامعة مجموعة متنوعة من خدمات الدعم التي تهدف إلى تمكين الطلبة ذوي الإعاقة السمعية من تحقيق التميز الأكاديمي. وتشمل هذه الخدمات الأكاديمية التي تركز على تلبية احتياجات الطلبة التعليمية والإرشادية، التي توفر لهم التوجيه والمساعدة الشخصية والإدارية التي تسهل إجراءاتهم الجامعية والفنية، التي تُعنى بتقديم وسائل وأدوات تساعدهم في دراستهم. من بين هذه الخدمات البارزة توفير مترجمين للغة الإشارة داخل القاعات الدراسية لضمان التواصل الفعّال. علاوة على ذلك، تعمل الجامعة على تطوير البنية التحتية لتكون أكثر شمولية وملاءمة لهذه الفئة. كما تُنظّم ورش عمل متخصصة للمدرسين لتأهيلهم وتعزيز قدرتهم على التعامل مع احتياجات الطلبة ذوي الإعاقة السمعية بفاعلية واحترافية.

 

ما الموارد المتاحة للطلبة الذين يحتاجون إلى دعم إضافي؟

 

 

يأتي ذلك منهجيا عبر منظومة النجاح الطلابي التي يقدمها مركزا تعزيز مسالك التعلم ومهارات الكتابة، وغيرها من الخدمات الداعمة المتوفرة للطلبة السامعين وكذلك ذوي الإعاقة السمعية، بالإضافة إلى مكتبة رقمية تحوي مواد تعليمية. كما توفر برامج إرشاد نفسي لمساعدتهم في تجاوز التحديات النفسية الاجتماعية التي تواجههم. ناهيك عن خدمات الإرشاد الأكاديمي الخاصة بهم لمساعدتهم على السير بخطى ثابتة لتحقيق التقدم الأكاديمي. 

 

ما التحديات الرئيسة التي يمكن أن يواجهها المدرسون لهذه الفئة في أثناء عملية تدريسهم؟

 

يواجه مدرسو الطلبة ذوي الإعاقة السمعية تحديات عدة تؤثر على قدرتهم في توفير تعليم فعّال وشامل. أولاً: المعوقات التواصلية التي تمثل العقبة الرئيسة، إذ يصعب على المدرسين استخدام طرق تواصل تقليدية مع هؤلاء الطلبة؛ مما يستدعي تعلم لغة الإشارة أو استخدام تقنيات مساعدة مثل المترجمين الفوريين. ثانيًا: التحديات الثقافية والمجتمعية التي قد تشمل نظرة المجتمع إلى الإعاقة السمعية ووجود مواقف سلبية قد تؤثر على دافعية الطلبة وثقتهم بأنفسهم. أما إعداد البيئة التعليمية، فيحتاج إلى تخصيص وسائل تعليمية مناسبة، مثل استخدام تقنيات سمعية وبصرية مساعدة، لتوفير بيئة تعليمية ملائمة ومريحة للطلبة ذوي الإعاقة السمعية. إضافة إلى ذلك، يواجه المعلمون اختلاف مستويات القدرات بين الطلبة أنفسهم، مما يتطلب تعديل أساليب التدريس لتلبية احتياجات كل طالب. وأخيرًا: يتعين على المدرس التعامل مع طبيعة المحتوى التعليمي، إذ قد تحتاج بعض المواد إلى تبسيط أو إعادة صياغة لتكون أكثر توافقًا مع احتياجات الطلبة.

 

برأيك، كيف ترى مستقبل تعليم الطلبة ذوي الإعاقة السمعية في الجامعات؟

 

أرى أن المستقبل يحمل إمكانيات كبيرة في مجال التعليم الجامعي، خاصة مع تزايد الاهتمام بالتكنولوجيا المساعدة التي تُسهم بشكل كبير في تسهيل تجربة التعليم للطلبة ذوي الإعاقة. إن التكنولوجيا المساعدة أصبحت جزءًا أساسًا من العملية التعليمية، مثل البرمجيات التي تدعم التواصل، وأدوات السمع، والتطبيقات الذكية التي تسهم في تقديم بيئة تعليمية أكثر تفاعلية وشمولية. إلى جانب ذلك، يعزز الوعي المتزايد بأهمية التعليم الشامل من فرص التفاعل والمشاركة للطلبة ذوي الإعاقة؛ مما يعكس التزامًا بتوفير فرص متساوية للجميع. كما أن التوسع في برامج التدريب للمعلمين يُسهم في تعزيز مهاراتهم وقدرتهم على تكييف أساليب التدريس بما يتناسب مع احتياجات الطلبة المختلفة. ومع دمج الطلبة في الحياة الجامعية، فإن هذا يسهم في بناء بيئة تعليمية أكثر تنوعًا وشمولية، إذ يصبح الجميع جزءًا من نفس المجتمع الأكاديمي. ومع استمرار هذه التوجهات، ستتحول الجامعات إلى بيئة تعليمية متميزة تتمتع بالاحتواء والتكامل، بما يضمن تكافؤ الفرص وتقدم الجميع على حد سواء.

 

ما النصائح التي تقترحها للمدرسين الجدد ممن سيقومون بتدريس الطلبة ذوي الإعاقة السمعية؟

 

يتطلب تدريس الطلبة ذوي الإعاقة السمعية مهارات وأساليب تعليمية خاصة لضمان تفاعلهم وفهمهم. من أبرز هذه المهارات تعلم لغة الإشارة، فهي الأساس للتواصل الفعّال مع الطلبة. كما يُعتمد على استخدام الوسائل البصرية لتوضيح الأفكار والمفاهيم بطريقة يسهل استيعابها. كذلك التحلي بالصبر أمر بالغ الأهمية، إذ يحتاج التدريس لهذه الفئة إلى وقت كافٍ لفهم احتياجاتهم الفردية. بالإضافة إلى ذلك، يعد التفاعل مع الطلبة من العوامل الأساسية لتطوير أساليب تعليمية مبتكرة. وفي بعض الأحيان، يكون من الضروري طلب الدعم من المختصين وأولياء الأمور لتلبية احتياجات الطلبة. كما أنّ من المهم أيضًا تخصيص وقت خارج أوقات المحاضرة للإجابة عن استفسارات الطلبة، واستخدام أدوات وطرق تقييم خاصة لهذه الفئة لضمان تقييم فعّال لنتائجهم الأكاديمية.



إرسال تعليق عن هذه المقالة