تجربة طالب درجة مزدوجة
عزا الحبسية
تحدٍ عظيم على طالب العلم أن يوفّق بين شهادتين دراسيتين في وقت واحد من مؤسستين تعليميتين مختلفتين أو ببرامج مختلفة، كما أنه خيار مفيد لمن يرغب في الالتحاق بتخصصين مختلفين.
إنها تجربة بها نوع من الشجاعة والجرأة، وفرصة لتحقيق الشغف وتعزيز الثقة بالنفس والاعتماد على الذات، إذ تجعل الطالب أو الملتحق المستفيد الأول من اختيار مجالات تعكس اهتمامه وشغفه، فيعزز دافعه للتعلم، كما تجعله قادرا على التعرّض ومواجهة التحديات، وتنمّي عقليته، بل يدرك الطالب أخطاءه ونقاط الضعف والقوة، ويقل لديه معدّل الخوف والقلق من الفشل، وتكسبه ثقة كبيرة بنفسه، فبعض البرامج تتطلب أن يتحاور الطالب مع الجمهور في المعارض أو المؤتمرات أو المشاركات العامة؛ فتلزمه كسر حاجز الخوف، وتعززه بالشجاعة وحرية التعبير، كما تدفعه ليكون قادرا على اكتساب مهارات وخبرات ومعارف، كما أنها تعينه على تنمية قدراته الإبداعية، وتجعله قادرًا على الخوض في أي مجال.
ومن مميزات برامج الدرجة المزدوجة أنها تتيح للملحقين بها اكتساب مهارات وأدوات مختلفة ومفيدة في آن واحد، أبرزها:
-
إدارة الوقت وتنظيم المهام مهما تنوّعت وتعددت؛ نظرًا لعدد المتطلبات الأكاديمية لديه، والارتباطات التي تدفعه ليتعلم حسن إدارة وقته بفعّالة بعيدًا عن التراكمات والضغوطات.
-
اكتسابه مهارات متعددة، كالتحليل والنقد والتفكير الإبداعي؛ ليكون قادراً على تقديم أفضل الحلول للمشكلات المعقدة، وفهم القضايا المطروحة من زوايا مختلفة بطرق غير تقليدية بها نوع من المرونة و التشعب والتجديد؛ لذا تسهل عليه اتخاذ قرارات مدروسة.
ومما أفاده مايلر في هذا الجانب قوله: "الدرجة المزدوجة تفتح للطلبة آفاقاً أوسع من التفكير الإبداعي، وتعلمهم كيفية حل المشكلات بطرق مبتكرة؛ مما يجعلهم أكثر استعداداً لبيئات العمل المعقدة". (Miller, 2016, Journal of Creative Thinking)
ولا ريب أنّ طالب الدرجة المزدوجة يحظى بفرص عمل جيدة وجديدة ومتنوعة، كما أنها تفتح له آفاقًا واسعة من فرص التنافس في سوق العمل؛ كونه يمتلك -في نظر الكثيرين- خبرات وكفاءات في مجالات متنوعة؛ وذلك بفضل هذا البرنامج الذي أتاح له ليصبح ذا أهمية وإمكانية في تغيير مساره المهني بسهولة، فامتلاكه درجتين مختلفتين يسهّل له الانتقال من وظيفة إلى أخرى، أو الحصول على ترقيات وظيفية؛ بل يُمكن لخريجي الدرجات المزدوجة التكيّف مع أي متغير، وهذه الميزة تُعزز مساريه العلمي والمهني.
ومن زاوية أخرى، يمكن النظر إلى أنّ الدراسة في جامعتين مختلفتين تُتيح لمنسوبيها الحصول على صداقات محلية ودولية مختلفة، وتفتح مجالات واسعة للتواصل مع مجموعات متنوّعة من أساتذة الجامعات من تخصصات مختلفة، لتسهّل عليه تكوين شبكة علاقات اجتماعية جيدة؛ وذلك تيسير له في غمار حياته العملية التعلّمية؛ فأضحى من السهولة بمكان تعزيز مهاراته الاجتماعية من طريق التعاون مع الطلبة الآخرين، ومعرفة اهتماماتهم وأفكارهم؛ فالعمل في مشاريع مشتركة بين التخصصات المختلفة يعزز تواصله مع أقرانه، ويسهل بناء علاقات قوية داخل المجتمع؛ لأن بعض البرامج قد تتضمن تعلّم لغات جديدة أخرى، فتفتح له بابا يسيرا يُعينه على التواصل مع الآخرين؛ بل تتشكل لديه خلفية ثقافية جديدة من مختلف البيئات الاجتماعية، ويتكوّن معه فهم ثقافي واجتماعي وفكري.