لوغاريتمات الصحة النفسية وعلاقتها بمقاييس النزعة المركزية والتشتت
علي بن مبارك اليعربي
تعد الصحة النفسية عملية حسابية معقدة، إذ يستوجب على الباحث عنها تطبيق قانون لوغاريتمات السلوك على الأفراد والجماعات باعتماد أفعالهم الموجبة أساس تعامله؛ بحيث يكون أفضل من سلوك الآخر ولا يساوي واحدا. بذلك نؤكد طريق الوصول إلى السعادة ثم الصحة النفسية والتخلص من الضغط النفسي، الذي قد يسببه الآخرون عبر لوغاريتمات السلوك؛ وذلك بتقليل ردات الفعل وتقدير نتائجها، وإجراء مزيد من عمليات التبسيط لتستمر الحياة، ليس خوفا منهم ولكن حفاظا على صحة الفرد النفسية، وهذا ما يسمى رياضيا بالخصائص الجبرية تماما في السلوك الاجتماعي.
إنّ جبر الخواطر وحسن الظن يعدان من الخلق الإسلامي والتفكير الإيجابي، كما أنهما من فنون العلوم الإنسانية، ومن أسباب الرقي الاجتماعي، إذ إن التعريف العلمي للوغاريتمات يشير إلى أنها إجراء عكسي لعملية الأسس؛ فالأصل أن الإنسان اجتماعي بطبعه ولا يمكنه العيش بمفرده؛ بل كي يتعايش مع الآخرين يجب عليه ألا يأتي بعملية عكسية؛ أي لا يقابل الإساءة بالإساءة؛ لهذا أطلقت على هذا السلوك الإنساني عملية لوغاريتمية؛ بحيث يمثل اللوغاريتم عددا ما.
أمّا بالنسبة إلى الأساس، فهو القوى الدافعة لسلوك الإنسان وفطرته السوية، ودالة اللوغاريتم الطبيعي في السلوك الإنساني، كما أنه يعتمد على خاصية تحويل العثرات إلى أفعال حقيقية موجبة قطعا تطبيقا للنصوص القرآنية، وتجسيدا لما ورد في السنة النبوية الشريفة. أما مقاييس النزعة المركزية والتشتت فعلاقتها بالصحة النفسية علاقة طردية؛ أي كلما ارتفعت درجة ضبط النفس وتقدير الذات زادت شدة كبح النفس البشرية عن الانحراف، وتحديد درجة القيم الأخلاقية للأفراد من طريق مقاييس النزعة المركزية؛ مما يسمح بالتعبير عن ميل مؤشر الصحة النفسية، ومنع الاضطرابات النفسية، والبحث عن الكمية السوية للسلوك، والتجمع حول القيم الوسطية المركزية للسلوك الإنساني، وضبط السلوك عن الانحراف في التعامل مع الأفراد، والتعامل حسب متطلبات الموقف؛ وبذلك تُعدُّ مقاييس النزعة المركزية أداة حقيقة من وجهة نظري، خاصة إذا ما ضُبطت مع السلوك الإنساني السوي، إذ يمكن أن تُستخدم لقياس حالة الصحة النفسية للفرد وتقييمها.
وتهدف هذه المقاييس إلى تمكين الفرد من مواجهة الاضطرابات، وحلحلة المشاكل النفسية والتعامل بإيجابية، والتمركز حول الذات، وتعد حالة يحاصر فيها الإنسان ذاته، ويرقبها بعين الحكم أو حتى الجلاد، ويأتي ذلك بطرح أسئلة والإجابة عنها، أو تتبع سلسلة من المواقف والعبارات التي تتعلق بالمشاعر والتفكير والسلوك والتفاعلات الاجتماعية.
فيما يعد المنوال تكرارا للسلوك السوي وضبطه والسيطرة عليه، وتحديد المواقف التي تثير الانفعالات، ومعرفة محفزاتها والاستعداد للتعامل معها بشكل أفضل. ولا يمكن الاعتماد على قيمة المنوال رياضيا، إلاّ إذا كان عدد القيم كبيراً، فهو لا يمثل القيمة الوسطى في توزيع القيم. ولا يمكن الاعتماد عليه أيضا في التفاعلات الاجتماعية والسلوك البشري، كذلك ليس له قيمة ثابتة؛ كونه لا يؤثر على القيمة الوسطية للسلوك الانفعالي للأفراد.
وكما هو عليه الحال في الوسيط؛ حيث الاعتدال وقيمة ذلك في التعامل مع الآخرين، وأثره على السعادة والتقليل من مخاطر الاضطرابات العصبية والأزمات النفسية، كما أن الوسط يؤدي إلى مجموعة من القيم الإيجابية، بمعدل ما يقدمه الفرد لذاته والآخرين؛ بما يصل بالتعاملات الإنسانية إلى التكامل والتفاضل، ويسمى ذلك رياضيا "الدراسة الرياضية للتغير المستمر"، ويقابله اجتماعيا الحفاظ على العادات والتقاليد والقيم الدينية. وهذا يقدم لنا مقياسا ثالثا من مقاييس النزعة المركزية، وهو "المدى" الذي يوصل صاحبه إلى القدرة على معرفة الفرق بين القيمتين الأعلى والأدنى، وتمييزهما في مستوى تعامله، والحفاظ التام على صحة النفس وضبط مدى الانحراف المعياري في السلوك، إلى جانب ذلك، ضبط السلوك عن الانحراف في التعامل مع الآخرين حسب المواقف اليومية، كما أن لمقاييس التشتت دورًا مهمًا في فهم سلوكيات البشر وتحليلها في مجال التعاملات الاجتماعية وتباين القيم. ويعيننا جميع ذلك في فهم الآخرين، وتحليل سلوكهم السوي وغير السوي بصورة إيجابية دائما، والوصول إلى خصائصهم واتخاذ القرارات المناسبة لحماية صحتهم النفسية.