السنة 19 العدد 184
2024/12/01

الإنسان أعظم ثروات الوطن

 


 

 

في لحظات التخرج المشرقة ببهاء أرواحكم، تنبض الجامعة وقلوبُ الخريجين بهجة وحبوراً، فتعلو غيماً يسقي الأرض وينشر مباهج الخصب والحياة، وتزداد حبوراً وألقاً بحضوركم البهي.

 

ويسعدني نيابة عن صاحب السمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد الموقـّر، رئيس مجلس أمناء جامعة نزوى، أن أرحـّب بكم جميعا في هذا اللقاء البهيج، كما يشّرفني باسم الجامعة أن أرفع أسمى آيات الشكر لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظـّم -حفظه الله ورعاه- وهو يقود عُمان في نهضتها المتجددة إلى آفاق المجد واضطراد النماء والازدهار.

 

إن جامعة نزوى تتجلى منارة سامقة للعلم، مشرقة بالرشاد، تصوغ للوطن وقائده المفدى لحن الوفاء، مسهمة بدور فاعل ومؤثر في تحقيق تطلعات الوطن ورؤية عُمان 2040. وإسهامها الفاعل والمشهود في بناء الإنسان عصب الاقتصاد المعرفي، لتؤكد أنها على العهد ماضية، كلمة طيبة تبني العقول وتصوغ القلوب وتسمو بالأرواح رُشدا وهدى لتسهم في بناء الإنسان أعظم ثروات الوطن وأس تقدمه وعلوه ونجاحه.

 

إننا نعيش ما تبقى من عمر عصر الثورة الصناعية الرابعة التي لن يمتد بها العمر طويلا كسابقاتها، إذ إننا على أعتاب الثورة الصناعية الخامسة، ولعل ما يمّيز هذه الثورات المتلاحقة في حياة البشر، ليس تأثيرها المباشر على حياة كل منا فحسب، بل وطبيعة ذلك التأثير، الذي يمتد ليشمل كيف نقوم بالأعمال التي ألفنا عملها، وكيف نتلقى تلك الأعمال أو تنجز لنا. وهذا بطبيعة الحال يقودنا إلى المهارات والكفاءات التي يلزم كل منا اتقانها، سواء لأداء تلك المهام أم التعامل معها.

 

والأكثر جلاء أن تلك المهارات والكفاءات ليست جامدة؛ بل سريعة التغيّر والتجدّد، ويلزم المرء معها كفاءة عالية، وقدرة على اكتساب التعلـّم مدى الحياة، وإعادة التعلم والتأهيل المستمر ليتجاوب مع تلك الأبعاد، كما يلزم المجتمع قبول عقيدة التعلم مدى الحياة، وتسخير الموارد والجهود لتحقيقها.

 

إن بين الخريجين في هذه الدفعة عددا مُقدرا ممن التحقوا بدرجة جامعية ثانية أو عليا بعد درجتهم الجامعية الأولى، وهذا نموذج من إعادة التأهيل، ولعله أبسط النماذج في هذا الاتجاه، غير أنه سيكون أكثر تكراراً وممارسة في قادم الأعوام، وسيلامس بحاجته وقواه كل الناس في جميع المهن ومن حاملي الدرجات المختلفة الأكاديمية والمهنية والفنية وحتى ممن لا يحملون درجات.

 

غير أن الأجمل في ذلك أن إعادة التأهيل ستكون مُيسرة ومشاعة ومصادر بل "محيطات" التأهيل واسعة ومتعدّدة، ويمكن لكل منا أن يغوص فيها ويصطاد منها ما يحتاج إليه من مهارات وممّكنات على قدر ما أوتي من كفاءة التعلـّم الذاتي ومهارة حسن إدارة الموارد، وأهمها مورد الوقت الذي هو عمر كل منا ومهارة تقييم المصادر وتدقيق دقتها.

 

ولا يخفى بأن الناس بطبيعة الحال يتفاوتون في تلك الكفاءات والمهارات ومدى اكتسابهم لها؛ لذا سيحتاجون لبعضهم بعضا في اكتساب أو إعادة اكتساب أو تأهيل في تلك المهارات على وفق طيف قدراتهم، وسيتاح ذلك عبر قنوات ومؤسسات عديدة هي الأخرى سيعاد تشكيلها وتشكلها لتلائم معطيات الحاجة وطلبات المتأهلين. وفي هذا السياق فإن جامعة نزوى تتناغم بخططها وسياساتها مع تطلعات المستقبل والمجتمع معا.

 

إن أعلى وأثمن ما ينبغي لكم عدم فقده مما اكتسبتموه في دراستكم الجامعية هو شغف التعلـّم، والتعّلم الذاتي، والحرص على التعلم مدى الحياة... وهي لعمري مفاتيح تقدمكم ونجاحكم بإذن الله أيا كانت الثورات وأيا كانت المهن والمجالات. فاحرصوا عليها حرصكم على الحياة الكريمة ذاتها.

 

إنني إذ أزف التهاني العطرة للخريجين والخريجات وأسرهم لأدعو الله العلي القدير لهم بالتوفيق والسداد، وأعواما حافلة بالعطاء وخدمة الوطن والإنسانية جمعاء. كما لا يسعني إلا أن أسجـّل عظيم الشكر والامتنان لمعالي الدكتور هلال بن علي بن هلال السبتي الموقـر على تفضّـله برعاية هذا الحفل.

 

والشكر موصول لأصحاب المعالي والمكرمين والمكرمات وأصحاب السعادة وأصحاب الفضيلة والمشايخ الأجلاء وأولياء أمور الطلبة والطالبات والحضور الكريم على مشاركتهم لنا ولأبنائهم الخريجين والخريجات هذا الحدث البهيج. كما لا يفوتني أن أسجل عظيم الامتنان لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار الموقرة ولوزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم ووزارة العمل، وشرطة عمان السلطانية وسائر الأجهزة الأمنية وجميع المؤسسات الحكومية والخاصة ووسائل الإعلام، ولمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي في العالم الداعمة لنا، على تفاعلهم الإيجابي وتعاونهم المساند معنا في إنجاح مسيرة هذا الصرح التنموي المثمر بالخير.

 

والشكر كل الشكر للأساتذة الفضلاء، ولكل موظفي الجامعة على ما يبذلونه من تفان وعمل ملحمي دؤوب، ولطلبة الجامعة الذين يتفاعلون مع هذه البيئة الصانعة للإبداع والتفوق... ولجميع أبناء المجتمع على تواصلهم البنـّاء والمثمر مع جهود الجامعة وآفاق النماء.

 

فلهم جميعا خالص التقدير والثناء، متطلعين إلى مزيد من الجهد والتفاني خدمة لهذا الوطن العزيز وقائده المفدى مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – أدام الله عزه وحفظه ورعاه.

 

أ.د. أحمد بن خلفان الرواحي

          رئيس الــجــامــعــة

 

ألقاها في حفل تخريج الدفعة السابعة عشرة لحملة الدراسات العليا والتأهيل التربوي 




التاريخ: 4 جمادى الأولى 1446هـ           الموافق: 6 نوفمبر 2024م.

إرسال تعليق عن هذه المقالة