السنة 19 العدد 184
2024/12/01

ذاكرتها تنشط بأمل وألم، فتقول: "إعاقتي لم تمنعني من التميز"


 

إيمان بنت عيسى العبرية

"من رحم المعاناة يولد الأمل"... هكذا استهلت خريجة جامعة نزوى فايزة الشملية، رئيسة وحدة ذوي الاحتياجات الخاصة بالجامعة، حديثها عن حياتها قبل التخرج وفي أثنائه وبعده.

 

 

ولدت فايزة بإعاقة بصرية في إحدى القرى التابعة لولاية ضنك بمحافظة الظاهرة، درست بعدها في معهد عمر بن الخطاب في محافظة مسقط مدة ثماني سنوات مملوءة بالجد والاجتهاد، إذ تفوقت دراسيا في المعهد، تبعه المدرسة الابتدائية والإعدادية، حيث تم نقلها من الصف التاسع (ثالث إعدادي آنذاك) إلى الصف الثاني عشر (ثالث ثانوي)؛ لتلتحق بعدها بركب التفوق في جامعة نزوى.

 

تواصل فايزة حديثها عن دراستها في الجامعة وتقول: "التحقت بجامعة نزوى في تخصص اللغة العربية؛ لكني غيرت التخصص إلى ترجمة لغة إنجليزية بعد اجتيازي اختبار التوفل العالمي؛ وذلك بسبب ميولي اتجاه الترجمة واللغة الإنجليزية وتفوقي بها، بالإضافة إلى أنني أسست جماعة في الجامعة كان يطلق عليها آنذاك جماعة إبداع الكفيف؛ وتعنى بصقل مواهب المكفوفين ودعمهم".

 

أثر الكلمة في النفس

للدعم النفسي أثر كبير في حياة الطالب لما له من تبعات تؤثر عليه إيجابا كان أم سلبا؛ هكذا أشارت فايزة الشملية في حديثها عن الأساتذة الذين كان لهم النصيب في مد يد العون والمساعدة لها، إذ تقول: "لم ولن أنس الكلمات التي قالها لي الدكتور أحمد الرواحي وتشجيعه لي، إذ أشار إلى أنه سيقف معي وقفة داعم ووقفة تشجيع وتصفيق في مسيرتي التعليمية حتى أتخرج في أسوار الجامعة وبعدها، كذلك للأساتذة الآخرين نصيب نلته من تشجيعهم وحثهم لي لمواصلة الدراسة رغم أنف الإعاقة؛ أذكر منها:  الدكتور سيد بشير والدكتور إبراهيم رحمه الله، بالإضافة إلى الدكتورة فاطمة سلمان، جزاهم الله خير الجزاء".

 

أما عن مدى وقع الكلمات السلبية وتثبيط الهمة، فتذكر فايزة موقفا من المواقف الذي لا يزال عالقا بين طيات الذاكرة؛ إذ درست مع أحد الأساتذة الذين لم يكونوا يؤمنوا بقدرات الطالب المعاق، وكيف أنه باستطاعته الحصول على درجات عالية حاله كحال الطلبة الآخرين، فكان دائما يتهمها بالغش والحصول على مساعدات خارجية في الاختبارات وحل الواجبات وغيرها؛ فتقول بالحرف الواحد أنه كان يثبط من همتها بقوله: "كيف كفيفة وتحصل على درجات عالية؟"، تتابع وصفها أنها قررت في الأخير حذف المساق لترتاح من كلمات الأستاذ واتهاماته لها؛ لولا مساندة زميلاتها وإقناعها لها بعدم حذفه والمواصلة في دراسته.

 

مواقف خالدة

لم تخلُ حياة فايزة الجامعية من المواقف المضحكة والفكاهية حالها كحال الطلبة، فتذكر أنها في أحد الأيام الدراسية -وقد حان موعد الرجوع إلى المنزل- أنها استقلّت هي وزميلتها الكفيفة حافلة آخر غير الذي يذهب إلى مقر سكنها في ولاية إزكي؛ إذ لم تكن تعلم بتقسيمات المناطق والحافلات التابعة لها كونها مستجدة في السنوات الأولى من دراستها، تتابع حديثها فتقول: "شعرت بأن مسافة الطريق طويلة وغير التي اعتدنا عليها، حتى أنني سألت زميلتي فردت علي بالاستمتاع بالطريق وقد يكون مسار الطريق تغير، إلا إنه وبعد الانتهاء من إيصال جميع الطالبات بقيت أنا وزميلتي! فسألنا سائق الحافلة: من أي منطقة أنتما؟ حتى تبين للجميع أن هذه الحافلة تتبع منطقة أخرى غير التي نحن نسكن فيها، فأجابني بقوله: "لا إله إلا الله محمد رسول الله، ما هذه المصيبة التي وقعت على رأسي؟ أو نحو ذلك ..."

 

الحياة بعد التخرج

تسترجع معنا شريط ذكرياتها لتصف مشاعرها بعد التخرج بقولها: "كانت ممزوجة بدموع الفرح؛ لأني تخرجت ونلت الشهادة بعد سنوات من الصبر والكفاح؛ فمشاعر الحزن تتجسّد لأني فارقت الصرح العلمي الذي احتضنني في سنوات دراستي وتوديع زميلات الدراسة والأساتذة كذلك"، هكذا وصفت فايزة مشاعرها بعد تخرجها في جامعة نزوى، فتستطرد بقولها إنها ممنونة كل الامتنان وتحمد الله على أنها توظّفت في جامعة نزوى وتمكنها من تأسيس وحدة رعاية الطلاب ذوي الإعاقة بمساعدة إدارة الجامعة ودعمها.

 

لذا توجّه نصيحة من صميم قلبها للمقبلين على الحياة الجامعية؛ فتقول لهم: "الحياة الجامعية أرض خصبة تنتظر من يزرع فيها البذور المناسبة حتى تنمو المواهب والقدرات وتكبر لتصبح مرئية للعيان، ولا تخلُ الحياة الجامعية من تحديات وصعاب وكفاح؛ بل يلزم جعلها كالحجارة كي تتكؤون عليها لتصعدوا ركب الناجحين بالصبر والعزيمة والإصرار".

إرسال تعليق عن هذه المقالة