برنامج الإسناد ... بين الإفادة والفائدة
خطوة لتأهيل الطالب الجامعي لبيئة العمل مستقبلاً
استطلاع: ثريا الغافرية
لا يخفى علينا جميعا أهمية التدريب للطلبة وممارستهم لما يتعلمونه؛ سواء المتعلق بتخصصاتهم أم غير ذلك، فالتدريب وسيلة مهمة يكتسب منها الطالب المعرفة، وينمي مهاراته العلمية والاجتماعية، إذ إنه يختلط في بيئة العمل بعدد من الموظفين فيستفيد من خبراتهم ويفيد كذلك، فالتدريب فرصة ذهبية توجب على الفرد منا ألا يفرط فيها، ويشمّر للبحث عنها في المؤسسات المختلفة، فكيف إذا وجد الطالب هذه الفرصة في مؤسسته التي يدرس فيها!
إنّ الملتحق بالدراسة في جامعة نزوى يحظى بفرصة رائعة للاستفادة من خبراته ومهاراته المختلفة؛ فالجامعة صرح تعليمي وتدريبي يهيئ الفرصة لطلبته لأخذ تدريب مقرون بالدراسة، وهذا التدريب يعرف بالإسناد، ولهذا الإسناد عدد من المميزات، منها أنه يعمل على تخفيف عبء تكاليف الدراسة على الطالب، فمقابل كل ساعة يتدرب فيها الطالب ويعمل فيها تحسب له بمبلغ مادي، وتجمل عدد الساعات التي يعملها الطالب في الشهر الواحد ليحل بعدها على هذه مكافأة مادية بتخفيف شيءٍ من تكاليف دراسته.
والجامعة توفر هذه التجربة للطلبة المتخصصين في كافة التخصصات؛ إذ إنها لا تقتصر على تخصصات معينة دون غيرها، وهذا ما يتيح الفرصة للطلبة لتنمية مهاراتهم وصقلها وتطويرها، والاختلاط بالموظفين، ومعايشة ظروف بيئة العمل وهم على مقاعد الدراسة. هذا ما يؤهلهم لخوض مسار العمل مستقبلا. وفي هذا الاستطلاع، نعرض تجربة عدد من طلبة الإسناد ومديري الدوائر والمراكز في الجامعة مع برنامج الإسناد الطلابي.
تجارب مثرية ...
يعرفنا يحيى الدرويشي، طالب الهندسة البيئية ومتدرب يعمل مدرّسا لمقرر الهندسة البيئية في مسالك التعليم، إلى الإسهامات والمهارات التي قدّمها له برنامج التدريب، منها تعزيزه لمهارات التواصل والعمل الجماعي، كذلك مهارات حل المشكلات والتعامل معها، مثل: المسائل الرياضية المعقدة والبسيطة، ومهارة الانضباط في الوقت والمواعيد.
تضيف إلى ذلك الطالبة نسيبة الحارثية، طالبة تربية رياضيات ومتدربة كذلك في مركز مسالك لتعزيز التعلم، أن البرنامج عزز ثقتها بنفسها، وأكسبها الجرأة، إذ كسر حاجز الخوف لديها، كذلك اكتسبت مهارات التعامل مع الطلبة من طريق التعامل معهم عن قرب بشرح الدروس لهم.
بينما الطالبة رانيا الريامية، طالبة تخصص العلوم والرياضيات ومتدربة في صندوق معين، تقول إن برنامج التدريب أكسبها مهارة الدقة والتركيز عند إدخال المعلومات في الجهاز، كذلك سرعة إنجاز العمل وإتقانه بفرز الأوراق المختلفة وإدخالها في ملفاتها الخاصة بها، وتضيف أيضًا أن البرنامج قرّبها أكثر من واقع عمل الجامعة؛ إذ تعرفت على المساعدات الكبيرة التي تقدمها الجامعة لطلبتها.
أما عن أريام البادية، طالبة تخصص اللغة الإنجليزية والترجمة، تنقل لنا تجربتها قائلةً: "لقد التحقت ببرنامج الإسناد الفني بمركز مهارات الكتابة منذ أربعة أشهر، وقد كانت المشاركة في أحد برامج الجامعة هي دافعي الحقيقي للانتساب للبرنامج؛ وذلك لكسب خبرات ومهارات تعليمية وإبداعية جديدة"، وبجانبها الطالبة فاطمة المجينية، طالبة إدارة الأعمال، ملتحقة ببرنامج الإسناد الأكاديمي منذ 2023م، فتشيد بثراء التجربة بقولها: "لقد حظيت بتشجيع أحد أساتذة الجامعة ممّا شجعني على الانتساب للبرنامج، لتوظيف المعرفة التي أمتلكها، وإيصالها للطلبة الراغبين في الاستزادة والمعرفة العلمية".
وتقول موزة السنانية، طالبة تربية -مجال ثان- في سياق حديثها عن البرنامج: "إن الحرص على تطوير جوانب الشخصية بالاستفادة من جميع البرنامج التي تقدمها الجامعة، هو هدفٌ ثابت يجب أن يطمح إليه الطالب، فلا يقتصر تركيز الجامعة على الجانب الأكاديمي فحسب، بل لها اهتمامٌ بارز في الجوانب التنموية الأخرى من ضمنها برنامج الإسناد الطلابي".
وليوسف الزكواني، طالب تربية في اللغة العربية، تجربة في مجال التدريب في وحدة الرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة، يذكر يوسف أن برنامج التدريب أكسبه الخبرة والمعرفة في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، كذلك تحسين التواصل مع مختلف الأقسام المرتبطة بالوحدة ببرامج عدّة.
كذلك الطالب سعد العزري، طالب تربية في اللغة الإنجليزية ومتدرب كذلك في قسم ذوي الاحتياجات الخاصة، يؤكد أن التدريب عزز مهارة التواصل الاجتماعي مع من حوله، وحسّن قدرته على مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة في دراستهم.
كما أن لإبتسام، طالبة تخصص الهندسة المدنية، تجربة في الإسناد الإداري، إذ تتفق ابتسام مع غيرها في أن التدريب حسّن من مهاراتها في استخدام الحاسب الآلي، وأكسبها الخبرة في فهم نظام فرز الطلبات وغيره كثير.
ويجب القول إن ما يميز برنامج التدريب في الجامعة أنه لا يقتصر على طلبة البكالوريوس؛ وإنما لطلبة الماجستير كذلك الأحقية في الانضمام لهذا البرنامج، فالطالبة مارية الفهدية، طالبة ماجستير تخصص آداب اللغة الإنجليزية ومتدربة في صندوق معين في مجال إدخال البيانات، تؤكد أن التدريب أسهم في تطوير مهاراتها الاجتماعية وتحسين تواصلها الفعّال مع الآخرين، بالإضافة إلى تطوير مهارة استخدام الحاسوب في إدخال البيانات، ومعها الطالبة تذكار الجهورية، طالبة ماجستير في اللغة العربية وآدابها، فتؤكد أن ما دفعها للالتحاق بالبرنامج الرغبة الملحة في مساعدة الطلبة الذين يواجهون بعض الصعوبات في مسيرتهم الدراسية، بجانب تطوير شخصيتها للأفضل، وأثنت على ما قدمه لها البرنامج في الجانب العملي، بدءًا من تنمية حس المسؤولية وتنظيم الوقت والالتزام بالمواعيد وغيرها، وكل هذا من أساسيات الحياة اليومية؛ مما جعل منها شخصًا منتجًا، فضلًا عن الجانب العلمي، فقد أسهم تقديم الشروحات وتكرارها على تثبيتها في الذهن، وتنمية السعي إلى البحث وتوسعة التحصيل العلمي.
واستطلعنا آراء عددٍ من العاملين في دوائر جامعة نزوى ومراكزها، منهم سعود الصقري، مدير دائرة الإعلام والتسويق، الذي ينقل لنا تجربة الدائرة المميزة مع طلبة الإسناد الطلابي فيقول: "معظم طلبة الإسناد الذين نستقبلهم يقومون بأعمال رئيسة داخل الدائرة بمتابعة المشرفين، ما أثرى أعمال الدائرة، فكثير من الأخبار في موقع الجامعة والتصاميم هي من نتاجهم، وهذا يجعلنا ننظر إليهم جزءا لا يتجزأ من منظومة الدائرة، مع حرصنا على ضمان التزامهم في الحضور وفي العمل أيضا، لإكسابهم مهارات جيدة وسلوك منتظم".
ويتلقّانا سيف الرمضاني، مدير دائرة العلاقات العامة، مشيدًا بالتجارب التي خاضتها الدائرة مع طلبة الإسناد الطلابي قائلا: "لقد استطاع طلبة الإسناد الطلابي معنا أن يكونوا مثالًا يُحتذى به في عملهم؛ بابتكار أفكار تسهيلية لعمل الدائرة، منها فكرة متعلقة بتأشيرات الموظفين وتحويلها إلى عملية إلكترونية، التي فعّلتها إحدى طالبات الإسناد الطلابي".
ونجد أن مركز مسالك التعلّم يعوّل بشكل كبير على طلبة الإسناد الطلابي، وهو ما أكدته سالمة الناصريّة، إدارية بالمركز، عن الاعتماد الأول لطلبة الإسناد لا سيّما في الشقّ الأكاديمي، وكذلك الشقّ الإداري، البالغ عددهم تقريبًا 40 طالبًا، وهو عدد كبير يؤكد الاعتماد الكلّي على طلبة الإسناد في المركز.
بين المزايا والصعوبات...
من حديثنا مع عدد من طلبة الإسناد، تبين لنا أن جميعهم اتفقوا على أن تجربة التدريب عززت ثقتهم بنفسهم، وأكسبتهم مهارات وخبرات منوعة، كذلك عززت استمرارية التعلم، بالإضافة إلى أن البرنامج يقدم مساندة مادية لملتحقيه؛ تخفف عليهم نفقة الدراسة. وتذكر مارية أن: "البرنامج فعّال جدًا ومناسب للطالب الجامعي المقبل على الوظيفة، إذ إنه يحاكي بيئة العمل ويساعد الطالب على التأقلم معها".
وعن الصعوبات التي واجهوها في هذه التجربة، يذكر يحيى أن من أهمها ما واجهه في كيفية الموازنة بين الدراسة والعمل في الإسناد، وتقصيره أحيانا في دراسته بسبب عمله هذا. ويذكر يوسف أن أبرز تحدي واجهه يكمن في التواصل معه لطلب العمل في أوقات اشتغاله. كما ترى نسيبة أن التحدي الذي واجهها يكمن في الالتزام بالوقت والانضباط بالقوانين، أما رانيا فلم تواجه تحديات؛ وإنما لديها مقترح بتوسيع مخزن الأوراق والملفات بحكم تزايد عدد الطلبة.
وقد تحدّث الطلبة كذلك عن تجربتهم الشخصية في التدريب وانطباعهم عنه، إذ يذكر يحيى إنه أتمّ سنتين في برنامج التدريب، وأنه ينوي استكمال التدريب إلى حين تخرجه، إذ إنه وجدها تجربة ثرية بالمهارات المختلفة، وقد حظي بالاهتمام الكبير والمتابعة المستمرة من المسؤولين.
وأكدت نسيبة أن تجربتها مليئة بالنفع واكتساب المهارة والخبرة في التعليم، فقد أتمت فصلًا دراسيًا واحدًا في هذه التجربة وتنوي الاستمرار. وتعقّب رانيا على تجربتها بقولها: "أنا فخورة جدًا بهذا العمل الرائع؛ فهو إضافة رائعة لي في أعوام دراستي، وفي الفصل القادم سأكمل عامين في مسار هذا التدريب". نجد كذلك أن ابتسام أكملت عامين في هذا المسار وتنوي الاستمرار إلى آخر عام دراسي؛ لأنها استفادت من البرنامج في تطوير مهاراتها وتحسينها، وتجد التدريب متنفسًا من ضغط الدراسة.
وتضيفُ البادية مشيرةً إلى الإفادة التي حققتها في الجانب العلمي والعملي: "اكتسبت الكثير من مهارات التواصل الاجتماعية بالتحاقي ببرنامج الإسناد؛ وذلك بالتعامل مع مختلف الطلبة على تنوّع شخصياتهم وتوجهاتهم وأطباعهم، وكان للبرنامج دورٌ بارز في تعزيز مهارات العمل الجماعي وتقسيم الأدوار بين أعضاء الفريق، مع انضباط العضو بتأدية مهامه على الوجه الأمثل، وقد قمنا -الأعضاء- ببعض الأعمال المشتركة، كتصميم لوحات المركز والعمل كفريق في التدريس".
وانتقالاً إلى الطالبة فاطمة المجينية، التي أبانت عن رأيها قائلةً: "إن التحاقي ببرنامج الإسناد الأكاديمي أكسبني مهارة التحدث بطلاقة وجرأة أمام الآخرين، بجانب مقدرتي على إدارة وقتي ومعرفة أولوياتي، وتعزيز حب المبادرة ومساعدة الآخرين".
كما يشير يوسف إلى أنه ينوي أن يستمر في هذا المسار طوال أعوام دراسته؛ وذلك للفوائد الجمّة التي يكتسبها منه. أما سعد فقد أكمل عاما دراسيا في هذا المسار، وهو مستمتع بالتجربة وبالتعرف على زملاء جدد. وتضيف مارية إلى هذا بقولها: "مكثت عاما وفصلا في التدريب، فكانت مدة كافية للتعرف على برنامج الإسناد عن قرب وتجربته شخصيًا..." وتؤكد أن برنامج التدريب رائع جدًا وهو خطوة ممتازة لتأهيل الطالب الجامعي للعمل مستقبلاً.
وعند استطلاعنا لصعوبات البرنامج من مديري الدوائر والمراكز، أكّد جميعهم دون استثناء أن الصعوبة الكبرى هي الاستفادة الأمثل من خدمات طلبة الإسناد وإفادتهم؛ وذلك في ظلّ ارتباطهم الأكاديميّ، ففراغهم للعمل ساعة يعقبه أربع ساعات أو أكثر وهم مرتبطين بجداول مزحومة.
من مجمل الآراء الواردة نجد جميعهم، المنخرطين في برنامج الإسناد الذي تقدمه الجامعة فرصة تدريبية للطلبة، يوجهون نصيحتهم لغيرهم من طلبة الجامعة غير الملتحقين ببرنامج التدريب هذا، إذ يوجهونهم إلى خوض هذه التجربة ولو لفصل واحد، والعمل على استثمار الفرص التي تتيحها الجامعة في هذا المجال، فمثل هذه البرامج مكسب كبير للطلبة، ورافد لهم بتزويدهم بالمهارات والمعارف المختلفة التي لا يجدونها في المناهج الدراسية. ويقدم يحيى نصيحته للطلبة الذين هم في هذا المسار بأن يكونوا قدوة لغيرهم بإخلاصهم، والتزامهم بالوقت والضوابط المحددة لهم من قبل الجامعة.