السنة 19 العدد 183
2024/11/01

تسعى إلى إخراج جيل يرقى بالخط العربي وأعماله اليدوية وفنونه وجماليته

18 عاما من العطاء... مقصورة زخرف للخط العربي تكمل عقدها الثاني برؤى متجددة


 

 

علي مزيد مشرف مقصورة زخرف للخط العربي يتحدث إلى "إشراقة"

  • نستثمر خامات البيئة ونعيد تدويرها لخدمة المجتمع؛ لتكون تحفا فنية مزينة بأنواع الخطوط العربية

  • نعمل على إعادة تدوير الجلود الطبيعية والكتابة عليها بخطوط قديمة أثرية مبهرة والتسويق لها، وهو الحال بالنسبة للنحاس والألمنيوم والخشب والبلاستيك

  • يشتغل الطلبة معنا على تقنيات فنية مبتكرة، مثل: أعمال النجارة وتدوير الأخشاب والكتابة عليها، والدهانات والأصباغ للأرضيات والخلفيات

 

حوار: إشراقة وروان الذهلية

تسعى جامعة نزوى بجهود حثيثة إلى تحقيق رؤى طموحة، راميةً إلى تنمية مهارات طلبتها، وتأهيلهم لسوق العمل بأنشطة وبرامج متنوعة ينسجم فيها طابع التعلم مع الإبداع. وفي إطار هذه الجهود أطلقت الجامعة مشروعات عديدة تهدف إلى استثمار مواهب الطلبة؛ مما يجعلهم أكثر قدرة على الخروج لسوق العمل بمهارات ومؤهلات تنافسية.

 

ونظرا لكون الأعمال الفنية تمثل قنوات مهمة للتعبير عن الذات وتنمية المهارات العملية والفكرية، فقد تبنت الجامعة مشروع مقصورة زخرف للخط العربي الذي يبتعد عن كونه نشاطًا إضافيا إلى مؤسسة مصغرة حاضنة للإبداع، تمزج بين الفن والتراث العربي في مجال الخط العربي، وتجدد الفرص لتطوير الشباب وقيادتهم نحو نجاحات مثمرة.

 

وإيمانًا بأن الخط السبيل للحفاظ على اللغة وكيانها، وموروثا عربيا يجب الاهتمام به، تأتي الجامعة بخطوة جريئة ومبتكرة تهدف إلى تحويل الأفكار إلى فن خطي مميز، ثم إلى منتج تسويقي يُلبي الأغراض المختلفة، وهو ما أكده الأستاذ علي أحمد علي مزيد، مشرف مقصورة زخرف للخط العربي في حديثه مع "إشراقة"، موضحًا أن الاهتمام بالخط العربي وإبراز رونقه ليس وليد اليوم، فقد تنافس العرب منذ القدم على إظهار جمالية الخط العربي باستخدامه في لوحات معبرة عن جماله، فجعلوا من حروفه الصامتة حروفا تنطق بالجمال والروعة والإثارة، وكان لها الدور الأكبر في حفظ أساسيات الخط العربي ومدارسه. واستمرت هذه المدراس في تعليم طلبتها -منذ نعومة أظفارهم- أسس الخط العربي وقواعده بمدارسه المختلفة حتى ما بعد المرحلة الجامعية.

 

وعلى ذلك النهج سارت جامعة نزوى بدور ريادي في تعليم أبنائها أسس الخط وقواعده بإنشاء ورشة مستقلة تُعنى بالخط العربي؛ فشاعت هوية الحرف في إبداعات ولوحات جميلة تنفّذ داخل هذه الورشة بإشراف أستاذ متمرس في الخط العربي، وأخرجت كثيرا من اللوحات الخطية الرائعة التي تدل على مهارة تلك الأنامل المبدعة.

 

يبرهن هذا النموذج على أهمية دعم الأفكار الإبداعية، كما يشجع الوسط الأكاديمي على وضع أهداف مستدامة تخدم الطلبة، مع العمل على تحقيقها في ظل عالم سريع التطور. ولا يتوقف الأمر عند تعلم المهارات فقط؛ بل يسهم في تعزيز روح الابتكار وتخليد التراث، ويشجع الطلبة على التسويق لمنتجاتهم بأنفسهم، وهذا يتجاوز تنمية المهارات والقدرات إلى تطوير الجوانب الشخصية المتمثلة في الثقة بالنفس والمسؤولية والإدارة الواعية للوقت والأعمال والتخطيط الجيد، مُحققا بذلك أهداف الجامعة المنشودة.

 

 

 

 

 

وهذا نص الحوار: 

 

في البداية نود منكم تسليط الضوء على الأهداف والرؤى التي قامت عليها مقصورة زخرف للخط العربي؟

نُشير أولًا إلى أن مقصورة زخرف للخط العربي ورشة خُصصت لتعليم طلبة الجامعة الخط العربي بمدارسه المختلفة، يُمارس فيها الطلبة فن الخط، مع إبراز جمالياته المختلفة، وإنتاج لوحات خطية وإرشادية مميزة. وتتمثل رؤية المقصورة في إخراج جيل مبدع وموهوب، يفيد المجتمع، ويرقى بالخط العربي نحو آفاق رحبة. ونسعى إلى الأخذ بأيدي طلبة الجامعة والمجتمع الخارجي، وتدريبهم وتنمية مواهبهم في الخط بتعليمهم فنون الخط العربي وجماليته.

 

وتطمح المقصورة إلى تحقيق استفادة شاملة للمجتمع داخل الجامعة وخارجها، إذ نهدف إلى اكتشاف المواهب الطلابية وتنميتها ورعايتها، إضافةً إلى تنمية الذوق الفني والحس الجمالي لدى الطلبة، وتزويدهم بأسس الخط العربي وقواعده وأنماطه؛ إبرازًا لجمال الخطوط العربية. كما نسعى إلى إخراج لوحات خطية ذات قيمة جمالية قابلة للتسويق، ويُستخدم ريعها في مساعدة طلبة الجامعة. وعلى صعيد الأهداف الوجدانية نسعى إلى غرس قيم احترام وتقدير العمل اليدوي، والاعتماد على النفس، وبث روح التعاون.

 

بالتأكيد هناك العديد من المشاريع التي تستهدفها المقصورة، ما طبيعة ونوعية تلك المشاريع التي تركزون على تنفيذها، وعلى أي أساس يتم اختيارها؟

تتعدد مجالات المقصورة لتشمل: تدريب الطلبة على كتابة اللوحات وإخراجها، وعمل لوحات تعبيرية وإرشادية متنوعة، ولوحات جدارية. إضافة إلى تقديم المحاضرات والورش التدريبية، والمشاركة في المعارض. 

 

وفي تفصيل ذلك، تعمل المقصورة على تدريس مساق الخط العربي لكل من طلبة التربية الفنية واللغة العربية، كما تُقيم دورات تدريبية لكافة أفراد المجتمع، والجهات الحكومية والقطاع الخاص، وأيضا للطلبة الموهوبين من طلبة الجامعة. أما من جهة أخرى فإن مقصورة زخرف للخط العربي تقوم بإنتاج الإطارات و"الفريمات" بأشكال وأنواع وأحجام مختلفة، وإخراج اللوحات الخاصة بالهدايا لكل فعاليات الجامعة التي تقام بها أو الهدايا لزوار الجامعة من داخل السلطنة وخارجها. كما تخدم الحرم الجامعي بعمل اللوحات الإرشادية لكافة مباني الجامعة ومرافقها وأقسامها، وتُعنى بكتابة اللوحات الإرشادية للباصات والسيارات الخاصة بنقليات الجامعة، واللوحات الإرشادية الخاصة بالمختبرات. إضافةً إلى كتابة الشهادات الخاصة بالفعاليات، وشهادات التخرج لكل دفعة، والشعارات، وكتابة الوصف الخاص بالمعارض والفعاليات باللغتين العربية والإنجليزية، ناهيك عن التعاون مع جميع المجموعات والأنشطة الطلابية والفعاليات التي تقيمها كليات الجامعة ومراكزها ومعاهدها وأقسامها.

 

ولأننا نسعى إلى تنويع الأعمال والخروج بمنتج فريد ومميز، عملنا على استثمار خامات البيئة وإعادة تدويرها، وجعلها صالحة لخدمة المجتمع، ثم بيعها تحفا فنية مزينة بأنواع الخطوط العربية. كما نعمل على إعادة تدوير الجلود الطبيعية والكتابة عليها بخطوط قديمة أثرية مبهرة، ووضعها في إطارات، والتسويق لها في الفعاليات التي تقام في الجامعة، ومثله فعلنا مع الخامات الأخرى مثل: النحاس والألمنيوم والخشب والبلاستيك. 

 

وفي إطار التدريب، ننتهج سياسة رعاية واحتضان الموهوبين والشغوفين بالمجال، ونفتح أبوابنا للراغبين في خوض غمار هذا المجال، إذ ندربهم على أعمال النجارة وتدوير الأخشاب والكتابة عليها، إضافة إلى التدريب على الدهانات والأصباغ لعمل الأرضيات والخلفيات الخاصة بالكتابة، والطباعة وقص ولزق الملصقات الخاصة بالكتابة على اللوحات. كما ندرب الطلبة على تقنيات الخروج بلوحات فنية مبتكرة. 

 

 

 

 

وفيما يتعلق باختيار الأعمال وتنفيذها؛ فإننا نفتح أبوابنا للجميع؛ وذلك بطريقة واضحة للطلب وتقديم الخدمات، وقد جاءت هذه الخطوات نتاج عمل دؤوب منذ 18 عاما دون توقف: 

 

يتم مخاطبة مقصورة زخرف للخط العربي بالبريد الإلكتروني لطلب أي لوحة يُراد كتابتها أو تغييرها، عليه نقوم بالمعاينة ومعرفة مكان ومقاس ومواصفات اللوحة، ثم يُرسل النص المراد كتابته إلى المدقق اللغوي بدائرة الإعلام والتسويق، وكذلك قسم اللغات والترجمة بكلية العلوم والآداب لمراجعتها لغويا وترجمتها باللغتين العربية والإنجليزية، ثم تطبع اللوحة حسب المواصفات المطلوبة. وتستدعي المقصورة عضوا من أساتذة الفنون بكلية الفنون لمراجعة اللوحة من الناحية الفنية ومتابعة الإخراج الفني النهائي للوحة. ثم يُكمل العمل بالشراكة مع شركة ربيع المسرات لتركيب اللوحة في المكان المحدد، خاتمين ذلك بالتوقيع، وعمل فاتورة بسعر اللوحة على وفق الأسعار المعدة من قبل اللجنة المالية، واستلامها لتكون ضمن مبيعات مقصورة زخرف للخط العربي.

 

بعد أعوام من بدء عمل المقصورة وما حققته من نجاحات نوعية، وفي ظل توسع خدماتها، من هم المستفيدون من الخدمات التي تقدمها المقصورة بشكل مباشر أو غير مباشر، وما طبيعة تلك الاستفادة؟

تقدم المقصورة خدماتها لمختلف الأفراد داخل الحرم الجامعي وخارجه، ويشمل ذلك الطلبة وكليات الجامعة وأقسامها، إضافة إلى التعاون مع الجهات الحكومية والخاصة خارج الجامعة. وقد تلمسنا استفادة ملحوظة لدى جميع الفئات؛ إذ أسهمنا في إخراج جيل مبدع ومتمرس في تقنيات الكتابة بالخطوط العربية،  واستطاع الطلبة تنقيح كتاباتهم بالمقارنة بين كتابتهم قبل التدريب وبعده، إضافة إلى عملهم على تعديل الأخطاء، كما أصبح لديهم القدرة على الاستفادة من خامات البيئة مثل الأخشاب والأوراق وإعادة تصنيفها والاستفادة منها. 

 

واستفاد والمعلمون والمعلمات من الدورات التدريبة في تدريس الطلبة الخط العربي بالطريقة الصحيحة؛ مما أكسبهم طرقا واستراتيجيات تدريسية فاعلة. ولا ننسَ انتفاع الحرم الجامعي ككل بالأعمال التي تنتجها المقصورة.

 

كيف لمستم مدى التجاوب والتفاعل مع البرامج والمشاريع التي تطرحها مقصورة الخط العربي سواء من قِبل المجتمع الجامعي، أم المجتمع الخارجي ؟

وجدنا حقيقة تجاوبًا وتفاعلًا كبيرين مع البرامج والمشاريع التي تطرحها المقصورة من قبل المجتمع الجامعي أو الخارجي، وتشجيعًا مستمرًا لهذه الأعمال والخدمات، وشهدنا طلبًا واسعًا لتقديم مزيد من الأعمال والدورات.

 

 

 

 

التطوير والتحديث في المشاريع والرؤى والبرامج هي سنة الحياة خاصة في مثل هذا النوع من المشاريع، كيف تسعون في المقصورة إلى ترجمة هذا التوجه على أرض الواقع، ومواكبة حركة السوق والمجتمع وتطلعاتهما؟

 

تسعى مقصورة زخرف للخط العربي في الجامعة إلى تعزيز فن الخط العربي وتطويره، بمواكبة كل جديد، والعمل على المشاريع التي ترسخ حضورها في المجتمع مثل: تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية لتعليم الطلبة والمهتمين بالخط العربي وتطوير مهاراتهم بأساليب مبتكرة، وإقامة معارض وفعاليات فنية لعرض أعمال الطلبة والفنانين المحترفين في مجال الخط العربي، والعمل على إصدار كتب ومنشورات تعليمية عن تاريخ الخط العربي وتقنياته؛ لنشر المعرفة والوعي بالفن الجميل هذا، إضافة إلى المشاركة في مسابقات وفعاليات عالمية للخط العربي لرفع مستوى الجودة والإبداع في هذا المجال، وصولًا إلى تعزيز مكانة الخط العربي فنا تقليديا ومعاصرا يحافظ على جماليته وأصالته.

 

هل هناك من رؤية لدى الجامعة لتطوير المقصورة في المرحلة القادمة بما يتيح المجال أمام الجميع للاستفادة من الخدمات التي تقدمونها، وما طبيعة ذلك التوجه لتعزيز دور المقصورة في الجانب التعليمي والمجتمعي؟

 

نسعى للتوجه إلى توثيق العلاقة بالمجتمع الخارجي بالاحتكاك به، وتعريفه بدور المقصورة بزيارتهم لنا، إضافة إلى دعم النشر والتسويق للمقصورة من قبل المختصين، والعمل على الإعلان الدوري المنظم للدورات التدريبية وإعداد الجداول المناسبة، كما نتطلع لعرض المنتجات في الأسواق.

إرسال تعليق عن هذه المقالة