دون نيل المعالي بذل الليالي
كلمة العدد: محمد الإسماعيلي
في عصر تقنيات الإبداع والذكاء الاصطناعي، تشتغل الأجيال الناشئة على أدوات تطوير معارفها ومهاراتها؛ لتنبغ في حذق العلوم وتتطوّر، بل تستشرف الدول والمجتمعات آفاق المستقبل لتحوز مناكب الجوزاء؛ لذا تحث المؤسسات العلمية في المجتمعات الإسلامية طلبة العلم -في جميع التخصصات والعلوم- للسعي إلى المعالي؛ كي تواكب النظام الدولي العالمي في تقدّمه، الذي بات نطاقا تنافسيا ملحًّا يستدعي ضرورة الإنتاج في شتى مصالح الناس ومنافعهم.
ما يزيد على 1130 خريجا وخريجة ستحتفي بهم جامعة نزوى في السادس من نوفمبر 2024م، أولئك الذين انعقدت نيّاتهم بمقدمة الركب والمنازل العليا، إذ استوفت غاياتهم بتحمّل الصعاب والشدائد، فلم ينقطعوا عن الدرس والغرس، ولم يُحجِموا عن السؤال والتحصيل؛ لكن صدّقوا قول الشاعر: "لا يبلغ العلياء غير متيم ... ببلوغها، يعصي لها، ويطيع" ... وآمنوا بأثر الناثر: "المرء بكدّه، والفرس بشدّه، والسيف بحدّه"؛ فكانت هممهم تناطح النجوم اللآلئ في سماء المعالي، فدون نيل المعالي بذل الليالي.
لطالما أشادت جامعة نزوى بطليعة خريجيها المتميّزين من ذوي الغايات الشامخة، الذين ارتووا من نهر المجد، فبذلوا غوالي مهور العلا لينافسوا أقرانهم من الباحثين والمخترعين والمستكشفين من سائر البلاد العربية والعالمية؛ مما أتاح للجامعة الحفاظ على مركزها المتقدم في مؤشر تصنيف الجامعات العالمي QS. إن هذا الإنجاز يأتي نِتاج دعم الوطن ورؤيته، وجهود الجامعة الكبيرة في المجالين البحثي والأكاديمي في مواكبة متطلبات التعليم في عصر التقدم التقني والمعلوماتي الهائل، إذ تجسّد في: السمعة الأكاديمية، والبحث والاكتشافات، والمنشورات البحثية، والاستشهادات لكل ورقة.
ولا ريب أنّ خريجي الدفعة السابعة عشرة سيواصلون النضال نحو بلوغ فضائل العلوم ومكارمها، إذ لم تمنعهم عوائق الكسل والاتكال وضعف الهمة والإرادة عن غايتهم؛ بيد أنهم تفطنوا إلى أنّ إدراك الرفعة مطلب شاق لا يتحصّل بالخمول ووهن العزيمة والتواني؛ لذا فاستقبال الوطن كوكبة من الخريجين الجدد دعوة إلى مزيد من تعزيز ثقتهم بأدواتهم الفكرية وتعزيز مواهبهم المعرفية؛ ليكونوا رأس عُمان ومقدمه، فقد درسوا العلم وقيّدوه، واتخذوا التحليق إلى الفراقد سمة لكل مثابر نهّاض ... فحان وقتهم ليتحصّلوا على فرصة قيادة دفتي العلم والعمل في وطننا.