الاقتصاد الإبداعي: رافعة النهضة الاقتصادية الجديدة

السنة 19 العدد 182
2024/08/14

الاقتصاد الإبداعي: رافعة النهضة الاقتصادية الجديدة

 


 

روان بنت راشد الهنائية

 

إن القدرة على تحويل الإبداع إلى قيمة اقتصادية ملموسة تمثل التحدي الأكبر والأكثر إثارة في هذا العصر. إن الاقتصاد الإبداعي أو الاقتصاد البنفسجي فلسفة جديدة تعيد مفهوم القيمة في الاقتصاد الحديث. 

 

تُعرف الصناعات الإبداعية بحسب اليونسكو على أنها مجموعة من الأنشطة الاقتصادية معتمدةً على الإبداع الفردي أو الجماعي، وتشمل مجالات عدة، منها: الفنون البصرية والأدائية، التصميم، النشر، الوسائط الرقمية، والتراث الثقافي؛ مما ينتج عنه تثمين العائد الثقافي للسلع والخدمات، ويراعي ويركز على البعد الثقافي. ليس هذا فقط، بل يمتاز الاقتصاد الإبداعي بمرونته وقدرته على التكيف مع التغيرات السريعة في الأسواق العالمية، إذ يمكن للمشروعات الإبداعية أن تتنوع وتتطور بسرعة استجابة لمتطلبات السوق، مما يجعلها أكثر قدرة على المنافسة والاستدامة.

 

بناء جسور التنمية المستدامة

 

الاقتصاد الإبداعي يمثل جسراً بين التراث الثقافي والابتكار التكنولوجي، إذ يسهم في الحفاظ على الهوية الثقافية من جهة، وتعزيز النمو الاقتصادي من جهة أخرى. كما أنّ تطوير الصناعات الإبداعية يعزز التنوع الاقتصادي ويقلل الاعتماد على الموارد الطبيعية التقليدية؛ مما يسهم في تحقيق أهداف التنمية. ومن طريق هذا النهج الشامل، يمكن للاقتصاد الإبداعي أن يسهم في بناء مجتمعات أكثر استدامة وشمولية، إذ يتاح للجميع فرصة التعبير عن إبداعهم وإسهاماتهم في التنمية الاقتصادية. 

 

سلطنة عمان... نحو اقتصاد إبداعي مستدام

 

سلطنة عمان تتقدم في مسار تحول اقتصادي مثير، إذ تضع الابتكار والإبداع في صلب استراتيجياتها الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة، فتعزيز الثقافة والفنون والتراث، تسعى عمان إلى تفعيل القدرات الإبداعية لدى شبابها، وتحفيزهم على تطوير مشاريع وأفكار تعزز الاقتصاد المحلي وتعزز مكانتها كونها مركزا إقليميا للابتكار. كما بادرت السلطنة بإطلاق مبادرات عديدة تشجع على تطوير الصناعات الإبداعية؛ وذلك بدعم المبدعين والفنانين والمبتكرين في مختلف المجالات.

 

الجدير بالذكر أنه تم إطلاق خارطة الصناعات الثقافية والإبداعية بقيادة نهاد بنت علي الهادية، رئيسة فريق إعداد الخارطة وباحثة في القطاع الإبداعي، إذ تعد الخارطة أحد المناهج التي تم تطويرها للبدء في التطرق للصناعات الإبداعية التي كانت بريطانيا سباقة فيها، والتي ستشكل نقلة نوعية في قطاع الصناعات الإبداعية في السلطنة.  



التحديات.. وفرص مقنعة! 

 

رغم الإمكانيات الهائلة للاقتصاد الإبداعي، إلا أنه يواجه تحديات عدة، من بينها نقص التمويل، وعدم كفاية البنية التحتية، وغياب التشريعات الداعمة، إلا أن هذه التحديات تمثل أيضًا فرصًا للدول التي تستطيع تقديم الدعم اللازم لهذه الصناعات من طريق سياسات تشجيعية وتعليمية. علاوة على ذلك، يمكن للتعاون بين القطاعين العام والخاص أن يلعب دورًا محوريًا في تعزيز الاقتصاد الإبداعي، إذ يمكن للشراكات الاستراتيجية أن تسهم في توفير التمويل اللازم، وتطوير البنية التحتية، وإنشاء منصات لتبادل الأفكار والخبرات.

 

 أفق المستقبل..

 

الاقتصاد الإبداعي هو المستقبل، إذ يفتح آفاقًا واسعة للنمو والازدهار، كما أن دعم هذا النوع من الاقتصاد يتطلب تعاونًا بين الحكومة والقطاع الخاص والمؤسسات التعليمية؛ لتعزيز الابتكار وتوفير بيئة مواتية للإبداع. في النهاية، يمثل الاقتصاد البنفسجي وسيلة لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة؛ مما يجعله أحد أهم محركات النمو الاقتصادي في العصر الحديث.

 

وبتبني هذا النوع من الاقتصاد، يمكننا، ليس فقط تحسين جودة الحياة وتحقيق الازدهار الاقتصادي، بل أيضًا المحافظة على تراثنا الثقافي والهوية الوطنية؛ مما يجعل من الاقتصاد الإبداعي استثمارًا في مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة.

إرسال تعليق عن هذه المقالة