السنة 19 العدد 181
2024/09/01

إشراقة تنقُل تجرِبة موهوبات من المقصورة الفنيّة...

مقصورة الريادة الفنيّة، تجربة ملهمة تدومُ ثمارها بعدَ التخرج!


 

الغابشيّة: أُسِرت من الإتقان والمجهود في صناعة الأعمال

الحراصية: أحترم إتقان حرف المقصورة مع الحفاظ على نظافة العمل

المقبالية: أشيدُ بحرص المقصورة على ربط الأعمال الفنيّة بالتراث العماني

البادية: للمقصورة فكرة تسويقية فعّالة تعلّم الفنّان قيمة الوقت والتجربة



استطلاع: سمية التوبية

 

تلعبُ مقصورة الريادة الفنيّة التابعة لصندوق مساندة المتعلمين "صندوق معين" دورًا محوريًّا في تمكين المواهب الطلابية ورعايتها، وتمثّل إسهامًا ثريّا في تحقيق رؤية جامعة نزوى وأهدافها، في كونها منارةً يستنير بها الطالب الموهوب، ويصقلُ فيها مهاراته الفنية، لتصبحَ وسيلةً للتعبير عن ثقافة المجتمع العمانيّ وهويّته، عبر فنونٍ متنوّعة تبرزُ على أيدي طلبة المقصورة.

 

"إشراقة" تستطلعُ آراء عددٍ من خريجات جامعة نزوى الموهوبات، الملتحقات بالمقصورة الفنيّة، لاستقصاء تجربتهن المميزة معها، ناقلين من في أصواتهن طبيعة البيئة المثمرة التي وفّرتها المقصورة، وإسهاماتها المميزة في دعم مواهبهن ومهاراتهن وتوجيهها.

 

بين شغف البداية، وعمق التجربة

 

وحينَ سؤالهنّ عن بداياتهنّ الأولى، وطبيعة مواهبهن التي استثمرنها في المقصورة، أجابت رفق الغابشيّة، خريجة بكالوريوس علوم حاسب آلي قائلة: "ابتدأت رحلتي في عالم الأعمال الفنية والحرفية صدفةً، وذلك بعد أن تمّ اختياري لأكون إحدى المشاركات في المقصورة الفنيّة بعد تسجيلي في صندوق معين، فتوجهت إليها وأجريت اختبارا عمليا بسيطا، ومنذ الوهلة الأولى أُسِرت من الإتقان والمجهود المبذول في صناعة بعض الأعمال الموجودة في المقصورة".

 

 

 

وعبّرت تهاني الحراصية، خريجة بكالوريوس تجارة دولية ومالية، عن تجربتها في المقصورة بكونها نقلة نوعية فريدة أخذت بشغفها في الفنون التشكيلية والرسم عامةَ، والفنون الحرفية والتصميم خاصةً، إلى بعدٍ آخر، ففتحت لها آفاقا بعيدة، وتحديات مثيرة، وفنونا جديدة كتعلّمها لفن الأركِت على الخشب، فاستطاعت المقصورة أن توفّر لهنّ بيئة مناسبة لممارسة الأنشطة الحرفية والفنية والأدوات والمستلزمات حتى الحديثة منها.

 

 

وتعيدنا وردة العلوية، خريجة بكالوريوس الهندسة الكيميائية والبتروكيميائية، إلى عهد طفولتها فتقول: "كانت لديّ موهبة الرسم والإبداع منذ الصغر، فكبرت ونما فيني الشغف لممارسة موهبتي، لا سيّما بعد قدومي إلى عُمان ومصادفتي للكثير من الناس المهتمين بالفن والإبداع؛ مما أجّج إرادتي وحفّزها، ويمكنكم القول إنني قد خُلقتُ فنانة؛ لهذا شعرتُ بالانتماء إلى المقصورة الفنيّة، وما شدّني إليها توفيرها للكثير من الأدوات التي تسهّل عليّ مزاولة الفن، وكنتُ أحترم حرص أستاذة المقصورة على إتقان الحرف مع الحفاظ على نظافة العمل ومكانه، فضلاً عمّا كسبته من قدرة على إدارة الوقت رغم مروره سريعًا وأنا أعمل، ومن الفرص السعيدة التي منحتني إياها المقصورة ممارستي لفن الحرق على الخشب، والطرق على الألمنيوم، وصنع الفخاريات وتلوينها وغيره".

 

  

 

وتصفُ مريم المقبالية، خريجة بكالوريوس في التمريض، المقصورة الفنيّة بكونها المأوى الذي وجدت فيه متنفسًا من الضغوطات الدراسيّة، ومعزلًا عن المحيط الخارجي، فتشتغل بالأعمال الفنية والحرفية المتنوّعة، مثل التفريغ والتلوين على السيراميك، وقص الخشب، وتشير إلى المهارات العديدة والمعرفة الغزيرة التي كسبتها من المقصورة، وغيّرت نظرتها للفن، لتوقن أن العمل الفني لا يتطلب تكاليفا وخامات كثيرة، بل يمكن استغلال خامات الطبيعة البسيطة، وصنع أعمال متنوعة وجميلة بإضافة لمسات فنية مستوحاة من التراث أو الطبيعة أو حتى خيال الفنان.

 

 

وتتلّقانا زينب الباديّة، طالبة تربية في اللغة العربية، وموهوبة في الرسم والتلوين، لتنقل تجربتها أيضًا في المقصورة فتقول: "لقد كان للمقصورة فضلٌ كبيرٌ في صقل مهاراتي وقدراتي، فأعانتني على صناعة المشغولات الحرفية باستخدام خامات البيئة، والتفنّن في إعادة تدويرها وتشكيلها وتصميمها".

 

 

إلهامُ متجدد... وتراثٌ متجسّد

 

وبعد أن خضنا غمارَ تجارب الموهوبات واسترجعنا شيئًا من ذكرياتهن مع المقصورة، ألحّ سؤالٌ مهم عن مكمن الإلهام الفني الذي استلهمنّ منه، وانعكاسهِ في تجسيدِ التراث العمانيّ بأصالته، فأفصحت تهاني الحراصية عن دورِ المقصورة في خلقِ إلهامها الخاص قائلةً: "أسهمت المقصورة في خلق روح فنيّة جديدة داخلي، روحٌ طموحة تتوق للإبداع والتفرّد، وتولد معها أفكار استثنائية لها بصمة خاصة تصدحُ باسمي، وهي الروح ذاتها التي علمتني أن تراث بلادي عُمان جزء لا يتجزّأ من حاضري ومستقبلي، وهذا ما أشعرُ به عند النظر إلى لوحة أو عمل فنيّ يعبّر عن التراث، فينتابني إحساسٌ بروحٍ عتيقة تسكنُ ذلك العمل، وتحملُ في طيّاتها حكاياتٍ كثيرة".

 

أما عن رفق الغابشية، فتؤكد أن فهم جماليات العمل ذاته، يصنع إلهامًا لعمل آخر، فبهذا أصبحت المقصورة معقلًا للإلهام ولتجسيد التراث من في هذه الأعمال أيضًا، ممّا يعكسُ وعي الفرد بالهوية الوطنية، والفخر بالتراث والعمران العماني، فهذه الأعمال نظير ما تمثله استطاعت أن تكونَ مصدرًا رئيسًا للتعلّم والثقافة وتعزيزِ الانتماء الوطني.

 

 

 

وتشيرُ مريم المقبالية، إلى ضرورة إعمال الحدس الفنيّ، وتبادل الإلهام لإخراج العمل الفني بصورة فريدة وغير تقليدية فتقول: "كان العمل على بعض الخامات كالطين مضنيًا وشاقًا، بسبب تشققها أو عدم الاستفادة من حرارة الفرن وغيره؛ لذا كانت لنا زيارة إلى مصنع الفخار في بهلاء، لنستلهم ونستفيد من خبراتهم، فعرفنا أنواع الطين ودرجة الحرارة المناسبة له، والألوان المتسقة معه، حتى خرجت على أيدينا أعمال فنية تراثية بديعة في هذا المجال"، وتشيدُ أيضًا بحرص المقصورة على ربط الأعمال الفنيّة بالتراث العماني، من كثرة الطلب عليها هدايا تذكارية لكادر الجامعة، فالفنّ بالنسبة لها هو الجمال المتجسّد في كل معلمٍ وبقعة تراثيّة في عمان.

 

أدوات التسويقِ ودورها...

 

تشيرُ زينب الباديّة إلى أن المقصورة أتاحت المجال للتسويق، وبيع الأعمال والمشغولات الحرفيّة واليدوية داخل الجامعة وخارجها، وترجع العائدات الماديّة لطلبة المقصورة، وهذا ما يستلزم تسويقًا قويًّا أكدته المقبالية بقولها: "يحتلّ التسويق نسبة 80% من الأهمية بجانب الإنتاج، وذلك لأن الأعمال الجميلة ذات الجودة العالية ستظل في مكانها ما لم يسوّق لها بالشكل المطلوب، وهذا من التحديات التي واجهتها في بدايات المقصورة، ولكن تم معالجتها من قِبل الطالبات، عبرَ إنشاء حساب على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج للأعمال الفنية وبيعها، داخل الجامعة وخارجها".

 

 

 

وتضيفُ العلويّة تجربتها في التسويق فتقول: "من الأشياءِ الذكية في عرض المنتجات والأعمال الفنيّة، تسعيرها بناءً على عدد الساعات التي استُغرِقت لإخراج العمل بشكله النهائي، وهذه تعدّ فكرة تسويقية فعّالة تعلّم الفنّان قيمة الوقت، وتنقل تجربة فنه للمشتريّ".

 

وتفصح الحراصية عن استفادتها من الأدوات والأفكار التسويقية التي انتهجتها المقصورة في مشروعها الخاص بمجال الخشبيّات والأركِت، فضلًا عن تمكينها من فهم الذوق الفنّي العام المتنوّع في مجتمعنا، واتباع توجهاته.

 

 

 

وتوجّه الغابشية نصيحة تسويقية استفادت منها في أثناء عملها في المقصورة، هي: "إن حرص المقصورة الفنية على تنمية أدوات التسويق، واستثمارها لنوافذ البيع في تطوير أفكار وإبداعات أفراد المقصورة والعاملين فيها، نابعٌ من معرفتها لأهمية التسويق، فهو تعزيزٌ للفرد ومواهبهِ، ممّا يسهم في نجاحه المهنيّ".

 

شخصيّات لا تُنسى...

 

تتهيج المشاعر عندما تُذكر أسماء لشخصيات وقدوات أضافت الكثيرَ للمقصورة الفنيّة، واتفقت كل الموهوبات على اختيارِ أستاذة المقصورة منال المنشاوي لتكون القدوة التي لا تُنسى، والاسم الذي لا يخفى، على كلّ من التحق بالمقصورة، فتقولُ العلوية وهي تحكي لقاءها الأول مع الأستاذة منال: "عندما التحقت بالمقصورة وجدتُ شيئا من الصرامة من قِبل أستاذتي ممّا صدمني قليلًا، فلم أتوقّع أن يكون الأمرُ جديّا، ولكن سرعان ما كسبتُ ثقتها عندما بدأت أتقن أعمالي، وأنا محفوفة بتشجيعها ودعمها، فهي من الشخصيات التي يستحيل نسيانها، فأقدّم لها من هذا المنبر خالص شكري وعظيم امتناني، وللجامعة أيضًا على إتاحتهم الفرصَ الفنيّة لي".

 

 

وتقولُ الباديّة معبرةً عن امتنانها لهذه الشخصية التي قدّمت لها الكثير من الدعمِ والتشجيع: "من الشخصيات الرائعة التي ساعدتني على الإقبال على العمل في المقصورة بكل شغفٍ وحماس هي الأستاذة منال، فتعاملها الطيّب معنا هو الشيء اللطيف الذي جعلني حريصة على تنمية مهاراتي وقدراتي" وهذا ما أكدته الحراصية بعد أن وصفت الأستاذة منال بكونها الشخصيّة التي لا يمكن أن يوفّى شكرها، وأنها من الصدف التي لا تُكرر.

 

أما عن المقباليّة فهي تثني على الكمّ المعرفي الذي قدمته لهنّ الأستاذة منال، ومتابعتها المستمرة لعملهن الفنيّ فتقول: "لقد كانت معنا خطوة بخطوة في كل الأعمال، لكنها في الآن ذاته أعطتنا قدرًا من المساحة للاعتماد على أنفسنا، ولم أعدَّ يومًا المقصورة مكانُ عمل فحسب، بل هي البيت الدافئ الذي تسودهُ روح المحبّة والتعاون برفقة الأخت والأستاذة منال".

 

وتختمُ الغابشيّة حديثها شاكرةً أيضًا لأستاذتها العظيمة ولثقتها الكبيرة في أعمالها وأفكارها، وكذلك صديقتها فاطمة الفتحيّة التي عملت معها لفترة قصيرة في المقصورة، وشجعتها على إكمال مسارها الفنيّ، وفخرها بأبسط ما أقدمه.

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة