السنة 19 العدد 181
2024/09/01

العنف اللفظي في وسائل التواصل الاجتماعي: تحديات العصر الرقمي وآثاره على الصحة النفسية

 


 

ريهام الحضرمية

 

التحولات الرقمية و المشكلات المستحدثة 

 

في عالمنا الرقمي الذي نعيشه اليوم، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءا من علاقتنا الاجتماعية وساحات رئيسة للتفاعل الاجتماعي، إلا إنه مع انتشارها السريع استحدثت العديد من التحديات التي تثير قلقا كبيرا في العصر الرقمي، من أبرز مظاهر العنف اللفظي الشتائم والتهديدات والتحريض. ولا يقتصر تأثيره على الأفراد المستهدفين فحسب، بل يتعداه إلى سلامة المجتمع الرقمي الذي بدوره يعكس توترات اجتماعية وحتى سياسية.

 

الدوافع الخفية وراء العنف اللفظي في العالم الرقمي

 

يأتي العنف اللفظي في وسائل التواصل الاجتماعي في أشكال متعددة، فقد يظهر باستخدام الكلمات والعبارات التي تهدف إلى الإساءة أو التحقير أو الترهيب أو التهديد عبر منصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى الشائعات الضارة والتنمر اللفظي، ويلجأ الجاني عادة إلى ارتكاب هذه الجريمة الرقمية؛ كونها تتيح له فرصة التخفي، إذ يمكن للأفراد استخدام حسابات مجهولة لِإرسال رسائلهم المسيئة دون خوف من العواقب، بالإضافة إلى سرعة انتشار المعلومة والتفاعلات الجماعية مع العنف؛ مما يؤدي إلى تفاقم المشكلة وتعزيز الأنماط السلبية من السلوك اللفظي، وقد يكون العنف اللفظي مصحوبا بأسباب خاصة متعلقة بِالجاني؛ كغياب الدور الرقابي والتوعية، وقد يكون مدفوعا بالغيرة أو الانتقام من الضحية المستهدفة.

 

الآثار النفسية للعنف اللفظي على الضحايا

 

ينجو القليل من المعنفين لفظيا في برامج التواصل الاجتماعي من الآثار النفسية المترتبة على هذا العنف، إلا إنه - وفي كثير من الأحيان - قد يقع الكثير منهم في آثاره التي قد تكون حادة ومؤذية بشكل كبير، ومن هذه الآثار القلق والاكتئاب، إذ يمكن أن تؤدي التعليقات المسيئة والمتكررة إلى الشعور المستمر بالحزن والضيق، ومع تكرار التعليقات السلبية قد يفقد الضحية ثقته بنفسه نتيجة تآكل تقدير الذات لديه؛ مما يشعره بعدم الكفاءة، بل يقود إلى الانعزال الاجتماعي ردة فعل لتجنب الإساءات، أو العزوف والانسحاب من الأنشطة التي يفضلها، وتجنب استخدام منصات التواصل الاجتماعي، وفي الحالات القصوى قد يؤدي العنف اللفظي إلى تفاقم الأفكار الانتحارية ومحاولات الانتحار.

 

استراتيجيات مكافحة العنف اللفظي

 

تتطلب مكافحة العنف اللفظي في وسائل التواصل الاجتماعي جهودا متضافرة متمثلة في نشر التوعية والتثقيف، وتطوير الأدوات التقنية للكشف عن المحتوى المسيء وإزالته، وتشديد السياسات وسن قوانين تجرّم العنف الإلكتروني بمختلف أنواعه، وتقديم الدعم للضحايا، وتعزيز المسؤولية الاجتماعية، بالإضافة إلى تحفيز الأبحاث والدراسات لفهم ظاهرة العنف اللفظي بشكل أعمق، وتحليل البيانات المتاحة؛ مما يعين على تطوير استراتيجيات فعالة للحد منها، ويسهم في إنشاء بيئة رقمية أكثر أماناً.

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة