السنة 19 العدد 181
2024/09/01

حـــــيثُ البــــداياتُ أســــفـــارُ الحــــكايــــاتِ

ومضة في ماضي إشراقة الممتدّ عشرينَ عامًا...


 

أعدّه: سمية التوبية

 

صحيفة إشراقة تنتقلُ من ملحقٍ شهريّ في جريدة الوطن إلى موقع إلكتروني مستقل، لينبضَ بمواضيعَ تُعنى بها الجامعة، وتبثّ معالمها وأحداثها، حاملةً بذلك بصماتِ الطلبة وجهودهم، منذُ فجر بزوغها بعددها الأول عام 2004م بتوجيهٍ من رئيس الجامعة، إلى يومنا هذا.

 

إشراقة، صحيفة الفن والأدبِ والخبر، متى كان بصيصُ النورِ الأوّل لها؟ ومن أشعلَ جذوتها الأولى؟ 

 

أسئلةٌ لا بدّ أن تُطرح عندما يقفُ القارئ أمامَ صحيفة تحملُ الكثير من اسمها، فتشرقُ بحروفها، وتنيرُ بأفكارِها، وتضيءُ بروّادها، ولنجدَ الإجابةَ عن هذه الأسئلة، نقفُ مع نماذج من الأعداد الأولى لإشراقة حسبَ المتوفّر منها، ونحاورُ شخصياتٍ عاشت معها زمنًا طويلًا، وراقبتها وهي تكبرُ خريفًا بعد خريف، بل سقتها واعتنت بها حتى أينعت ثمارها. الجديرُ بالذكر أنّ إشراقة قد مرّت بالكثير من التغيّرات على مدار عشرين عام منذ 2004 وحتى عام 2024م، وطالت هذه التطورات جوانب عدّة من إشراقة، أبرزها: المادتان العلمية والأدبية، والشخصياتِ، والأخبار، والفئات المستهدفة، وبإمكاننا أن نعزو ذلك إلى تنوّع الأقلام التي تستقبلها، مع وجود جوانب ظلّت ثابتة ركنا أساسا يمثّل الهويّة التي لا غنى عنها. ودراسةُ هذه التغيّرات والتطورّات يمنحنا صورة واضحة المعالم عن المسار التطورّي لإشراقة.

 

في عام 2005م، بتاريخ 18 سبتمبر، أُصدِر العدد الرابع من إشراقة، الذي انصبّ تركيزه على الجوانب الأكاديمية لطلبة الجامعة، لا سيّما وأنه نُشر في بداية العام الأكاديمي 2005- 2006م، المتزامِن مع استقبال الدفعة الثانية، فعلى الواجهة يصدح الترحيب بالطلبة الجدد مع كلمة رئيس الجامعة، وتضمّن العدد الرابع نصائح تنموية تعين الطلبة على انطلاقتهم الدراسية، مع إعلان جدول البرنامج التعريفي للدفعة الثانية، وهذا يشير إلى الدور المحوري الذي لعبته إشراقة آنذاك في كونها المصدر الرئيس للمعلومات والأخبار التي تهمّ الطلبة والأساتذة، لا سيّما الأكاديمية منها، وعلى نهاية الملحق صفحة بعنوان "عدسة إشراقة" تُرفق فيها أبرز الصور المتعلقّة بالأخبار والإنجازات؛ ممّا يؤكد التفات الصحيفة إلى الجانب البصري وتنوعه وتعزيز أهميّته، واستمرّ هذا التركيز على الجوانب الأكاديمية في العدد 13، الذي نُشر بتاريخ 23 سبتمبر 2006م، مع التوسّع في ذكر الإنجازات والتخصصات العلمية والبرامج الأكاديميّة لجامعة نزوى، فضلًا عن إرفاق صفحةٍ كاملة لمقالات باللغة الإنجليزية، وهي خطوةٌ ابتدأتها إشراقة على ما يبدو مع عددها التاسع، وتبرزُ التوجّه الثقافي الجديد للصحيفة في استقطاب شريحة أكبر من القرّاء باللغة الإنجليزية، لكنّها لم تصل إلى الكتابة الصحفية آنذاك.

 

وفي العدد 17، المنشور بتاريخ 1 أبريل 2007م، ظلّ التركيز على الإنجازات والتطلعات الجديدة مهيمنًا على إشراقة، لا سيّما وأنه عامٌ حافل بالمشاركات والتطوّرات، كمشاركة الجامعة في معرض أبو ظبي (أديوتيك 2007)، ومشاركتها في التدشين الأكاديمي لنظام ويندوز فيستا وتطبيقات أوفيس 2007، وغيرها من الإنجازات التي تبرز عناية الجامعة بالجانب التقني والتكنولوجي وربطه بالأساليب التعليمية، فضلًا عن بداية استقبالها للوفود الطلابية من اتحاد الطلبة الدولي، ودليلُ ذلك هو العنوان الذي يتصدّر واجهة إشراقة في عددها 22، المنشور بتاريخ 19 يناير 2008م : (نحو مجتمعٍ رقميّ)، فأقامت الجامعة، تحقيقًا لهذا الهدف، عددًا لا يحصى من الملتقيات والمشاركات والزيارات والعلاقات الداخلية والخارجيّة، وتمّ في هذا العام مناقشة أول مشروع تخرج لأوّل طالبة خريجة، لتخطو الجامعة خطوة جديدة في التركيز على الخريجين ومشاريعهم وتوجهاتهم في سوق العمل وتسلّط إشراقة بدورها الضوء على هذا الجانب، ولم تكن الصحيفة تصدحُ بأخبار الجامعة فحسب، بل كانت منذ مرحلة مبكرة تنقلُ صوت الطالبِ ومواضيعه، فنجدُ أنّ العدد 32، الصادر بتاريخ 3 يناير 2009م، يعجّ بأخبار الطلبة وإنجازاتهم وآرائهم مبرزين دور المجلس الطلابي المنتخب في الواجهة الأولى، ومُتبِعين ذلك بعدد من الندوات والحلقات النقاشية التي قام بها الطلبة أنفسهم.

 

 

 

ولا حرجَ من القول إن الأعداد الصادرة سنة 2010م ابتداء من العدد 44 وحتى العدد 55، وضعت بصمة واضحة لصحيفة إشراقة من حيثُ تنظيمها الموضوعي التفصيلي، ودقتها في صياغة العناوين الرئيسة، بجانبِ تكثيف المشاركات الطلابية في مختلف الفنون الكتابية، وتعززّ هذا الاهتمام بشكلٍ أكبر في أعداد سنة 2011م، متضمنةً توثيقًا للمؤتمرات الطلابية والمسابقات الثقافية كمسابقة فارس القصيد وغيرها، إضافةً إلى نشر برامج الأنشطة والجماعات الطلابية وجهودها، وإبراز جهود مركز التميّز الطلابي، أما عن الأعداد في عاميّ 2012 - 2013م، فقد اكتسبت عناوينها خصوصيةً أكبر، جعلتها أكثر ما ترتكز على الأحداث داخل المؤسسة من ندواتٍ ومحاضراتٍ وأبحاثٍ وبرامج، ولربما يُعزى ذلك إلى استكمال الجامعة لمراحل التأسيس الأولى، وما يستلزمه ذلك من انفتاحٍ على العلاقات خارج نطاق المؤسسة وتوطيد الشراكات مع مختلف المؤسسات المحليّة والدولية، ثمّ وصولها إلى مرحلة من الثبات المؤسسي الخاصّ؛ ممّا جعلها تركّز على توطين أساساتها المؤسسية الداخلية، وقد حققت الجامعة في نهاية عام 2013م إنجازًا كبيرًا في مجال البحث العلمي، بتوقيعها عددا من الاتفاقيات العلميّة مع الجامعات الأستراليّة؛ ممّا وجّه مادة إشراقة بأعدادها في 2014 – 2018م إلى إبراز إنجازات البحث العلمي تحقيقًا لرؤية عُمان 2020م بشتّى أصنافها، مع إعطاء الجوانب الموضوعية والثقافيّة الأخرى حقّها، واستمرّ هذا التوجّه حتى العدد الأخير من إشراقة. 

 

أكملت أعداد عام 2019م مسارَ التنوع الموضوعي لعناوين إشراقة وموضوعاتها، لا سيّما وقد أصبح لها قاعدة ثابتة ممثلةً في دائرة الإعلام والتسويق، مع اتساع الفئات التي تستعينُ بأقلامها من أعضاء الدائرة، وطلبة وأستاذة من داخل الجامعة وخارجها، وقد واكبت إشراقة حتى عام 2020م بعدديها 133 و134 أحداثَ الوطن وتفاعلت مع أخبارهِ وتغيّراته من وداعِ جلالة السلطان قابوس -طيّب الله ثراه- وتنصيب جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- سلطانًا لعمان، وما صحب ذلك من تغيّرات طالت المؤسسات التعليمية، محتفظةً بأساساتها في نقل أخبار الجامعة ومستجداتها، كل ذلك وهي لا تزال ملحقًا شهريا في جريدة الوطن.

 

العدد 135، المنشور بتاريخ 1 سبتمبر 2020م، هو أوّل عددٍ تطلقه إشراقة في موقعها الإلكتروني، معلنةً بذلك عن خصوصيةٍ أوسع، واستقلالية أكبر حظيت بها الصحيفة، واستطاعت إشراقة بهذا الموقع أنّ تحدث اتساعًا صحفيا ملحوظًا؛ سواء أكان ذلك في طبيعة الموضوعات المتناولة، والعناوين المطروحة، أم في استهدافها لعددٍ أكبر من القرّاء والمتابعين، فأسست أبوابًا ثابتة في كل عدد وهي: كلمة العدد، وشخصية العدد، وحوار العدد، واستطلاع، بجانب الأخبار والمقالات المتنوعة، ويمكننا أن نقول إن هويّة إشراقة قد ظهرت بشكلها الكامل مع إطلاق الموقع الإلكتروني.

 

وليست الأعدادُ وحدها من تخبرنا عن ماضي إشراقة، بل هناك شخصياتٌ عديدة عاشت مع إشراقة زمنًا يكفي لتنقل لنا تاريخها بتفاصيله...

 

سالمة الناصريّة، طالبة من الدفعة الأولى في جامعة نزوى، ورئيسة سابقة لجماعة الصحافة والإعلام في عام 2006م، تعودُ معنا إلى الماضي البعيد، وإلى النفحات الأولى لصحيفة إشراقة فتقول: "أذكرُ أنني انتسبت إلى جامعة نزوى عام 2004م، أي عام افتتاحها، لأنضمّ في ذلك العام مباشرةً لجماعة الصحافة والإعلام، الجماعة التي وجدتُ فيها ما يروي ظمأ شغفي المتوقدّ في الكتابة، وفي ذلك العام وجّه رئيس جامعة نزوى الأستاذ الدكتور أحمد بن خلفان الرواحي أمرًا بإنشاء صحيفة إشراقة، وقد كان لرئيس الجامعة السبق في تسميتها بهذا الاسم، وبعدها تولّت جماعة الصحافة والإعلام مهمةَ إعداد محتوى الصحيفة بكل ما فيه من تنوّع، بإشراف الأساتذة طبعًا، وقد كانت تشرف على الجماعة وأعمالها، الأستاذة عائشة السعيدية، فكنّا نتتبّعُ أخبار الجامعة وأحداثها من فعالياتٍ وأنشطةٍ وملتقياتٍ، فضلًا عن المواسم الثقافية التي نستقطبُ فيها مواهب ومهارات لمختلفِ طلبة الجامعة دون استثناء، فقد كان للطلبةِ يد واسعة في تحديد ملامح إشراقة الأولى ومعالمها".

 

ويتلّقانا مصطفى المعمري، أخصائي إعلام بدائرة الإعلام والتسويق بجامعة نزوى، لنقل تجرِبته قائلاً: "بدأت علاقتي بإشراقة منذ أن كنتُ كاتبًا صحفيًا في جريدة الوطن، فعندما وجّه رئيس الجامعة أمره بإنشاء صحيفة إشراقة، كنّا نعقد لقاءات مستمرة مع عددٍ من الزملاء في جامعة نزوى لوضع الرؤية والتصوّر العام للصحيفة، من أبوابٍ ومواضيعَ وعناوين، ونظير العلاقة الجيّدة التي كانت بين جريدة الوطن وجامعة نزوى، وامتلاكِ جريدة الوطن لأعلى عدد قرّاء ومتابعين، اُختيرت لتكونَ الناشر لصحيفة إشراقة، واستمرت هذه العلاقة الوثيقة لفترة طويلة حتى بدايات عام 2020م، ثمّ بدأ يعلو سلطان الصحافة الإلكترونية أمامَ الصحافة الورقية التي شهدت ركودًا آنذاك، فتوّجهت صحيفة إشراقة إلى إنشاء موقع إلكتروني مستقل، يحوي كل موضوعات الصحيفة المتنوّعة، وكانت هذه النقلة النوعيّة التي أسّست الدعامات الأساسية لصحيفة إشراقة بشكلها الحالي".

 

يبدو أنّ ماضي إشراقة ماضٍ أصيلٌ وثريّ، متأصّلٌ في ذاكرةِ كل ما كان له يدٌ في كتابته، وهو ماضٍ يقصرُ المقال عن الإحاطةِ به، لكنّ ومضةً خاطفةً حوله كافيةٌ لنقلِ البدايات منذ الفجر الأول عام 2004م وحتى النفحة الأخيرة من عدد إشراقة 180، بكلّ ما تحويهِ من نجاحاتٍ وتحدّياتٍ وتطوراتٍ، فالبداياتُ هي المكمنُ الحقيقيّ للانطلاقات الأعظم التي ستُروى لاحقا، وكما يقولُ الشاعر سعود الصقري: "حيثُ البداياتُ أسفارُ الحكايات"!

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة