السنة 19 العدد 180
2024/06/01

العوامل المؤثرة على احتمالية حدوث الفيضانات باستخدام تعلم الآلة

 


 

 

الباحثين: د. خليفة الكندي و زهرة العبرية

ترجمة: زهرة العبرية

مساعد باحث في كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج 



تشهد سلطنة عمان في السنوات الأخيرة زيادة في حالات الفيضانات والسيول العارمة الناجمة عن الهطول المطري بسبب التكونات المحلية والأخاديد والمنخفضات الجوية والحالات المدارية المتكونة في المسطحات المائية المطلة عليها، إذ تسهم العديد من العوامل في حدوث الفيضانات في سلطنة عمان، منها: تضاريس المنطقة المتنوعة بين السلاسل الجبلية والأودية الضيقة والصحاري والسهول، والاحترار المناخي، والتخطيط العمراني. وقد أثرت الفيضانات التي اجتاحت بعض المناطق في السلطنة على البنية التحتية والممتلكات والحياة اليومية للسكان؛ بتدمير الطرق والجسور والمنازل، وتسببت في وفاة عدد من الأشخاص، كما جرفت المزارع والمحاصيل الزراعية، مما تسبب في خسائر في قطاع الزراعة. كما تأثرت البنية التحتية للمدن بشكل كبير، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء والاتصالات في بعض المناطق. وذهب الأمر إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمساعدة المتضررين من الفيضانات، بما في ذلك توفير مراكز الإيواء لهم، وإطلاق حملات التبرع وإعادة بناء المنازل والبنية التحتية المدمرة.  

 

ومع تطور التقنيات وأجهز الرصد ونظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد والذكاء الاصطناعي، أصبحت الأبحاث عن الفيضانات مكثفة؛ لقدرتها على جمع كميات كبيرة من البيانات المكانية وتحليلها ومعالجتها، والتنبؤ بالكوارث الطبيعية. وفي هذا الصدد نشر كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج ورقة بحثية بعنوان: "دراسة دور عوامل التكييف الرئيسية في رسم خرائط الحساسية للفيضانات من خلال أساليب التعلم الآلي"، الباحث الرئيس فيها الدكتور خليفة الكندي وزهرة العبرية.

 

 

 

إنّ التعلم بالآلة أو التعلم الآلي (Machine Learning) فرع من فروع الذكاء الاصطناعي يركز على إنشاء نماذج وبرامج تعلم ذاتي بتطوير الخوارزميات واستخلاص البيانات، بدلاً من الاعتماد على قواعد برمجية صارمة. ويهدف التعلم بالآلة إلى تمكين الأنظمة الحاسوبية من استخلاص الأنماط والمعرفة من البيانات بشكل تلقائي، واستخدام هذه الأنماط لاتخاذ القرارات أو تحقيق المهام بكفاءة أفضل. كما أنّ التعلم بالآلة يلعب دورًا مهمًا في دراسة الفيضانات، إذ يمكن أن يساعد على التنبؤ بالفيضانات وإدارتها بشكل أفضل، وتجميع البيانات المتعلقة بها. فيما هدفت هذه الدراسة إلى التحقيق في تأثير متغيرات محددة في رسم الخرائط الاستعدادية للفيضانات وأهميتها في رسم الخرائط بدقة في المناطق المعرضة للفيضانات، وتم اختيار ولاية السويق بمحافظة شمال الباطنة لتكون منطقة الدراسة في هذا البحث. كذلك تضمنت الدراسة تقييماً لعواملَ رئيسة عدة مؤثرة على الفيضانات، هي: الانحناءات والانحدارات والارتفاعات الطوبوغرافية، ومؤشر قوة التيار المائي، ومؤشر الرطوبة الطوبوغرافي، ومؤشر الخشونة الطبوغرافية، ومؤشر الاختلاف الطبيعي للغطاء النباتي، وكذلك تم تقييم بعض العوامل المساعدة، هي: المسافة من مجاري الأودية، المسافة من الطرقات، كثافة التصريف، التركيب الجيولوجي، نوع التربة، والمعدل السنوي لهطول الأمطار والتضاريس. وأيضا تم استخدام ثلاثة نماذج متطورة من خوارزميات التعلم الآلي لتقييم كفاءة هذه العوامل في رسم خرائط المناطق المعرضة للفيضانات، هي:

  1. Extreme gradient boosting (XGB)

  2. Random forest (RF) 

  3. CatBoost (CB)

 

وقد تم استخدام ثلاثة مقاييس (مساحة المنطقة تحت المنحنى (AUC)، مقاييس القيمة التنبؤية الإيجابية (PPV) والقيمة التنبؤية السلبية (NPV)؛ لتقييم كفاءة وأداء هذه النماذج في نمذجة ورسم خرائط الفيضانات من طريق عمليتي التدريب والاختبار. بينما أظهرت نتائج الدراسة أن نموذج CB ونموذج XGB كانا الأفضل من بين النماذج الثلاثة في مرحلة تقييم الأداء، أما في توقع الفيضانات استنادًا إلى المتغيرات المدروسة فكان نموذج CB هو الأفضل.

 

إن تحديد المتغيرات  المسببة للفيضانات في منطقة الدراسة الأكثر أهمية، ويعد أمراً حاسمًا لرسم الخرائط والتنبؤ بدقة بالمناطق المعرضة للفيضانات. وقد كانت الثلاثة متغيرات الأكثر أهمية هي: الانحناء، الارتفاع، والمنحدر، وجميعها مرتبطة بالتضاريس في المنطقة، مشيرة إلى أن التضاريس تلعب دورًا حاسمًا في احتمالية حدوث الفيضانات. أما بالنسبة لتحديد الفيضانات في منطقة الدراسة، فكان الانحناء العامل الأكثر أهمية عبر النماذج الثلاثة، بقيمة أهمية 100%؛ مما يؤكد على أهميته في رسم الخرائط بدقة للمناطق المعرضة للفيضانات. وعلى الرغم من أن الانحناء تم تحديده أهم متغير في رسم الخرائط الاستعدادية للفيضانات في منطقة الدراسة، فقد تم تحديد الارتفاع عاملا ذا أهمية كبيرة أيضًا، إذ يؤثر الارتفاع في توجيه وسرعة تدفق المياه، وهو عامل رئيس في رسم الخرائط الاستعدادية للفيضانات.

 

ويعد القرب من مجاري الأودية والهطول المطري أيضا من العوامل المسببة للفيضانات التي تتطلب إدارة متكاملة. كما أن إحدى أهم النتائج هي أن العديد من المناطق في الأجزاء الجنوبية والوسطى والشرقية والغربية من ولاية السويق تقع في مناطق ذات تصنيف عالية وعالية جداً لخطر الفيضانات، كما أن وسط ولاية السويق من ضمن الأماكن الأكثر عرضة لخطر الفيضانات لوقوعه بين الجبال والبحر.

وقد خرجت هذه الدراسة بالعديد من المقترحات والتوصيات للحد من خطر الفيضانات في ولاية السويق، منها: بناء البنية التحتية الوقائية، مثل مصدّات الفيضانات والسدود والحواجز، وتعزيز الحماية الساحلية، بالإضافة إلى تحسين أنظمة التصريف التي يمكن منها توجيه الجريان الزائد بشكل أفضل. كما أن إدارة استخدام الأراضي والتخطيط السليم والحلول البيئية الخضراء، مثل: الأرصفة المسامية وأسطح الأبنية الخضراء، ولأنظمة الإنذار المبكر والحملات التثقيفية العامة أيضًا دور مهم في مساعدة سكان ولاية السويق في التنبيه، والتوعية من خطر للفيضانات المحتملة، واتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية أنفسهم وممتلكاتهم، كما أن استمرارية الأبحاث تدعم الجهات والمؤسسات المعنية ومتخذي القرار.



رابط الورقة البحثية:C:\Users\z.alabri\Downloads\qrcode_110777667_9b1f1ff6c788549f71b00ae5ccec1d07.jpg

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة