البحث العلمي بين الكم والكيف، أي الطرق اختارت جامعة زيورخ؟؟
أ.د. ربيع رمضان
قسم نظم المعلومات، كلية الاقتصاد والإدارة ونظم المعلومات بجامعة نزوى
إنّ العلم هو أساس الحياة، ولقد حثنا القرآن الكريم على العلم والتعلم، وتعد الجامعات المصدر الأول للعلوم في عصرنا الحالي، وفي قلب هذه الجامعات يكمن البحث العلمي والدراسات الحديثة في شتى العلوم وهما أساس التطور. يبقى السؤال الذي يُسأل لكل الباحثين على مستوى العالم، وخاصة عندما يتقدم للتدريس بجامعة أو العمل بوصفه باحثًا في مركز من مراكز الأبحاث، ما إنتاجك العلمي؟ ولكن من النادر أن يُسأل ما تأثير أبحاثك في تطوير العلوم؟
أصبح تقييم الجامعات مهمًا، فَالطلبة يختارون الجامعة التي يدرسون بها بناءً على تصنيفها محليًا وعالميًا، وكما هو معلوم يتم تقييم الجامعات من قبل هيئة "تصنيف الجامعات العالمية الدولي" (THE)، ويشغل البحث العلمي جزءًا كبيرًا منها، ولكن هل هذه المعايير كافية للتقييم أم أن بها شيئا من عدم الدقة؟ فبعض الجامعات بدأت تشكك في هذه المعايير ومنها جامعة زيورخ.
تُعد جامعة زيورخ من الجامعات العريقة بسويسرا، ويكفى معرفة أن ألبرت أينشتين تخرَّج في هذه الجامعة، كما أن الجامعة أنتجت 4 أبحاث استحقوا جائزة نوبل، وكذلك عملت الجامعة على دعم العلوم المفتوحة والبحث العلمي عالي الجودة، كما وقّعت على اتفاقية إصلاح تقييم البحوث، التي ترعاها ساينس يوروب وجمعية الجامعات الأوروبية ومجموعات أخرى، وبالرغم من ذلك ففي آخر تصنيف لعام 2024 نُشر في سبتمبر 2023 تم تصنيف الجامعة على أنها الـــــ 80 على مستوى العالم؛ ولهذا قرّرت الجامعة انسحابها من تصنيف الجامعات العالمية الدولي.
وذكرت الجامعة أن "التصنيف لا يستطيع أن يعكس النطاق الواسع للأنشطة في التعليم والبحث العلمي التي تقوم بها الجامعات". المشكلة التي ركَّزت عليها الجامعة هي أن "الجودة" لا يتم قياسها في المؤشرات العالمية للتصنيف، بل "الكم"؛ حتى لو قامت جامعة بأربعة أبحاث على مستوى الحصول على جائزة نوبل؛ أحدثت تغييرات ثورية في: الطب، الذكاء الاصطناعي، الفضاء، وأشباه الموصلات، وصُنِّفت في مرتبة أدنى من جامعة أخرى قامت بـ 100 بحث عن أشياء لا تفيد العلم بشيء، وأضافت الجامعة أن نتيجة السعي وراء التصنيفات الدولية؛ أدى إلى أن الجامعات في العالم، بما في ذلك الرائدة منها، أن تُركِّز على إنتاج مزيد من الأبحاث. بل تُركِّز التصنيفات على الكم على حساب الجودة العلمية، أضافت الجامعة أن التصنيفات توحي أيضًا بأنها تقيس بشكلٍ شاملٍ إنجازات الجامعة المتنوعة في البحث والتعليم؛ ولكنها لا تفعل؛ لذلك لن تُقدِّم جامعة زيورخ بيانات إلى التصنيف بعد الآن.
زيورخ ليست الجامعة الأولى التي تُقاطع تصنيفات THE؛ فقد قاطعتها معاهد التكنولوجيا الهندية النخبوية في بومباي، مدارس، دلهي، روركي، كانبور، وخارا جبور منذ عام 2020، مستشهدة بنقص الشفافية. كما كانت هناك تقارير في عام 2022 تشير إلى أن جامعات: رنمين في الصين، نانجينغ، وجامعة لانتشو، انسحبوا من "جميع التصنيفات الدولية للجامعات". وأخيرا في عام 2023، أعلنت جامعة أوترخت أيضًا عن انسحابها.
ويبقى القوس مفتوحًا …