السنة 19 العدد 179
2024/05/01

طحالب المياه العذبة

الفوائد والاستخدامات

 


 

د. سعيد بن شنّان الخلاسي 

أستاذ مساعد

كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج 

 

تعرف الطحالب بالاسم العلمي: Chlorophyta الخيضورات ويختص علم الطحالب El Geology بدراسة مجموعة من الكائنات الحية ذاتية التغذية وهي الطحالب Algae كما يسمى هذا العلم Phycology إذ إن Phykos كلمة إغريقية (يونانية) معناها الأعشاب البحرية أو الحشائش  Logy, Seaweeds معناها العلم.

 

 وقد أطلق الرومان عليها قديما بمصطلح Fucus وكانت الطحالب تستخدم في تحضير مواد التجميل آنذاك.كما ذكرت الطحالب في الكتابات الصينية القديمة وقد أطلقوا عليها بمصطلح Tsao أما جزر هاواي فقد استخدمت الطحالب كغذاء وأطلقوا عليها مصطلح Limu، وتعد الطحالب من الكائنات الهامة في البيئات المائية، إذ تعمل على استهلاك ثاني أكسيد الكربون، وتقوم بإطلاق الأكسجين من الناحية الأخرى. تقوم الطحالب بتنقية الماء من المواد الملوثة، وتعمل على إزالة بعض العناصر الغذائية الموجودة فيها وتمثل الطحالب القاعدة الأساسية للسلسلة الغذائية المائية، إذ تعد مصدر الطاقة الأول(1).

 

تصنيف الطحالب:

 

أحيانًا تُصنف الطحالب ضمن النباتات، وأحيانًا أخرى ضمن "الطلائعيات" (وهو تصنيف عام مختلط للكائنات الحية بعيدة الصلة التي تم الإجماع على أنها لا تندرج تحت الحيوانات أو النباتات أو الفطريات أو البكتريا أو العتائق  Archaean). وبناءً على دراسات الفيلو جيني لِلعلاقات التطورية، تعد بعض الطحالب (الطحالب الحمراء وغالبية الطحالب الخضراء) قريبة الصلة بالفعل من النباتات الأرضية، أما باقي الأنواع الأخرى فهي ترتبط بمجموعات معينة من الطلائعيات. لذلك تتنوع الطحالب بشكل متسع، وهي جينيًّا مجموعة متنوعة من الكائنات الحية التي تنتمي إلى العديد من الروابط التطورية المختلفة. ويعكس هذا التنوع التباين الضخم بين الطحالب من ناحية التَّشَكُّل، والبنية الفوقية، والبيئة الايكولوجية، والخصائص البيوكيميائية والفسيولوجية (2).

 

تعيش الطحالب الخضراء في المياه العذبة الموجودة في الغابات ويعيش عدد قليل من أنواعها في المحيطات، وتمتلك هذه الطحالب جدار خلوي مكون من مادة السليلوز، كما تمتلك بعض أنواعها سوطًا واحدًا بينما تمتلك أنواع أخرى سوطين. تحتوي الطحالب الخضراء على البلاستيدات الخضراء التي تُساعدها على تمثيل عملية البناء الضوئي، وتنتج أبواغًا مستطيلة لا يُمكنها التحرك، بحيث تنتقل بمساعدة التيارات المائية من أجل التكاثر.

 

فوائد الطحالب: 

 

تحتوي الطحالب على نسبٍ مُرتفعة من العناصر الغذائية الأساسية والضرورية للإنسان، ولعلَّ أبرز هذه العناصر عنصر الكالسيوم، الذي تُقدّر نسبته بقرابة مائة وسبعين مليغراماً لكل مئة غرام تقريباً، ومن هنا فإن كمية الكالسيوم التي توجد في الطحالب تتجاوز تلك الكمية الموجودة في العديد من أنواع الأغذية الأخرى. وإلى جانب الكالسيوم تحتوي الطحالب على نسبٍ مرتفعة من كلٍّ من: فيتامين ب12، وعنصر الماغنسيوم، وحمض الفوليك، والحديد، والبروتينات.

 

تسد النقص الحاصل لدى بعض الأشخاص في اليود، كما أنّها تساعد في علاج حالة التضخّم التي قد تُصيب الغدة الدرقية. تُساعد الطّحالب الخضراء على تأخير ظهور آثار الشيخوخة لدى الإنسان، كما أنّها تُعد مادة غذائية جيدة لصحة القلب؛ ذلك لأنّها تساعد على انخفاض معدلات كلٍّ من: الحموض الأمينية الضارة، والكولسترول، وضغط الدم، مما يساعد الجسم، والقلب تحديداً على التمتع بصحة جيدة. تحتوي على كميات جيدة من المواد المضادة للأكسدة، ومن هنا فهي مهمّة جداً، وتساعد على حماية الإنسان وتقليل فرصة إصابته بالسرطان، بالإضافة إلى تقديم الدعم الكافي لجهاز الإنسان المناعي، ممّا يُساعد على مكافحة الخلايا الخبيثة، كما تُساعد الطحالب أيضاً على حماية الجسم من الالتهابات التي تتسبّب بالعديد من الأمراض المزمنة وتطوّر من قدرة الإنسان على الرؤية، كما أنها تساعد على تعزيز الذاكرة. وقد يكون لها دور في تقليل كتلة الجسم لمن اعتاد تناولها.

 

 

تكاثر طحالب الأفلاج في أحواض تجميع المياه (اللجل)

 

غذاء للإنسان 

 

تستعمل الطحالب غذاء للإنسان في بعض مناطق العالم خاصة في جنوب شرقي آسيا وسواحل المحيط الهادي. ومعظم هذه الطحالب بحرية المعيشة تعود إلى أكثر من 70 نوعاً تعود إلى صفوف الطحالب الخضر والبنية والحمر والخضر المزرقة. وتتميز هذه الأنواع بأنها غنية بالبروتين. لذا سارعت عدد من الدول في بناء منظومات خاصة لتربية هذه الطحالب وتنميتها، مثل: ألمانيا واليابان وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والهند، ومن هذه الأنواع تلك التي تعود إلى الأجناس  Chlorella, Scenedesmus, Coelastrum Spirulina التي هي من الطحالب الخضر و من الطحالب الخضر المزرقة (2).

 

تحتوي على البروتين بحدود %35% من الوزن الجاف و 45% كربوهيدرات فضلا عن الأملاح كالصوديوم والكلور والبوتاسيوم والمغنيسيوم والكالسيوم والحديد والمنغنيز والزنك واليود والنحاس والموليدنيوم فضلا عن الفيتامينات.

غذاء للحيوانات

 

تحتوي بعض الطحالب على نسبة عالية من البروتينات والدهون فقد وجد بأن الأبقار التي تتغذى على الأعشاب البحرية تعطي حليبا ذا محتوى دهني عال، كما أن الدجاج ينتج بيضا غنيا بمادة اليود. كما استخدمت الطحالب كذلك غذاء لعدد من الحيوانات الأخرى كالأرانب والثعالب والدببة القطبية . 

 

 استدامة التوازن الغازي 

 

إن للطحالب أهمية بيئية كبيرة في إدامة التوازن الغازي بين الأوكسجين وثنائي أوكسيد الكربون بين الجو والمياه، علما أن حوالي 90% من مجموع عملية البناء الضوئي Photosynthesis في الطبيعة تتم في الطحالب البحرية خاصة الهائمات النباتية منها. وكما هو معروف فإن هذه العملية يتم فيها استهلاك ثنائي أوكسيد الكربون وإطلاق غاز الأوكسجين 

 

التنقية الذاتية 

 

تقوم الطحالب بعملية التنقية الذاتية في بعض المسطحات المائية من طريق عملية البناء الضوئي وما تطلقه من غاز الأوكسجين في تلك المسطحات مما يدعم كمية الأوكسجين المذاب فيها(3).

 

استخدامات الطحالب:

 

لقد وجد إبداع الإنسان استعمالات كثيرة للطحالب، فهي تزود الإنسان والمواشي بالطعام وتستعمل عوامل مثخنة للآيس كريم والشامبو، وتستعمل أدوية ضد عدد من الأمراض. وتعد أكثر من 150 نوعا من الطحالب من المواد الغذائية المهمة، ويتم استعمال بليوني دولار من الأعشاب البحرية سنويا من قبل الإنسان وخصوصا في اليابان والصين وكوريا. وتعد الطحالب الحمراء البورفيريا المسماة نوري من أكثر المنتجات الغذائية شعبية، فبعد عملية الحصاد يتم تجفيف النوري وتضغط كونها شرائط وتستعمل في الحساء والصاص والسوشي والتوابل. وتعد الطحالب مواد غذائية لمحتواها العالي على البروتين والمعادن والعناصر النادرة والفيتامينات، ويعود قلة مرض تضخم الغدة الدرقية في بعض الدول التي تستهلك كميات من الطحالب إلى محتواها العالي من اليود. فيما تستخدم المناطق الساحلية لأمريكا الشمالية وأوروبا الطحالب البحرية لإطعام حيوانات الحقول بمواد غذائية مكملة. ويتم تربية أجناس السيانوبكتريا العالية البروتين مثل السبابدولينا تجارياً في برك وتستعمل غذاء صحيا ومواد غذائية إضافية للأبقار(4).

 

كذلك يتم إضافة الطحالب البحرية إلى التربة سمادا ومحسنات؛ لمحتواها العالي من البوتاسيوم والعناصر النادرة الذي يحسن إنتاج القطعان. وتقوم بعض الأنواع من السيانوبكتريا بتحويل النيتروجين الجوي إلى أمونيا يمكن للنبات استعمالها كونها غذاء. ويقوم المزارعون في المناطق الاستوائية بتربية السيانوبكتيريا في حقول الأرز المغمورة لتقوم بتزويدها بالنتروجين مما يزيد الإنتاج 10 أضعاف.

 

وتعد الطحالب البحرية مصدراً مهماً لثلاث مستخلصات كيماوية مهمة جداً تستعمل كثيراً في الطعام والأدوية والأنسجة وصناعة مستحضرات التجميل.

 

وتنتج الطحالب البنية حامض الالجيزك الذي يستعمل في تثبيت المستحلبات والعوالق. وتوجد في الشربات الآيس كريم والأصباغ ويستخلص الآكار والكاراجينان (نوع من الطحالب البحري) من الطحالب الحمراء، وتستعمل في تحضير مواد هلامية مختلفة تستعمل في البحوث العلمية. ويستعمل هلام الآكار في تنمية البكتريا والفطريات والزروعات الخلوية. وكذلك يستعمل الآكار في صناعة الأغذية لتثبيت حشوات الحلوى وحفظ معلبات اللحوم و الأسماك ويستعمل الكاراجينان كمثخن ومثبت في المنتجات مثل البدنك و المشروبات و الشامبوات.

 

وقد استعملت الطحالب لقرون وخصوصاً في الدول الآسيوية، لقابليتها الكبيرة على شفاء ووقاية الإنسان من الأمراض مثل السعال والنقرس وحصاة كيس الصفراء وتضخم الغدة الدرقية وارتفاع ضغط الدم والإسهال. وقد لوحظ حديثاً في بحوث أجريت على الطحالب موادا ضد السرطان وخصوصاً السيانوبكتيريا. 

 

كذلك فعمل الطحالب مؤشرا للمشاكل البيئية في الأنظمة الحيوية المائية، وبالنظر إلى نموها السريع وحساسيتها للمتغيرات البيئية، فإنها تكون الأولى في التأثر بهذه التغيرات، فعلى سبيل المثال فإن توقف نمو مستعمرات الدايتوم في فلوريدا أعطى انطباعا قويا لوجود تغيرات فوسفورية في البيئة، وقد تقوم مستعمرات الطحالب باستهلاك الأوكسجين في الماء وتؤذي الأسماك والنباتات وتمنع وصول الضوء إلى الطحالب في المناطق العميقة وبذلك تمنع عملية التركيب الضوئي . 

 

 تستخلص من بعض الطحالب بعض العناصر المهمة، مثل اليود Iodine من الطحالب البنية والبرومين Bromine من الطحالب الحمر.

 

إنتاج عقاقير طبية

 

 لقد استخدمت بعض الأعشاب البحرية لإنتاج العقاقير الطبية مثل الطحلب الأحمر Digenia Simplex الذي يكثر في مصر عند ساحل أبو قير الذي يستخدم كطارد للديدان المعوية والمعالجة الأم الزائدة الدودية. ويستخدم الطحلب الأحمر Corallina officinalis لمعالجة آلام الزائدة الدودية أيضاً. كما يستخدم كل من ضد السعال وآلام الصدر والمعدة Stellata Gigartina و Chondrus crispus. كما أن لأنواع أخرى من الطحالب الحمر تستخدم Palmaria palmata و Porphyra spp. المعالجة مرض الاسقربوط، كما تستخدم أنواع من الجنس Sargium في علاج اضطرابات المثانة وأمراض الكلية كما هو الحال في الهند. ومن الطحالب الخضر تستخدم أنواع من الجنس Ulva المعالجة الحروق والنوع Acetabularia major لمعالجة آلام الرئتين والكلى(5).

 

 

 

 

الديزل الحيوي المنتج في طحالب الأفلاج في المختبر

 

استخدام زيوت الطحالب في إنتاج وقود الديزل الحيوي

 

وقود الديزل الحيوي أحد البدائل التي يمكن استخدامها بديلا لزيت الديزل، الذي يتم إنتاجه من الزيوت النباتية أو الحيوانية. أيضاً يمكن الحصول عليه من الطحالب الكبيرة النباتية (جراسيلاريا فيروكوزا) الذي لديه القدرة كمادة خام لصنع وقود الديزل الحيوي لأنه يحتوي على الدهون التي يمكن تحويلها إلى وقود(6). 

 

علماً أن كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج يدرس حالياً استخدام طحالب الأفلاج في إنتاج الديزل الحيوي باستخدام الإيثانول الحيوي المصنع من مخلفات التمور، ويشتغل على هذا البحث طلبة من تخصص البيوتكنولوجي في مشاريع تخرج لهم تحت إشراف د. سعيد الخلاسي ، أستاذ مساعد بالكرسي، وقد أظهرت النتائج الأولية للدراسة وجود نسبة من الدهون في طحالب الأفلاج يمكن استخدامها لإنتاج الديزل الحيوي والعمل جاري على استكمال بقية النتائج ونشرها عالمياً في أوراق علمية في مجلات علمية محكمة.

 

وفي الختام نستنتج أن الطحالب تلعب دورا مهما في التوازن البيئي، كما تعد أساسا لِغذاء الكائنات الحية على الحياة وبقائها.وتبين كثير من الدراسات أنه في المستقبل القريب سيكون للطحالب دور مهم في إنتاج بعض أنواع الوقود، وفي نفس الوقت سيكون لها دور رئيس في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. من أجل ذلك نوصي الجهات البحثية بإجراء المزيد من الدراسات في استخدام طحالب المياه العذبة والمالحة المحلية المتوفرة لاستكشاف كنوزها واستخدام فوائدها العديدة في مختلف المجالات الصناعية والطبية والبيئية.

 


 

المراجع 

1- السعدي ,حسين وسليمان,نضال (2006)علم الطحالب (Phycology): الطبعة العربية:دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع

2-يوسف ,وليد أ.د والحمود ,محمد أ.د(2004) تجارب علمية في الأحياء : الطبعة الأولى.عمان /الأردن:الأهلية للنشر والتوزيع

3-الحلو .جاسم أ.د (2002).موسوعة الأحياء.(الطبعة الأولى 810/4/2002)عمان -الأردن :دار أسامة للنشر والتوزيع

4-بوني .أ.د(أستاذ النبات ،جامعة جلاسجو).(1998).العوالق النباتية.(د.علي بن عبدالله الحميدان و د.ابراهيم بن عبدالواحد.مترجم)الرياض :النشر العلمي والمطابع.جامعة الملك سعود.صفحة 2

5-الشافعي, عبد الله, & ضحى. (2023). الفوائد التغذوية لبعض المنتجات الغذائية للأطفال الغنية بالطحالب الخضراء المزرقة (سبيرولينا). مجلة الاقتصاد المنزلي. جامعة المنوفية, 33(03), 1-15

6-Elgharbawy, A. A., Yehye, W. A., & Mohamad, A. B. (2021). Biodiesel Production: A Review on Feedstock, Catalyst, Monolithic and Membrane Reactors, and Performance Evaluation. Processes, 9(1), 134.

 

 



 

 

 

 



 

  1.  

إرسال تعليق عن هذه المقالة