السنة 19 العدد 178
2024/04/01

الإنسان عصب المعرفة

 


 

 

أ.د أحمد بن خلفان الرواحي

 

رئيس الجامعة          

 

 

إن جامعة نزوى تتجلى منارة سامقة للعلم، مشرقة بالرشاد، تصوغ للوطن وقائده المفدى لحن الوفاء، مسهمة بدور فاعل ومؤثر في تحقيق تطلعات الوطن ورؤية عمان 2040؛ لِإسهامها الفاعل والمشهود في بناء الإنسان عصب الاقتصاد المعرفي؛ لتؤكد أنها على العهد ماضية، كلمة طيبة تبنى العقول، وتصوغ القلوب وتسمو بالأرواح رشدا وهدى لتسهم في بناء الإنسان أعظم ثروات الوطن وأس تقدمه وعلوه ونجاحه.

 

إننا نعيش ما تبقى من عمر عصر الثورة الصناعية الرابعة التي لم يمتد بها العمر طويلا كسابقاتها، وعلى أعتاب الثورة الصناعية الخامسة، ولعل ما يميز هذه الثورات المتلاحقة في حياة البشر -ليس تأثيرها المباشر على حياة كل منا فحسب- بل طبيعة ذلك التأثير الذي يمتد ليشمل كيف نقوم بالأعمال التي ألفنا عملها، وكيف نتلقى تلك الأعمال أو تنجز لنا. وهذا بطبيعة الحال يقودنا إلى المهارات والكفاءات التي يلزم كل منا إتقانها نحن البشر؛ سواء لأداء تلك المهام أم التعامل معها.

 

والأكثر جلاء أن تلك المهارات والكفاءات ليست جامدة، بل سريعة التغيير والتجدد، ويلزم المرء معها كفاءة عالية في التعلـم مدى الحياة، وإعادة التعلم والتأهيل المستمر ليتجاوب مع تلك الأبعاد، كما يلزم المجتمع قبول عقيدة التعلم مدى الحياة، وتسخير الموارد والجهود لتحقيقها.

 

إن بين الخريجين في هذه الدفعة عدد مقدر ممن التحقوا بدرجة جامعية ثانية بعد درجتِهم الجامعية الأولى، وهذا نموذج من إعادة التأهيل، ولعله أبسط النماذج في هذا الاتجاه، غير أنه سيكون أكثر تكرارا وممارسة في قادم الأعوام، وسيُلامس بحاجته وقواه كل الناس في جميع المهن، ومن حاملي الدرجات المختلفة الأكاديمية والمهنية والفنية وحتى ممن لا يحملون درجات.

غير أن الأجمل في ذلك أن إعادة التأهيل ستكون ميسرة ومشاعة، ومصادر بل "محيطات" التأهيل واسعة ومتعددة، ويمكن لكل منا أن يغوص فيها ويصطاد منها ما يحتاج إليه من مهارات وممكنات على قدر ما الذاتي ومهارة حسن إدارة الموارد، وأهمها مورد أوتي من كفاءة التعلم الذاتي ومهارة حسن إدارة الموارد، وأهمها مورد الوقت الذي هو عمر كل منا، ومهارة تقييم المصادر وتدقيق دقتها.

 

ولا يخفى أن الناس -بطبيعة الحال- يتفاوتون في تلك الكفاءات والمهارات ومدى اكتسابهم لها؛ لذا سَيحتاجون لبعضهم بعضا في اكتساب أو إعادة اكتساب أو تأهيل في تلك المهارات وفق طيف قدراتهم، وسَيتاح ذلك عبر قنوات ومؤسسات عديدة هي الأخرى سيُعاد تشكيلها وتشكلها؛ لتلائم معطيات الحاجة وطلبات المتأهلين.

 

إن أغلى وأثمن ما ينبغي لكم عدم فقده مما اكتسبتموه في دراستكم الجامعية هو شغف التعلّم والتعلم الذاتي، والحرص على التعلم مدى الحياة، وهي لعمري مفاتيح تقدمكم ونجاحكم بإذن الله، أيا كانت الثروات وأيا كانت المهن والمجالات. فاحرصوا عليها حرصكم على الحياة الكريمة ذاتها.

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة