السنة 19 العدد 178
2024/04/01

إعصار الذكاء الصناعي، كيف نستفيد منه؟


 

راشد بن حمود الحديدي

 

ليس بغريب على عالمنا هذا التطور والتقدم المتسارع الذي نشهده اليوم، فقد سبق استخدام القطارات السريعة عربات النقل التي تجرها الخيول لعقود طويلة. وقد مر هذا التطور بأربع مراحل من الثورة الصناعية الأولى إلى الرابعة، ولم يولد هذا التطور بمحض الصدفة، ففي ستينيات القرن الثامن عشر تفجّرت الشرارة الأولى للثورة الصناعية، التي اعتمد الإنسان فيها على قوة الماء والبخار بعد أن اكتشف آلة البخار، فاستخدمها في الصناعة، وكانت آن ذك كالإعصار الذي يهدد كل من حوله؛ وذلك بنقله في عالم الصناعة والمواصلات وغيرها، مهددة الكثير من بني البشر بانتزاع وظائفهم والاستغناء عنهم؛ بل لم يكتفِ العلم أبدا بذلك الحد، ففي أواخر القرن التاسع عشر تفجّرت قنبلة الثورة الصناعية الثانية باكتشاف الكهرباء؛ لِتنير لنا طريق التقدم وبناء هذا الكون الفسيح، حتى ظن بعضهم -من شدة الانبهار- أن لا شيء يعقب هذا التقدم.

 

في حقيقة الأمر، لم يلبث ذلك كثيرا حتى جاءت الثورة الصناعية الثالثة؛ لِيصرخ جهاز الكمبيوتر على كل من سبقه من تقدم بقوله أنا قادم وسأحلّ مكانكم وسأقوم بأعمالكم؛ كوني أتمتع بقدرة فائق على الحفظ والتذكر. وتبعه جيش من الأجهزة الذكية التي تسرق من الإنسان وظائفه من جهة وتساعده ليكون أسرع وينعم برخاء من جهة أخرى. والآن جاء الدور على الثورة الصناعية الرابعة، التي جاءت لتُعلن حربها من جديد على بني البشر، ولكن هذه المرة -كما يقول الجميع- فهي لم تعد بحاجة إلى البشر حتى! فمنها ما هو قادر على الرسم والكتابة والقراءة والتصميم؛ حتى أصبح الناس يصرخون من هنا وهناك، خائفين أن تتلاشى وظائفهم وتهمش أدوارهم، ويتم الاستغناء عنهم كما يحدث بعد كل ثورة.

 

وكما جاء في تقرير المنتدى الاقتصادي أنّ الذكاء الصناعي سيحل محلّ خمسة وثمانين مليون وظيفة في العالم بحلول عام 2025م.

 

ولكن السؤال الأهم هو: هل هذا حقا ما سيحدث؟

 

جاء في نفس التقرير أنّ حوالي 50% من الموظفين في العالم يحتاجون إلى إعادة تأهيل مهاراتهم ليكونوا قادرين على استخدام الذكاء الصناعي. وهنا يكمن مربط الفرس: أن من جاء بهذا الاكتشاف عقل البشرية، وبطبيعة الحال هو قادر على توليد ما هو أفضل من ذلك؛ بل يتطلع لثورات قادمة تعمر هذا الكون.

 

وإن كنت أحد الأشخاص الذين يهددهم الذكاء الصناعي بسلب وظيفتك في القريب العاجل، فما عليك إلا أن تركب موجته وتتعلم مهاراته الجديدة؛ فالإنسان خلق ليتقدم لا لِيتقادم.

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة