التحول الرقمي نافذة على سوق العمل ...
"إشراقة" تتجوّل في معرض الموسم الثقافي التاسع عشر بين واقعه وطموحه
استطلاع: ريهام الحضرمية
تُعد التكنولوجيا الرقمية اليوم حجرا أساسا في تشكيل مستقبل المؤسسات والمجتمعات على حد سواء، فالتحول الرقمي المَعني بتطبيقات التكنولوجيا الرقمية أصبح لزاما لا يمكن الفرار منه للتنافس ومواكبة التطورات السريعة التي تطرأ على مختلف مجالات الحياة، وقد تجاوز التحول الرقمي حدود المؤسسات ليمتد إلى شبكة العمل وسوق العمل بشكل عام، إذ أصبحت المهارات التقنية والرقمية ضرورية للنجاح في الحياة المهنية؛ لذا يتطلب العمل اكتساب مهارات جديدة تتناسب مع تطور التكنولوجيا، وتتضمن فهمًا عميقًا لاستخدام البيانات وتحليلها والعمل بالذكاء الاصطناعي وتبني التقنيات الحديثة، ومن هذا المنطلق حرصت جامعة نزوى على تدشين الموسم الثقافي التاسع عشر تحت عنوان: "التحولات الرقمية وسوق العمل"؛ تأكيدا على مواكبتها الدائمة لمتطلبات الحياة المعاصرة، وحرصها على اللحاق بطفرات التغيير التي يشهدها العالم.
تميز الموسم الثقافي بتنوعه، إذ أقيمت مجموعة من الفعاليات الثقافية، مثل الجلسات النقاشية وورش العمل، كما شمل أيضًا افتتاح معرض "التحولات الرقمية وسوق العمل"، وقد شارك في المعرض عدد من رابطات الخريجين من مختلف جامعات دول الخليج العربي، بما في ذلك جامعات من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر، بالإضافة إلى مشاركة جامعة نزوى بمختلف جماعاتها ومراكزها؛ مما أضفى على المعرض تنوعًا واسع النطاق.
رابطات الخريجين ... جسر الاتصال الرقمي
رابطة خريجي جامعة نزوى
محمد بن خميس العامري، نائب رئيس رابطة الخريجين بجامعة نزوى، يبرز نموذجاً رائعاً للتحول الرقمي في المؤسسات التعليمية والتنظيمات الطلابية، إذ تعكس الجهود التي بذلتها الرابطة والتوجيه الوظيفي التزامها بالتطور التكنولوجي وتحسين تجربة الطلبة والخريجين؛ وذلك باستخدام التكنولوجيا، فقد تمكّنت الرابطة من تسهيل التواصل مع الخريجين وتنظيم فعالياتها وورش العمل بكفاءة أكبر، كما أشار إلى سهولة التواصل التي منحها البريد الإلكتروني الجامعي، إذ إنه يبقى مع الخريج إلى الأبد؛ مما يتيح قناة اتصال مفتوحة بشكل دائم، مسهلا عمليتي التواصل والتفاعل، كما أنه عبر الأتمتة، تم تبسيط العمليات الإدارية والتنظيمية؛ مما يسهل على الطلبة والخريجين تقديم المستندات والطلبات عبر الإنترنت بسهولة ويسر.
وقد أكد العامري على استمرارية المشاركة والتواصل مع الطلبة والخريجين، وحرص الرابطة على تقديم الفرص التي من شأنها تطوير مهارات الخريجين وتوجيههم نحو مسارات مهنية ناجحة.
رابطة خريجي جامعة الشارقة
أما عن حضور دولة الإمارات العربية المتحدة، فقد شاركت الفاضلة مريم الشامسية - من مكتب رابطة الخريجين بجامعة الشارقة - تجربتها الإيجابية في المعرض الذي نظمته جامعة نزوى للتعريف بروابط الخريجين. مشيرة إلى أن مكتب رابطة خريجي بجامعة الشارقة يضم أكثر من 42 ألف خريج وخريجة، ويوجد لديهم مكاتب في دول عدة، من بينها: الكويت والسعودية ومصر، بالإضافة إلى الفرع الأخير الذي تم افتتاحه في سلطنة عمان. وتسعى هذه الفروع إلى إحياء ذكريات الدراسة وتقديم خدمات للخريجين، إذ يمكن للخريجين الحصول على بطاقة خريج تمكنه من الاستفادة واستخدام مرافق الجامعة، مثل: المكتبة والنادي الرياضي وورش العمل والدورات؛ وذلك مقابل مبلغ رمزي. كما تقوم الرابطة بعمل ملتقيات للخريجين بهدف جمعهم وتبادل الخبرات، وتعمل على توفير فرص عمل للخريجين، كما أنّ الرابطة تواكب التحول الرقمي باستخدام البطاقة الإلكترونية وتقديم جميع الخدمات عبر المنصات الرقمية.
رابطة خريجي جامعة قطر
وشارك في المعرض الفاضل عبد الهادي يونس - موظف في رابطة الخليج بجامعة قطر- بعض التفاصيل عن جهود الرابطة وما تقدمه لخريجي الجامعة، وأشار إلى أن عدد الخريجين الذين يستفيدون من الرابطة وصل إلى أكثر من 64 ألف خريج حالياً. كما عرض عبد الهادي بعض الامتيازات التي تقدمها الرابطة للخريجين، مثل: خصومات المجتمع ودورات تدريبية والمشاركة في فعاليات الجامعة واستعارة المواد من مكتبة الجامعة وحجز قاعات الجامعة.
وأضاف عبد الهادي قائلا: "تتألف الرابطة من مجموعة من الفروع المتنوعة، يُعين كل فرع رئيسًا ونائب رئيس، إلى جانب أعضاء الفرع، ولقد شهدنا تأسيس أكثر من 17 فرعًا حتى الآن"، كما أبان عن سعادته واستمتاعه بالمشاركة في المعرض، معبّرًا عن تقديره العميق للتجربة الإيجابية التي عاشها في أول مشاركة لهم، وأضيف بفخر أن الانطباع العام كان مذهلاً ومبهجًا للجميع.
رابطة خريجي جامعة الملك خالد
كما عرض مشاركو رابطة جامعة الملك خالد في المملكة العربية السعودية الأدوار التي تسعى رابطة الخريجين منها إلى تعزيز التواصل مع خريجيها وتطويرهم، وتجهيزهم بالمهارات اللازمة لدخول سوق العمل بثقة، إذ إنه، من طريق الرابطة، قدمت الجامعة العديد من ورش العمل واللقاءات والدورات التدريبية للخريجين؛ لتأهيلهم وتجهيزهم للمشاركة الفعّالة في سوق العمل.
وتتمثل أهمية الرابطة أيضًا في وجود منسق لكل كلية من كليات الجامعة، فيقوم هؤلاء المنسقون بالتواصل المباشر مع الخريجين وتقديم الدعم والمساعدة، بالإضافة إلى توفير وسائل الاتصال بين الخريجين وشركات التوظيف. وتواكب الرابطة التحول الرقمي بابتكار منصة خاصة للخريجين على موقع جامعة الملك خالد، تسهل الوصول إليهم وتوفير الموارد والفرص المتاحة لهم؛ مما يسهم في تعزيز الروابط وتطوير مساراتهم المهنية بشكل فعّال.
تعزز فرص السوق الرقمي
بالإضافة إلى روابط الخريجين، شاركت في المعرض كلية العلوم والآدب بخمسة أركان، كان من ضمنها قسم العمارة، وقد تضمن الركن أقساما متنوعة، مثل: الهندسة المعمارية بقسميها: التصميم الداخلي وقسم العمارة، وكذلك الهندسة المدنية. وقدمت في الركن الطالبة عائشة الشبلية نماذج ومشاريع تخرج طلبة الكلية، وقد عبرت عن التحول الرقمي في التخصص بنقل العمل اليدوي إلى برامج مختلفة، وتحوليه إلى صورة رقمية مشابهة للواقع.
كما أن مشروع "عمان شيل" الذي قدّمه عثمان المعيني يُعَدّ مبادرة مبتكرة لتعزيز الصحة الإلكترونية في سلطنة عمان، ويهدف المشروع إلى تقديم خدمات متعددة تشمل تنبؤ مواقع الأمراض وتقديم خدمة "التشات بوت" التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتشخيص الأمراض بناءً على الأعراض المعروضة. بالإضافة إلى ذلك، يتميز المشروع باستخدام مجموعة من المؤشرات، مثل: عدد السيارات والتنقلات التجارية لتحديد نقاط انتشار المرض المحتملة.
وتُعد هذه الخدمات ذات أهمية كبيرة في مواجهة التحديات الصحية العالمية، وتعكس التزامًا بتطوير حلول تكنولوجية مبتكرة لتحسين جودة الرعاية الصحية والوقاية من الأمراض. كما يُعَدّ مشروع "عمان شيل" مبادرة قيّمة ومثمرة، ونأمل أن يحقق نجاحًا كبيرًا في خدمة المجتمع وتحسين صحة سكان سلطنة عمان.
أما عن قسم اللغة العربية، فقد شارك الطالب أحمد السلطي ضمن مبادرات القسم في استثمار النشر الإلكتروني لتسويق الجهود البحثية للأعضاء على ثلاثة مستويات مختلفة، المستوى الأول بتحويل الكتب الورقية إلى كتب إلكترونية لتحقيق انتشار واسع بين القراء. على سبيل المثال، يتم ذلك بالإسهام في مكتبات إلكترونية مثل مكتبة نور. أما المستوى الثاني فقد تمثل بالنشر في المجلات العلمية المحكمة ذات الوعاء الرقمي، مثل مجلة الخليل ومجلة القادسية ومجلة اتحاد الجامعات العربية. وأخيرا المستوى الثالث من طريق النشر في مواقع دور النشر الدولية، مثل مركز دراسات الوحدة العربية. ومثال على ذلك، يتم تحويل الكتب الورقية إلى كتب إلكترونية ونشرها في مكتبة نور الإلكترونية؛ مما يسهم في زيادة انتشارها بين القراء. ويتضمن هذا الجهد البحثي أمثلة ملموسة مثل كتاب "التناص في شعر نزار القباني" للدكتور عيسى الحوقاني، الذي تم تحويله إلى كتاب إلكتروني ونشره في مكتبة نور الإلكترونية لتحقيق انتشار واسع بين القراء. وكذلك المقالات، مثل: "الدراما السينمائية وعلاقتها بالأدب"، و"مناهج التقسيم الزمني في التاريخ للأدب العربي وإشكالياته".
وقد شاركت الطالبة بشرى الريامية، من قسم اللغات الأجنبية، في المعرض؛ وذلك بتقديم عرض عن كيفية تأثير التقنية في عملية تعلم اللغة الإنجليزية بشكل شامل، كما قدمت مجموعة من التطبيقات والمواقع التعليمية التي يمكن للطلبة اللجوء إليها لتحسين مهاراتهم اللغوية والحصول على شهادات معتمدة. وقد لاقى هذا الجهد اهتماماً كبيرًا من قِبل الطلبة، إذ تم تقديم حلول واقتراحات تعين الراغبين في تطوير لغتهم الإنجليزية أو تعلمها من البداية.
بالإضافة إلى مشاركة الطالبة مريم العبرية، من تخصص الفنون الجميلة في تصميم المجوهرات والحلي، فقد قدمت مريم مشروعها الذي جاء تحت عنوان: "ملامح عمانية" والحاصل على المركز الثالث على مستوى الوطن العربي، استخدمت في هذا المشروع القطع المعدنية لتسليط الضوء على الهوية العمانية، واستفادت من تقنيات التصنيع باستخدام مكائن الليزر لنقش الصور والرسومات على القطع المعدنية بدقة وجمالية عاليتين، ولاقى هذا المشروع إعجاب الجميع؛ بسبب فكرته الجديدة والمميزة، وتم استحضار التكنولوجيا في العمل الفني بطريقة مبتكرة وجذابة.
التحول الرقمي ركيزة ريادة الاعمال المستقبلية
أما عن مشاركة مركز ريادة الأعمال بجامعة نزوى، فعندما عرضت الفاضلة شذى الهنائية أعمال المركز قالت: "يولي المركز أهمية خاصة للأبحاث، إذ نسعى جاهدا إلى تحقيق ذلك عبر تمثيل سلطنة عُمان في مرصد ريادة الأعمال العالمي، الذي يتم بالشراكة مع هيئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. بالإضافة إلى ذلك، يركز المركز على تعزيز الخبرات بإقامة ورش العمل والمسابقات داخل الجامعة وخارجها، وكذلك يسعى إلى تأسيس الشركات الطلابية ودعم الأفكار الريادية من طريق تقديم خدمات واستشارات متنوعة للطلبة".
التكنولوجيا في الإرشاد النفسي
من ناحية أخرى، عرض مركز الإرشاد الطلابي النفسي بجامعة نزوى خدماته التي تخدم الطلبة؛ سواء أكانوا من طلبة الجامعة أو طلبة الجامعات الأخرى، بالإضافة إلى الخدمات التي يوفرها المركز لجميع أفراد المجتمع مجانًا، خدمة وإسهاما مجتمعيا، ويستخدم المركز الذكاء الاصطناعي في خدمة الإرشاد النفسي، إذ تم تصوير مجموعة من مقاطع الفيديو، ويوضح كل منها مشكلة نفسية والأعراض المصاحبة لها؛ لذا يتيح للأشخاص الذين يعانون من نفس الأعراض اكتشاف المشكلة وحجز جلسة استشارة مع اختصاصي نفسي في جلسة سرية تتسم بالخصوصية. كما يستخدم المركز العديد من الأساليب الإبداعية مثل اللوحات الفنية التي تعكس التفاصيل النفسية، وكذلك "كأس المشاعر"، و"الدماغ السعيد والدماغ الحزين"؛ لمساعدة الأفراد في فهم مشاعرهم والتعبير عنها بشكل أفضل.
ولا بد من الإشارة إلى أنّ معرض "التحول الرقمي وسوق العمل" شكّل نقطة اتصال مهمة بين التحديث التكنولوجي ومتطلبات سوق العمل في العصر الحالي، إذ إنّه من طريق هذا الحدث الثقافي، سُلط الضوء على التقنيات والابتكارات المستخدمة في مختلف التخصصات والأنشطة التي تُواكب العصر الرقمي، وقد أتاح المعرض للمشاركين والزوار فرصة تبادل المعرفة والخبرات؛ لِفتح آفاق جديدة للعمل والابتكار. ويأتي دور هذه المعارض في تعزيز التواصل والتفاعل بين المتعلمين وصناع القرار وأصحاب الأعمال، لضمان استمرارية التطوير والنمو في عصر التحول الرقمي.