ذكريات بارقة ... عبرت أفقا لامعا في سماء أيام العمر
إشراقة: ذكريات خريج
أعدّه: ثريا الغافرية
محطة زمنية ثمينة، من مكان إلى مكان داخل أروقة الجامعة، ومن تحدٍّ إلى آفاق بين الدرس والغرس، ومن مستوى إلى آخر بين العمل والأمل. إنّها فترة تركت أثرا كبيرا في حياة ميساء الغافرية، خريجة في كلية الاقتصاد ونظم المعلومات بجامعة نزوى، التي التحقت بركب الدارسين فيها شهر أكتوبر في فصل خريف العام الأكاديمي 2017-2018م.
في عمود "ذكريات خريج" بصحيفة إشراقة، نعرض قطاف هذه الرحلة الشائقة في مجموعة من الزوايا التي مَيَّزَت مسيرتها الدراسية والعلمية، من المرحلة الأولى إلى حين فرحة التخرّج؛ لتكمل زهاء خمس سنوات ونص دراسية فيها.
لو تعود!
نشأت الغافرية في ولاية عبري بمحافظة الظاهرة؛ مثلما يقال في العرف السائد: "إن البدايات دائما جميلة حقا". تسترجع أول يوم ذهبت فيه إلى نزوى، أول سكن وذلك الترحيب الأول من أصدقاء السكن، تتذكر أول صباح ذهبت فيه إلى جامعة نزوى طالبة للعلم، فقد كان حماسها -حسب وصفها- لا يُعلى عليه. تقول: "كنا نتجول في مرافق الجامعة كغرباء، و الآن نتذكر تلك اللحظات، ونتمنى لو أن نستطيع أن نعيدها، لكن مشاعر تلك الأيام باقية".
امتنان وتميّز
إنّ ذكريات الحياة الجامعية تستحوذ على قدر كبير من الفترات التي لا تخلوا من صعوبات، فمن غير المعقول أن ينهل المرء من معين العلم دون كدّ واجتهاد وتعب؛ ولكن ميساء ممتنة إلى تلك التحديات التي واجهتها؛ لأن تلك الصعوبات صقلت شخصيتها، وعلّمتها أنّها شخص مسؤول عن نفسه. تقول: "أنا وصحبة الدراسة كنا نخرج أنفسنا من كومة الاختبارات ونذهب إلى المشاركة في الأنشطة والفعاليات التي تنفذها الجامعة، فقد كانت تلك الأنشطة مخرجا من ضغط الدراسة".
وكأنّ حال بنات أفكار ميساء تتمنى لو يعود يوم واحد فقط من تلك الأيام الجميلة التي قضتها في جامعة نزوى؛ لتستمتع بلحظاتها الفريدة التي أثرت في شخصيتها، وعلّمتها كثيرا من الفوائد. تقول من بين ذلك: "شاركت في العمل التطوعي، إذ ذهبت إلى مركز نزوى الثقافي متدربة من جامعة نزوى، فقد كانت تجربة جميلة لا تنسى علمتني احترام الوقت والالتزام بالمواعيد؛ لأنجز أعمالي في وقت قصير".
جيد جدا
تتحدث ميساء عن أيام الدراسة التي غرست فيها حبّ العلم وشغف المبادرة وكسب المفيد؛ فلم تنسَ أستاذا بث فيها روح الوعي المعرفي؛ فكلها مشاعر خطّت سطورا برّاقة في دفتر الذكريات.
أمّا مشروع التخرج فقد أخذ فصلا كاملا من مسيرتها العلمية، مرّت فيه الغافرية بكثير من العقبات؛ بدءًا باختيار الشخص الذي سيكمل المشروع معها، مرورا بتحديد موضوعه، والشروع في الاشتغال عليه، فهو عبارة عن تحليل بيانات واستخراج المفيد منها باستخدام ذكاء الأعمال (Business Intelligence Based Data analytics
of AL-Amar import & export company)
وقد كان المشرف العام على المشروع الدكتور سلام عثمان، وأستاذ مادة التخرج الدكتور نديم ماضي، وبفضل من الله وتوفيقه، أكملت مشروع التخرج وحصلت على تقدير جيد جدا بعد عقبات وصعوبات واجهتها.
بعدُ آخر
مثلما جرت العادة، سؤال نوجهه في باب "ذكريات خريج" إلى خريجي جامعة نزوى، نسألهم فيه عما أضافته الجامعة لهم إلى جانب البعد الأكاديمي التعليمي. تجيب ضيفتنا عنه: "في الحقيقة جامعة نزوى صنعت مني إنسان واعيا قادرا على تحمل مسؤليته بنفسه، إلى جانب أنني درست بها أحد التخصصات -تخصص نضم المعلومات- فهو مثل أي تخصص يحتاج إلى جدّ وبذل جهد والتزام في المختبرات العملية، التي تعد الحِجر الأساس للمواد في تخصصنا، فتعلمت لغة الكمبيوتر، وإن كان التركيز عليها بسيطا، ولكنه كان كفيلا بأن يحرك لدي دوافع الرغبة في تعلمها بشكل مكثف؛ بما أنّه -في الوقت الحالي- تعد لغة الكمبيوتر معتمدة من قبل كثير من الشركات والمؤسسات لخدمة عملائهم وتعزيز نظام الأمان بشكل كبير".
تتمسّك بالأمل
تسترجع ميساء أيام الدراسة في جامعة نزوى، هذا المكان الذي وجدت فيه علاقات اجتماعية جديدة، جمعتها بأشخاص ربطتهم علائق العلم والحب والاحترام في كثير من الموقف. تقول: "سنوات مرت ولكن حصيلة من الذكريات بقيت لدينا ... أتذكر تأخري في بعض المحاضرات، والمشي السريع في ممرات الجامعة لألحق بأستاذي الذي نسي ورقتي ... كنا ننتظر المحاضرة تنتهي لنعلن للأصدقاء عن موعد اللقاء بعدها؛ كي نتشارك سويا رواسب الهموم والضغوط التي نشعر بها؛ لنتمسك بالأمل، فكلٌّ منا يسعى إلى رفع معنويات الآخر، ثم نذهب لنحارب في ساحات الدراسة؛ حتى مرّت تلك الأعوام؛ لنرقب الآن مرحلة جديدة من حياتنا لنعطي سنّ السعي حقه.
وبالطبع -استنادا إلى ما سبق- يراود ميساء الحنين إلى الجامعة، تصف لنا هذه المشاعر الجياشة في قولها: "بعد ذلك الروتين الذي نصفه بالممل الآن، أشتاق للعودة إلى حيث كنت، فقد كانت الجامعة شغلي الشاغل، والآن أحنّ إلى الممرات والفصول الدراسية، أشتاق إلى المكتبة، حيث كنا نجتمع للمطالعة مع صحبة الجامعة المخلصين لمراتع العلم. لقد كانت أياما لا تنسى ... مرحلة جميلة قطعناها بحلوها ومرها. ولكن اليوم تغمرني فرحة لتخرجي، وسوف إعود إليها بإنجاز وتحدٍ آخر إن شاء الله".
إلهام وطموح
من لا يذكر أساتذته الذين أصبحوا أسرة ثانية له في أعظم أيام العمر وأهمها، أولئك الذين تميّزوا في علمهم وشخصياتهم؛ ليكونوا قدوة لجيل من الشباب الطموح المبدع. تقول ميساء متحدثة عن هذه الرابطة: "أشكر جميع الموظفين في الجامعة على عملهم ومساعدتهم خدمة لطلبة العلم للحصول على الاستفادة. في حقيقة الأمر لا يوجد موقف معين أخصه بالذكر هنا، ولكن كل شخص قابلته في الجامعة استفدت من خبرته ... أتذكر أنني كنت أحب الذهاب إلى المحاضرات التي يقدمها مركز ريادة الأعمال، فكل شخص يأتي تكون لديه قصة ملهمة ترفع من هممي وتعزز لدي حب الوصول إلى أهدافي وغاياتي".
لذا تطمح الغافرية إلى استكمال مسيرتها الدراسية في التأهيل بجامعة نزوى؛ إذ تمتلك رؤية اطلاعها واسع لمخرجات الجامعة وأنشطتها.
أشرف الأوقات
مرحلة الدراسة الجامعية ساعة ذهبية تدور عقاربها لتزداد قيمة طالب العلم في مجتمعه؛ ليكون رصيدا حقيقي مؤثرا بإيجابية في وطنه وأمته. لننظر إلى كلمة وجهتها الخريجة ميساء الغافرية لمن يسلك طريقا يلتمس فيه علما: "نصيحتي لهم ألا يعيروا اهتمامهم للكلام السلبي من بعض الطلبة؛ بل عليهم بالعمل الجاد، وألا يتنازلوا عن أهدافهم وطموحهم بمجرد أنهم أخفقوا في جانب ما، فهذه الإخفاقات يجب على طالب العلم أن يجعلها حجرا جوهريا تُولّد لديه نجاحات ورغبات للوصول إلى أعلى الغايات ... ابذل جهدا في طاعة الله، واستغل أوقات الفراغ في الجامعة لأنها سوف تصنع لك ذكريات لا تنسى".
وتختم حديثها: "شارك في أنشطة الجامعة المختلفة، واكسب خبرات ومهارات؛ لأنها رصيد سهل يكسبك الدربة في مجالات العمل بعد الانتهاء من مرحلة الجامعة".
من أعمال الغافرية: