السنة 19 العدد 175
2024/01/01

اللغة العربية: لغة الشعر والفنون ... الأديب أبي سرور الجامعي أنموذجاً*


 

 

الدكتور مسعود الحديدي

رئيس قسم اللغة العربية

 

تحتفي البشرية جمعاء في اليوم الثامن عشر من ديسمبر باليوم العالمي للغة العربية، وهو اليوم الذي اعتمدت فيه منظمة (اليونيسكو) اللغةَ العربيّةَ لغةً رسميّةً عالميّةً في عام 1973م ضمن ست لغات رسمية في العالم، ولقد قررت (الهيئةُ الاستشاريّةُ للخطّةِ الدوليّةِ لتنميةِ الثقافةِ العربيّة) أن يكون محور الاحتفاء بهذه المناسبة في هذا العام 2023م بعنوان (اللغة العربية: لغة الشعر والفنون)؛ وذلك لما خلدته هذه اللغة من إرث حضاري في العلوم والآداب والفنون والمعارف، ولما عكسته  ريشة الأديب في شعره ونثره من صور وجماليات حتى أضحت كلماتهم لوحة فنية تجسد واقع الحياة في المبادئ والقيم والهوية والحضارة.

لقد دأب قسم اللغة العربية بكلية العلوم والآداب بجامعة نزوى أن يحتفي بهذه المناسبة سنويا لتعزيز قيم اللغة الحضارية وهويتها في نفوس أبنائها، وفي كل عام يقترن الاحتفاء بهذه المناسبة بشخصية أدبية مرموقة لها مكانتها في الساحة الأدبية العمانية، وفي هذا العام وقع الاختيار على شخصية الشيخ القاضي الشاعر الأديب الألمعي أبي سرور الجامعي، وذلك تكريما من الجامعة لإسهاماته في تفعيل الحراك العلميّ والدينيّ والأدبيّ في سلطنة عمان حتّى صار منارةً معرفيّة تنهل منها الأجيال. ترك مؤلّفاتٍ كثيرة في شتّى فنون علوم الدين واللغة العربيّة، كما ترك آثارًا إبداعيّة أدبيّة عالية الجمال ودواوين شعريّة تتغنّى بالإنسان والوطن والدين، وحصل على جوائز تقديريّة مختلفة، وتجسيدا لمحور احتفائية هذا العام (اللغة العربية: لغة الشعر والفنون) فقد قامت مجموعة طلابية بالشراكة مع قسم التربية والعلوم الإنسانية بتجسيد بعض قصائد الشيخ أبي سرور الجامعي إلى لوحة فنية ستعرض عليكم ضمن فقرات هذا الحفل.

اللغة العربية ليست لغة للتواصل فحسب؛ بل إنها لغة الدين والمبادئ والقيم والأخلاق والعادات والتقاليد، فهي لغة اختارها الله لأن تكون وعاء لكتابه العزيز القرآن الكريم الذي خاطبت نصوصه العالمين فهي تجسد وحدتنا الإسلامية والعربية؛ لذا ونحن نعايش أحداث غزة وفلسطين فإنّ هذه اللغة توجب علينا نصرة أهلنا في فلسطين، وتوجب علينا الذود عن حياض المسجد الأقصى والأرض المقدسة المباركة، وهذا الوجوب هو تشترك فيه مسؤولية دينية وأخرى قومية.

إن اللغة (كائن حي) يتشكل ويتطور، تموت فيها بعض الكلمات، وتولد أخرى، وتتحور أخرى، في حركة دائبة لا تتوقف، نتيجة لاختلاط الناس ببعضهم البعض، ونتيجة للثورة الصناعية والتقنية والاقتصادية في العالم؛ لذا فقد باتت مسؤولية عظيمة اتجاه اللغة العربية في الحفاظ عليها، وهذه المسؤولية ليست حصرا في أفراد اللغة بل تتوسع لتكون مسؤولية قومية مشتركة تتولاها جامعة الدول العربية وحكومات الدول العربية والمؤسسات العامة والخاصة فيها، وذلك بوضع سياسات وخطط لغوية؛ تفرض على الأفراد والمؤسسات الالتزام بها، وتجرم التعدي عليها، وهذا ما تستهدفه رؤية عمان 2040م، التي تسهر الحكومة على تطبيقها بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه وسدد خطاه.

 


 

 

*كلمة ألقيت لكاتبها في افتتاح فعالية الاحتفال بيوم اللغة العربية العالمي

الإثنين 25 ديسمبر 2023م – جامعة نزوى

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة