السنة 19 العدد 175
2024/01/01

جولة وحديث ...

ذكريات تتنفّسُ ربوع الجامعة وأزهارها، ورائحة تربتها وهوائها


 



 

استمع إليها: ثريا الغافرية

 

مريم بنت سليم الهنائية، خريجة كلية الهندسة والعمارة تخصص الهندسة الكيميائية والبتروكيميائية. من مواليد ولاية عبري، نشأت وترعرعت فيها. التحقت بجامعة نزوى في شهر أكتوبر من خريف العام 2017/ 2018م، ودرست فيها زهاء 6 أعوام.

 

تتحدّث مريم في جلستنا معها طارقين باب "ذكريات خريج" عن دراستها الجامعية بأنها رحلة مليئة بالتحديات، فعلى الرغم من تشوقها لهذه المرحلة من حياتها؛ كونها فاصلة لكثير الأحداث، لكنْ يقينها بالله وثقتها وتوكلها عليه، وإيمانها بقدراتها، مكّناها من تذليل الصعوبات وتجاوزها للوصول إلى نهاية مشوارها الدراسي. 



مسؤولية وحافز

 

تتصف مريم بشخصية اجتماعية سهّلت عليها التأقلم مع المحيط الجامعي، بما يتضمنه من كادر تربوي وزملاء دراسة. وقد واجهت الهنائية أول عقبة في مستهل الأسبوع الدراسي الأول؛ وذلك بوفاة والدها، رحمة الله عليه، وقد جعلها ذلك تدرك تماما المسؤولية الملقاة على عاتقها؛ مما زادها إصرارًا للاجتهاد والتفوق والوصول إلى منصة التخرج. 

 

تردد في هذا السياق الشاعر أحمد شوقي:

وما نيل المطالب بالتمني        ولكن تؤخذ الدنيا غلابا



وقد شاركت مريم في العديد من ورش الخط العربي التي نفذتها جامعة نزوى؛ وذلك لامتلاكها أساسيات الموهبة. تقول: "إن لحظة الوصول الحقيقة هي لحظة الوصول إلى مشروع التخرج، فهو يمثل نهاية المشوار الدراسي"؛ علمًا أن مشروعها كان فرديا بإشراف الدكتور سلام كاظم، عنوانه: Rheological Characterization of Acacia Gum and Guar Gum For Enhance Oil Recovery.

 

وعقّبت في سياق ذلك قائلة: "إنّ المشروع أضاف إليها كثيرا، سواء فيما يخدم تخصصها أم ما يعزز خبراتها ومهاراتها العلمية". وقد كان مشروعًا مكللا بالنجاح -كما وصفته- استغرق حوالي عاما ونصف.

 

وجدنا مريم الهنائية -في طيّات حديثها- تشيد بجامعة نزوى وما قدمته إليها من معارف ومهارات مختلفة، في مجال تخصصها الهندسة؛ من حيث اكتساب الخبرتين العلمية والعملية على حد سواء، وتذكر كذلك فضل الجامعة في تنمية مهاراتها في التفكير الإبداعي والبحث العلمي. 

 

 



أبطال المشهد

 

لكل طالب علم طريقته المميزة التي ينفرد بها في حنينه تجاه مؤسسته العلمية التي درس فيها وتخرّج ... تجول بنا مريم في وصف ذكرياتها قائلة: "ستة أعوام كانت كفيلة أن ترسم أجمل الذكريات التي قد لا تنسى؛ بدءًا من ذلك المنبه الذي يرنّ في الصباح الباكر لمحاضرة الساعة الثامنة، إلى نهاية كل يوم دراسي نختمه بتأفف من ضغط الدراسة والتخصص والفصول الدراسية إلى وقت متأخر ... إلخ".

 

وتنتعش مخيّلتها كلّما طرقنا أبواب الحنين، وفتحنا نوافذ الرؤى الشامخة؛ لذا لم تتوانَ في ترميز أبطال هذه الذكريات، تقول: "الامتحان المؤجل بطله محاضر رحوم، والحضور المتقدم للدرس بطله طالب ملتزم، والدرجات العالية بطلها الجهد الكبير الذي تبذله في أثناء المذاكرة، وامتناعك عن الغش بأي شكل من الأشكال بطله طالب علم أمين ... حتى الغداء اللذيذ بطله التجمّع الجميل بين زميلات الدراسة بعد محاضرات متعبة".

 

تترقرق تلك الذكريات -التي تصفها بالكثيرة- في عيون الهنائية حتى وإن كانت تحمل بعض المرارة، فهي مثل امتحان مفاجىء ترفض الخضوع إلى حلّه؛ لكن تتفاجأ بنتيجته المرتفعة. تضيف: "أذكر أني كنت خجولة بعض الشيء، ولا أحب الظهور، فكان يصعب لبعضهم التعرف إلى شخصيتي، أو قد يصفني بالغموض ... بيد أنني كنت ملتزمة في كثير من الأحيان، ومهملة في أحيان أخرى؛ لعل الظروف تحكم ذلك".

 

 

 

 

أطلال تسقي!

 

بعد قضاء وقتٍ طويل، ربوع الجامعة وأزهارها، ورائحة تربتها وهوائها، وفي جميع مراحل الدراسة ومعطيات الحياة الجامعية، ومعالم المباني والمختبرات وعقول البشر، تقف مريم الهنائية على أطلال ذلك تحن وتشتاق إلى المكان الذي له دور كبير في تكوين شخصيتها وصقلها، ولقاءاتها مع زميلات الدراسة رغم فرحها بإنجاز مشوار الدراسة الجامعية في هذه المرحلة المهمة.

 

تقول متحدثة في سياقه: "لجامعة نزوى دور كبير في شقّ تلك الخطوات الأولى من مشوار الألف ميل؛ فقد أكسبتني عديد المهارات والخبرات الحيوية في المجالين الأكاديمي والعملي، وتكوين شخصية متزنة قادرة على اتخاذ القرار". 

 

وتكمل: "أضافت لي جامعة نزوى كثيرا، وبما أني أنهيت دراسة أحد تخصصات الهندسة، الذي يعتمد على تطبيق المادة العلمية لفهم واستنباط أفكار تقود إلى الإبداع والابتكار، سواء أكان في المختبرات العملية أم الزيارات الميدانية. فيما كان من الناحية الأكاديمية للجامعة دور في تنمية مهارات التحليل والبحث، وبما أن تخصص الهندسة الكيميائية والبتروكيميائية يخدم المجال الصناعي بشكل كبير، فهو بحاجة ماسة إلى البحث والاستكشاف والتحليل".

لمن تذكّر ...

 

صحيح أنّ مفردات النصح تُخطُّ كما يراها متكلّمها، الذي صارع لشقّ طريقه؛ إلّا أن أهميتها تكمن في كونها كلمة طيبة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربّها. فلا نبخس قدرها، ولا نقلل من حقّها، ولا نُنزلُ من مستوى صاحبها أو متلقيها؛ بل على العكس تمامًا؛ تترسّخ قاعدتها لمن ادّكر: كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.

 

تقدم مريم نصيحتها إلى طلبة العلم بقولها: "لا تجعل دراستك في الجامعة لأجل هدف واحد، هو الحصول على وظيفة تكون مصدر رزقك في المستقبل، هي ربما كذلك ... إلّا أنّ مرحلة ما بعد الجامعة أكبر مما تتصوّر؛ إذ ستحتاج إلى أخذ جرعات كافية من الخبرات في شتى المجالات، مثل: التواصل، التسويق، الإدارة المالية، تكوين المشاريع وإدارتها، تطوير العلاقات الجامعية، تعلم لغات جديدة ... وغيرها مما ينمّي ويطوّر ويكمل رصيد تخصصك؛ الذي يمكنك الحصول عليه من طرق عديدة، مثل: دورات التدريب والورش والمشاركات المجتمعية، ثم الانخراط في سوق العمل؛ لتتمكن من إبراز نفسك بشكل جيد خدمةً لوطنك".    

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة