السنة 18 العدد 174
2023/12/01

مهمتك أن تكون طالبا فقط!


 

 

بقلم الطالبة: ريهام الحضرمية

 

مما لا شك فيه أن الطالب الجامعي يخضع لضغط ذهني ونفسي في فترة دراسته، فبسبب تراكم المهام والواجبات الدراسية قد ينعزل عن حياته الاجتماعية، ويتقوقع داخل جغرافية الجامعة والحدود المرتبطة بها، وقد يبدو الأمر صحيا، ولم يكن ليشغلني لولا العتب الشديد الذي بِتُّ ألقاه باستمرار من المجتمع المحيط في الآونة الأخيرة، الذي أصبح -مع تكراره- يوحي إلى أن هناك خللا حقيقيا في غيابي عن الأحداث الاجتماعية، أو أن المجتمع لا يقدر حجم المسؤوليات المسندة إلى الطالب الجامعي.

 

كنت دائمة التساؤل عن نوع التواصل الذي يمكن أن يقدمه ذاك الطالب حينما يغادر من منزله في السابعة صباحا ولا يعود إليه إلا بعد غروب الشمس؛ ليجد نفسه غارقا في سيل من الأعمال والمهام!! حتى كدت أشعر في فترة ما بالتقصير في هذا الجانب، وحين استقطعت بعضا من وقتي لمشاركة المحيط أحداثه الاجتماعية وجدت نفسي مطحونة بضيق الوقت، وقد تراكمت المهام فوق رأسي، فاختزال فعاليات جديدة في جدول طالب مزدحم في أصله لم يكن إلا اختناقا قد يقوده إلى خسارات لا سبيل لتعويضها، فاليوم الذي يمضي في حياتك طالبا للعلم ليس يوما عاديا، وخسارته ستقتطع جزءا من مستقبلك وتطفى شمعة كان من الممكن أن تنير دربك لطريق مختلف.

 

بعد وقت من الزمن، وبعد أن تخرجت وقد حققت جميع أهدافي التي سعيت إليها في فترة الدراسة، أدركت حقيقة أن مهمتك الوحيدة في أثناء دراستك هي أن تكون طالبا لا شيئا آخر، وتيقنت أن التضحيات والتنازلات التي تقدمها وأنت طالب ستكون فخورا بها وستمنحك لذة الانتصار على ذاتك أولا، وعلى جميع الصعاب والمغريات التي كانت من الممكن أن تسلبك طاقتك وشغفك ولا تغادرك إلا وقد جعلتك فاشلا في تربية أحلامك وتحقيقها.

 

مع ذلك، لا بأس بالقليل من التغير في روتين حياتك، بصلة الأرحام بين الحين والآخر، ولكن لا يعني ذلك أنّك يجب أن تكون حاضرا في جميع المناسبات الاجتماعية والأنشطة الترفيهية، فكل تلك الأمور ستبقى إلى ما بعد تخرجك؛ لكن اللحظات الجوهرية التي ستفقدها طالبا، والفرص الفريدة التي لن تجدها خارج سور جامعتك، هي من ستنتهي بمجرد أن يطبع على شهادتك لقب خريج، وليس الخريجون سواسية، فمنهم من استنزف الفرص حد الامتلاء، واستطاع أن يبني قوته الذهنية والقيادية، بل نهل من مشاركته ما استطاع من المهارات، ومنهم من مرّت عليه لحظات الدراسة ثقيلة، يحسب ساعات انقضاء المحاضرات لينطلق إلى عالمه الآخر وقد تجرد من هويته كطالب علم حتى قدوم اليوم الآتي وحضور محاضرته بنفس ثقيلة وروح ملوله.

   

في الختام، يجب أن تدرك الاستثناء الذي تحويه فترة الدراسة الجامعية في حياة الإنسان، إذ إنها فرصة لا تعوّض، ومصنع لذكريات لا تُنسى، رغم الضغوطات والتحديات التي قد تواجهها في طلب العلم، إلا أن هذه الفترة تحمل في طياتها كثيرا من الفرص والإمكانات. فلا تكن منغلقًا على نفسك تمامًا، استفد من التجارب الاجتماعية والأنشطة الثقافية والترفيهية بحذر وتوازن، وتذكر دائمًا أن مهمتك الأساسية طالبا هي الدراسة واكتساب المعرفة والمهارات التي ستساعدك في مستقبلك، استثمر هذه الفترة بعناية وحذر، وستجني ثمار تلك الجهود في المستقبل، قد تكون فترة الدراسة مؤقتة، لكن الفوائد التي تحصل عليها ستستمر معك طوال حياتك.

إرسال تعليق عن هذه المقالة