السنة 18 العدد 173
2023/11/01

 

التكنولوجيا وتصميم المناهج: أفضل الممارسات والتحديات


 

 

ملاك بنت عبدالله الندابية*

خلود بنت عبدالله الصبارية* 

سامية بنت سالم السالمية* 

نصرا بنت ناصر الراشدية*

إشراف: د. محمود الوائلي

 

يشهد العالم اليوم ثورة تقنية هائلة عمّت مختلف مجالات الحياة لتمهيد سبل التعلم ونشر العلم والمعرفة، وتعد التكنولوجيا الحديثة من أهم المواضيع التي تشغل المهتمين في مجال العمل التربوي، إذ لاقت اهتماما ملحوظا ودورا بارزا في تحسين المناهج وتطوير العملية التعليمية. إن الغاية الكبرى من دمج التكنولوجيا في التعليم تحقيق التكامل، الذي بدوره يحسّن من جودة التعليم، لكن يجب أولاً أن نفهم ماهية وطرق تصميم المناهج الإلكترونية وكيفية التعامل مع التحديات المرتبطة بها. ومن هذا المنطلق جاء هذا المقال ليسلط الضوء على نقاط عدة، منها: التكنولوجيا والتعليم، تكامل التكنولوجيا مع تصميم المناهج الإلكترونية، أهمية استخدام التكنولوجيا في عملية تصميم المناهج، وأخيرا مزايا المناهج التكنولوجية وسلبياتها.

من أهم عناصر المنهج أو مكوناته هي الأهداف، إذ إنّ عناصر المنهج الأخرى كالخبرات التعليمية والمحتوى والتقويم تعتمد عليها اعتماداً وثيقاً. ومع التقدم الكبير الذي نعيشه اليوم وانتقالنا إلى عصر تكنولوجي، تطور معه العديد من الجوانب التي تخص التعلم والفلسفات في بناء العملية التعليمية، فظهر ما يسمى بالمناهج الإلكترونية. فالمنهج الإلكتروني ليس إلا تطورا للمنهج التقليدي الذي أثرت فيه التكنولوجيا المعاصرة فأصبح متزامناً مع استخدام شبكة المعلومات العالمية وأجهزة الحاسب الآلي في العملية التعليمية التربوية، فالأهداف التعليمية مجموعة من العبارات التي تكتب للمتعلمين لتصف بدقة ما يمكنهم القيام به في الحصة أو بعد الإنتهاء منها، ولها ثلاثة أنواع من الأهداف التعليمية للمنهج الإلكتروني. أولاً، الأهداف التربوية العامة. ثانياً، الأهداف التعليمية. وثالثاً، الأهداف السلوكية المحددة التي يندرج تحتها المجال العقلي الإدراكي والمجال التأثري الانفعالي الوجداني والمجال النفس حركي.

 

إضافة إلى ذلك، عملية تصميم المناهج الإلكترونية وبنائها تمر بمراحل عدة، هي: مرحلة التحليل ومرحلة التصميم ومرحلة التطوير ومرحلة التطبيق ثم مرحلة التقييم. ومنها فإن للمنهج التكنولوجي عناصر رئيسة عدة في الجانب البشري، مثل وجود المعلم والمتعلم وتوفر اتصال فعال بينهما والجانب النظري، ويُعنى به تطبيق نظريات التعلم والتعليم الحديثة التي تناشد بمبدأ وجود فروق فردية وأيضا جانب الأهداف والأنشطة وأساليب التقويم، إضافة إلى توفر الأجهزة والمعدات التعليمية، إذ هي أدوات تكنولوجيا التعليم. علاوة على ذلك، فإن دور المعلم في تحقيق الأهداف يكون باستخدامه للتقنيات المتنوعة؛ كأن يشرح المقرر مستعينا بالحاسوب والشبكة العالمية والوسائل التقنية السمعية منها والبصرية، بالإضافة إلى المواد التعليمية الجديدة، مثل أجهزة الكمبيوتر، والتطبيقات البرمجية المختلفة، وأجهزة العرض، وكاميرات الفيديو الرقمية، والسبورات التفاعلية، وبرامج العرض والتصميم، مثل:  Canva، ومنصات إدارة التعلم، وأجهزة الفيديو، وأجهزة التلفزيون، وأجهزة عرض الشرائح، وأجهزة العرض غير الشفافة، وأجهزة العرض العلوية، كما قد يستخدم الذكاء الاصطناعي، والماسحات الضوئية، والتلفزيون التفاعلي ... إلخ.

 

هنالك العديد من التحديات التي تواجه تطبيق المنهج الإلكتروني، منها: ضعف انتشار تقنيات الاتصال السريع وقلتها، وعدم كفاءتها  في بعض المناطق؛ مما يشكل تحد للمعلم يعوقه عن تطبيق التعلم الرقمي بشكل جيد. ومن التحديات التي تواجه المعلم في العالم الرقمي أيضا كونه مطالباً بإعداد جيل متعلم في عصر المعرفة، فهو مطالب أن يكون مطلعاً على كل ما هو جديد، ويتمتع بمرونة تمكنه من مواكبة متطلبات العملية التعليمية، إضافة إلى المشاكل التقنية التي تتمثل في انقطاع الشبكة المفاجئ نتيجة لضعف شبكة الإنترنت.



مراحل تصميم المنهج الإلكتروني:

إن عملية تصميم المناهج الإلكترونية وبنائها تتضمن مراحل عدة:

مرحلة التحليل: في هذه المرحلة، يجب على المصممين فهم احتياجات المتعلمين وأهداف التعلم. ويتعين عليهم أيضًا دراسة جوانب المحتوى والمواد المتاحة وتقييم الأدوات التكنولوجية المتاحة.

مرحلة التصميم: يتعين على المصممين وضع هيكل المنهج وتنظيم المواد التعليمية. يجب أيضًا تحديد الأهداف والأنشطة ووسائل التقويم.

مرحلة التطوير: هنا يتم إنتاج المواد التعليمية وتطوير البرامج والتطبيقات الضرورية لتقديم المحتوى بشكل فعّال.

مرحلة التطبيق: تتضمن هذه المرحلة تنفيذ المنهج في البيئة التعليمية، وتوجيه الطلبة في أثناء عملية التعلم باستخدام التكنولوجيا.

مرحلة التقييم: في هذه المرحلة، يتم تقييم فعالية المنهج وجودته وقابليته لتحقيق الأهداف التعليمية. ويتعين على المعلمين والمصممين تحليل البيانات وتعديل المنهج إذا كان ذلك ضروريًا.

 

 

 

إيجابيات المنهج التكنولوجي:

1. يضيف الحيوية في المنهج، إذ يجعل المتعلم أكثر انتباهًا من طريق المثيرات اللفظية والبصرية والسمعية، مما يزيد من استيعاب المتعلم ويساعده للتغلب على النسيان.

 

2. يسهم في تحقيق التعلم بشكل أوضح؛ بتنظيم المواقف التعليمية ومراقبة مدى تقدم التعليم في مختلف المجالات.

 

3. يوفر الوقت، إذ يسهم في توفير الوقت، ولكن أيضًا يعتمد على المتعلم مدى الوقت المستغرق للتعلم، ويمكن القول إنه تعليم ذاتي يسهم في توفير التغذية الراجعة والنظر في فعالية التعلم أولاً بأول.

 

4. يساعد على زيادة الخبرة، فيجعل المتعلم أكثر استعدادًا للتعلم؛ مما يعينه على معرفة المرحلة التعليمية التي توصل إليها من طريق الخبرات المكتسبة في التعلم.

 

5. تحقيق الهدف الوجداني؛ بتغيير سلوك المتعلم وتكوين ميول واتجاهات إيجابية جديدة.

 

6. لا يهتم بحواجز الزمان والمكان، إذ يمكن للمتعلم أن يتعلم في الوقت المتاح له وفي أي مكان يناسبه، ولا يحتاج بيئة تعليمية.

 

7. يهتم بالفروق الفردية، فيسمح للمتعلمين بالتفرد باختلاف مستويات التعليم وخبراتهم وقدراتهم وأساليب تعلمهم ومدى سرعة التعلم.

 

سلبيات المنهج التكنولوجي:

 

1. زيادة تكاليف الصيانة والتجديد لأجهزة التكنولوجيا.

2. نقص القواعد العلمية لقياس الأداء التعليمي.

3. عدم تطبيق المعرفة في الواقع.

4. صعوبة تحديد الأهداف التعليمية الحيوية.

5. صعوبة بناء مناهج متكاملة في الجوانب الإنسانية.

 

ختامًا، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه توظيف التكنولوجيا في العملية التعليمية، إلا أنه لا يمكن إنكار أن هذا التحول أدى إلى تطورات هائلة في جميع جوانب التعليم. وكما أن تمكين الطلبة من الوصول إلى مصادر المعرفة بسهولة والتعلم بوتيرة مخصصة لاحتياجاتهم الفردية أصبح أمرًا ممكنًا. إضافة إلى ذلك، إن توفير أدوات تفاعلية ومنصات تعليمية تعزز من إبداع المعلمين و الطلبة، وتفاعلهم مع المحتوى التعليمي. كما أن تحسين تكامل التكنولوجيا في تصميم المناهج سيلعب دورًا مهمًا في تحسين التعليم وتحقيق نتائج أفضل؛ لكنه يتطلب جهودا مستمرة.

إن التواصل بين مختلف الجهات المختصة، بما في ذلك المعلمين والباحثين والمطورين التقنيين، يمكن أن يسهم في تجاوز التحديات وتعزيز فعّالية التعليم باستخدام التكنولوجيا. ويبقى التحول نحو التعلم المدعوم بالتكنولوجيا جزءًا أساسًا من مستقبل التعليم والتعلم.



*طالبات تأهيل تربوي في مقرر تكنولوجيا التعليم

إرسال تعليق عن هذه المقالة