السنة 18 العدد 173
2023/11/01

التطوّر المستمر للعلوم دفعها لمواكبته ...

طرائق التدريس ومناهجه في مرمى متطلبات الواقع المعاصر، ومواكبة التقانة


 

 

العمري: 

  • الخوف من مواجهة الجمهور وقضايا الضبط الصفي من تحديات التأهيل التربوي

  • برنامج الدكتوراة في المناهج وطرق التدريس بجامعة نزوى في مراحل متقدّمة

  • المنهج المدرسي والكتاب ثقافة المعلّم المتمكن

 

إشراقة: شخصية العدد

أعدت الموضوع: ثريا الغافرية

طالبة إسناد في دائرة الإعلام والتسويق

 

أكمل الثانوية العامة في الأردن عام 1988م، التحق بعدها بكلية الشريعة بالجامعة الأردنية وتخرج فيها عام 1992م، ثم التحق بكلية الشريعة في جامعة اليرموك - قسم الفقه والاقتصاد الإسلامي عام 1994م، وتخرج فيها شهر  مايو -أيار - من عام 1997م، وكانت رسالة الماجستير بعنوان: (الفكر الاقتصادي عند ابن قيم الجوزية).

في وقتٍ تتجه فيه سلطنة عُمان في مختلف مؤسسات التعليم العالي إلى تأهيل مخرجاتها ليكونوا معلمين قادة في كافة المجالات والعلوم، يبرز دور الكوادر التدريسية الملقاة على عاتقهم هذه الأمانة الكبيرة في الجامعات، القادرين على صنع جيلٍ يقود دفّة الاشتغال في حقل التدريس؛ إذ لا ريب في أنّها مسؤولية عظيمة. وفي سطور هذا الحوار، نفتّش في سطور سيرة علمية وعملية للدكتور حسن محمد العمري، أكاديمي في كلية التربية والدراسات الإنسانية بجامعة نزوى، ممن يضطلعون على تدريس طلبة التأهيل التربوي؛ إذ تقع اهتماماته البحثية في مناهج وطرق التدريس ... لنتعرّف أكثر إليه.

 

سعي حثيث

يقول: "في أثناء دراستي للماجستير كنت أسعى لدراسة الدكتوراة في إحدى الجامعات الغربية للتعرف إلى ثقافتهم ومناهجهم العلمية؛ لذلك كنت أحاول دائما التواصل مع الأساتذة الجامعيين في هذه الجامعات لقبول الإشراف على رسالة الدكتوراة، تمكنت بعد ذلك من الحصول على موافقة أحد الأساتذة المستشرقين المعروفين في جامعة هامبورغ في ألمانيا، وكان يشغل يومها منصب عميد كلية الدراسات الشرقية والعربية، إذ اطلع على رسالتي في الماجستير  وأعجب بها،  وساعدني في الحصول على مقعد لدراسة الدكتوراة في هذه الجامعة. وطلب مني حينها دراسة اللغة الألمانية في ألمانيا لأنها ستكون لغة الدراسة، وقد حصلت على التأشيرة -طالب دكتوراة في جامعة هامبورغ- في شهر  -تشرين أول- أكتوبر من عام 1997م، وغادرت في نفس الشهر للالتحاق بإحدى المعاهد لدراسة اللغة الألمانية".

 

نقطة تحوّل

بدأ الدكتور حسن العمري في دراسة اللغة في هذا المعهد خارج الجامعة مدة شهرين، ثم انتقل لدراسة اللغة في نفس الجامعة مدة عام، وكان في هذه المدة على اتصال دائم بالمشرف على رسالة الدكتوراة. وقد اتفق مع المشرف على اختيار  موضوع لدراسة الدكتوراة، هو: (التجارة إلى أرض الحرب) من طريق تحقيق مخطوطة لأحد العلماء المسلمين المغاربة، التي يعود تاريخها إلى ما يقرب من ألف سنة تقريبا. 

يقول في سياق ذلك: "استطعت -بالتعاون مع المشرف- الحصول على نسختين من نسخ المخطوطة، كانت النسخة الأول في الجامعة الأردنية في الأردن، وكانت الثانية في الخزانة العامة في المغرب".

ويضيف: "بدأت بتحقيق المخطوطة، وكانت الخطوة الأولى إعادة كتابة المخطوطة وطباعتها والمقارنة بين النسخ ثم ترجمة المخطوطة إلى اللغة الألمانية، وقد استغرق هذا جهدا عظيما ووقتا دام ما يقرب سنتين، غير أنّ المشرف أخبرني بعد ذلك بضرورة تغيير موضوع الدراسة؛ لأنه لا يصلح -برأيه- أن يكون أطروحة للدكتوراة؛ مما اضطرني بعد ذلك للبحث عن موضوع آخر".

بالفعل -آنذاك- لم يكن أمام العمري سوى اختيار موضوع آخر للرسالة، وكان يدور حول (اللجوء السياسي في الإسلام، دراسة مقارنة)، ولكن بعد سنة تقريبا تعرض المشرف لجلطة قلبية أقعدته عن العمل، فاضطرّ للتوقف للبحث عن بديل آخر، وقد كان من ضمن البدائل اختيار مشرف آخر، ولكن طلب منه الأخير  البدء من جديد، وقد بدا له ذلك صعبا جدا، ولكن لم يمنعه من مواصلة السير لتحقيق الهدف والطموح، وهنا، آثر العودة إلى بلده  الأردن، وفعلا عاد إلى الأردن، وفيها بدأ مشواره مرة أخرى من البداية، وسجّل في الجامعات الأردنية طالبا في مرحلة الدكتوراة، ولكن في تخصص جديد هذه المرة، وهو مناهج وطرق تدريس التربية الإسلامية، إذ لم يكن التخصص الأول متاحا في الجامعات الأردنية بعد،  وفعلا درس من جديد مدة أربع سنوات. إذ أنهى الدراسة عام 2005م.

 

 

 

اشتغالات بحثية

لقد كان شغوفا منذ مطلع دراسته في مؤسسات التعليم العالي بالبحث العلمي في مجال تخصصه، إذ لم يبخس نفسه جهدا في التنقيب عن الموضوعات الحيوية في مجال تخصصه في خضّم مشواره الأكاديمي. يقول الدكتور العمري: "قمت بحمد الله تعالى بكتابة عدد من الأبحاث العلمية ونشرها، في أثناء عملي في الجامعات، يزيد عددها على أربعة عشر  بحثا، كلها منشورة في مجلات محكمة، أذكر منها على سبيل المثال:

 

 

عنوان البحث:

1

-مدى تأكيد أعضاء هيئة التدريس في كلية الشريعة في جامعة القصيم على تنمية مهارات التفكير الإبداعي لدى الطلاب من وجهة نظر الطلاب أنفسهم

2-

-أثر برنامج تدريبي يهدف إلى تطوير قدرة طلبة المرحلة الثانوية على استنباط الأحكام الشرعية. مجلة كلية التربية.مشترك

3

-مضامين التفكير وضوابطه واستراتيجيات تنميته في القرآن الكريم. مشترك

4

-"أثر برنامج تدريبي قائم على استخدام السبر التبريري(الناقد) في مقررات الثقافة الإسلامية على تحصيل طلبة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية".

5

-أثر استخدام استراتيجية القبعات الست في التفكير في تحصيل طلبة كلية الشريعة في جامعة القصيم في مقررات الثقافة الإسلامية واتجاهاتهم نحوها.

6-

-أثر التدريس باستخدام استراتيجية خرائط المفاهيم الإلكترونية في اكتساب طلاب كلية الشريعة الناطقين بغير العربية لمفاهيم أصول الفقه في جامعة القصيم

7-




-أثر استخدام التصور الذهني في تنمية مهارات الاستماع الناقد لدى طلبة كلية الشريعة في جامعة القصيم

8-

-أثر استخدام الفصول الافتراضية في تنمية مهارات الحوار والتحصيل الدراسي والاتجاه نحو المقرر لدى طلبة كلية الشريعة في جامعة القصيم

9-

درجة توافر مهارات التفكير العلمي المستمد من القرآن الكريم في كتب

 التربية الإسلامية للتعليم ما بعد الأساسي بسلطنة عُمان

10-

مدى تمكن طلبة جامعة نزوى من مهارات البحث العلمي



صِنو التأهيل

هناك مجموعة  أسباب دعت الدكتور حسن إلى اختيار تخصص مناهج وطرق تدريس التربية الإسلامية، يقول: "أولا: قربها من تخصصي في مرحلتي الماجستير والدكتوراة، وهو الدراسات الإسلامية، ثانيا: حداثة التخصص، ثالثا: لكوني كنت معلما، وأعرف ما يحتاجه معلم التربية الإسلامية، ووجدت الحاجة ملحة إلى تدريب معلمي التربية الإسلامية على الطرائق الحديثة في تدريس التربية الإسلامية؛ لتحسين قدراتهم التعليمية، وحتى يكونوا أكثر قربا من الطلبة وفهم حاجاتهم، وتقديم فروع التربية الإسلامية بطرائق تنسجم مع متطلبات الواقع المعاصر، ومواكبة التقنية وما يتعلق بها".  ويضيف: "لذا أسعى في السنوات القادمة إلى تطوير نفسي علميا وأكاديميا، من طريق تحرير البحوث والكتب المتميزة والنافعة، والاطلاع على أحدث ما يُكتب في التخصص خدمة للعلم وأهله".

ويؤكد الدكتور حسن العمري أنّ للتأهيل التربوي، تحديدا ما يتعلق بمقرري المناهج وطرق التدريس، دورا في التأهيل النفسي لطلبة التأهيل التربوي، يقول: "في رأيي أن من أهم المواد التي يدرسها طلبة التأهيل، هي المواد المتعلقة بالمناهج وطرق التدريس؛ لأنها في رأيي المواد الألصق بالمعلم؛ كونه سيحتاجها في كل حصة دراسية يدخل فيها الغرفة الصفية، وهي الأكثر قربا منه؛ لأن الكتاب لا يفارق يد المعلم غالبا، فمعرفة طلبة التأهيل بأهمية طرائق التدريس وأنواعها وخصائصها والأسس التي بنيت عليها، يساعده جدا في أدائه معلما فعّالا، كما أن اطلاع المعلم على المناهج وأنواعها (بما فيها المنهج الخفي)، الذي ينبغي على المعلم الحذر منه والانتباه إليه في كل حركاته وسكناته، كما أن اطلاع المعلم على دور الكتاب في المنهاج المدرسي والمراحل التي يمر فيها تأليف الكتاب والأسس التي قام عليها بناء المنهج المدرسي، وعلاقة المعلم بالكتاب، كل هذا يوفر للمعلم ثقافة تساعده كثيرا في دوره معلما يمارس طرائق التدريس من الكتاب، إذ يشعر المعلم معها بالثقة والتأهيل النفسي".

 

 

 

نسق تنافسي!

ما أبرز التحديات التي واجهتك في تدريس هذين المقررين؟ سؤال ركّزنا عليه كثيرا للحصول على إجابة دقيقة. أجاب عنه العمري قائلا: "هاذان المقرران، خاصة مقرر طرائق التدريس، يجب أن يطغى فيهما الجانب العملي والتدريس المصغر على الجانب النظري، غير أن أعداد الطلبة في الشعبة الواحدة، غالبا ما يحرم كثير ا من الطلبة من حقهم في التطبيق".

ومن المؤكد أنّ هناك الكثير من الفروق الفردية بين الطلبة في العملية التدريسية التي تواجه الأستاذ؛ لذا يشير الدكتور حسن، نظرًا لخبرته الطويلة في هذا الحقل، إلى أبرزها أو أكثرها تعقيدًا، بالإضافة إلى طرق علاجها، يقول: "المشكلات التي سعيت جاهدا إلى حلّها، هي عزوف بعض الطلبة عن المشاركة الصفية لعدم وجود القدر الكافي من الثقة بالنفس عندهم، الأمر الذي يمنعهم من مواجهة الطلبة والمشاركة في تقديم العروض والتدريب على تقديم حصة صفية؛ ولكوني أعتقد جازما أهمية الثقة بالنفس للمعلم، أرى أنّ الحل في مساعدة هؤلاء الطلبة على تخطي هذا الحاجز النفسي الوهمي، وإقحامهم في بعض المواقف الصفية من طريق دعوتهم وتشجيعهم على الخروج ومواجهة الطلبة ولو مرة واحدة، وتقديم ما يحبون من نشاطات، وبشهادة كثير من الطلبة، نجحت هذه الطريقة في تخلّص كثير من الطلبة من هذه المشكلة وخلع الخوف والقلق من قلوبهم".

 

تحدٍّ واقعيّ

يسترّجع ضيف شخصية إشراقة بعض التجارب والمواقف التي واجهها مع طلبة التأهيل التربوي ... بيد أنّ هناك أكثرها استحضارا في ذهنه، يقول متحدثا عنها: "أخصّ تلك التجارب كان في التدريب على شرح الدروس التطبيقية، والخوف من مواجهة الجمهور؛ ومنه قضايا الضبط الصفي وضمان القدرة على السيطرة على الموقف الصفي، إذ تجد كثيرا من طلبة التأهيل في بداياتهم عندهم كثير من القلق تجاه مهنة التدريس، كيف يدرسون؟ كيف يتعاملون مع الطلبة؟ لكن بمرور الوقت يتلاشى كل ذلك".

ويضيف: "كانت أكثر التحديات في فترة كورونا؛ إذ إنّ مقرر طرق التدريس مقرر عملي، فكانت الدروس التطبيقية عن بعد، وخاصة مع وجود أعداد كثيرة من الطلبة في الشعبة الواحدة، وهذا لا يعبر عن الواقع الحقيقي للحصة المدرسية؛ بما فيها البيئة الصفية والتفاعل الصفي الحقيقي بين الطلبة والمدرس، وغيرها من الجوانب التي حرم منها المتدرب". 

 

حبّ وانتماء وإيمان

لم يتوانَ العمري عن تقديم نصيحتهللطلبة المقبلين على دراسة طرق التدريس ومناهجه، يقول: "أول هذه النصائح حب التخصص، والانتماء إليه والإيمان به، وكذلك الاستمرار في القراءة في كل ما يتعلق بمواضيع التخصص، كالأنشطة الصفية وطريقة اختيار الوسائل التعليمية واستخدامها، فطرائق التدريس كثيرة لا يمكن عدّها أو حصرها، والمادة العلمية في تطوّر مستمر يفرض واقعها مواكبته والبحث فيها؛ نظرا للتطوّر المستمر في هذه العلوم".

في حين، تمتلك جامعة نزوى توجّهات دؤوبة فيما يتعلق بمستقبل الدراسات العليا في طرق التدريس ومناهجه، يتحدّث الدكتور حسن هنا عن محاولات جادة للجامعة لمواكبة كل جديد على الساحتين الأكاديمية والعلمية؛ سعيا منها إلى خدمة العلم وطلبة العلم على الساحتين المحلية والدولية؛ لذا تسعى الجامعة إلى فتح برامج جديدة في المناهج وطرق التدريس، يقول: "تقوم حاليا -بالتنسيق مع كلية العلوم والآداب وقسم التربية والدراسات الإنسانية- بالإعداد لفتح برنامج الدكتوراة في المناهج وطرق التدريس. وقد وصل قسم التربية والدراسات الإنسانية إلى مراحل متقدمة في ذلك".

إرسال تعليق عن هذه المقالة