اضطراب عجز الانتباه والنشاط الزائد
كتبه: الدكتور أَحمد الفواعير
كلية العلوم والآداب
يعد شهر أكتوبر من كل عام شهر توعية باضطراب عجز الانتباه والنشاط الزائد (Attention Deficit Hyperactivity Disorder)؛ لذا نجدها فرصة سانحة لتعريف القارئ ببعض المعلومات عن هذه الفئة.
اضطراب عجز الانتباه والنشاط الزائد (ADHD) اضطراب شائع يؤثر على الأطفال والبالغين على حد سواء. ويعرف بمسميات عدّة، منها: اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط - قصور الانتباه وفرط الحركة، إذ يعد اضطرابًا معقدًا يمكن أن يؤثر على العديد من جوانب حياة الشخص الذي يعاني منه، بما في ذلك التركيز والانتباه، والتحكم في الاندفاعات العاطفية، والتنظيم الزمني، والأداء الأكاديمي أو المهني. وقد أشارت دراسات عدة إلى عدم وجود أسباب واضحة ودقيقة عن سبب حدوث الاضطراب؛ ولكنها أكدت وجود ارتباط بين اضطراب عجز الانتباه والنشاط الزائد وبعض العوامل، مثل: التاريخ الأسري، والتعرض للسموم، والتعرض لإصابات في أثناء الحمل أو الولادة أو الشهور الأولى بعد الولادة.
ويتميز اضطراب عجز الانتباه والنشاط الزائد بثلاثة أعراض رئيسة:
-
التشتت وقصور الانتباه: وتتمثل بالصعوبة في البقاء منتبهًا ومركزًا على مهام معينة وصعوبة في اتباع التعليمات والتوجيهات خاصة المعقد منها، والانجراف بسرعة إلى أفكار أو مهام أخرى، وعدم الاهتمام بالتفاصيل والوقوع في الكثير من الأخطاء بسبب الإهمال الذي يؤدي إلى نسيان الأنشطة اليومية وفقدان أدواته، ويبدو كأنه لا يستمع لمن يتحدث معه.
-
فرط الحركة: وتتمثل بالحركة الزائدة والاستمرار في الحركة بشكل غير مناسب، مثل: التأرجح في أثناء الجلوس على الكرسي، وعدم القدرة على الجلوس هادئًا في مواقف تتطلب ذلك، ويغلب عليهم الثرثرة والتحدث كثيرًا والملل بسرعة.
-
الاندفاعية واضطرابات في التنظيم السلوكي والتنظيم الزمني: وتتمثل بالصعوبة في إدارة الوقت والتنظيم الشخصي، وغالباً ما يكون لديهم صعوبة في الالتزام بالجداول الزمنية والمهام. كما يقومون بالإجابة عن الأسئلة قبل الانتهاء من طرحها وأحيانًا مقاطعة الآخرين في الحديث، وصعوبة انتظار الدور، والتهور في الإقدام على بعض الأنشطة الخطرة دون التفكير بعواقب الأمور
وتؤثر الأعراض السابقة لاضطراب عجز الانتباه والنشاط الزائد (ADHD) على حياة الأشخاص الذين يعانون منه، وتظهر في صعوبة متابعة الدروس وإنجاز الواجبات المدرسية، وصعوبة في الالتزام بقواعد السلوك الاجتماعي والتفاعل بفعالية مع الآخرين.
وقد تتفاوت بعض الأعراض عن غيرها في الظهور باختلاف الفئة العمرية؛ كأن يظهر النشاط الزائد والاندفاعية في عمر الطفولة المبكرة، وبعد دخوله المدرسة يظهر عجز الانتباه أكثر مما كان عليه سابقًا. كما تتفاوت ظهور أعراض هذا الاضطراب بين الذكور والإناث، فقد يظهر تشتت الانتباه وعجزه لدى الإناث أكثر منه لدى الذكور، بينما تظهر أعراض الاندفاعية والنشاط الزائد (فرط الحركة) لدى الذكور أعلى من الإناث. وأما الأكثر انتشارًا فهو ظهور كافة أعراض تشتت الانتباه مع فرط الحركة والاندفاعية بنفس الدرجة لدى الشخص.
وقد يعاني بعض الأشخاص الذين لديهم اضطراب عجز الانتباه والنشاط الزائد من صعوبات التعلم، خاصة عسر القراءة وعسر الحساب التي تزيد من صعوبة الحفاظ على الترتيب، والاستيعاب، والاستجابة للأوامر أو الطلبات لدى الأشخاص، خاصة ذوي الاضطراب. كما يتصف الأشخاص الذين لديهم اضطراب عجز الانتباه والنشاط الزائد بكثرة الجدال، وسرعة الغضب وفقدان الأعصاب، ورفض اتباع القواعد، وإلقاء اللوم على الآخرين، وإزعاج الآخرين عمدًا، ويغلب على طبعهم العنف بأنواعه (لفظيًّا أو جسديًّا)، والهروب من المدرسة أو المنزل. أما بالنسبة للبالغين فإنهم غالبًا ما يقومون بتصرفات توقعهم في مشاكل قانونية بسبب طباعهم العنيفة.
ويعتمد علاج اضطراب عجز الانتباه والنشاط الزائد على ثلاث جوانب تكمل بعضها بعضا، هي: العلاج الدوائي والعلاج السلوكي والعلاج التربوي، إذ نلجأ أحيانًا إلى الأدوية لمساعدة الشخص على زيادة التركيز والانتباه مدة أطول، وتقليص الحركة والاندفاعية، أما العلاج السلوكي والتربوي فيعتمد على تعديل سلوكيات الشخص من طريق أساليب واستراتيجيات تعديل السلوك يتم استخدامها وتطبيقها؛ لاستبدال سلوكياته الإيجابية بِالسلبية، وتدريبه على اكتساب مهارات جديدة.
وفي الختام، على ولي الأمر أن يدرك أنّ اضطراب عجز الانتباه والنشاط الزائد ليس سببه إهمال الوالدين وسوء تربيتهم لأبنائهم أو الألعاب الإلكترونية والإدمان عليها، أو حتى تناول السكريات، إنما هو اضطراب عصبي بيولوجي ينتج عن وجود اختلال كيميائي في الناقلات العصبية، وقد يكون سببه وراثيًّا. بالرغم من أن تلك الأمور قد تزيد من حدة الأعراض، ولكنها لا تُسببه. كما يجب على ولي الأمر إدراك حقيقة أن الأدوية التي يصرفها الطبيب لهؤلاء الأشخاص بهدف زيادة تركيزهم وانتباههم مدة أطول، وتقليص الحركة والاندفاعية تعد من العلاجات الآمنة نسبيًا، ولا تسبب الإدمان.