السنة 18 العدد 172
2023/10/01

أثرها كان واضحًا في شخصيتها …

فتاة تتنفس القراءة، وتهرب بها إلى رفعة ورقي

 


 

 

 

استمع إليها: أميمة بنت سليمان الحاتمية

 

مع زخم الحياة وزيادة وسائل الترفيه فيها؛ أصبح الجميع يبحث عن طريقته الخاصة ليسدّ بها أوقات فراغه؛ هروبًا من الروتين والعمل اليومي. كذلك هي شَهد بنت فائل الحربية، خريجة في كلية العلوم والآداب بجامعة نزوى، التي وجدت من القراءة مُتنفسا لها؛ استطاعت بذلك أن تجد ما يملئ الجزء الذهبي من حياتها الجامعيّة بمجموعة من الكتب كانت سبب دخولها إلى عالم القراءة الشائق، إلى أن أصبحت القراءة بالنسبة لها حاجة يوميّة لا هواية تُمارس؛ فكان الحصاد وفيرًا، فَالقراءة حياة تتوغل داخل الجسد لتكسبه حياة أُخرى غير التي عهدناها، تلك الحياة التي هي نتاج أفكار مجموعة من الكتب أسهمت فيما بعد في تشكيل ثقافة وأسلوب حياة شهد والقُرّاء الآخرين.

تُعدُّ القراءة ملجأ لمن أراد الهروب من واقع الحياة الرتيب، وفُسحةً لمن اعتاد على العمل وضجيج الحياة. ومما لا شك فيه أن حوارات القُرّاء دائمًا مُمتعة نجدها فُسحة أملٍ لنا، نلامس بها حصاد أفكارهم وثقافتهم؛ لذا نفرد لها فصلا من فصول موهبة العدد في "إشراقة". 

 

هل القراءة مُتنفس أم موهبة؟

في رأيي أن القراءة ليسَت مَوهبة، بل هي مُتنفس، ومن أراد أن يتثقف في موضوع معيّن فَعليه بِالقراءة مُباشرةً، ولن يجد حلًا غير ذلك؛ باعتبار أن القراءة نُور للعقل؛ فتُوسّع نظرتنا ومداركنا للأشياء مِن حولنا.

ومما لا شك فيه أن لها أهميّة بالغة، فهي ذُكرت في القرآن الكَريم واحتلت مكانة رَفيعة ومنزلة كريمة في الإسلام؛ فأول آية نزلت على نبينا محمد هي "اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ". ومن الجدير بالذكر أن أعظم قِراءة هي قراءة القرآن وتدبر معَانيه والتعمق في تفسيره؛ فكُلما قَرأه الفرد وتدبر وتمعّن فيه؛ حاز عَلى أعظم الفوائد، واستنار عقله وصلحَ حاله وقَلبه، وبعد القرآن بطبيعة الحال تأتي قراءة الكُتب بشتّى أنواعها.

 

لماذا تقرأين؟

تساعدني القراءة في حَلِّ بعض ما قد يواجهني في الحياة من مواقف. أستطيع أيضًا منها الاستفادة من بعض تجارب الآخرين وقصصهم في الحياة، وما مروا به من أوقاتٍ عصيبة وكيف استطاعوا تجاوزها. إنّني وبلا شك أراها حاجة يوميّة حالها حال أي عمل يومي اعتدت القيام به، ومن جانب آخر تنمي أيضًا مواهب عَديدة كالكِتابة على سبيل المثال، فالغالبيّة يرى أنّ القراءة هي أصلُ الكِتابة، فمتى ما أشبعت جوفك بالقِراءة وأصبحت شغوفًا بها تستطيع أن تكتب وتدوّن، حتى لو لم تكُن موهوبًا، ولا عجب أن نقول إن القراءة سببًا أساسًا في رِفعة الإنسان.

 

ما الدافع الذي يجعل من الشخص قارئًا، وهل مكان القراءة لهُ تأثير على القارئ؟

 

في بادئ الأمر يجب عليّ أن أُنوّه أن هُناك دافعا مُهما يَجعَل من الشَخص قارئًا وهو حُب الاطلاع؛ وذلك لزيادة المعلومات سواءً أكانت العِلمية أم الأدبيّة، على سبيل المثال لا الحصر زيادة الحَصيلة اللغوية وتحسين مهارة القدرة على التَعبير والتحدّث بالفُصحى. وبِما أنّ القراءة تزيد من وَعي الفَرد فهذا أيضًا دافعٌ مُهم يجعل مِنك شَخصًا شَغوفًا بالقراءة.

مِن الدوافع أيضًا التي تَجعلني أستمر في القراءة، مُحاولة نَشر الوعي بين الناس؛ فهي تَجعلُ القارئ شخصًا يُفكّر من زوايا مُختلفة ومُتعددة؛ وهذا بدوره يَجعلُنا أكثر تَقبُلاً وتفهمًا للاختلاف الحاصل بين الناس؛ فهي طوق نجاة من الجَهل ومتاهات الحياة. ومكان القراءة بطبيعة الحال له تأثير كبير على القارئ؛ لذلك يُفضّل أن تكون القِراءة في مكانٍ هادئ بعيدًا عن الضوضاء.

 

كيف كانت بداية شهد مع القراءة؟

علاقتي مع القراءة كَانت بسيطة جِدًا، بدأت عندما اكتشفت تآثير الكُتب الواضح في زيادة الوعي على الفرد، فأصبحت أدرك تمامًا مَدى أهمية امتلاك حصيلة كبيرة من الكُتب والشروع في قراءتها. بدأ الأمر معي عندما قررّت قراءة كتاب (فاتتني صَلاة)، فكان هذا الدافع الأساس لي لأقرأ من بعده كتب أخرى، وأدعو الجَميع، مما لا شك فيه، باقتنائه وقراءته؛ لِما له من تأثير كبير على القارئ نفسه.

أيضًا من أوائل الكُتب التي بدأت في قراءتها كِتاب (لا تَحزن) للدكتور عائض القرني، وهو أيضًا كان من الكتب التي انبهرت بها فكان أيضًا دافعًا لي في القراءة.

 

كم كتابًا تقرأ شهد في الشهر وفي العام أيضًا؟

يَعتمد ذلك عَلى حَجم الكِتاب وعلى الكَم والمحتوى، فأحيانًا أرى نفسي أنني قد قرأت ٣ كُتب، وفي بعض الأحيان أكتفي فقط بكتاب واحد؛ لأن بَعضا منها يحتاج إلى تركيز عالٍ لِفهم مضمونه. ورُبما يرى بَعضهم أنّ قراءة كتاب واحد فقط قليل جدًا؛ ولكن هناك بعض العناوين تحتاج مني إلى تمعنّ وتركيز، وبطبيعة الحال هذا التركيز يأخذ مني وقتًا أطول.

هذا السؤال أيضًا ذَكّرني بمُقابلة للدكتور عائض القرني قال فيها: "مَن يقرأ ١٠ صفحات بِفهم سوف يأتي بعد ١٠ سنوات مؤثرا وله اسم في الوَطن وسَوف يُحترم في مكانه"؛ أي أنّه من يقرأ ١٠ صفحات مدة أو ربع ساعة أو عشرين دقيقة في تخصص يُعجبه سوف يُصبح مؤثرًا على مِن حَوله، وأنا أُوافقه الرأي بالتأكيد.

أما بالنسبة لعدد الكتب التي قرأتها في العام الواحد فهي بطبيعة الحال تختلف من عام لآخر؛ أي أنّ الحَصيلة تعتمد على نوع الكُتب والكَم أيضًا كما أسلفت سابقًا، ولكن مُجملاً أنجزت قراءة ١٠ كُتب في العام الماضي، وهذا العدد ليس ثابتًا، فهو قابل للزيادة في بعض الأحيان، وكما ذكرت في بداية حديثي يعتمد على محتوى الكتاب نفسه.

 

 

 

ما نوع الكتب التي تجذب شهد، وما الخطّة التي تتبعينها في القراءة؟

في الصدارة تلك الكُتب التي تتحدث عَن الدين؛ لأنني أجد أنّ محتوى هذا النوع مِن الكُتب يشمل العديد من الأمور؛ فهي تجعل من الشخص أكثر وعيًا في أمور حياته ودينه، تشمل أيضًا العديد من القِصص القصيرة ذات العِبرة. بعدها: القصص القصيرة والروايات ودواوين الشعر الفَصيح، وعلى وجه الخصوص ديوان الإمام الشافعي. ولا توجد لديّ إلى الآن خطّة مُحددة للقراءة، فكلّما وجدت وقتًا مُناسبًا لي قرأت فيه، ولَكن مُستقبلاً أسعى إلى وضع خطّة معينّة ومنظمة لذلك بالتأكيد.

 

ماذا صنعت القراءة من شهد؟

صَنعت منّي شخصية جَميلة، لَبقة عند التَحدث أمام الناس، شَخصيّة أكثر وعيًا ونضجًا، ازدادت ثقتي بنفسي، أصبح بمقدوري أن أتخذ قرارات أكثر صوابًا، زاد اهتمامي بالعلم والمعرفة، كما أنني موقنة تمامًا أن القراءة تأخذك خطوة بل خطوات لفهم نفسك؛ تجعلك تُبصر بالعوائق قبل الاصطدام بها. وهي أيضًا حِوار مع الأفكار والمعتقدات والآراء.

 

ما الأثر الذي تتركه القراءة في نفس شهد؟

أثرها كان واضحًا في شخصيتي، جعلتني أكثر تقبلاً لاختلاف الآراء وصاحبة رأي مُقنع في كثير من الأحيان، وهذا ما لاحظته مؤخرًا مع مرور الوقت، بالإضافة إلى أنني التمست أثَرها في تصرفاتي وتعاملي مَع الآخرين، أوصلتني إلى مرحلة من الوعي، تغيّرت بَعض قناعاتي في بعض أمور الحياة، أصبحت أكثر إدراكًا للأمور والمستجدات من حَولي. فأنا أقرأ لأرتقي، وأقرأ لتغيير نفسي وتطوير أفكاري ومعتقداتي. 

 

نصيحة شهد للقُرّاء المبتدئين..

مما هو مُتعارف عليه أن للقراءة أثرا كَبيرا في صَقل جميع الشخصيات، نحن نقرأ لنُحيي هذه الأمة، ولرِفعة الإنسان بالتأكيد. عَليكُم بالاختيار الصَحيح وانتقاء ما تقرؤونه بدقة. نصيحتي الدائمة لكُل قارئ أن يقرأ نبذة بسيطة عَن الكِتاب قَبل شرائه، أو أن يسأل ويأخذ بآراء القرّاء أصحاب المدونّات الكتابيّة المنتشرة الآن في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة