السنة 18 العدد 171
2023/09/01

الوسيلة الأمثل للترفيه والاستجمام ...

 

السَّفر لدى طلبة جامعة نزوى بين مكاسبه وعقباته

هواية تُمارس من وقتٍ إلى آخر، ووسيلة للترفيّه واكتساب المعارف

 

 


 

 

استطلاع رأي: أُميمة بنت سُليمان الحاتميّة

 

لعلّ أول تعريف يتبادر في أذهاننا عندما نطرح موضوع السّفر هو الانتقال من مكان إلى آخر لهدف أو لغاية معيّنة. إن الأسباب التي تجعل الشّخص محبًّا وهاوٍ للسفر كثيرة بلا شكّ، ففي بادئ الأمر يُجمِع غالبيّة الطلبة على أن عاملي الترفيّه والاستجمام بعد ضغوطات العمل والدراسة الجامعيّة سببًا يدفعهم إلى خَوض هذه الّتجربة المُمتعة.

 

وفي موضوع خاص بين طلبة جامعة نزوى من مُختلف كليّاتها، قامت مجلّة "إشراقة" باستطلاع آراء عددٍ من طلبة الجامعة، تدور حول هذا الموضوع وما قد ينتج عنه من مكاسب وعقبات؛ مؤكدين جميعهم على إيجابياته الجمّة، وما يعود للطالب من راحة نفسيّة واكتساب ثقافات مُغايرة تؤهلهم لبناء شخصيّات مُتطلّعة إلى كلّ ما هو جديد.

 

 

 

 

 

 

بدأ الاستطلاع بأول سؤالٍ وجّه إلى مجموعة منهم، كان الهدف منه قياس الآراء المتباينة، وما مدى تأثير هذا الموضوع على طلبة الجامعة بشكل خاص؛ سواءً كان هذا التأثير سلبًا أم إيجابًا، فبادئ ذي بدء، قالت ملاك الغافريّة، طالبة في تخصص علوم الكيمياء بكليّة العلوم والآداب،: "أصبح السفر الآن وكأنّه حاجة ضروريّة لابد للجميع أن يغتنمها إن سنحت له، ولا أقتصر بقول السفر أن يسافر خارج البلاد؛ وإنما توجد بدائل أخرى هنا في وطننا يستطيع الفرد -بشكل عام- أن يقضيّ لفترة من الوقت؛ سواءً أكان برفقة عائلته أم أصدقاءه". وأكدت جمانة الغافريّة، التي هي أيضًا تدرس تخصص علوم الكيمياء، على رأي ملاك، قائلةً: "نمرّ بضغوطات دراسيّة كثيرة؛ لذلك نحتاج دائمًا إلى الراحة والاستجمام ما بعد الفصول الدراسيّة المُرهقة، وأجد أنّ السفر الآن أصبح حلًا من الحلول لمن يستطيع ذلك بالتأكيد". 

 

كيف ترى فكرة الموضوع؟

 

أصبحت فكرة السفر الآن رائجة يسعى إليها كُلّ من لديّه الفرصة في ذلك، مُحاولين اقتناصها لما لها من عائد إيجابي على الفرد نفسه، فترى فوزيّة الحارثيّة، طالبة اللُغة العربيّة بجامعة نزوى أن السّفر والتّرحال بحثًا عن الجديد يُعدُّ واحدًا من أبرز الطرق التي تُكسب الطالب العديد من المعلومات، كما أنها تمنحه فرصًا متنوعة لاكتشاف المزيد أيضًا، من جانب آخر يستطيع الطالب المُسافر بحثاً عن العلم اكتشاف العديد من الأشياء المخفيّة، التي قد تُعدُّ -في الوقت حينه- مفتاحًا للكثير من العلوم.

 

 

 

 

 

 

وتضيف: "مما لا شكً فيه أن أغلب علماء العرب والمسلمين ترحلّوا من موطن ولادتهم إلى بلدان أخرى بحثًا وطلبًا للعلم؛ الأمر الذي أدّى بهم إلى اكتشاف الكثير من العلوم. وعليه، فإن السفر يُعدُّ ذو قيمة عظيمة لطالب العلم أو المحب لهذه الهواية، ومن هنا نستحضر قول الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام: (ما من خارج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضًا بما يصنع). ومما هو جدير بالذكر أن السفر يُعد وسيلة للترفيه عن النفس، ومنها يستطيع الطالب أن يفرَّغ جُلَّ طاقاته السلبية ويُريح عقله من المشاغل والهموم، وتسهل عليه التفرّغ التام لطلب العلم".

 

 

 

 

 

 

وهذا ما أكدّ عليّه طه الرقيشي أيضًا، فقال هو الآخر: "إنّ من الأمور المُميّزة عند المسافر أنّ لديه الحرية المطلقة والوقت الكافٍ للتعلّم والدراسة واستغلال وقته فيما يُريد ويشاء. ولكن من جانب آخر يصعب عليه أيضًا العيش وحيدًا وبعيدًا عن أسرته، لما للموضوع من تبعاتٍ أيضًا؛ وذلك في حال حصول أمر قد يخصّ أسرته -على سبيل المثال لا الحصر- في بلاده؛ فإنه يتطلّب منّه الكثير من الجهد والوقت والتكلفة للعودة والاطمئنان عن الحال، أو أن لديه الخيار الأصعب وهو أن يستمرّ ويكمل فيما جاء إليّه ويتخلّى عن فكرة العودة، وهذا فيما يخصّ السفر من أجل طلب العلم، ولكن بالتأكيد هنالك أغراض أخرى من السفر؛ كهاوٍ يُحب ممارسة هوايته من وقتٍ إلى آخر، أو ما يُعرف بفترة النقاهة والاستجمام ما بعد فترة عمل طويلة وشاقة".

 

وزاد على ذلك سيف العويسي، تخصص التربيّة في اللغة العربيّة، مُختصرًا: " أراها فكرة مناسبة لطالب العلم الذي يجدّ ويجتهد، ويمضي بضع سنين منكبًا على كتابه؛ لذلك لابد من السفر بين فترات لينسى تعبه بين فترة وأخرى.". بينما أشارت ميعاد الغافريّة في هذا الموضوع قائلةً: "إن السفر حلًّا من الحلول الكثيرة الواردة التي يُفكر بها غالبيّة الناس في وقتنا الحاضر؛ يرجع ذلك إلى الخدمات والتسهيلات المُتاحة للجميع الآن، ولا تقتصر فكرة السّفر على طالب العلم فقط مثلما كانت في السابق، بل يستطيع الآن كُلّ من لديه الرّغبة والمقدرة الماديّة على السفر مباشرة إلى الوجهة المُفضّلة لديه".

 

ما إيجابيات الموضوع ومكاسبه؟

 

في هذا السياق تقريبا كادت الإجابات جميعها أن تكون مُتشابهة، فهي بالتأكيد لا تُعدًّ ولا تُحصى، إذ قالت فوزيّة في إجابتها عن هذا السؤال: "السفر من أجل طلب العلم له إيجابيات عديدة ومتنوعة؛ وذلك لأن السفر الوسيلة التي يستطيع الطالب منها التفريغ عن مشاكله وطاقاته السلبية كذلك. أيضًا يُعدُّ السفر أحد الوسائل التي يستطيع الطالب منها اكتشاف العديد من الثقافات المتنوعة والمختلفة من البلدان التي يزورها، الأمر الذي سيفتح له مجالات عديدة أيضًا للدراسة والبحث عنها. من جانب آخر كذلك يُعد وسيلة تُمكّن الطالب من الاعتماد التام على نفسه؛ يرجع ذلك إلى أنّه سيكون بعيدًا عن بلده وأهله؛ لذا سيُجبرُ للاعتماد على نفسه؛ مما سيساعده على كسب ثقة عالية وقدرة على التغلّب على المصاعب التي من المُمكن أن يواجهها، بالإضافة إلى أنّه سيلتقي بالعديد من الأشخاص من مناطق جُغرافيّة مختلفة؛ مما سيساعده لاحقًا على تعلّم ومعرفة العادات والتقاليد المختلفة لكل بلاد، وما يجب أن ننوّه عليّه أن السفر الوسيلة والوجهة الأفضل لمن أراد أن يُرفه عن نفسه سواءً كان طالبًا أم عاملًا".

 

 

 

 

 

 

بينما كان رأي طه كالآتي: "يمكن أن يكون المُسافر مُتفرغًا لجميع اهتماماته، ولديه الوقت الكافي لذلك، بالإضافة إلى أنّه مُتخليًّا عن مسؤولياته الاجتماعية بُحكم البُعد؛ لذا لديه القدرة على تنظيم وقته حسبما يشاء؛ لرغباته التي ذهب من أجلها سواءً كانت للدراسة أم غير ذلك. بالإضافة إلى أن نتيجة ابتعاده عن بيئته والتعرّف على ثقافات وشخصيّات مختلفة تمكّنه من تشكيل ثقافة معيّنة في طريقة التعامل مع مُختلف الأفراد من بيئات مُختلفة؛ مما يُمكنه من اختيار دائرته الخاصة من العلاقات حاضرًا ومُستقبلًا".

 

وأضاف: "وما يجب الإشارة إليّه أيضًا فيما يخصّ الإيجابيات هي أن باستطاعة الفرد أن يُقوّي شخصيّته؛ وذلك لاعتماده الكلّي على نفسه في قضاء حاجاته الأساسيّة من الأكل والنقل والتنظيف والاهتمام بنفسه".

 

 

 

 

 

 

فيما كان لسيف أيضًا وجهة نظره الخاصّة، إذ قال: "بشكل خاص يستطيع الطالب أن يُرفّه عن نفسه، فهي وسيلة جيّدة لينسى فيها هموم دراسته وضغوطاتها لفترة، وكذلك حال من يعمل في المؤسسات بشكل عام، فقد قال الإمام الشافعي: (سافر ففي الأسفار خمس فوائد .... وذكر منها: اكتساب علمٍ). يكسب الطالب أيضًا الكثير من المواهب ويصقل عقله من هذه الرحلات التي تعلّمه كيفيّة التعامل مع ما يدور من أحداث في حياته العمليّة سواءً كانت أم العاديّة التي دائمًا ما كانت ولا زالت تتقلب وتدور ما بين حلوة تارة وتارةً مُرّة". ولم تخرج ميعاد بعيدًا عن إجابات زملائها الطلّبة، فقالت: "في المقام الأول عندما نُفكر في السفر؛ فـإننا نُفكر في الجانب النفسي لكلّ واحدٍ منّا، فنحن نُسافر لنرفّه عن أنفسنا من ضغوطات الحيّاة، ولا شكّ في أنّ حُبّ الاستطلاع واستكشاف المدن والبحث عمّا هو جديد وغير مألوف هي رغبة حقيقيّة نودّ استكشافها بطبيعة الحال".

 

ما أبرز العقبات والمحطات؟

 

وكأي موضوع آخر له من الإيجابيّات الكثيرة، ففي الجانب الآخر لابد له من سلبيّات يراها مُعظم من مرّ بهذه التجربة؛ لذا قالت فوزيّة بشأن هذا الموضوع: "عند التفكير في السفر لدولة غير مسلمة، يجد المسافر صعوبة في بعض الأحيّان في التعامل مع الأشخاص من الديانات الأخرى، وخصوصًا ممن يكنون عداوات مع ديننا الحنيف، وليس بالضرورة أن هذه المسألة واردة، ولكن لربما قد تحدث. ومما لا شكّ فيه أيضًا الابتعاد عن الأهل وما يمكن أن تسببه الغربة من ألم وشوق قد يؤثر نفسيًّا على الفرد الذي يودُّ قضاء فترات طويلة في بلاد الغربة. وأخيرًا الحالة المادية التي من المُمكن أن تؤثر سلبًا بالتأكيد، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار كذلك".

 

 

 

 

 

 

بينما كان رأي طه: "التأقلم البطيء عند بعض الأشخاص يجعلّه عائقًا في الاندماج مع البيئات الجديدة، خصوصًا إن كان ذاهبًا لطلب العلم. من جانب آخر تكلفة الرحلات العالية من النقل والمسكن وغيرها من الحاجيّات الضروريّة اللازم توافرها". وكان رأيُ سيف أيضًا مطابقًا لرأي طه. فيما قالت ميعاد إنّ أساس ما يُعيق بعضهم عن السفر هي الحالة الماديّة؛ أي عدم مقدرته على تحمل التكاليف الماديّة، تضيف: "وإذا أردنا الحديث عن المجتمع العماني بشكل خاص -فيما يخص السفر- فإن شريحة كبيرة من الأسر لا تؤيد السفر بالنسبة للفتيات، سواءً كانت الفكرة للدراسة أم الاستجمام، ولعلّ هذه من أبرز العقبات التي تمنع الفرد من السفر من وجهة نظري الخاصّة".

 

سافر بلا تردد!

 

وتعلّق سلوى عبدالله، طالبة في كلية العلوم والآداب بالجامعة، إجمالا على الموضوع قائلة: "يدفعك السفر إلى التعرّف على نمط العمارة المختلف الذي تتميّز به بعض المدن عن غيرها من حيث الشكل والهندسة والألوان الزاهية. كذلك من المكاسب أنّك تكون مضطرّا لممارسة الرياضات المختلفة، مثل: المشي أو الجري أو ركوب الدراجات الهوائية والنارية وغير ذلك ... فهذه الثقافة تعد رائجة بين المسافرين لأهميتها في اكتشاف المدن والشوارع والأزقة وما تتميز بها من تفاصيل وملامح".

 

 

 

 

 

وتضيف: "في كثير من الدول، خاصة في أوروبا، نجد أنها تضمُّ ساحات رئيسة تتوسط المدينة، هذه الساحات غالبا ما تكون نقطة تجمع تحتضن الأحداث المهمة والبارزة لمختلف المناسبات والأحداث، كما أنها تتميّز بوجود مبانٍ تنفرد عن غيرها لتكون وجهة تحظى باهتمام خاص. وتتمتع عين السائح برؤية مجسمات تذكارية تنتشر تخليدا لذكرى أحداث أو أشخاص قدّموا الكثير للبلد ... وهناك الكثير من النماذج التي يعرفها الجميع الآن بفضل وسائل الإعلام الجديد". وتختم حديثها بعبارة تتخذها شعارا لها: "سافر بلا تردد ... كن كالطير محلقا من بلد إلى آخر. سافر لترى وجوها مختلفة للحياة، سافر لتكتشف نفسك من جديد".

 

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة