نافذة نفسية
اضطراب الوسواس القهري (2)
د. محفوظة بنت راشد بن سعيد المشيقرية
أستاذ مساعد واستشارية بمركز الإرشاد الطلابي
حاول أن لا تفكر في وردة حمراء … أرأيت؟ بالتأكيد أتت صورة الوردة الحمراء في ذهنك وكأنك تراها أمامك.
عزيزي القارئ ...
أي فكرة تحاول منعها ستأتيك! فَالشيء نفسه ينطبق على أفكارك الدخيلة؛ لأن محاولة عدم التفكير فيها سيجلبها ذهنك إليك. والشيء الأكثر أهمية عند التعامل مع الوسواس القهري هو كسر دائرة الفكرة الوسواسية وتصحيحها بفكرة أخرى.
لذلك كل ما عليك فعله الآتي:
-
أقبل على الفكرة الوسواسية ولا تحاول التخلص منها، واعلم أن الجميع أيضًا لديه أفكار غريبة أحيانًا ... بل قلْ لنفسك إنها فكرة غريبة ولا تعني أي شيء، ولا تعني أيضًا أنك شخص سيء.
-
تعرف بعناية على أفكارك غير المرغوبة (الوسواسية)، والأفعال التي تعمل على تنفيذها؛ من أجل تصحيحها.
-
واجه بعض الأفكار التي تخاف منها بشكل تدريجي؛ وذلك بعمل مدرج القلق؛ ولِمساعدتك على ذلك ابدأ بالأسهل أولاً، مثلاً:
-
إذا كان الشخص لديه وسواس قهري وصعوبة في مغادرة المنزل كل يوم، كأن يتحقق من جميع الأجهزة 15 مرة على أقل تقدير قبل مغادرة المنزل. فَعليه في البداية كتابة تلك الأشياء التي يقوم بالتحقق منها.
-
ثم عليه أن يرتبها من الأسهل إلى الأصعب، ويحدد أيًّا منها الأصعب.
-
بعد ذلك يقوم برسم مدرج القلق ويبدأ من الخطوة (1) على مدرج القلق (الأقل صعوبة)، ثم يحدد عدد المرات التي يقوم بالتحقق منها. ثم يجرب الحد الأدنى الذي يمكنه القيام به.
-
عليه القيام بالخطوة (1) في يوم واحد.
-
عندما ينخفض القلق من الخطوة (1) إلى أقل مستوى، ينتقل إلى الخطوة (2). (الشكل في أدناه يوضح مدرج القلق).
مثال: أحمد يعاني من الوسواس القهري ويقوم كل يوم قبل مغادرة المنزل بالتأكد من إغلاق الأشياء، نصحه أحدهم بتحديد مخاوفه وترتيبها من الأقل خوفًا إلى الأكثر، وبعدما قام بترتيبها كما هو موضح في الشكل في أعلاه. بَدأ بالخطوة (1) بالتحقق من محابس الكهرباء أو ما يسمى بمقابض الكهرباء مرة واحدة فقط قبل أن يغادر المنزل، في البداية شعر أحمد بالقلق الشديد وهذا أمر طبيعي يحدث لكل من يعاني مثلما يعاني أحمد، ولكن تدريجيًا بدأ خوفه يتناقص، وبعد التكرار مرات عدة انتقل أحمد إلى الخطوة (2) الأنوار، حتى وصل إلى مرحلة أنه تمكن من الخروج من المنزل دون التأكد من المحابس أو الأنوار، ثم انتقل إلى الخطوة (3) الغاز ... وهكذا حتى تمكن أحمد من علاج نفسه بمواجهة وسواسِه وتحديه بتنفيذ عكس ما تقول له الفكرة الوسواسية.
-
قل لنفسك إنها مجرد فكرة، وهي مزعجة لأنني أعطيها أهمية كبيرة.
-
اكسر دائرة الوسواس القهري بمواجهته بدلاً من الانقياد إليه، فكلما راودك الشعور نفسه أو الأفكار الوسواسية، تحداها وتجنب تنفيذها … اعلم أنك سوف تتألم قليلًا في البداية، فقط تحمل أنت قادر على مواجهتها وتحديها، وستجد نفسك في النهاية قد تخلصت منها.
-
تدرب على الاسترخاء واليقظة الذهنية، فقد يساعدك ذلك على الهدوء واكتساب حالة من السكينة الداخلية، التي بدورها ستعينك على الحد من الوساوس لتقليل الانزعاج.
-
اطلب من أسرتك مساعدتك بعدم تطمئنك عند سؤالك عنها أو إخبارك أنك غير مصاب بشيء، إذ إن ذلك من الممكن أن يمنعك عن مواجهة ما تخشاه حقًا.
-
اثنِ على نفسك وكافئها كلما وجدت نفسك أنك لم تقم بفعل الوسواس القهري.
-
نفذ ما تخاف منه وستجد أنه سيتلاشى مع الوقت، فمثلاً: إن كنت تخاف لمس القمامة، قم بلمسها دون قفازات ولا تغسل يديك بعدها.
-
تجنب استبدال الأفعال القهرية القديمة بأخرى جديدة، كأن تقوم بتجنب فرك يديك باستمرار بدلاً من غسلها.
-
تذكر أنك وحدك المسؤول عن صياغة أفكارك وتقرير مصيرك.
همسة: عزيزي القارئ ... تذكر أن نسبة التعافي من اضطراب الوسواس القهري قد تصل إلى 80%، فعندما يستخدم الشخص جميع الطرق المناسبة للعلاج، مثل: العلاج المعرفي السلوكي مع العلاج الدوائي، يحصل تحسن تدريجي للمريض يصل إلى نسبة عالية من التعافي ... كن على الموعد في مقالنا القادم الذي سنتعرف فيه على اضطراب آخر إن شاء الله.