دراسة تفشي حشرة دوباس النخيل باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي
زهرة العبرية
مساعد باحث
كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج
حشرة دوباس النخيل أو كما تعرف محلياً بالمتق (الاسم العلمي :Ommatissus lybicus de Bergevin) من الآفات الحشرية التي لا زالت تعاني منها أشجار نخيل التمر في سلطنة عمان. تقوم هذه الحشرة بثقب أجزاء النخلة بفمها واستنزاف العصارة النباتية وإفراز مادة عسلية (الدبس) تغطي بها المجموع الخضري لِلنخلة؛ مما يؤدي إلى حدوث اختزال في عملية البناء الضوئي لعدم وصول أشعة الشمس ونمو الفطريات. ومنذ أول تسجيل لِإصابة نخيل التمر بحشرة الدوباس في سنة 1962م والسلطنة تسعى لإيجاد الحلول والتقنيات للحد منها والقضاء عليها؛ لما تسببه من خسائر اقتصادية في محصول التمر، وبالأخص التي تتكرر فيها الإصابة في السنة، بالإضافة إلى الأضرار البيئية الناجمة من انتشارها. ومع التقدم التقني والعلمي في آليات الاستشعار عن بعد والتعلم الآلي ازدادت الأبحاث والمعارف لتسخير هذه التقنيات الذكية حتى قطعت شوطاً يختصر الوقت والجهد، ويضع سيناريوهات دقيقة وحديثة ومتجددة للبيانات في مختلف المجالات دون الحاجة إلى التحليل الميداني والدراسات الحقلية.
ومن ضمن هذه المجالات دراسات الموارد الطبيعية وبالتحديد الزراعة بكافة تفرعاتها، ومنها الآفات الحشرية التي تؤثر على المحاصيل. وبهذا الصدد قام فريق بحثي من كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج بإشراف الباحث الرئيسي الدكتور خليفة بن محمد الكندي، الأستاذ المساعد في كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج، بدراسة بحثية لتفشي حشرة دوباس النخيل في ولايات محافظتي شمال وجنوب الباطنة في الفترة الزمنية من 2017م إلى 2021م. إذ تغطي أشجار نخيل التمر في هاتين المحافظتين مساحة ما يقارب 8204.5 هكتار؛ أي تقريباً 42% من إجمال مساحات نخيل التمر المزروعة في السلطنة. الدراسة جاءت استكمالا لأبحاث سابقة في نفس السياق؛ ولكن بتعمق أكثر، إذ شملت تحليلاً للأجيال الربيعية والخريفية للحشرة التي تجد فيها الحشرة ظروفاً ملائمة للتكاثر، وتصنيف درجة الإصابة إلى خفيفة أو متوسطة أو شديدة. وقد هدفت الدراسة إلى كشف بؤر حشرة الدوباس من طريق التحليل المكاني والإحصاء الجغرافي والمكاني. كذلك استخدام تقنيات التعلم الآلي، التي تعد فرعاً من فروع الذكاء الاصطناعي القائمة على خوارزميات حسابية موجهة.
ولِتحديد النقاط الساخنة والباردة وتكتلات الانتشار للحشرة، تم استخدام سبع طرق لتحليل البيانات موجهة بِالتعلم الآلي، ثم دراسة بعض العوامل المؤثرة على تكاثر الحشرة وانتشارها، وتشمل العوامل المناخية مثل: الرطوبة وهطول الأمطار واتجاه الرياح وسرعتها ودرجات الحرارة والإشعاع الشمسي. كما تم في الدراسة معالجة النطاقات الطيفية للخرائط الملتقطة من القمر الصناعي Sentinel-2 باستخدام برنامج ArcGIS Pro2.9؛ وذلك لدراسة بيانات مؤشر الفرق المعياري للغطاء النباتي.
نتائج البحث كشفت أن الغطاء النباتي متباين جداً، ليس فقط باختلاف السنوات بل في الفصول من نفس السنة، وأن المناطق القريبة من الساحل تتمتع فيها أشجار نخيل التمر بصحة جيدة؛ بسبب قلة انتشار الحشرة فيها. ومعظم نقاط تُركز الحشرة بمستويات عالية كانت في الأجزاء الجنوبية لمنطقة الدراسة، بالتحديد في المناطق الداخلية الواقعة بين الجبال بعيداً عن الساحل. كما أن أكثر الولايات إصابة بالحشرة بمعدلات عالية هي: صحار والخابورة والجزء الجنوب غربي من الرستاق؛ وذلك في الأجيال الربيعية لعامي 2017 و2018م. وقد توسع نطاق انتشار الحشرة في خريف 2019 وربيع وخريف 2020 وخريف 2021. وفيما يخص تأثير العوامل المناخية على انتشار الحشرة، أظهرت النتائج تباينا في التأثير على الأجيال الربيعية والخريفية، مثال ذلك التأثير الأكبر للجيل الربيعي في سنة 2019م للإشعاع الشمسي، بينما الأمطار كان لها التأثير الأكبر لِلجيل الخريفي في نفس السنة.
وتعد نظم المعلومات الجغرافية، بتنوع مرجعياتها المكانية من خرائط وصور جوية، عاملا يساعد علماء الحشرات في بناء قاعدة بيانات مكانية وزمانية لانتشار الحشرة ومناطق العدوى، وسوف تسهم الأبحاث والتقنيات المتواصلة في وضع استراتيجيات أكثر كفاءة في مكافحة حشرة الدوباس وتقليل الضرر الاقتصادي، وتحديد المناطق التي تحتاج إلى تكثيف في حملات المكافحة لوجود نقاط ساخنة (بؤر) للحشرة فيها بدرجة الشديدة. كذلك تُسهم نماذج الكمبيوتر والاستشعار عن بعد في التنبؤ المبكر لأماكن انتشار الحشرة؛ بناء على الدراسات السابقة للظروف والعوامل المساعدة على انتشارها؛ مما يقلل من الحاجة إلى استخدام المبيدات الكيميائية؛ لما لها من أثر على البيئة وعلى عملية المكافحة الحيوية لِلحشرة.
المرجع:
-
Geospatial detection of Ommatissus lybicus de Bergevin using spatial and machine learning techniques
https://doi.org/10.1016/j.rsase.2022.100814