السنة 18 العدد 170
2023/07/01

شجّعها حلم أبيها، ورفعتها أمومتها في أول امتحان جامعي …

شخصية تقلّدت أوسمة عالمية، وحصلت على الدكتوراة الفخرية

 


 



 

 

من مواليد محافظة مسقط وتحديدًا ولاية بوشر، لكن الأصل من ولاية قريات بمحافظة مسقط. نشأت في أسرة متوسطة الحال مكونة من أب وزوجتين و16 بنت وولد، والآن هي أم لأربعة أبناء (بنتين وولدين). عاشت طفولتها في وادي عدي بمحافظة مسقط.

 

لقد أحبّت العلم منذ صغرها؛ بل كانت طفولتها هادئة جدًا، إذ تعلّمت حب العلم والعمل من أمها وأبيها، فكانوا نعم القدوة. بدأ أبوها تعليمه وهم في المراحل الدراسية حتى حصل على الليسانس في التاريخ، وانتقل من سائق حافلة ينقل فيها المعلمين إلى رئيس قسم المشاريع في المديرية العامة للتربية والتعليم بمسقط. رؤيتها لوالدها وهو يسعى ويكافح محبا لما يعمل ويحترم ما يقوم به، ساعدها على تحديد مسارها في هذه الحياة؛ فقد تعلّمت أنّ الإنسان يستطيع الوصول إلى ما يريد إن كانت أهدافه واضحة وطُموحه حاضرا. إنها الدكتورة محفوظة بنت راشد المشيقرية، أستاذ مساعد في كلية العلوم والآداب بجامعة نزوى تخصص علم النفس التربوي، ضيف حوار شخصية العدد لصحيفة "إشراقة".



  1. ماذا عن مساركم التعليمي؟ كيف كان طريقه من المدرسة إلى الجامعة وصولاً إلى الدراسات العليا؟

 

التحقت في المرحلة الابتدائية بمدرسة وادي عدي، ثم انتقلت في المرحلة الإعدادية للدراسة في مدرسة نجية بنت عامر الإعدادية بالحمرية، أما المرحلة الثانوية فكانت دراستي لها في مدرسة روي الثانوية التي تخرجت فيها في القسم العلمي. 

كنت أطمح حينها أن أكون محامية أو شرطية، ولكن أبي كان له حلم مختلف إذ شجعني على أن أكون معلمة، فهذا كان حلمه منذ صغري عندما كان يراني مجتهدة في مادة الرياضيات، كان دائمًا يسمعني أنني سأكون معلمة رياضيات عندما أكبر، وبالفعل بعدما أنهيت المرحلة الثانوية التحقت بالكلية المتوسطة للمعلمات بعبري، التي درست فيها فصلا دراسيا واحدا، وبعدها انتقلت إلى كلية التربية للمعلمات بمسقط تخصص رياضيات، فكنت حينها زوجة وأمًّا وتخرجت فيها عام 1995. 

ولأنني اكتسبت من أبي حب العلم، بيد أنني لم أكتفِ بحصولي على الدبلوم فقط، إنما تقدمت حينها إلى جهة عملي لأكمل دراستي البكالوريوس، وكنت آنذاك أعمل في الإشراف على المدارس الخاصة، إلا أن جهة عملي رفضت تفريغي للدراسة؛ كوني حديثة التخرج من الدبلوم وأيضًا لا يوجد تأهيل للإناث في ذاك الوقت، لكن مع إصراري وعزيمتي واجتهادي في عملي، حصلت في الأخير على الموافقة، ففي عام 2003 التحقت بالتأهيل التربوي للحصول على البكالوريوس تخصص رياضيات / حاسوب من كلية التربية بصحار، وقد كنت الطالبة الوحيدة بين الطلاب الذكور في جميع كليات التربية في مرحلة التأهيل حينها، وتخرجت فيها عام 2006 بمعدل جيد جدًا. بعدها تقدمت لاستكمال درجة الماجستير، إلا أن جهة عملي عارضت ذلك كوني قد أنهيت البكالوريوس حديثًا، ولكن شغف الدراسة كان حاضرًا معي طوال الوقت وتقدمت لدراسة الماجستير دون تفريغ في جامعة نزوى تخصص إرشاد وتوجيه، وبعدما أنهيت الماجستير رغبت في دراسة الدكتوراة؛ ولكن جهة عملي كان لديها شرط أن يكون هناك فارق 4 سنوات بين الماجستير والدكتوراة، فَاستثمرت وقت الانتظار في تأهيل نفسي والتهيئة للمرحلة القادمة، وبعدما أنهيت الأربع سنوات الفارقة بين الشهادتين، فقد تنافست على مقعد الدراسة ولله الحمد كتب الله لي القبول وتوجهت إلى دراسة الدكتوراة في جامعة مالايا بماليزيا تخصص علم نفس تربوي، وأنهيت دراستي وحصلت على الدكتوراة عام 2021م.

 

  1. أطلعِينا على تكوينكم البحثي والأكاديمي واهتماماتكم بهذين المجالين ونشاطاتكم فيهما؟

 

حقيقة بدأ اهتمامي بمجال البحث العلمي منذ دراستي في الماجستير، إذ إنني شاركت في العديد من الدراسات في مجال الطفولة مع منظمة اليونيسيف واليونسكو، وأيضًا شاركت في دراسة مع فريق بحثي من جامعة السلطان قابوس في بحث ممول. وعندما التحقت بدراسة الماجستير بدأ اهتمامي الأكبر بالدراسات التجريبية ونشرت عددا من الأبحاث في سكوبس، ونشرت بحثا في أحد الكتب الأجنبية فصلا في كتاب، والآن بدأت أنشر في بعض المجلات العربية المحكمة.

أما بالنسبة للمجال الأكاديمي، فقد بدأت عملي معلمة صف في مدرسة القريتين مدة 5 أعوام، ومنها أصبحت مشرفة لمرحلة التعليم المبكر ثم رئيسة قسم حتى وصلت إلى مدير مساعد لدائرة التعليم المبكر في المديرية العامة للمدارس الخاصة بوزارة التربية والتعليم، إلا أن تجربتي الأكاديمية في الجامعات، فتعد جامعة نزوى أولى محطاتي التي أفتخر بانضمامي إليها.  إضافة إلى أنني في مسيرة عملي كنت مدربة للمعلمات والمشرفات منذ عام 2000.

 

  1. استرجعي معنا أبرز إنجازاتكم وبصماتكم وذكرياتكم في الجامعات والمؤسسات العلمية التي انتسَبتم إليها؟

 

لدي شعار أعمل عليه دومًا هو: "اترك لك أثَرا يذكر"؛ لذلك كانت أولى بصماتي عام 1995 عندما تم تعييني معلمة رياضيات في قرية القريتين بمحافظة الداخلية، فقد كنت فيها مسؤولة عن جماعة المسرح والنظافة والجمعية التعاونية، وأسست فرقة المرشدات وشاركت في العديد من المخيمات الكشفية والإرشادية؛ بل أحرزنا العديد من الجوائز، وشاركنا في معارض تابعة لوزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة والمعارض التي تقيمها الولاية. بالإضافة إلى أنني قد أسست جمعية تضم نساء القرية وعلمتهم بعض المشغولات اليدوية، وقد أمدتنا وزارة التنمية الاجتماعية حينها بمكائن الخياطة، وأصبح للنساء مصدر رزق لهن؛ استثمارا لِمواهبهن، كما شاركنا في المعارض التي تقيمها الولاية. أما في أثناء دراستي في مرحلة البكالوريوس فلم أكن طالبة فقط، إنما كان لي دور كبير في أنشطة الكلية في صحار وبرامجها، إذ أسست حينها فرقة جوالات، واشتغلت على ملتقى يضم جميع الجوالات من مختلف الكليات، كما أنني كنت في نشاط المسرح، فقد عملت ممثلة ومخرجة، وشاركت في العديد من الأسابيع الثقافية التي تقام سنويا في جامعة السلطان قابوس وكليات التربية الأخرى، وشاركت في مجالات مختلفة، وأيضًا كنت محل ثقة من قبل الطلبة الذين كانوا يأتوني لحل مشاكلهم -ولله الحمد الذي وفقني على ذلك- وكسبت بذلك ثقة عمادة الكلية وموظفيها وحتى الآن أجد هذا الذكر والتقدير كلما زرت الكلية.

وفي مرحلة الماجستير بدأت بنشر بعض المقاطع الإيجابية التي تبث السعادة في نفس القارئ، وبعض المقالات والقصص التي كان لها دور فاعل في تغيير أفكار وحياة العديد من الناس، ولله الحمد، كما ألّفت وأصدرت كتابين بعنوان: (ابني يتمنى – أصقل قواك الذاتية).

أما في مرحلة الدكتوراة، فقد ساعدت في تأسيس جمعية الطلبة العمانيين بماليزيا وكنت أمينة السر فيها، بعدها أصبحت مسؤولة أنشطة الطالبات في ماليزيا، ونفّذتُ عددا من الورش والجلسات النقاشية والفعاليات الوطنية -ولله الحمد- كنت وما زلت مرشدة لكل من يرغب بالدراسة في ماليزيا.

 

  1. أين تجدين أبرز الإنجازات التي حققتها في حياتك العلمية والعملية؟

 

الحقيقة أنني أشعر بالفخر، كل الفخر أنني -بفضل الله- مثلت سلطنة عُمان مع منظمة اليونيسيف في دراساتِها، وأيضًا مع منظمة الإيسيسكو، وقمنا بعمل حقيبة قرائية جبنا بها السلطنة بعدما تم تدشينها، كما عملنا حملة للتعليم المبكر جابت جميع محافظات السلطنة. 

بالإضافة إلى ذلك، شاركت في عام 2012 في مشروع سفراء التنمية العربي وحصلت على المركز الأول محليًا وقلدت بالميدالية الذهبية وحصلت على المركز السابع عربيًا وقلدت بوسام التميز وتم تكريمي في ملتقى تم إقامته في ماليزيا. وفي عام 2013 حصلت على المركز الأول محليًا وقلدت بالميدالية الذهبية والمركز السادس عالميًا وقلدت بوسام التميز في ملتقى بتركيا، وكنت العمانية الوحيدة التي شاركت في هذه الملتقيات على نفقة الملتقى، وحصلت أيضًا حينها على عضوية دائمة في أكاديمية سفراء التنمية العالمي. وأيضًا في عام 2013 حصلت على وسام المرأة للتميز في المجال التربوي. 

في عام 2015 تم تكريمي في جزر المالديف وشاركت بورقة عمل في الملتقى؛ فقد كنت المرأة الوحيدة التي شاركت في تقديم ورقة عمل في ذاك الملتقى وقدمت ورقة عمل عن القيادة بالقيم. وفي عام 2020 حصلت على المركز الأول على مستوى الدول العربية في الرسم، كما حصلت على الدكتوراة الفخرية من أكاديمية نهر المعرفة الدولية في نفس العام. وفي عام 2022 حصلت على لقب سفيرة السلام والنوايا الحسنة من المركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي (مملكة النرويج). 

بالإضافة على أنني شاركت في العديد من البرامج الخاصة بتدريب المدربين وتدريب القادة اليافعين داخل السلطنة وخارجها، مثل: (بريطانيا – رومانيا – تونس).

 

  1. ما رسالتك التي تستعينين بها في سبيل العلم والعمل؟

 

أعمالي ترجمة لـِرسالتي في الحياة، ألا وهي: مساعدة الآخرين وإرشادهم باللا مستحيل، وإن الحياة جميلة بطموحها وأهدافها. وعلى الإنسان أن يترك بصمة خير وأثرا طيبا خلفه في أي مكان أو مجال كان … دائمًا أحثّ طلبتي بأهمية وضع أهداف يسعون إليها في حياتهم، وأحفّزهم وأشجعهم على مواصلة التعليم والإخلاص في العمل، وأن لا شيء يقف أمامهم طالما أنهم مؤمنون بذاتهم التي وهبهم الله إياها، فالمجتمع والعالم أجمع بحاجة إليهم لأنهم لم يأتوا إلى هذه الدنيا عبثًا.

 

  1. كيف تتعاملين مع نقاط القوة ونقاط الضعف التي تواجهك؟

 

أنجبت ابنتي البكر في أول يوم في الامتحانات النهائية في أول سنة دراسية في الكلية، وفي نفس اليوم وقعت بالخروج من المستشفى على مسؤوليتي الخاصة وذهبت إلى الكلية كي أمتحن في نفس اليوم، وهذا الموقف أثبت لي بأني قوية وأستطيع أن أجعل من التحديات سلما للصعود نحو الأمام، ورسمت أمامي طموحا وهدفا كبيرا أسعى إلى تحقيقه. وهذا ما جعلني أقول لنفسي دائمًا إنني امرأة بِطموح لا حدود له.

أنا أعزز نقاط قوتي التي أمتاز بها وأركز عليها في أقوالي وأفعالي؛ لذا أجد أن نقاط ضعفي تتلاشى مع الوقت. بالإضافة إلى أنني كثيرة القراءة وحضور البرامج التي تساعد على تنمية الذات، وأمضي حياتي وفق خطة واضحة وأهداف تتناول مجالات حياتي المختلفة.

 

  1. ما توجيهكم لجذب أنظار المجتمع للاهتمام بالصحة النفسية ودورها في بناء مجتمع زاهر؟

 

طموحي أن تتكاتف جميع المراكز النفسية والبرامج المعنية بالصحة النفسية في تنفيذ فعاليات وإرشادات تعي الناس بأهمية الصحة النفسية وتوفير مجموعات دعم وإعداد حقيبة الإسعافات النفسية الأولية، التي تجعل الإنسان طبيب نفسه. الصحة النفسية مهمة للفرد والمجتمع، وطلب المساعدة والاستشارة النفسية كلما احتاجها؛ فَكلنا بحاجة إلى من يقف بجانبنا، والحركة والنشاط والنوم الكافي والتفكير الإيجابي السليم مفاتيح الصحة النفسية. 

وفي الختام أود أن أقول للجميع إن الاهتمام بالصحة النفسية يعني الاهتمام بالصحة الجسدية أيضًا؛ فكل منهما يؤثر في الآخر. وبداية الطريق تبدأ منك أنت من الداخل من أفكارك ومعتقداتك عن نفسك، من قدرتك على مسامحة الماضي والآخرين، من التمتع بالهبات التي وهبها الله لك وتعزيز طاقة الامتنان في حياتك، ومنه كلماتك التي تطلقها بشكل يومي على نفسك وعلى واقعك؛ لذا غير كلماتك تتغير حياتك، والحياة تستحق أن تعيشها بكل حب وراحة بال، وكل ذلك يعتمد عليك أنت. ابدأ يومك بإيجابية ستنظر إلى الحياة بنظرة مختلفة. 

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة