"صيد المعرفة" ... برنامج يستشرف المستقبل
مصطفى المعمري
لم يكن صيد المعرفة المشروع الأول الذي تبنته الجامعة منذ بدايتها في 2004م، بل كانت هناك مجموعة من البرامج التعليمية والتدريبية المختلفة التي أطلقتها على مدى أعوام مسيرتها الماضية، ولعل أبرزها مشروع القرية المتعلمة لتعليم الكبار في عام 2006م، لكن ما يميز برنامج "صيد المعرفة" لطلبة المدارس من الصف الخامس وحتى الثاني عشر هو الشمولية والتنوع الذي حظي بها برنامج هذا العام، وقدرته على ربط الجوانب التعليمية بالنظرية، مع الأخذ في الاعتبار الجوانب التي تعنى باهتمامات الطلبة وميولهم بحسب كل فئة من الفئات الثلاث المسجلة بالبرنامج.
ثلاث أسابيع انقضت على البرنامج، كان الجميع على موعد مع فعاليات ومناشط مختلفة، سواء تلك المتعلقة ببرامج تعليم اللغة الإنجليزية والرياضيات، أم البرامج المرتبطة بالندوات التوعوية والزيارات الميدانية والمناشط المختلفة التي تنوعت بين الرسم والخط والابتكار والرياضة، وهو ما أضفى على البرنامج ذلك المستوى الإيجابي من المشاركة الطلابية، والتفاعل المجتمعي والمؤسسي؛ مما رفع -بطبيعة الحال- مستوى الإقبال والحضور والمشاركة منذ اليوم الأول للإعلان عن البرنامج.
"صيد المعرفة" مثل غيره من البرامج يجسد صورة مشرقة لاهتمام الجامعة ورعايتها لهذه الفئة من أبناء عمان، فهو -إلى جانب ما يمثله من مكاسب علمية وثقافية- يؤكد على إيمان الجامعة برسالتها التعليمية والتنويرية والتثقيفية، وأن التعليم حق مكتسب تقع مسؤولياته على الجميع، لا يرتبط بمؤسسة أو مكان أو زمان، بل مشروع وطني يقوم على تبني كل الفرص التي تنهض وترتقي بأبناء الوطن وتنمي من قدراتهم ومهاراتهم بما يعينهم على مواجهة كافة المتطلبات والمتغيرات تحقيقا للأهداف الوطنية الرامية إلى خلق جيل وطني متسلح بالعلوم والمعارف.
التعليم في رؤية الجامعة الحالية والمستقبلية لا يرتبط بحدود الجامعة؛ بل يتخطى ذلك حدودها الجغرافية متى ما أتيحت الفرصة وتوفرت الإمكانات المادية والبشرية، وجزء من المسؤولية المجتمعية للجامعة، التي أدركت منذ وقت مبكر معنى أن تكون متابعة وقريبة من احتياجات المجتمع، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتعليم، وأهمية خلق شراكة تكاملية تعاونية مع المحيط المجتمعي الذي يمثل جزءا من استراتيجية الجامعة وتوجهاتها القائمة على أهمية تمكين الإنسان علميا ومعرفيا، وتعزيز دوره ومشاركته في العمل التنموي عن طريق تبني برامج تدريبية وتعليمية نوعية، كما هو الحال في برنامج "صيد المعرفة".
لطالما كانت جامعة نزوى قريبة من المشهد بكل تفاصيله ومكوناته، إذ حرصت على دعم مختلف المشاريع التي من شأنها تمكين الموارد البشرية الوطنية، فقامت بإنشاء شركة المعارف العلمية التي تنبثق منها مؤسستان تدريبيتان مهمتان، هما: معهد التعلم مدى الحياة ومعهد الضاد، هذه المؤسسة التي تعمل حاليا على دراسة وإطلاق مجموعة واسعة من البرامج التدريبية للعاملين في مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة، كما تعمل الكليات والمراكز التابعة للجامعة بين فترة وأخرى على طرح مجموعة من البرامج التدريبية التخصصية التي تمثل هي الأخرى جزءا مهما من سياسة الجامعة نحو تمكين الشباب ورعايتهم.
هذه الجهود وغيرها من المشاريع والبرامج تنطلق من شعار تبنته الجامعة منذ تأسيسها "متخصصون في نماء الإنسان ... أعظم ثروات الوطن" أحد المرتكزات الأساسية التي استثمرت فيها الجامعة أعوامًا من الجهد والبناء والتضحيات من أجل عمان وأبناء عمان.