مدير المجلس العربي للتدريب والإبداع الطلابي ورئيس اللجنة التنفيذية للمجلس في حوار مع "إشراقة":
جامعة نزوى داعما أساساً للمجلس، ونحن على استعداد للتعاون في أي مشروع تقترحه
التطور الذي شهدته الجامعات العُمانية هو ازدهار ونجاح بكل ما تحمله الكلمات من معاني
ندوة "توسيع تبادل التدريب والإبداع الطلابي بين الجامعات العربية" فتحت الباب لنشهد تسجيل مجموعة من الجامعات العمانية
جامعة صحار تستضيف الملتقى الطلابي الإبداعي، وهو من أهم المشاريع المشتركة والمؤثرة على أبنائنا طلبة الجامعات العربية
60 جامعة من 12 دولة عدد الأعضاء في المجلس العربي و 13 ألف طالب عدد المستفيدين من أنشطتِه
دائرة الإعلام والتسويق
يعاني التعليم العالي اليوم في معظم جامعات الوطن العربي من مشكلات عديدة تتمثل في التغيير المستمر لقرارات مجلس التعليم العالي، وفي التوسّع العشوائي في قبول الطلبة، كما يعاني من ترهل بعض أعضاء هيئة التدريس، ومن قدم المناهج الدراسية وعدم مواءمة طرائق التدريس للهدف المرجو لمتطلبات الدولة وسوق العمل.
من الحلول التي نجدها سبيلا لمعالجة مشكلات التعليم تلك، تحويل متطلبات الجامعة الإجبارية إلى حزم لغات وفقاً لحاجة سوق العمل، والحاجة إلى إعادة النظر في آلية اعتماد بعض التخصصات في الجامعات، والحاجة إلى إدخال برامج تدريبية للخريجين قبل التوظيف لتأهيلهم لما تحتاجه الشركات، إلى جانب التركيز على بعض التخصصات الحديثة، مثل تخصصات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وعلم البيانات لمواكبة احتياجات الشركات والأسواق المختلفة.
أبدى الأستاذ الدكتور فواز أحمد الزغول، مدير المجلس العربي للتدريب والإبداع الطلابي ورئيس اللجنة التنفيذية للمجلس، ترحيبه بالتعاون مع جامعة نزوى، وقال: "إننا على استعداد تام للتعاون في أي مشروع تقترحه جامعة نزوى، متقدما بالشكر والتقدير والامتنان لجامعة نزوى وفي مقدمتهم رئيس الجامعة والعاملين بها لما قدموه من جهد كبير في سبيل تميز المجلس العربي وأنشطته، فقد كانت الجامعة وما زالت داعماً وركناً أساساً للمجلس العربي منذ أن انضمت إلى عضوية المجلس العربي منذ أكثر من 10 سنوات".
وقال في حديث لـصحيفة "إشراقة": "إنّ التطور الذي شهدته الجامعات العُمانية هو ازدهار ونجاح بكل ما تحمله الكلمات من معاني، خصوصاً أنني تشرفت بالعمل في جامعة السلطان قابوس في الفترة 1993-2003، وقد شهد قطاع التعليم طوال هذه الفترة تطورات كبيرة في مختلف الجوانب والمجالات".
وهذا نص الحديث …
جسد المجلس العربي للتدريب والإبداع الطلابي أحد النماذج العربية الرائدة التي تعنى بتعزيز التواصل والتعاون فيما بين الجامعات العربية؛ وذلك عبر مجموعة من البرامج والمشاريع التي عززت من قيم التواصل فيما بين الجامعات العربية وطلبة الجامعات المنتسبة للمجلس، كيف يمكن وصف النتائج التي تحققت فيها هذا الجانب في السنوات الماضية من عمر المجلس؟
توصف النتائج الفعلية لأعمال المجلس العربي طيلة السنوات الماضية، أنها متميزة نظراً لتأثيرها الإيجابي والمباشر على أبنائنا طلبة الجامعات العربية في الدرجة الأولى، سواءً من النواحي الإجتماعية أم العلمية أم الثقافية، فقد استفاد من أنشطة المجلس العربي المختلفة أكثر من 13000 طالب عربي، علماً أن المجلس يعطي أهمية بالغة للتغذية الراجعة من الطلبة والجامعات بعد المشاركة في الأنشطة، ويقوم بدوره في أن تكون أنشطته كل عام متميزة عن العام السابق.
أشرنا في السؤال السابق إلى أن المجلس، من طريق الأهداف والرؤى التي قام عليها، كان حريصا على ترجمة تلك الأهداف إلى واقع ملموس عبر استقطاب مختلف الجامعات العربية، والنهوض ببرامج التبادل الطلابي، والملتقيات الطلابية. السؤال: كيف استطاع المجلس أن يترجم هذه الأهداف والتوجهات إلى واقع ملموس؟
في الحديث عن حرص الجامعات العربية واهتمامها بأعمال المجلس العربي وبرامجه، نجد أن الاهتمام متفاوت بين الجامعات، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد جامعة نزوى حريصة ومهتمة جداً بأنشطة وأعمال المجلس مع تعاونها المستمر لخروج المجلس بالصورة التي تليق، كما أود أن أشير إلى أن الظروف في بعض الدول العربية تؤثر على هذا الحرص والاهتمام.
المشاريع الناجحة التي عمل عليها المجلس، عززت من مكانته ودوره؛ لذا يلاحظ أن عدد المنتسبين والمنظمين والمستفيدين من مظلة المجلس اتسعت في الأعوام الماضية بشكل متزايد، وهو ما مكن المجلس من القيام بأدوار رئيسة ومحورية لتنفيذ مشاريعه، وهنا نتساءل عن عدد الجامعات المنتسبة للمجلس، ومدى فعالياتها وحضورها؟
بالنسبة لعدد الجامعات الأعضاء فهي حالياً 60 جامعة تمثل 12 دولة عربية، جميعها فاعلة ونشطة بنسب متفاوتة أحياناً، ولكنني أعتقد أن هذا العدد سوف يزداد في هذا العام والعام القادم؛ نظراً إلى بذل المجلس ولجنته التنفيذية جميع الإمكانيات المتاحة في تسويق أنشطة المجلس بشكل ممتاز، وأود أن أشير إلى أنه حالياً لدينا أعضاء جدد لهذا العام خصوصاً من سلطنة عُمان بعد الجهد الذي قامت به جامعة نزوى بإقامة ندوة للمجلس العربي للجامعات العُمانية تحت رعاية معالي وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار الأستاذة الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية، إذ تقدمت كل من جامعة الشرقية وجامعة صُحار باستكمال عضوية المجلس العربي بعد هذه الندوة.
سجلت العلاقات ومجالات التعاون فيما بين جامعة نزوى والمجلس العربي لاتحاد الجامعات العربية تطورات إيجابية تمثلت في احتضان جامعة نزوى للعديد من البرامج والملتقيات الطلابية، آخرها كانت ندوة بعنوان: "توسيع تبادل التدريب والإبداع الطلابي بين الجامعات العربية"، كيف تقيمون مستوى التعاون مع الجامعة، والنتائج المرجوة من هذا التعاون في المرحلة القادمة؟
بداية أود أن أقدم عظيم الشكر والتقدير والامتنان إلى جامعة نزوى الموقرة ممثلةً في رئيسها معالي أ.د أحمد بن خلفان الرواحي الأكرم وجميع العاملين فيها؛ لما قدموه من جهد كبير في سبيل تميز المجلس العربي وأنشطته، فقد كانت وما زالت داعماً وركناً أساساً للمجلس العربي، وأود أن أذكر أن جامعة نزوى دخلت في عضوية المجلس العربي منذ أكثر من 10 سنوات واستمرت دون انقطاع؛ كونها جامعة وحيدة من سلطنة عُمان طيلة هذه السنوات، وقامت باستضافة عدة ملتقيات وأنشطة للمجلس العربي كان آخرها الندوة التي عُقدت بعنوان: "توسيع تبادل التدريب والإبداع الطلابي بين الجامعات العربية"، التي كان أثرها مميزاً في تعريف المجلس العربي للجامعات العُمانية التي بادرت بالتقدم لعضوية المجلس العربي، وفي شأن المشاريع المشتركة فإن المجلس العربي يسعى دائماً إلى تطوير وتوسيع التعاون مع الجامعات الأعضاء، ونحن على استعداد تام لأي مشروع تقترحه جامعة نزوى الموقرة.
تبنت جامعة نزوى العديد من البرامج الطلابية التي تبناها المجلس، منها برنامج التبادل الطلابي، كما أشاد الاجتماع الأخير الذي استضافته جامعة العين فرع أبوظبي بدور الجامعة في برامج الإنماء الطلابي. هل هناك من مشاريع مشتركة يمكن أن نشهدها في الفترة القادمة بين الجانبين؟
إنّ الاجتماع الذي تم عقده في جامعة العين هو اجتماع لأعضاء جمعية عمادات شؤون الطلبة التي تحتضنها جامعة العين الموقرة، إذ إنّ هذه الجمعية هي إحدى مؤسسات اتحاد الجامعات العربية كما هو المجلس العربي؛ لذا فإنّ التعاون قائم بين المجلس والجامعة وسوف تكون هناك أنشطة مشتركة بين الجانبين خصوصاً أنّ جامعة العين مقر الجمعية هي إحدى الجامعات الأعضاء المتميزة في المجلس العربي.
كانت لكم زيارة إلى سلطنة عمان مؤخرا، التقيتم فيها بمعالي الدكتورة الأستاذة وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في سلطنة عمان، بالإضافة إلى عدد من رؤساء الجامعات العمانية؛ وذلك في رحاب الحرم المبدئي لجامعة نزوى ببركة الموز. كيف لمستم مدى الاهتمام والدعم الذي حظيتم به على هامش تلك الزيارة، وهل هناك من مشاريع مرتقبة قد نشهدها مع الجامعات العمانية؛ خاصة أنكم وجّهتم دعوة إلى الجامعات العمانية للانضمام تحت مظلة المجلس؟
لقد حظيت تلك الزيارة بالكثير من الاهتمام والدعم المتميز الذي اعتدنا عليه من جامعة نزوى الموقرة، إذ كانت الندوة ناجحة ومفيدة جداً. ونرى هذا النجاح باكتساب المجلس لثقة بعض الجامعات العُمانية التي استكملت العضوية في المجلس وبدأت بالمشاركة الفعلية في أنشطته، وسوف يعقد المجلس العربي نشاطه الثاني لهذا العام في سلطنة عُمان باستضافة كريمة من جامعة صُحار، وهو الملتقى الطلابي الإبداعي. ويعد هذا الملتقى من أهم المشاريع المشتركة والمؤثرة على أبنائنا طلبة الجامعات العربية.
بحكم قربكم وتواصلكم مع مختلف الجامعات على مستوى الوطن العربي، كيف تلمسون التطور الذي شهدته الجامعات العمانية، من طريق القدرات والإمكانات المتاحة أمام الطلبة في هذه الجامعات؟
إنّ التطور الذي شهدته الجامعات العُمانية هو ازدهار ونجاح بكل ما تحمله الكلمات من معاني، خصوصاً أنني تشرفت بالعمل في جامعة السلطان قابوس في الفترة 1993-2003، وقد لمست هذا التطور والازدهار بعد زيارتي الأولى لسلطنة عُمان مديرا للمجلس العربي في شهر يونيو من العام 2022م، والزيارة الثانية في شهر يناير من العام 2023م، وكلي ثقة أن هذا التطور سوف يستمر ويزدهر أكثر فأكثر.
كونكم قريبين أيضا من قطاع التعليم العالي في وطننا العربي، ما أبرز التحديات والصعوبات التي ما زالت تعترض تقدم مسيرة هذا القطاع؟
بخصوص أبرز التحديات والصعوبات التي لا زالت تعترض تقدم مسيرة قطاع التعليم العالي في وطننا العربي فإنّها تتلخص في الآتي:
يعاني التعليم العالي اليوم في معظم جامعات الوطن العربي من مشكلات عديدة تتمثل في التغيير المستمر لقرارات مجالس التعليم العالي وفي التوسع العشوائي في قبول الطلبة، كما يعاني من ترهل بعض أعضاء هيئة التدريس، ومن قِدم المناهج الدراسية وعدم مواءمة طرائق التدريس للهدف المرجو لمتطلبات الدولة وسوق العمل؛ لذلك يمر الطلبة في الجامعة مرور الكرام، نادرا ما تراهم في مختبر بعد الدوام المحدد أو مكتبة أو يحملون كتابا، وتخلو الجامعة من أساتذتها بعد إعطاء حصصهم.
في أغلب الجامعات العربية لا تتوافق الدراسة الجامعية مع احتياجات سوق العمل، ولا يوجد تعزيز دائم للعلاقات بين الجامعات والمؤسسات المجتمعية والنقابات والقطاع الخاص، ولا يوجد في أغلب الدول العربية برامج تدريب وتشغيل خريجي الجامعات، وأيضا لا توجد دراسات واضحة لِتحليل الفجوة في الحقل الأكاديمي وسوق العمل؛ لتحديد مهارات الطالب المطلوبة مثل اللغة الإنجليزية والحاسوب.
لقد دفعت الجامعات الحكومية للبحث عن مصادر تمويل لتغطية نفقاتها المتزايدة؛ نظرا لزيادة أعداد الطلبة وتدني الدعم الحكومي. وتم الطلب من الجامعات أن تستثمر أموالا لا تملكها لتوفير دخل لها، وقد وجدت الجامعات أن أسهل طريق لذلك هو البرامج الموازية فازدادت أعداد الطلبة من دون أن يصاحب ذلك زيادة في أعداد أعضاء هيئة التدريس أو سياسة واضحة للابتعاث، والتحق طلبة من مستويات متدنية بالدراسة في صفوف تزدحم بالطلبة فتوقف التفاعل بين الأستاذ والطالب.
يوجد في خزائن وزارات التعليم العالي كم كبير من الدراسات المحلية والدولية وتقارير ورشات عمل تحدد جميعها مشاكل وهموم التعليم العالي وطرق النهوض به، وقد قام المسؤولون في وزارات التعليم العالي بتضمين نتائج هذه الدراسات في الاستراتيجيات المتعاقبة للتعليم العالي؛ بحيث تم تحديد المشاكل والحلول، وقد جرت محاولات لتطبيق الاستراتيجيات؛ ولكن ذلك كان يواجه دوما بالتردد في التطبيق أو تغيير القرارات أو عدم السير في المشوار لنهايته.
وهناك مشاكل تخص الجامعات الخاصة بالوطن العربي، وهي أنها لازالت تشكل هما مقلقا لواضعي السياسات التعليمية، ولا زالت العلاقة بين المال والأكاديميا غير واضحة المعالم، ولازالت القرارات المتعاقبة المتخبطة بين السماح والمنع ورفع المعدلات وتخفيضها تحول دون استقرار العرف الجامعي وثبات التعليمات. فالجامعات على الرغم من هذا التطور العلمي والتكنولوجي تبقى مؤسسات محافظة لها تقاليد راسخة، إن كنا نعتقد بضرورة ضمان مستوى على قدر من الأهلية لمخرجات التعليم العالي الخاص فيجب ضمان مستوى معين من مدخلاته؛ لذا فإن التخفف في القيود على شروط القبول سيكون له مردود عكسي على مستوى الخريجين، إذ من غير المنطقي أن نقبل حدا أدنى للأهلية للالتحاق ببرنامج معين في جامعة حكومية، في حين ننزل بهذا الحد الأدنى في جامعة خاصة.
أيضا هناك مشكلة لدى خريجي الجامعات العربية، ألا وهي وجود فروقات واضحة بين خريج جامعاتنا وخريج الجامعات الغربية، إن كان الطالب هو نفس الطالب! وإن كان العلم هو نفس العلم! وإن كان الكتاب هو نفس الكتاب! فلماذا تبدو الفروق واضحة بين خرّيج جامعاتنا وخريج الجامعات الغربية؟ وما الحلول والمعالجات لتجاوز تلك المشكلات من وجهة نظركم؟
عدم التوسع في قبول الطلبة في بعض التخصصات التي بحاجة إلى مختبرات وتدريب سريري؛ ليكون فوق الحد المثالي المطلوب. الدراسة الجامعية يجب أن تتوافق مع احتياجات سوق العمل، وتعزيز العلاقات بين الجامعات والمؤسسات المجتمعية والنقابات والقطاع الخاص، وإيجاد ودعم برامج تدريب وتشغيل خريجي الجامعات العربية، إلى جانب إيجاد دراسة لتحليل الفجوة بين الحقل الأكاديمي وسوق العمل لتحديد مهارات الطالب المطلوبة مثل اللغة الإنجليزية والحاسوب.
من الحلول التي نجدها سبيلا لمعالجة تلك المشكلات: تحويل متطلبات الجامعة الإجبارية إلى حزم لغات وفقاً لحاجة سوق العمل، والحاجة إلى إعادة النظر في آلية اعتماد بعض التخصصات في الجامعات، والحاجة إلى إدخال برامج تدريبية للخريجين قبل التوظيف لتأهيلهم لما تحتاجه الشركات، إلى جانب التركيز على بعض التخصصات الحديثة، مثل: تخصصات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وعلم البيانات لمواكبة احتياجات الشركات والأسواق المختلفة.
من المهم أيضا على جامعتنا العربية توحيد المناهج المتشابهة بين الجامعات العربية من حيث المحتوى وعدد الساعات الدراسية المعتمدة؛ لكي يتمكن الطالب من أن يدرس هذه المساقات في أي جامعة عربية وتحسب من ضمن خطته الدراسية، كما يجب الوصول سريعا إلى حلول ناجعة لمنع تدخل المال في القرار الأكاديمي، ويجب إرساء قواعد تتيح لرئيس الجامعة الخاصة ممارسة صلاحياته غير المنقوصة دون تدخل من مالكي الجامعة أو مجالس أمنائها، والعمل على تعميم وتطبيق النماذج الناجحة من التعليم المهني المجرب في بعض جامعات الدول العربية على الجامعات العربية الأخرى، إلى جانب تشجيع جامعات الدول العربية للانضمام إلى المؤسسات والمجالس التي تقوم بتنسيق وتوفير فرص تدريب لطلبتها في جميع التخصصات المطلوبة، وأخيرا وليس آخرا لا بد من مواكبة التطور والسير في اتجاه التحول الرقمي والاستفادة من التقدم الحاصل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.