السنة 18 العدد 169
2023/07/01

الدراسة الجامعية وأشياء أخرى …

 

ذكريات في الأذهان، ومحطات تُخلّد الرحلة 

 


 




إشراقة: ذكريات خريج




من الملاحظ أنّ أعوام الدراسة الجامعية تجذب معها أطياف أرقى الذكريات وأحلها، إذ فيها تحرر من بعض القيود، وانفتاح على جو التعليم الجامعي اللامحدود، وتحقيق رغبة المستقبل المهني والوظيفي الذي لازم المرء منذ نعومة أظفاره. ويكشف طالب العلم في هذه المرحلة عن أقوى طموحاته وأحلامه، ويستفيض بأرقِّ مشاعره وأحاسيسه … تتكوّن لديه جملة من العلاقات الاجتماعية الجديدة في خضمِّ تعايشه في مجتمعٍ جامعي بما فيه من مميزات وتحديات، وإيجابيات وسلبيات، وارتقاءات وعثرات.



أعظم ثمرة

 

تقول ضيفتنا: "إنّ التعليم هو السبيل إلى التنمية الذاتية، وطريق المستقبل إلى المجتمعات؛ لذا يطلق العنان لشتى الفرص ويحدّ من أوجه اللامساواة، وهو حجر الأساس الذي تقوم عليه المجتمعات المستنيرة والمتسامِحة، والمحرك الرَّئيس للتنمية المستدامة".

 

وتضيف: "يعدُّ طلب العلم من أهمّ الأمور التي ينبغي على الإنسان أنْ يُقبلَ عليها في بداية حياته، فالطفل يبدأ تعلّم الحروف الهجائية ثم يتعلم القراءة والكتابة؛ ليكونَ ذلك بمثابة الجسر الذي يوصله إلى مختلف أصناف العلوم، ويحقّق أحلامنا المستقبلية في تحصيل الدرجات العالية. هذه الأحلام التي لم تكن لتولد فينا لولا إدراكنا منذ الصغر أهمية العلم والتعليم".

 

لها فاضل …

 

لقد نشأت حنان بنت أحمد الريامية في بيئة عريقة ذات علم وعلماء، فيهم العالم أبو زيد الريامي والعالمة الفقيه عائشة الريامية وغيرهم من العلماء الأجلاء؛ لذا تسأل الله الواحد الأحد الفرد الصمد أن يوفقها ويلهمها مسيرة العلم والعلماء. كما ترعرعت حنان في أسرة محبة للعلم والمعرفة، وأكملت تعليمها بعد المدرسة في جامعة نزوى تخصص الهندسة الكيميائية والبتروكيميائية، وأتمّته -بحمد الله- ضمن كوكبة المتميزين؛ لذا وفقها الله لتتوظّف بعد التخرج في الجامعة مع من كان لهم الفضل في تدريسها في مرحلة البكالوريوس.

 

 

وعملت حنان فترة طويلة في جامعة نزوى بعد تخرجها بدرجة البكالوريوس، حتى جاء المنادي حاثّا لإكمال الدراسة في ذات التخصص في علوم الهندسة الكيميائية درجة الماجستير. تقول الريامية: "لعل أهم ما يميّز إكمال موظف جامعة نزوى دراسته في الجامعة تلك التسهيلات والمنح من الجامعة، إذ يجد الفرصة التي تمنحها للبحث والتعمق في دراسة تخصصه، الأمر الذي يزيد من خبرة الطالب وفهمه لهذا التخصص، ويجعله أكثر قدرة على الإبداع والابتكار في مجال عمله؛ بل تمنحه الماجستير خبرة علمية مع المهارات التي تضمن له حياة مهنية أفضل".

 



ميدان البحث

 

بينما نقلّب صفحات ملف حنان في دراستها لِدرجة الماجستير، نجد أنها اشتغلت في بحثها على مشروع معالجة مياه الصرف الصحي لِمصانع الأسماك في سلطنة عمان، إذ اختارت هذا المشروع بناء على عدم وجود وحدات متخصصة تعمل فيه، إضافة إلى وجود مشاكل بمحطات الصرف الصحي، وإلى جانب ذلك الأثر البيئي لِمياه الصرف الصحي الناتجة من مصانع الأسماك؛ مستخدمة في أدوات البحث تقنيات مختلفة لِلمعالجة، أبرزها: عملية التخثر والتلبد باستخدام بوليمر عالي الكثافة، وكذلك الترشيح مادةً ماصة طبيعية في المعالجة. فيما أظهرت نتائج البحث أنّ معالجة مياه الصرف -الناتجة عن مصانع الأسماك- باستخدام مخثرات مختلفة والبوليمر أقلّت من COD والعكارة وامتصاص اللون بشكل كبير، كما أن لِجرعة التخثر والمدة ودرجة الحموضة تأثيرات تفاضلية على COD والعكارة.



تقول حنان: "ولا يخفى عليكم ما يصاحب مثل هذه المشاريع من تحديات وصعوبات على الطالب أنْ يعمل جاهدا على العبور وتخطيها". وقد ألمحت الريامية في حديثها إلى أهمية دور الأسر في أنْ تكون سندًا لأبنائها في شتى المجالات المادية والمعنوية والثقافية. كما تنتظر بشغف وحماس كبيرين أن يكون لهذا المشروع البحثي صدى في سلطنة عُمان؛ كي يفيد الجهات المعنية به. في ذات الوقت، تؤكد على أنّ المشاركات الدورية في المؤتمرات والملتقيات الوطنية والخارجية لِلمشاريع والبحوث، ومساندة الطلبة في مشاريع التخرّج، وتوجيههم إلى العمل الصحيح، والأنشطة الطلابية له دور كبير في تحسين مستويات الطلبة وأدواتهم العلمية والبحثية والإثرائية.





عبير الذكريات

 

وتسترجع الريامية أعزّ ذكرياتها في جامعة نزوى في مرحلة الدراسة، تلك المواقف التي جعلت مِنها إنسانا يعمل لنفسه والآخرين حتى يرتقي. كما تحتفظ للكادر الأكاديمي من أساتذة الجامعة بعظيم الفضل والامتنان على تشجيعهم الدائم وعطائهم الذي لا ينضب. وتضيف: "لا أنسَ فضل ذلك الأستاذ الذي أشعل في نفسي حب المطالعة والسعي خلف المعلومة والبحث عنها في مجموعة من الكتب العلمية والمعرفية من مكتبة الجامعة وخارجها؛ حتى حصل لي موقفٌ غريب معه قبيل الامتحان النهائي، إذ حملت معي مجموعة من الأسئلة كي يساعدني في الإجابة عنها استعدادا لذلك الامتحان، حتى تفاجأت فيما بعد أنها أسئلة الامتحان ذاتها. وقد كان أول سؤال سألني إياه، قال لي: من أين حصلتِ على الأسئلة؟ فأجبته: من كتبٍ قد درست فيها من مكتبة الجامعة. غير أنه صمت وساعدني للإجابة عن الأسئلة. وحين جاء موعد الامتحان كانت -وقتئذٍ- مفاجأة لي أنها نفس الأسئلة التي ذهبت بها إلى أستاذ المادة. لقد ابتسمت وكانت سعادة لي لا توصف … هي من بين أجمل أيامي التي لا يمحوها الزمن".

 



اقتفاء الأثر

 

لعل سِيَرَ طلبة العلم وذكرياتهم الذهبية في السعي إليه ونيله، تُعد مصدر إلهامٍ لأقرانهم، إذ يجدون فيها الحماس والأمل والرغبة في اقتفاء الأثر والإفادة من مواطن القوة والامتِياز. وتتحدث حنان عن ذلك في خاتمة حديثها في باب ذكريات خريج لـ "إشراقة" بقولها: "قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}. رفعة الدرجات تدلّ على الفضل وكثرة الثواب، وكذا رفعة الدرجات في الدنيا بعلو المنزلة وحسن الصيت والجاه. وقد أمر الله سبحانه رسوله ﷺ قائلا: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}. هذا دليل واضح في فضل العلم؛ لأن الله لم يأمرْ نبيه  ﷺ بطلب الزيادة من شيء إلا في العلم، الذي يُفيد معرفة ما يجب على المكلف من أمر دينه في عباداته ومعاملاته، والعلم بالله تعالى وصفاته، وما يجب له من الواجبات، فالعلم من أفضل الأعمال لِمن صحت نيته".

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة