الأطفال

السنة 18 العدد 169
2023/07/01

الأطفال

 


 

 

بقلم: نورة بنت مسلم النجيدية



يولد الطفل منّا ونور قابع في أعماق روحه لا أحد حتى الآن يعلم كُنهه، لعله سر إلهي أودعه الله في الأطفال فقط، لتتجلى آياته في روحهم وابتسامتهم ونقاء سريرتهم أمام بصائر الناس المغشيء عليها من الزمن أمام اللهث المتواصل خلف الماديات التي لا تسمن ولا تغني الروح الظمأى.

 

لكُم أن تتحسّسوا مشهد طير بحرٍ يُحلق فوق سطح الماء دون أن يسقط أو يميل مساره. هكذا هم الأطفال يسلكون دائما طرقات السعادة وينثرون أثير الحب في كلِّ مكان وزمان، يمشون بخفةِ ريشة، كريشةِ فنان تصوغ دائما أجمل الصور. روحهم تنسجمُ مع كل المحسوسات المحيطة بهم؛ لعل هذا بفضل السر الإلهي المُلقى في نفوسهم. هم هكذا خُلقوا من عجينة الطُهر لِتصوغها بعد ذلك الأسرة والمجتمع مبادئاً وقيماً وأخلاقاً، والغريب أنه ليس هناك معايير ومقاييس أمام لغة الأطفال، فهم كائنات في حياة أخرى لا تُشبه أي حياة. لكن ما يُحزن في قصة ذاك الطفل وغيره من الأطفال ما يمطره به المربون والأقربون من سياط التعنيف والتجريح، فتغدوا المقارنة والألقاب مقصاً يقص به أجنحة الطموح والإبداع لديهم، والأدهى من ذلك ما يعيشه من رعب وخوف يحبسانِه في زنزانة التردد، ويُطِبق عليه بسلاسل احتقار الذات سنين طويلة؛ فلنكن مربيين ناجحين، وذلك يتطلّب منّا أولاً أن نعود لذلك الطفل الموجود في دواخلنا ونُعيد صياغة أنفسنا من جديد.

 

ولو نطق لسان الكون وكُشف عن جميع الصُحف الأزلية، لعجزت وصفاً أمام السر الإلهي المُودع في ذاك الطفل … ألا وهو روحه وما حوت من مواهب وطاقات.




        

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة