السنة 18 العدد 168
2023/06/01

الاستقرار المالي وتقليد الآخرين ومستوى المعيشة وأثر الاستقلال ...

إشراقة تفتح ملفات الإدارة المالية للطالب الجامعي


 

 

الدكتور عبدالله الشكيلي:

مركز ريادة الأعمال يتعاهد تطوير مشاريع الطلبة

الوقف التعليمي أنجح مصادر التمويل للطلبة المعسرين

الأمن المالي أحد محسّنات أداء الطالب

 

إشراقة: حوار العدد

أجرى الحوار: ريهام الحضرمية

 

تكمن أهمية المال كونه مصدرا رئيسا لتحقيق الكثير من أهداف الفرد، وكذلك لسد الاحتياجات المختلفة المعاشة. ويرتبط الوضع المالي للفرد ارتباطا وثيقا بالحالة النفسية والخطط العامة التي يرسمها لمستقبله، الذي بدوره يعد مكونا مهما في حياة الإنسان، ومحركا أساسا لقوة الشباب وتوجهاتها. وتعد مرحلة الدراسة الجامعية من المراحل العمرية التي تتسم بنظرة شمولية لمستقبل الطالب المعرفية والمادية؛ لذا يجب ألّا يغفل الأفراد عن أهمية بناء ثقافة المال في هذه الفترة العمرية، وكذلك محاولة تجنب الآثار المحتمل حدوثها نتيجة لأي خلل قد يمس هذا الجانب. إنّ الطالب الجامعي قد يعاني في الوقت الحاضر من المتغيرات التي تطغى عليها الماديات، فارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة يجعلان عملية تنظيم الإنفاق والادخار المالي صعبة؛ مما يصيب الطالب بالإحباط والعجز عن تلبية احتياجاته، وقد يقوده الأمر إلى القلق الذي قد يتجاوز ذلك ليصبح أزمة نحو ما يحمله المستقبل بعد التخرج.

 

لذا استشعرنا أهمية وضرورة تسليط الضوء على الإدارة المالية للطلبة الجامعيين، والفرص التي قد تسهم في تحسين جودة الوضع المالي لديهم؛ مما يجعلهم ينجزون في فترة دراستهم الجامعية ويقدمون أفضل الإمكانات دون خوف أو تشتت، إذ قد يصنع عقباته القصور والأزمات المالية، ومن الحوار الآتي مع الدكتور عبدالله بن محمد الشكيلي، أستاذ مساعد في قسم الإدارة بكلية الاقتصاد والإدارة ونظم المعلومات، والمدير التنفيذي لمركز ريادة الأعمال في جامعة نزوى، نناقش هذا الملف في بعض مفاصله المهمة للطالب الجامعي.

 

ما تعريف الإدارة المالية؟ وما الفرق بين الإدارة المالية للطالب الجامعي والإدارة المالية لباقي الأفراد؟ 

الإدارة المالية في مفهومها العام هي حسن استخدام أو إدارة المصاريف المالية، وإذا ما عُرفت بالنسبة للطالب الجامعي فإنها أقرب ما تكون إليه كيفية إدارة الطالب لإيراداته المالية، التي عادة ما تكون محدودة وقليلة، ومقارنتها مع نسبة مصروفاته لتحقيق التوازن بين الإيرادات الشهرية والمصروفات الشهرية. 

والفرق بين الإدارة المالية للطالب الجامعي والإدارة المالية لباقي أفراد المجتمع تنصب في حاجة الطالب الجامعي إلى حسن استثمار الإيرادات وكذلك في أن تصرف بالطريقة التي تمكّن الطالب من العيش في الجو الجامعي في المؤسسة الأكاديمية بأريحية لما في ذلك تأثير مباشر على الهدف الأساس والغاية السامية من التحاقه بالجامعة وهو طلب العلم.

 

ما الخيارات المتاحة للطلبة للحصول على الإيرادات المالية؟

يمكن تقسيم الطلبة حسب مصادر إيراداتهم إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول الطلبة الممولون من قبل جهة معينة ولديهم منحة مالية شهرية، ففي هذه الحالة يجب على الطالب معرفة حجم مصروفاته التي تُغطي عبر هذا المخصص الشهري، وتنظيم استهلاكه للمال وفق أولوياته كون مورده المالي محدودا ويعتمد عليه اعتمادا كليا. أما القسم الآخر فهم الطلبة الموظفون الذين يموّلون أنفسهم ويحصلون على إيراداتهم من جهة العمل، وهنا الطالب يستطيع إدارة مصروفاته الجامعية بأريحيه كون مصدر التمويل ثابتا ومستمرا، وتبقى الصعوبة والعقبات المالية تواجه القسم الثالث، وهم الطلبة غير الممولين من مؤسسات وغير الموظفين؛ لذا هم معتمدين على تمويلهم الذاتي بما تقدمه لهم أسرهم من تمويل شهري، وهذا القسم لديه موارد قليلة قد لا تغطي المصاريف الجامعية وتبعاتها.

 

 

كيف يمكن للطلبة الجامعيين تحسين وضعهم المالي وزيادة دخلهم الشهري؟

ينبغي على الطالب البحث عن خطط ابتكارية تعينه على حسن تنظيم مصروفاته؛ لذا يفضّل من كل طالب أن يقوم في بداية كل شهر بعمل قائمة بالإيرادات وقائمة بالمصروفات المتوقعة في ذلك الشهر، التي بلا شك ستساعده في حسن إدارته المالية، فبما أنه طالب فحاله يقلّص عليه المسؤوليات عدا مسؤوليته الشخصية لإدارة الشؤون المرتبطة بالدراسة وما يتعلق بها؛ لذا يجب أن تكون مصروفاته أقل أو مساوية لإيراداته، بل حتى أنه يمكن للطالب أن يزيد من دخله المالي في حال امتلاكه لمهارة أو موهبة بتوظيفها في كسب المال، فالآن -مع وجود العديد من منصات العمل الحر- يستطيع الطالب الانضمام إلى هذه المنصات والعمل بها مؤقتا دون الحاجة إلى الارتباط بعقود طويلة المدى، وبالفعل هناك تجارب ناجحة في الجامعة  لطلبة يستخدمون منصات العمل الحر وقد استفادوا منها، فمنها المنصات المحلية أو حتى منصات على  مستوى الوطن العربي والعالمي. كما يمكن للطالب الحصول على عمل جزئيٍّ في وقت المساء أو حتى في الفترة الصباحية؛ بشرط ألّا يتعارض مع أوقات الدراسة، وهناك الكثير من القصص الناجحة التي اشتغل فيها الطلبة على أعمال ومشاريع واستطاعوا إكمال دراستهم، وهناك زملاء سافروا للدراسة دون أي دخل شهري واستطاعوا بالعمل إكمال الدراسة وتحقيق الهدف.

 

بكم تقدر الميزانية الشهرية التي يحتاجها الطالب في الشهر الواحد؟

من الصعب وضع رقم معين لتحديد الميزانية الشهرية للطالب، فلكل طالب ظروف واحتياجات خاصة تختلف عن احتياجات زملائه وظروفهم، فعلى سبيل المثال الطالب الذي يعود إلى منزله يوميا يختلف في نسبة مصروفاته عن الطالب الذي يعيش في الجامعة أو في سكن يدفع مقابله مخصصا شهريا أو سنويا أو أيا كان، ولكن يمكن تقديرها في المتوسّط من ريالين إلى خمسة ريالات لليوم الواحد بالنسبة إلى الطلبة الذين يعودون إلى منازلهم بشكل يومي، و150 ريالا شهرياً حدا أدنى للطلبة الذين لديهم مساكن في الجامعة أو خارجها، وحتى هذه التقديرات فإنها تختلف بناء على عوامل عدة، منها موقع السكن أو المنطقة التي يعيش فيها الطالب التي منها يتحدد مستوى المعيشة، وكذلك يعتمد على ثقافة الطالب والمستوى المالي الأسري الذي اعتاد عليه، بالإضافة إلى نمط الحياة وحسن إدارة شؤونها.

 

ما الأخطاء التي يرتكبها الطالب التي قد تسبب له عبئا ماليا؟

من أكبر الأخطاء المالية التي يرتكبها الطالب الجامعي التقليد غير الصحي للآخرين، مثل محاولة تقليدهم في امتلاك الهواتف والسيارات وحتى اللباس الذي لا يتناسب مع الحالة المالية له، بالإضافة إلى اعتماد الطالب على الوجبات السريعة وكثرة تردده على المطاعم وأماكن الترفيه، أو عزوفه عن خدمة نفسه في غسيل الملابس والتنظيف وغيرها من الشؤون المنزلية، فما يحدث حقيقة للطالب الجامعي رؤيته لنفسه باعتباره مستقلا ذاتيا ولا يوجد أحد مسؤول عنه؛ لذا يخرج من القيود بالمال فيقوم بشراء كماليات لا يحتاجها، وحقيقة الكثير من الطلبة يشغلهم الجانب المادي خصوصا أولئك الذين لا يستطيعون دفع الرسوم الدراسية أو الذين يأتون بتمويل ذاتي، وما ننصح به دائما هو محاولة البحث عن موارد تمويل مختلفة، سواء من أصحاب أم مؤسسات أم حتى  أصحاب الأيادي الخيرة، وألا يجعلوا العائق المالي حجر عثرة لإكمال الدراسة الجامعية، ومحاولة البحث عن عمل حتى وإن كان مؤقتا، فحتى الطالبات يمكنهن العمل في مشروع  تجاري أو القيام بمشروع منزلي. ويفضل أن يبدأ الطالب مبكرا في مشروعه الريادي، وهذه دعوة منا لجميع الطلبة الذين يمتلكون مواهب أن يزورونا في مركز ريادة الأعمال، وبإذن الله سوف نسعى إلى مساعدتهم في تطوير مشروعاتهم وتسويقها وربطها بجهات تمويلية، فمتى ما شعر الإنسان بالأمان المالي استطاع التحرك والانطلاق في الحياة.

 

 

اذكر لنا مثالا لطالب نجح في إدارة أمواله؟ وما النتيجة المترتبة على ذلك؟

عندما كنت أشغل وظيفة مدير الشؤون المالية في الجامعة، كانت ترد إلينا الكثير من حالات الطلبة الذين يعانون من مشاكل مالية، ومن ضمنهم طالبة كادت أن تكون غير قادرة على توفير مصروفها الشخصي، ولكن مع الإصرار القوي وحب التعلم دفعها ذلك لتحدي المستحيل وقهر الصعاب، فاستطاعت الخوض في مجال ريادة الأعمال، وبإصرارها تمكنت من مواصلة الدارسة، حتى أنها استمرت في مشروعها التجاري بعد التخرج، وتمكنت من تسديد جميع المترتبات المالية التي عليها، إذ ينبغي للإنسان أن يكون لديه تخطيط وإصرار وألّا يجعل المشكلة المالية عقبة بينه وبين تحقيق حلمه، فهناك طلبة تعرضوا لظروف مالية مما اضطرهم إلى مغادرة الجامعة، وهنا أيضا يجب على المجتمع تلمّس حاجة هؤلاء الطلبة الذين ينتمون لأسر الضمان الاجتماعي أو أسر الدخل المحدود. بل ونشجع موضوع الوقف التعليمي لما له من دور في تخفيف العبء المالي على الطالب، سواء من طريق توفير القرطاسيات والأدوات المكتبية أم حتى في توفير الوجبات الغذائية؛ لذا دائما نحث الطالب للبحث عن الحلول والالتحاق ببرامج الإسناد ومحاولة إيجاد مصدر دخل يعينهم على تيسر أمورهم في فترة دراستهم الجامعية.

 

ما نصيحتكم للطالب الجامعي في موضوع إدارة المال؟

على الطالب الجامعي أن يتحرز من محاولات الاحتيال والابتزاز الإلكتروني، فهناك حالات ابتزاز مالي حدثت لطلبة تركتهم يبحثون عن المال بطريقة غير مشروعة كالسرقة من الأصدقاء؛ لذا من الضروري الحرص عند التعامل مع المنصات الإلكترونية والتسوق الإلكتروني وعند استخدام بطاقة الائتمان، وكذلك عدم مشاركة البيانات الشخصية والحرص على الأموال، وعدم الخوض في المراهنات المالية، وليكن الطالب على يقين تام أنّه متى ما استقام موضوع الأمن المالي لديه فهو ذو علاقة مباشرة بصحته النفسية وأدائه الدراسي وقدرته على تحقيق نتائج عالية.

 

   

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة