السنة 18 العدد 167
2023/05/01

في صحبة القلم والسطور ...

المواهب الجامعية وكشافيها في مرمى العناية


 

 

إشراقة: موهبة العدد

 

لا شك أن كثيرا من العوامل الاجتماعية لها تأثير كبير على المواهب، خاصة في ظلّ الانفتاح الكبير على التبادل الثقافي والعرض الفكري في عصر العولمة الرقمية. وقد وجد ضيف موهبة العدد 167 من إشراقة من أوقات الفراغ في الحرم الجامعي فرصة ذهبية لاكتشاف أشياء جديدة في نفسه؛ إذ إن البيئة الجامعية أسهمت في رعاية موهبته بما تمتلك من أدوات وبرامج لتطوير طالب العلم وأهم احتياجات موهوبته.

 

محمود بن سليم السعدي خريج هندسة ميكانيكية في كلية الحرس السلطاني العماني للتقنية، وطالب في جامعة نزوى تخصص لغة إنجليزية وترجمة في كلية العلوم والآداب. اكتشف موهبته عندما رأى أنه يملك حِس الإبداع القادر على وصف المشاهد وانتقاء الكلمات؛ لكي تكون جُملا رائعة تفي لوصف الأحداث. 

 

أبعاد وأوتاد

يعلق العديد من الأشخاص كثيرا في مطبات البحث عن مواهبهم الدفينة؛ بل يطاردونها فترات طويلة عجاف، يتقلبون بين التقصي والتجريب والعجز. إلا أن محمود استلهم من بداياته الأولى في محاكاة مع النصوص النثرية والشعرية القدرة على الإبداع، انطلقت من مجرد تكوين جمل تُناسب القافية ووضعها في أبيات شعرية دون الاهتمام بدرجة كبيرة بقيمة النص، حتى وجد الذي يجذبه، وهو جماليات اختيار الكلمات في بعديها النثري والشعري.

 

مقتطفٌ لما كتابه شعرا في يناير عُمان الحزين، قال:

أغفوتَ في نوم عميقٍ هادئٍ؟ 

          وتركت شعبًا غاص في الأحزانِ؟

 

أرحلت يا أبتي وصرتَ مغيبًا؟

            وعمان بعدك في النحيب تعاني

 

"يا ترى، أواقعٌ الذي حدث في العاشر من يناير الحزين؟! خبر يُفجعُ القلب، لن ننساه، قابوسٌ أتى في عنوانه، وأودعناهُ في ذكرانا، إنها عجاف يوسف حلت من أقصاها، والشعبُ يلوح يا اللهَ، هذا موكب قابوس لن أنساه، والخيل ستفقدُ من رباها".

 

وتحفل مدونة محمود السعدي ليس بالشعر فقط، بل كتابات نثرية وأخرى غزلية صنعت مفكرة خاصة توثّق دفقات قلبه وأحاسيس وجدانه تجاه الأيام. نجد في سطور منها قوله: "أهديتها حبًا، فقالت: أعجبني، ولكنني أريد سوارًا من ذهبٍ. اخترتني بدقة، وتكوّنت فيّ الذهب والفضة، راقبت عيني، وهمت فيك، وقتلتني حبًا، ولذت بالفرار، وغدوتُ أبحث وأردد بلساني: ألا ليت من تهواه العين تلقاه. فاضت اليابسة وردًا، وعصفها الموج ودًا، وسمعها الحبّ قائلًا: ارمي تعاليكِ وتعالي".

 

 

 

 

أيُّ حضن؟!

إنّ تعزيز ممارسة الأنشطة، والمشاركة في المحافل المتنوّعة، وتوفير آلية تسهم في التعرف على المواهب من ذوي الإمكانات  المستقبلية، دفعة قوية لاكتشاف نجوم تتلألئ في سماء المجتمع. ويؤكد السعدي على ذلك بالإشارة إلى أهمية احتضان المواهب ودعمها بمختلف السبل وفي شتى المجالات، إذ يتيح ذلك للموهوب القدرة على مواصلة مشواره الإبداعي؛ لأنه سيكون على ثقة تامة بوجود بيئة حاضنة تنمّي من قدراته وتعزّزها.

وكونه نائب رئيس المجلس الاستشاري الطلابي بجامعة نزوى، أتاح له ذلك جملة من الأصدقاء الاجتماعيين في الجامعة، وقرّبه كثيرا من المحافل الوطنية التي تقام في الجامعة وخارجها، وعزز من حضوره في لقاءات تلفزيونية وإذاعية للحديث عن عديد الأحداث والإنجازات الشخصية والمجتمعية.

 

محطة بارزة

لطالما كانت المواهب الجامعية كنوزا ثمينة في مختلف الفنون بحاجة إلى كشّافين مثابرين، إذ تبشر تلك المواهب في هذه المرحلة العمرية والفكرية بنبوغ مبكر يستدعي معاملة خاصة، وأساليب تنموية مميزة. وبقدر أهمية بدايات صناعة الموهبة، هناك نقطة انطلاقة حقيقية لها تعد فيصلا لانفجارها ... محمود السعدي بصدد نشر إصداره الأول لكتابه الذي يحتوي على نصوص شعرية ونثرية مختلفة، ومن المقرر أن يعلن عنه -بإذن الله- في قادم الوقت؛ ليكون انطلاقة سهم يصيب عقول القرّاء عن جانب مخبئ من شخصيته في الكتابة في رأس القلم وصفحات التدوين. 

 

نسمات عطرة

يختم السعدي حديثه بنص قال فيه: "في مدوناتنا الشخصية، وفي أوراقنا المهمة، كثيرًا ما ندوّن كلمات الحُبّ، هذه الكلمات نبعًا صافيًا للمشاعر الهادئة، والمنبثقة من أعماق القلب، إنها ذلك الطريق الناعم الذي نحب أن نسير عليه؛ حتى نرتقي ونسافر بأرواحنا بعيدًا عن انتظام الحياة وتفاعُلاتها وحروبها". وأضاف: "إنّ كلمات الحبّ ليست دربًا من الخيال، إنّما هي سكينةُ الروح، ومُهْجَةُ الأنفاسِ، وهذا الذي نحتاج إليه لكي نُكمل انبعاثاتنا في الحياة". وأكمل: "ستبقى مُهْجَةُ الأنفاسِ الباقة الوحيدة التي لن يمسَّها الذبول، ولو حاول أحدهم إيقافها وتشويهها ستبقى كما عهدها محمود نقية وهادئة، كنسمةِ عطرٍ".

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة