السنة 18 العدد 166
2023/03/01

 

ليلة عن ألف ليلة … وآثار خالدة


 

 

هناء بنت حسن بن محمد النبهانية

خريجة بكالوريوس فنون جميلة

 

هي ليلة تنفرد عن باقي الليالي، فالسهر فيها لن يكون طلباً للعلم، بل تكريماً نلناه بسهرِ سابقِ. الليلة في حفلٍ مهيب، تتوجنا الجامعة خريجاتٍ وخريجين، بعد أن مهدت الطريق لنا لاكتساب العلوم والمعرفة في أرجائها، وأخرجتنا لدخول سوق العمل جاهزين متأهبين، الليلة يؤتى كل صابرٍ ثمار صبره، وكل مثابرٍ نصيبه الذي يستحق.

بلهفة أنتظر مناداة اسمي، أتتبع انعكاسات الضوء، تارة من عيون أمٍ دامعة، قرّت اليوم بتتويج ابنها خريجا، وتارة على شهادةٍ مهتزة بين يدي خريجة، وانعكاسٌ آخر من على شاشات الهواتف التي تخلد هذه اللحظات السعيدة، فلعل تأطير هذه المشاهد قد يحفز نفوسهم لاحقاً للسعي وتكرار هذه اللحظات بتتويجٍ  لنصرٍ آخر.

وكلما وجهت ناظري وجهةً متتبعةً انعكاسات هذا الضوء، يرتسم أملٌ جديدٌ في خاطري، باعثاً بي حماسةً للمواصلة، واكتشاف ما تخبئه لي طيات أيامي القادمة … تباغتني الكاميرات راصدة قطرات دموع الفرح المتجمعة في عيوني، وابتسامتي التي أرسمها بحبٍ لمن يترقب مشاهدتي من خلف الشاشات، ولأهلي الحاضرين بقلبي قبل حضورهم في المدرج، أوزع الابتسامة لكل من شهِدَ تعبي وجهدي، ودعا لي سراً أو علانية، حفظكم الله لي.

أسرح بمخيلتي مجدداً، لذكرياتٍ خُلدت في تلك الأروقة، في مواقف صَنعت ما أنا عليه الآن، فيمتزج شعورُ فخري بالحنين قليلاً، حنينٌ للحظات، لأشخاص، لأوقاتٍ مرت علي في أثناء مسيرتي هنا، فمنذ التحاقي بالجامعة قبل أربعة أعوام، وأنا أسعى لترك آثارٍ وبصمات، في أثناء دراستي في كلية العلوم والآداب، وتدريبي في الكلية ودائرة الإعلام والتسويق، وتطوعي التابع لبرنامج الإنماء الطلابي، وقيادتي لجماعة الصحافة والإعلام، ومشاركاتي في الأنشطة الطلابية اللاصفية، التي كانت المواسم الثقافية أكبرها، فالحمدلله الذي قدرني على وضع تلك الآثار الطيبة، في الأماكن والأشخاص، آملة أن تكون ذات نفعٍ لي، وحافزاً لغيري للإنجاز والتألق.

إن لجامعة نزوى دور عظيم في كل هذه النجاحات، فقد كانت حاضنة للمواهب، وبيئة مشجعة للطلبة للإسهام بفاعلية في شتى المجالات؛ بتوفيرها فرص كثيرة تنمي مواهبهم وقدراتهم، تتمثل في الدورات التطويرية والورش التعليمية والبرامج التدريبية المختلفة، كذلك الأنشطة الطلابية والتطوعية، والمشاريع البحثية والمسابقات. 

فاليوم يتخرج منها بعضهم منهياً دراسته وهو مالكٌ لمشروعه الخاص، أو على مشارف تأسيسه، وبعضهم الآخر قد نال جوائز محلية ودولية بإنجازاته ومشاريعه البحثية، أو مشاركاته الفعّالة في المسابقات، كله بفضل الله وجهودهم الجبارة، وكذلك ما توفره الجامعة من مراكز وبرامج تنمي مهارات الطلبة العلمية والعملية في ذات الوقت.

إنّي قطعت العهد أن أرقى السماء، أزهو وروح الجد في شرياني، خرّيجةً أمضي ودربي ساطعٌ، تشدو به الآمال في وجداني ... وفي الختام، عشنا الليلة بداية النهاية، وسط جمعٍ مليئٍ بأرواحٍ تشترك باحتوائها نزعة النجاح، أرواحٌ تواقة جداً لإكمال المسير، رعاهم الله في قادم أيامهم، وبلّغنا عنهم أسعد الأخبار.

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة