مزيج من المشاعر تملئ المكان ...
بين البهجة والرضا والفخر، طلبة جامعة نزوى يعتلون منصة التخرج
استطلاع الرأي: ريهام الحضرمية
ليلة استثنائية، نجومها على الأرض لا السماء، يتوسد الفخر والفرح أكفّ خريجي جامعة نزوى وأسرهم المرافقة، في مشهد مبهج يمتد الفرح فيه متجاوزا جغرافية المكان. هناك من شاركهم الشعور خلف شاشات هواتفهم، وهناك من يقتنص لحظات التكريم عبر شاشة التلفاز، فالبهجة عامة وزخم المشاعر أبى إلا أن يلامس جميع القلوب؛ بل شعرت أن زوايا الجامعة تحمل ذات الشعور، وهي تزف فوجا من طلبتها الخريجين إلى منصة التكريم، معلنة وشاهدة على ما نهلوه من مختلف العلوم والمعارف، ومراهنة عليهم في أن يكونوا أركانا لبناء هذا الوطن الغالي ورفعته. لكل شيء في هذا اليوم لذة متفردة، لحظات التكريم، وضحكات الخريجين، ورائحة الورد التي تملئ أيدي أولياء الأمور، الأحضان الدافئة ودموع الفخر التي سبقها شريط ذكريات تعددت محاطته بين مثابرة واجتهاد وتعب وانكسار، يتخلله مزيج من الأحاسيس ، فرحا بما أنجزوا، وحزنا على فراق هذا الصرح ومرتاديه، وما كان لنا في إشراقة إلا أن نقترب أكثر من شعورهم و نشاركهم بهجتهم ثم ننقلها لكم، لتعيد بعضكم للحظات تخرجه السابقة و تنهض الهمم في آخرين للوصول إلى النجاح و تذوق جميل الشعور ولذته.
الطموح أقوى أسلحة المتعلمين
كان عبدالله بن خميس العامري، خريج بكالوريوس إدارة العمليات، مثالا يقتدى به في طموحه وعزمه، وقد شاركنا تجربته في جامعة نزوى، قائلا: "قادني طموحي للالتحاق بالجامعة على الرغم من امتلاكي للوظيفة، إلا أن يقيني التام بأن العلم و المعرفة مفتاح قوة من شأنها أن تغير المرء و حاله إلى أفضل حال، وأنا دائما ما أكرر أن الشهادة إن لم تنفعك لن تؤذيك، وبالفعل وجدت التجربة في جامعة نزوى مثلما رسمتها في ذهني، وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها في فترة دراستي حيث تزامنت مع جائحة كوفيد19، التي تعد تجربة بحد ذاتها، إذ إن استحداث التعليم عن بعد أكسبني مهارات أخرى، سواء المرتبطة بالجانب التقني أم حتى الجانب المعرفي البحثي".
ألبس طموحي
وعلى خلاف عبدالله، كانت لشيخة بنت مشعل البادية، خريجة التمريض، حكاية معاكسة في بداياتها، فقد كانت تطمح للالتحاق بكلية الطب، إلا أن الأقدار شاءت أن تقودها إلى دراسة التمريض التي أحزنتها في بادئ الأمر، لكنها أدركت مع الأيام أن الخير فيما اختاره الله، وشاركتنا تفاصيلها قائله: "على الرغم من الخوف والحزن الذي شعرت به في البداية، إلا أن جميع ذلك اختفى بمجرد دراستي لمقررات التخصص، إذ شعرت بانتمائي إليه، ولبى حاجة نفسي التي تدفعها لتقدم الأعمال الإنسانية، فكنت أشعر في كل مرة أرتدي فيها ثوب التمريض الأبيض أنني أرتدي طموحي، وكون التمريض تخصص علمي بحت، فقد كانت الرحلة مليئة بالعثرات والتحديات و السهر حتى كدنا أن نستسلم في مرات عديدة، إلا أن دعوة واحدة أو كلمة شكر نسمعها من مريض كفلية بتقويتنا وملئنا باليقين التام على استحقاق اللحظة للعناء، كما هو شعوري الآن وأنا على منصة التخرج. الضغط الدراسي لم يثنيني عن المشاركة في الأنشطة الجامعة، فقد ترأست لجنة الخدمات في المجلس الاستشاري الطلابي لعامين، حاولت فيهما أن أضع بصمتي وأصنع فارقا يضاف إلى المجلس الاستشاري".
الرصيد التفاعلي
وكما هو معروف عن جامعة نزوى ثراؤها بالأنشطة، ودعمها لإسهامات الطلبة التي من شأنها أن تنمي وتطور مهاراتهم قدراتهم؛ فالطالب عندما ينهي مسيرته التعليمة ويصل إلى يوم التخرج، أكثر ما يأسف عليه هو شح مشاركاته وقلة بصماته، كما ذكر الخريج ناصر بن عيسى الحزامي الحاصل على ماجستير الإرشاد والتوجيه، قائلا: "كنت أتمنى أن أضع بصمة أكبر وأن تكون لي مشاركات أكثر، ولكن بحكم ارتباطي بالعمل كانت مشاركاتي متواضعة اقتصرت على تقديم الاستشارة لبعض أنشطة المسرح، ولكن كان للجانب العلمي دور كبير في تطوير مهارة البحث وكذلك العرض والتقديم"، وقد تأكد ذلك من طريق الموقف الذي عبر عنه عبدالله بن محسن الندابي، خريج برنامج الإدارة التعليمية بدرجة الماجستير، قائلا: "من ضمن المواقف التي ستبقى عالقة في الذاكرة هي الطلب المفاجئ لأحد أساتذتي في المحاضرة لتقديم عرض متكامل عن موضوع معين دون سابق علم أو استعداد، فأن تلقي محاضرة كاملة ارتجالية أمام زملائك الطلبة دون تحضير، وتنجز وتبدع فيها هو بحد ذاته إنجاز يضاف إلى رصيد مهاراتك، حتى أنني -بعد انتهائي من التقديم- اكتشفت نقاط قوة لدي لم تكن لتظهر لولا هذا الموقف، فبالفعل فارق المهارات التي يفقدها الطالب من مشاركته الضئيلة يمكن أن يعوض من طريق الأنشطة الدراسية التي تقام داخل القاعات الدراسية أو حتى خارجها كأنشطة لا صفية".
كانت الأمتع
وصفت كلٌ من مزنة بنت جمعة الهدابي وندى بنت صالح البسامي ومنيرة بنت سيف الناعبي، خريجات كلية العلوم و الآداب تخصص كيمياء، تجربتهن في جامعة نزوى بالفريدة، فعلى الرغم من الصعاب والعقبات التي واجهتهن في مسيرتهن الدراسية، إلا أنه -بفضل الله ثم دعم أسرهن ودعمهن لبعضهن بعضا- هان ما كان صعبا، ودفعهن للتخرج بدراجات مشرفة معتبرات ذلك أقل ما يمكنهن تقديمة شكرا لأسرهن الداعمات من البداية وحتى لحظة التخرج، فأي شعورٍ يضاهي لذة الانتصار، وأي فخرٍ يعادله. فطوبى لمن زرع وحصد وذاق حلاوة التميز.
هناك من يصنع الفارق
طوبى لنورة بنت عبدالله الذهلية الحاصلة على الترتيب الأول في تخصص ماجستير الإدارة التعليمية، إذ عبرت عن فرحتها قائلة: "مما لا شك فيه أنه في هذا اليوم المبارك والبهيج أشعر بالفخر والاعتزاز ممزوجين بالفرحة الغامرة التي لا توصف؛ بعد أن وفقنا المولى سبحانه وتعالى في إكمال متطلبات الدراسة لنيل درجة الماجستير في الإدارة التربوية بعد جهد وصبر ومثابرة وعمل دؤوب طيلة أيام الدراسة ... فلا يوجد لباس أجمل من ثوب النجاح، ولا شعور أفضل من الشعور بالانتصار وتحقيق الطموح وبلوغ الهدف السامي والنبيل الذي رسمه الشخص لنفسه، متطلعاً إلى تطوير ذاته والارتقاء بمداركهالعلمية والمعرفية من أجل مستقبل أفضل ... فكان له ما أراد بفضل سعيه وبتوفيق من المولى عز وجل".
مرحلة مفصلية
وقد أكدت موزة بنت حميد السنانية، خريجة الهندسة المدنية، على أهمية استغلال المرحلة الدراسية قائلة: "من وجهة نظري أن مرحلة الجامعة وما بعدها من أهم مراحل العمر في حياة مختلف الأشخاص، التي عليهم استغلالها بطريقة صحيحة؛ كي يستفيد منها الشخص بشكل كبير في تحقيق كافة الطموحات والآمال التي يرنو إليها مستقبلا، وللأسف قد يضيع العديد من الشباب فترة الجامعة فيما لا ينفع دون الاهتمام بتطوير أنفسهم وصقل خبراتهم في مجال عملهم أو بتعلم المهارات الفنية التي يحتاجون إليها في الدراسة الجامعية، وبعدها للالتحاق بسوق العمل؛ مما يجعلهم بعد التخرج يضيعون الكثير من الأوقات دون اكتساب الخبرات والمهارات المختلفة، بهدف القدرة على الانغماس في سوق العمل الذي تجد فيه المنافسة الشرسة بين الخريجين للالتحاق بالوظائف المتعددة".
ليأتي ما يفسرها
كنت أعتقد أن شعور الانتماء والحب الذي أكنه في داخلي لجامعة نزوى هو شعور خاص لا يمتلكه غيري، إلا إن جملة فاطمة بنت حمود الحراصية خريجة بكالوريوس في المحاسبة كانت تتجانس مع أحاسيسي بنفس القدر والحدة، إذ قالت معبرة: "يكفيني أن أقول (خريجة من جامعة نزوى) وليأتي بعده كل ما يفسر هذه العبارة، فأنا حقا ممتنة للجامعة ودورها الفعال في مساندة طلبتها ومساعدتهم في مواجهة التحديات وتخطيها، كما أتاحت لي الدارسة في الجامعة الفُرص الكثيرة، ومنها مشاركتي في مسابقات كانت على مستوى جامعات و كليات من كافة ربوع سلطنة عمان، عوضا عن الفرصة الأعظم وهي تخرجي ودراستي للتخصص الذي أحب".
رفقاء الرحلة النجاح
كان للعائلة ودعمها حضور بارز في إجابات الخريجين عندما سألناهم عن الداعمين لهم في مسيرتهم التعليمية، فالأسرة هي السند الحقيقي والأبدي، سواء كانت الأم أم الأب أم الإخوة أم أزواجهم أم حتى أبناءهم، فالمرء يقوى ويحارب بالطاقة التي تمنحها له أسرته، كما تقدموا بالشكر الجزيل للكادر التعليمي والهيئة التدريسية بجامعة نزوى على ما بذلوه من عطاء، وعلى وقتهم الذي كرسوه في خدمة العلم و منفعة الطالب.
وقد غادر خريجو جامعة نزوى ولكنها حتما لن تغادرهم، ستبقى المواقف بحلوها ومرها حاضرة في الذاكرة كلما لاح اسم نزوى على مسمعهم، غادروها حاملين أحلامهم التي رسموها في أذهانهم سنوات طويلة، وتوسدوها ليالي طويلة، غادروهم مزودين بالعلم والمعرفة ومرصعين بالمهارات المختلفة، لينتشروا في ميادين العمل والفلاح، آملين أن يجدوا مبتغاهم وأن يكونوا سندا لهذا الوطن العزيز وفخرا له أينما مثلوه، غادرونا بشعلة من الحماس والفرح، أدام الله توهجهم وبارك خطواتهم أينما حلت.