الاعتماد الأكاديمي يفتح آفاق المستقبل
د. وليد بن خالد الراجحي
عميد عمادة التخطيط وإدراة الجودة
يعد التعليم الجيد أحد أهم الروافد في تطوير الأفراد والارتقاء بالمجتمعات، إذ إن التعليم الذي يتسم بالجودة يسهم في صناعة أفراد منتجين ويعطي قيمة للمجتمع؛ ومنه قيمة اقتصادية للبلد. وقد طرأت على نظم التعلم والتعليم العالي بشكل خاص، تغييرات كثيرة، مثل: استحداث مهن جديدة، وتجدد احتياجات سوق العمل، والحاجة إلى إعداد مخرجات تتسم بمهارات القرن الواحد والعشرون؛ ولضمان مخرجات ذات قدرات ومهارات عالية، وضعت جامعة نزوى نظام إدارة جودة شاملة لجميع قطاعات العمليات الداخلية ومحاورها المتعلقة بحوكمة الجامعة وإدارتها، والتعليم والتعلم القائم على المساقات التي تتطلب مشاريع بحثية وإسناد قطاعي البحث العلمي وخدمة المجتمع.
ولتأكيد نجاح هذا النظام، شرعت جامعة نزوى في مشروع الاعتماد المؤسسي المقدم من الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم؛ لتكون إحدى المؤسسات التعليمية المدرجة في السجل الوطني كونها جامعة معتمدة على الصعيد الوطني مستوفية اشتراطات ومعايير محددة في مجالات التعليم العالي، الذي أتى ثماره -ولله الحمد- بجهود منتسبيها من طلبتها وأساتذتها وموظفيها والقائمين عليها من الإدارات العليا؛ تتويجاً لإخلاصهم المتفاني في العمل؛ إذ لا يسعني في هذا المقام إلا تقديم جزيل الشكر والعرفان إلى كل من عمل وأسهم في هذا التتويج الذي -لا شك فيه- سيكون إضافة في سبيل تعزيز مكانة الجامعة وفتح آفاق أوسع للتقدم والرقي في قادم المستقبل.
إن عملية الاعتماد المؤسسي المعمول بها في سلطنة عمان تمر عبر عدد من الإجراءات المتكاملة للتأكد من استيفاء مؤسسة التعليم العالي للمعايير التي تقيّم المؤسسة من جوانب تتعلق بإدارة المؤسسة وحوكمها، وعمليات التعلم والتعليم والبحث العلمي والابتكار وخدمات الاستشارات وخدمات الدعم الأكاديمي وخدمات المجتمع وجودة الخدمات العامة، وتتم العملية كل خمس سنوات من طريق مراجعين خارجيين مختصين ذوي خبرة عالية في مجال قطاع التعليم العالي.
واستحضارا لعمليات التحضير للحصول على الاعتماد الأكاديمي المؤسسي، شرعت إدارة الجامعة في إنشاء لجنة توجيه مختصة يقودها رئيس الجامعة، وتنفذ قرارتها وتوجيهاتها عمادة التخطيط وإدارة الجودة بالشراكة مع جميع القطاعات ذات الصلة، ويرتبط بهذه اللجنة لجان فرعية في كافة وحدات الجامعة. وقد هدفت اللجنة إلى وضع خارطة طريق بُغية إنجاح هذا المشروع دون ملاحظات أو إخفاقات، فيما تم تنفيذه على مرحلتين أساسيتين: المرحلة الأولى سعت إلى نشر الوعي بأهمية الاعتماد الأكاديمي لمؤسسات التعليم العالي لدى أساتذة الجامعة والموظفين الإداريين والطلبة والمستفيدين ذوي الصلة من القطاعين المهني والصناعي، كما تزامن في هذه المرحلة إجراء مراجعة شاملة لكافة العمليات الداخلية حسب المعايير الموضوعة من الهيئة العمانية للاعتماد؛ الأمر الذى أتى بعائد إيجابي في تحسين أنماط العمل وتجويد بعض الممارسات. أما المرحلة الثانية فتضمنت كتابة التقرير المقدم إلى الهيئة، وتصنيف وترقيم المستندات الداعمة للتقرير. علما أن جامعة نزوى تنتهج في تنفيذ العمليات والأنشطة الداخلية على مبدئ التفكر القائم على التحليل الرباعي: (نهج، تنفيذ، تحليل النتائج، تحسين)، بالإضافة إلى تطبيق هذا المبدئ في كتابة التقارير الروتينية والسنوية.
إن من المكاسب التي سعت وراءها الجامعة -إلى جانب الحصول على الاعتماد المؤسسي غير المشروط- النقد الذاتي والوقوف الواقعي على مستويات ومعايير محددة لتقييم جوانب المنظومة التعليمية؛ بغية تنمية الفكر التربوي المرتبط بثقافة التقويم المؤسسي ورفع مستويات بعض الأنشطة التعليمية والبحثية والمجتمعية ونشر ثقافة جودة العمل ووضع خطط لتحقيق القادم.
ولعل المكسب الأهم من هذا المشروع مشاركة كافة منتسبي الجامعة في تنفيذ رسالتها وتحقيق أهدافها الموضوعة، وتعزيز الشعور بالانتماء كأسرة واحدة؛ مما يرفع مستوى الرضا الوظيفي والمستوى المهني لديهم. ومن المتوقع أن يعزز هذا الاعتماد سمعة الجامعة وبرامجها الأكاديمية وأنشطتها البحثية والمجتمعية على المستويين المحلي والعالمي؛ مما يعزّز ثقة المجتمع برسالة الجامعة وخدماتها التي تقدمها للمستفيدين والقناعة بجودة مخرجاتها.
ولا يقتصر النمو والتطوير وتجويد العمل على مرحلة زمنية، إذ تعكف الجامعة حالياً على تنفيذ مشاريع مختلفة منها، على سبيل المثال، الاعتماد البرامجي الذي يفوق عدد برامجه المئة، وفي الوقت ذاته هناك عمل دؤوب لرفع تصنيف الجامعة على المستويين المحلي والعالمي؛ لضمان شمولية العمل وتكامله، وتعزيز دائرة الجودة الشاملة التي انتهجتها الجامعة في جميع القطاعات.