الإرادة القوية تبعث الأمل وتدفع الألم
إشراقة: ذكريات خريج
تنسج ذكريات طالب العلم خيوطا من الجهود والإرادة في أعوام ملؤها الطموح لجني الثمار؛ لتمر الأيام حتى يأتي يوم التخرج مصحوبا بسعادة لحظة طال انتظارها. نصحبكم في عمود "ذكريات خريج" في هذا العدد من إشراقة مع خريجة درجة الماجستير في قسم اللغة العربية بكلية العلوم والآداب في جامعة نزوى. زهرة بنت عبد الله بن سعيد البحرية من سكان ولاية عبري في محافظة الظاهرة، وُلدت ونشأت وتقيم فيها، حاصلة على شهادة الدبلوم للمعلمين من كلية عبري للمعلمين عام 1993م، عملت بمهنة التدريس من معلم مجال ثم مجال أول.
فخر وانتماء
التحقت زهرة البحرية عام 2009م بمقاعد الدراسة لاستكمال شهادة البكالوريوس، وفي عام 2022م شقّت طريقها لنيل درجة الماجستير في الدراسات اللغوية من جامعة نزوى؛ فكانت رحلتها حتى تخرجها طيبة مفعمة بالجد والمثابرة والتفوق والإنجاز. أثنت كثيرا على جامعة نزوى وكادرها الأكاديمي، فقد تلقت العلوم على أيدي أساتذة أفاضل من خيرة الكوادر في الوطن العربي، على رأسهم الأستاذ الدكتور سعيد جاسم الزبيدي، عالم النحو العربي، فهو الأب الروحي وملهمها في رحلة الدراسة وطلب العلم؛ لذلك سعت جاهدة لتلتحق بالجامعة لدراسة الماجستير ... وقد كان إذ حققته تألقا بامتياز مع مرتبة الشرف".
رغم التحديات!
مهما كان حجم الصعاب لا تحدٍ يكبح طموح طالب العلم الراسخ في رحلته الدراسية. كذلك البحرية لم تكن ببعيد عن مشاق التعلّم؛ ولكن تحلّت بالصبر وقوة التحمل، بل أعطاها ذلك دافعا لبذل جهدها وتحقيق هدفها رغم عدم تفرغها من العمل، وفي جانب آخر عنايتها بأسرتها، بل كانت حصيلتها برّاقة تعلمت فيها طرق البحث العلمي والتدوين المنهجي والاستنتاج، أيضا طالعت مصادر ومراجع مختلف؛ ألقت بظلالها على أدواتها في البحث والتلخيص العلمي؛ بل لعدم توافر بعض المصادر استعانت بطلبة من خارج السلطنة. كما صقلت جامعة نزوى شخصيتها في مواطن عديدة، مثل: مواجهة الجمهور وإبداء الرأي والمناقشة والحوار الهادف مع الآخر.
في ربوعها ...
لكل طالب علم جامعي ذكريات ومواقف بعضها تجعله يبتسم وبعضها يفتح جراحا قديمة، هنا تقف الذكريات عالقة في ذهن زهرة، فهناك ذاكرة لا تنسى لظروف خارج إرادتها أراد الله سبحانه وتعالى أن ترسخ لديها يوم مناقشة رسالة الماجستير، فقد توفي ابن عمتها في حادث أليم قبل يوم واحد فقط من مناقشة الرسالة، فتأجّلت المناقشة لتُحدد في يوم آخر، وهو اليوم الذي فجعت فيه عُمان بأسرها لوفاة قائدها السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-؛ لتتأجل المناقشة مرة أخرى إلى يوم آخر، الذي صادف تأثّر العالم بأسره بجائحة كورونا ليتأجل الموعد للمرة الثالثة لتكون في موعد معلّقٍ زاد على سنتين، ولكن بفضل الله وحسن ظنها به تعالى -عزّ وجل- شاء أن تكون المناقشة قبل حفل التخرج الأخير بمدة قصيرة؛ ليتحقق ما كان بالأمس حلما؛ لتكون ضمن كوكبة الخريجين الذين احتفت بهم الجامعة على مسرحها المفتوح بعد توقف دام ثلاث سنوات.
حنين
بُعد المرء عن مكان يعزه يبعث مشاعر الحنين لتراوده دفعا للرجوع إليه حبا وشوقا؛ وذلك لاسترجاعه ذكرى راسخة في وجدانه. في سياق ذلك تقول زهرة الرحبية: "يراودني الحنين إلى تلك الصباحات المشرقة، والقاعات الواسعة، والمكتبة التي تجمعني بثمار جهدي، أوراقي التي تتناثر هنا وهناك، المواقف التي تجعلني أقوى ... لا نهزم بسهولة؛ بل نتحدى المستحيل. لا أنسَ الكادرين الإداري والتدريسي اللذين رافقاني طول تلك الفترة الرائعة".
لاح طيفهم
هناك أناس في كينونة زهرة البحرية ذكراهم عالقة في الأذهان لحسن معاملتهم وطيب أخلاقهم وروحهم المرحة، وقفوا معها عند حاجتها إلى من يساندها ويساعدها، ولكن عندما تودُّ شكرهم تعجز لسانها عن التعبير، فلا تستطيع وفاء حقهم ... أساتذة قسم اللغة العربية تخصهم، أولئك الذين بذلوا قصارى جهدهم في تبليغ رسالة العلم: الأستاذ الدكتور سعيد الزبيدي، الأستاذ الدكتور أحمد حالو -رحمة الله عليه، الأستاذ الدكتور محمد كراكبي، الدكتور محمود الكندي، الدكتور يعقوب آل ثاني، أخذوا بيدها وكانوا خير مرشدين في رحلة الدراسة. تتواصل معهم بشكل دائم، وتتابع أخبار الجامعة وتتفقد الإنجازات العظيمة؛ لذا نصيحتها لطالب بذل الجهد المستطاع وأن يجعلوا الدراسة في صدارة أولوياتكم.