إنّه فخر الوصول …
تجارب حافلة، وتمثيل لائق، وذكريات في الأذهان
إشراقة: ذكريات خريج
يتفق كثير من طلبة العلم على أنّ سنوات الدراسة الجامعية تعدّ من أجمل أيام العمر وأشدّها ألقًا، هذه السنوات التي تصنع أفق مستقبلهم، بين تخصص يطمحون إليه، وأساتذة يرتشفون منهم رحيق الفكر، وصحبة ترصّع علاقاتهم الاجتماعية. وقد يسترجع الطلبة الذكريات الأولى لهم في أروقة الجامعة ومرافقها… الممرات والفصول الدراسية ومكاتب الهيئة الأكاديمية والمباني الأخرى (المطاعم والملاعب والمساجد ومتنزّهات)، أضف إلى ذلك الفعاليات والأنشطة والبرامج التعليمية والترفيهية والاجتماعية.
إنّ هذه المناشط تصنع هوية طالب العلم الجامعية؛ لذا تعود بهم إشراقة في عمود (ذكريات خريج) لتجدّد المشاعر. نصحبكم في هذا العدد مع خالد بن مسعود الحوسني، خريج في كلية الهندسة والعمارة في جامعة نزوى، نشأ في منطقة المسيلة إحدى قرى ولاية الخابورة بمحافظة الباطنة. بدأ مساره التعليمي منذ الصغر على يد أمه الغالية، فهي معلمه الأول حسب تعبيره، فقد كانت تدارسه وإخوته القرآن وتدلهم على الحفظ والاستذكار، ثم لازم مدارس التمهيدي عامين قبل البدء في الحياة العلمية المدرسية مدة اثني عشر عاما.
النشأة الأولى
التحقْ الحوسني بجامعة نزوى في الثاني من أكتوبر عام 2010م، كان مساره مليء بالمحطات الكثيرة والجديدة، فالحياة الجامعية ليست كأي حياة، إذ هنالك محطات تجعل من حياتك أو دراستك الجامعية منهجا لتدعيم الإدراك وتقويته بالاعتماد على النفس؛ كون أنّك بعيد عن المراعاة الأسرية وبيت المنشأ الأول. فكل منا يدرك مدى أن الرحلة الجامعية كانت نقلة نوعية لتطوير الذات والسعي الدؤوب للحصول على المعرفة والتعلم الذاتي، لأن التعليم الجامعي يختلف اختلافا كليا عن التعليم المدرسي حيث التلقين والحصول على المعلومة من المعلمين. إضافة إلى ذلك، فإن الرحلة الجامعية جميلة بما تحمله من ذكريات، وإن كانت بعضها صعبة للغاية (وهي التي تمر بها في سلك مسارك التعليمي)، إلا أنها تبقى تذكرك بحلو أيامها وجميل صحبتها لتصوغ منك إنسانًا متعلمًا ناضجًا ومفكّرا ومبدعًا.
يقول خالد: "بادئ ذي بدء أشكركم على استضافتكم الطيبة لي في ربوع مجلتكم المشرقة في رحاب جامعة نزوى، التي تسعى في كل عدد تطرحه إلى تنويع مواضيعها لتجعلها تلامس كافة المجالات الأكاديمية التعليمية والعلمية البحثية وخدمات المجتمع، والتنويع كذلك بين مجالات الابتكار وتخصيص بعض أطروحاتِها لتكون في مواضيع تستكشف العقل والوجدان".
بصمة ذاتية
بدايات الأنشطة الطلابية في مسيرة خالد الحوسني كانت في مستهل المرحلة التأسيسية في أول سنة التحق فيها بالجامعة؛ وذلك بالمشاركة، تحت إشراف الأستاذ سعيد بن سالم الشعيلي الذي كان مرشدا ومشرفا في معهد التأسيس آنذاك، إذ اقترح عليهم إنشاء جماعة معهد التأسيس، وكان عددهم ما يقرب من عشرين طالبا وطالبة، وقد كان أول ظهور لهم في فعالية تعريفية عن الجماعة وأهدافها بقاعة الشهباء، ثم تبعها المشاركة القوية التي أظهرت دور الجماعة في أحد أركان الموسم الثقافي في قاعة الحزم.
وعلى مدار تلك الأعوام ازدادت الرغبة للمشاركة في أكبر عدد من الجماعات الطلابية التي ارتأى أنها تنمي من مواهبه وقدراته، وتحثّه على التعلم وبذل المزيد، فقد كان عضوا في أربع جماعات طلابية، ترأس إحداهن مدة عام ثم ترشح للمجلس الاستشاري الطلابي للفترة السابعة، وانتخبَ رئيسا للجنة الأنشطة والمبادرات التي تندرج تحت المجلس. كذلك كانت له العديد من المشاركات الخارجية على مستوى السلطنة وخارجها، إذ حقق فيها العديد من الجوائز في مراتب متقدمة.
هوية وانتماء
يدرك خالد أن جامعة نزوى أضافت له -إلى جانب البعد الأكاديمي التعليمي- رصيدا في جوانب عدة، يقول: "إن البيئة الخصبة التي تسعى جامعة نزوى لتوفيرها للطالب وكل من ينتمي إليها برؤيتها وجميع أهدافها، تجعلك تدرك مدى السعي لتطوير وصقل الجوانب الشخصية والثقافية والفكرية، علاوة على المجالات التعليمية في الجامعة".
يضيف متحدثا عن الموسم الثقافي الذي يعد إرثا تحتفظ به الجامعة منذ تأسيسها: "تحضرني بعض من الذكريات الجميلة للمواسم الثقافية السابقة، ولكن أجملها ما يكون في فترة التحضير له التي تسبقه بأيام، إذ التسابق فيما بيننا لإنجاز الأفكار المطروحة في ركن الجماعات، تلك التي يتطلب بعضها العمل لساعات متأخرة من الليل؛ بحكم الجدول الدراسي الذي ينتهي غالبا في بداية المساء، ورغبة منا أو من الأعضاء المشاركين لإيصال أفكارهم بطريقة جميلة ذات قيمة عالية، فترى الكل في صراع وتحضير من أجل إنجاز عمل متقن".
تميّز مستحق
جامعة نزوى بيت ثانٍ ومحطة أولى يحمل منها طلبتها جميل الذكريات، تعلموا فيها الكثير وأعطتهمْ الشيء الكبير. الحوسني يراوده فيها الحنين، مشاعر جياشة تفيض من كلماته، شخصيات ما زالت عالقة في ذهنه حتى اليوم، ومواقف لا تنسى سردها لنا، يقول: "في أثناء دراستي الجامعية أكرمتني الحياة بصدف جميلة للتعرف على أناس رائعين، تعلمت منهم الكثير وأضفت من شخصياتهم وفكرهم الشي المفيد لي، وقد ارتأيت منهم سلامة التفكير وقوة الشخصية والحضور اللائق. وهنا أود أن أتقدم في هذا المقام بالشكر الجزيل أولا للأستاذ الدكتور أحمد الرواحي، رئيس الجامعة، لحفاوة صدره وتجلده الواسع لي ودعمه اللامحدود، والأستاذ أيمن الشكيلي الأخ الناصح، والأستاذ سعود الصقري والأستاذ باسم بشرى والأستاذة منى اليافعي والدكتور صالح العزري والأستاذ ناصر البهلاني -رحمه الله- والعاملين بمركز التميز الطلابي بوجه الخصوص وجميع الموظفين بالجامعة والمراكز".
كما أنّ هناك ذكريات تبقى في الأذهان، بقول في سياقها: "تحضرني مواقف جميلة عدة، لا زالت عالقة بذهني وأحب أن أضيفها دائما في سيرتي الذاتية والتحدث عنها وإشاركِ تجاربي فيها. ومن هذه المواقف عندما تم اختياري وترشيحي لتمثيل الجامعة أولا والسلطنة ثانيا في إكسبو ميلان في جمهورية إيطاليا عام 2015. ثم في العام الذي تبعه 2016، أعطاني الأستاذ باسم بشرى -مشرف أنشطة في مركز التميز الطلابي- فرصة تقديم بحثه بعنوان: (الأنشطة الطلابية ودورها في صقل مهارات الطالب الجامعي)، الذي شارك به في مؤتمر المجلس العربي للتدريب والإبداع الطلابي في جمهورية مصر العربية بجامعة جنوب الوادي. كانت تجاربَ حافلة بالتميز والرغبة القوية لتمثيل الجامعة التمثيل اللائق والفخر للوصول إلى هذه الثقة من قِبل الإداريين والمشرفين".
رؤية نيّرة
كيف علاقتُك بالموسم الثقافي حاليًا الذي تنظمه الجامعة سنويا؟ سؤال وجهناه إلى خالد الحوسني تزامنا مع انطلاق الموسم الثقافي الثامن عشر بجامعة نزوى، أجاب عنه: "علاقة حب ... الموسم الثقافي الحالي يختلف نوعا ما عن المواسم التي عهدناها في السنوات السابقة وفي فترات دراستنا الجامعية، ففي الآونة الأخيرة انتهجت الجامعة طريق التطوير ودعم الجماعات الرائدة في مسار ريادة الأعمال، وتعزيز الموسم بالجماعات. كما آمنت الجامعة بدور الكليات وأهميةِ إشراكهم في إنجاح الموسم الثقافي، وهذه رؤية نيّرة، وقد برهنت في الفترة الماضية -الكليات الأربع في جامعة نزوى- على أحقية شراكتها الداعمة للمجالات العلمية والتطويرية لإنجاح الموسم وإعطاء المأمول والمعول عليها".
مردود وأثره
ظاهرة العلاقات الاجتماعية البنّاءة لها أهمية بالغة في تكوين سلوك الطالب؛ إذ تجعله مميزا ومبادرا، تترك في نفسه الأثر الطيّب، وتعينه على التعايش وتجاوز الصعوبات، يقول خالد: "الجد والاجتهاد، ثم العلم والتعلّم، والحلم والتحلّم أركانٌ أساسية يجب على الطالب التقيّد بها ... اسعوْا جاهدين لنيل المعارف التي تُتاح لكم في الجامعة بمختلف مراكزها، واعطوْا الكثير من أوقاتكم للدراسة والتركيز على غاياتهم وبناء الأهداف لها والاستمرار عليها. الدراسة الجامعية ليست سهلة؛ ولكنها تكون كذلك بالبذل والتركيز وتصحيح المفاهيم. استعنْ بالصديق الذي يعين على الخير وحب الخير للغير كما تود أن تراه في نفسك؛ لما له من مردود إيجابي كبير على النفس والعطاء. كما أنّ التوجّه إلى الخروج من ضغوطات الدراسة بالمشاركة في الجماعات أو الأنشطة الطلابية لتعلم مهارات التنمية الشخصية، وتطوير الذات، وصقل الموهبة، جميعها تعزز مفاهيم التعايش والتطوّر".