السنة 18 العدد 164
2023/02/01

العُزلة مفتاحٌ للإبداع


 

 

أ.ماجدة الرحبي

 

في هذا العالم الصاخب المليء بالأضواء والأصوات هناك أناسٌ يفقدون ذواتهم، ويسيرون مع التيار دون أن يعوا مسارهم. هذا العالم بما فيه من مشتتات لا يمنحهم الفرصة للتعرف على ذواتهم ودواخلهم بما فيها من مكتسبات وممتلكات ورغبات.

دعني أُقرب إليك الصورة المغلوطة عن مفهوم العُزلة، وكيف نسيء فهم الأفراد ذوي السلوك الانفرادي، الذي دائمًا ما نُطلق عليهم مصطلحات: يا خجول، أنت انطوائي، أنت متعصب، أنت كسول في الأنشطة التعاونية ... لا تنم حقا إلا عن جهلنا في فهمهم، بل نرى سلوكهم انحراف عن المعايير الاجتماعية ومؤشر على فشلهم في الانسجام مع النسيج المجتمعي.

ليس هذا فحسب، بل نعرضهم دومًا لعواقب تعيق قدرتهم على النجاح، ونعيب فرديتهم ومحاولة إصلاحها ... إذ نتجه إلى تطبيق المثل القائل: "رأسان أفضل من واحد"، فبتنا ندقق على العمل الجماعي أكثر ما يكون في المدارس والجامعات، معتقدين أنها الوسيلة الأفضل للحصول على أفكار إبداعية. بيد أن الأدبيات تشير إلى أن "العُزلة مفتاح مهم للإبداع".

إنّ أكثر التفسيرات الموجودة لمفهوم العُزلة ذي اتجاه سلبي، فنجد من تعريفاتها أنها إضراب اجتماعي أو عاطفي أو سلوكي عند الفرد. وفي ذات السياق، كثيرًا ما نستعمله أسلوبا من أساليب العقاب، مثل: العزل القسري سواء في السجن أو داخل المنزل أو غيرها من أشكال العزل، حتى أصبح المفهوم مقرونا بيننا اجتماعيا منذ الصغر بالخوف. بينما الحقيقة تشير إلى غير ذلك، إذ لهُ جانب إيجابي ونفعي كبير، وهذا ما أحاول التركيز عليه، فالعزلة تجربة صحية تمكّن الفرد من الانسجام مع هويته ليكون في سلام ليجد ذاته الحقيقة، فالسلوك الانفرادي لـ: ألبرت أينشتاين، تشارلز داروين، كارول يونغ لم يكن إلا مصدرا لقوتهم الإبداعية.

ويُشير  Dembling(٢٠١٢) إلى أن الإبداع يحدث عندما يكون العقل هادئًا، ولكننا بشر واجتماعيون من الدرجة الأولى نحب المشاركة؛ لذا يجب تصحيح مفهوم العزلة الطوعية في المجتمع وفهم مزاياها، حتى يتمكنوا من تهدئة العقل والفكر، ويتخلصوا من المشتتات التي تعيق أداءهم؛ لتكون العزلة حافزًا لهم على الابتكار ... هنا لا أنكر أن العلاقات مفتاح لدعم احتياجات كل فرد، ولكن العزلة أيضا مفتاح للارتباط بدواخلنا.

 

نوع العمل /فوتوغرافيا مفاهيمية

عنوان العمل / تكلمي

طباعة ديجيتال 50X50 cm

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة